مقياس الماء في المنام: دلالاته عند ابن سيرين والنابلسي

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، لم ترد إشارة مباشرة في المصادر المقدمة لتفسير مصطلح "قياس الماء". وذلك لأن النص يركز على تأويل رموز الأحلام بشكل مباشر، ولم يأتِ بتأويل محدد لعملية قياس الماء ذاتها. إلا أن المؤلف يورد تفسيرات لأدوات القياس التي ترتبط بمفهوم القياس، وهي "المكيال" و"الميزان"، والتي تحمل دلالات رمزية في التأويل.

وبخصوص المكيال، يشير ابن سيرين إلى أن المكيال "يجري مجراه"، مما يعني أن تأويله يتبع دلالة الشيء الذي يُقاس به أو وظيفته.

أما الميزان، فيبيّن ابن سيرين أن الميزان يدل على عدل الحاكم، وأن صنجات الميزان تمثل أعوانه. كما يوضح أن ميل كفة الميزان نحو اليمين يشير إلى ميل القاضي للمدعي، وميلها لليسار يدل على ميله للمدعى عليه. ويرى ابن سيرين أن استقامة الميزان تعني العدل، واعوجاجه يدل على الجور. وأشار إلى أن تعلق الثقل في إحدى كفتي الميزان وهو مستوٍ يدل على كذب القاضي وفسقه. ويفيد أن كثرة صنجات الميزان تدل على فقه القاضي وكفاءته، بينما يدل نقصانها على عجزه عن الحكم. وإذا رأى الشخص كأنه يزن فلوسًا، فإن ذلك يشير إلى قضائه بشهادة زور.

تفسير عبد الغني النابلسي

وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، لم يرد تفسير مباشر لمفهوم "قياس الماء" بحد ذاته. إلا أن المؤلف يقدم تفسيرات واسعة تتعلق بأنواع الماء المختلفة، والأفعال المرتبطة بكمياته، وطرق التعامل معه، بالإضافة إلى تأويل أدوات القياس كالمكيال.

I. التأويلات العامة للماء:

يذكر النابلسي أن الماء الصافي الغزير يدل على رخص السعر وبسط العدل ، وأن شربه يجلب السلامة من العدو وسنة مخصبة . ويرى المؤلف أن شرب الماء أكثر مما كان في اليقظة يشير إلى طول العمر ، وأن الماء العذب يعد رزقاً حلالاً، وطيب قلب، وعلماً، وحياة لمن كان على وشك الموت . وينبه إلى أن الماء الراكد يدل على الحبس ، والماء المنتن على عيش نكد ونقص ، والماء المر على عيش مر . ويذهب إلى أن الماء المالح يدل على الهم والكد في المعيشة ، والماء الكدر المنتن على مال حرام . كما يضيف أن الماء الأسود يدل على خراب الدور، وشربه قد يجلب ذهاب البصر ، والماء الأصفر يدل على المرض . ويفيد أن الماء الحار الشديد الحرارة يدل على العذاب والشدة بالنهار، والفزع من الجن بالليل ، وأن كل ماء كدر يعبر عن التعسر والتعب . وأخيراً، يذهب النابلسي إلى أن الماء الغالب هو هم وعذاب وفتنة بقدر قوته ، وقد يؤول الماء بشكل عام بالوقوع في فتنة وبلاء وغم .

II. الأفعال المتعلقة بالماء وكمياته:

يوضح النابلسي أن حمل الماء في وعاء يدل على اكتساب المال للفقير، والزواج للعازب، أو حمل الزوجة للمتزوج . ويضيف أن حمله في شيء غير مناسب، كصرة أو ثوب، يدل على الغرور بالمال أو الحال أو الحياة . ويرى المؤلف أن صب الماء في إناء يعني حيازة مال كثير أو نيل دولة مباركة . وينبه إلى أن زيادة الماء في الأوان أو نقصه فيها يعكس الجور والمغرم والغلاء واختلاف الكلمة . ويشير إلى أن تجاوز الماء الحد وغرقه في البيوت يؤول بفتنة عظيمة واختلاف، وهلاك للأشرار . كما يذكر أن جريان الماء على السطح قد يعني غمًا عاجلاً أو بلاءً دائمًا من السلطان . ويذهب إلى أن الوقوع في ماء كثير عميق يعني الحصول على دنيا كثيرة . ويشير إلى أنه وإن غلب النهر الرائي بعد سقوطه فيه، فإنه يمرض مرضًا شديدًا، وإن غرق فيه مات .

وبيّن النابلسي أن استقاء الماء قد يدل على السعي بين الناس بالكذب . ويروي أن استقاء الماء من بئر يعكس نيل المال بالحيلة والمكر . ويورد أن سقي البستان أو الحرث بالماء يعني استفادة مال من امرأة، وإن أثمر أو أسبل الزرع، أصاب منها ولداً . وتشير رؤية إعطاء الماء في قدح أو كأس إلى دلالات متعلقة بالزوجة أو الولد، قد تصل إلى حد موت أحدهما في حالات معينة . ويرى النابلسي أن شرب الماء من قدح أو كأس للعازب يدل على زواجه ، وينبه إلى أن إفراغه في جرة أو خابية يعد كناية عن نكاح امرأة . ومن رأى أنه شرب من قدح ولم يرتوِ، فقد بيّن أن امرأته ناشز عليه . كما تشير رؤية أخذ الماء في قدح إلى الحصول على ولد ، ويذهب إلى أن شرب الماء الصافي في قدح يؤول بخير من الولد والزوجة .

III. تأويل أدوات القياس:

وفي سياق أدوات القياس، يذكر النابلسي أن المكيال في المنام يدل على سلطان أو حاكم ، وأن من رأى أنه أُعطي مكيالاً أو رأى نفسه مكيالاً، فقد نال حكماً . ويوضح أن رؤية الناس ينقصون المكيال تدل على ميل القاضي عن الحق . أما المد والصاع، فقد فسرها النابلسي بأنها تدل على الطهارة .

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: رؤية مقياس الماء في المنام تُبشّر بنزول الغيث والرحمة والرخاء بعد الشدة، وتومئ بقرب الأفراح والمواسم المباركة، وقد تدل على استقامة الأمور وبلوغها تمامها إذا شوهد الماء قد بلغ حدّه. وقد يُحمل الرمز أيضاً على دلالة السلطان ودار الملك بحسب السياق. هذا هو نصّ النابلسي في مقياس الماء حرفياً تقريباً، وهو أصرح ما ورد في الباب. التحليل والبيان:

• الرموز والعناصر:
  • مقياس الماء: أداةٌ لبيان مستوى الماء وضبط حدوده؛ وقد نصّ النابلسي على أنه يدل على الغيث والرحمة والبشارة والخصب، وعلى أهلة أشهر الحج والأعياد، بل وربما دلّ على دار الملك. وإن رُئي الماء قد بلغ حدّه كانت الدلالة أقوى على البشارة والفرح والتمام.
  • الماء نفسه: عند أهل التعبير الماء حياةٌ ونماء؛ فالماء الصافي الغزير رخصٌ في الأسعار وبسطٌ للعدل وسعةُ عيش، بينما الماء الغالب إذا تجاوز الحد كان فتنةً وهمّاً بقدر غلبته. وورد أيضاً أن زيادة الماء في غير أوانه أو نقصانه علامة جور وغلاء.
• الربط بالمصادر العربية والإسلامية:
  • القرآن قرن الماء بالحياة: وجعلنا من الماء كل شيء حي؛ وقد ساق أهل التعبير هذا المعنى في باب الماء دلالةً على الرزق والحياة والنعمة.
  • أمّا تعيين النابلسي لــ“مقياس الماء” بالبشارة ونزول الغيث والمواسم (الحج والأعياد) فيُكسب الرمز صبغة زمنية مباركة توحي بالفرح والاجتماع والخير العام، وقد يتسع لمعنى السلطة ودار الملك بحسب المقام.
• التفسير النفسي والحياتي الممكن:
  • لأن المقياس يضبط الحدود ويراقب الارتفاع والانخفاض، فقد يعكس الحلم حاجة الرائي إلى تنظيم الموارد أو المشاعر، وقياس ما بلغه جهدُه أو مشروعاته من نضج. فإذا شوهد “بلوغ الحد” كان ذلك قرينة على تمام أمر أو قُرب فرجٍ وبِشر، خاصة لمن مرّ بضيقٍ أو انتظار رزق.
  • إن تضمن المنام قرائن على فيضانٍ أو تجاوزٍ للحدود، فهو تذكير بضبط الإيقاع وعدم ترك الأمور تغلب وتطغى، إذ أن الماء إذا غلب كان همّاً وفتنة، وتبدّلُ منسوبه في غير أوانه علامة خللٍ في الأحوال ينبغي إصلاحه. نصيحة:
• إن كانت لديك تفاصيل إضافية عن هيئة المقياس وموضعه وحال الماء حوله، أمكن ترجيح المعنى بدقة أكبر وفق قرائن الحال. وعلى كلٍ فالمعنى الغالب هنا مبشّر، ويُستحب شكرُ الله والدعاءُ بنزول رحمته، مع الأخذ بأسباب تنظيم العيش وضبط الموارد. ولا يُبنى على المنام حكمٌ شرعي، والتعبير اجتهادٌ وظن، والله أعلم.

المراجع

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1166-1167.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1169-1170.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1167-1168.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1168-1169.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1170-1171.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 87.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 87.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 87.

عن المصادر

الكتاب المنسوب لابن سيرين هو مدونة تفسيرية جُمعت عبر أجيال، ونسبتها لابن سيرين محل خلاف بين المحققين.