تفسير صرة في المنام: سر محفوظ أم إفشاء سر؟ برأي المفسرين
ما معنى رؤية صرة في المنام؟ تعرّف إلى دلالاتها بين كتمان السر وإفشائه، وعلاقتها بالرزق والأهل والزوجة، مع أبرز إشارات ابن سيرين والنابلسي.
تفسير محمد بن سيرين
وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن "الصرة" تُمثّل في المنام سرًا .
ويوضح ابن سيرين أن من رأى أنه استودع رجل "صرة" فيها دراهم أو دنانير، فإن جودة تلك الدراهم أو الدنانير تدل على أن الرجل سيُستودع سرًا حسنًا، وإن كانت رديئة، فهو سر رديء .
ويشير محمد بن سيرين إلى أن من رأى كأنه فتح "الصرة"، فإنه سيذيع ذلك السر . كما ورد في الكتاب، نقلاً عن أبي بكر رضي الله عنه، أن رؤية نفض الكيس أو الهميان أو "الصرة" قد تدل على موت الرائي وانقطاع ذكره من الدنيا .
تفسير عبد الغني النابلسي
وفقًا لـ عبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن رؤية "صرة" في المنام لها عدة تأويلات.
يرى النابلسي أن "الصُرة" في المنام هي سر . فمن رأى أنه استودع رجلاً صرة أو كيساً فيه دراهم أو دنانير، فإن ذلك يعني أنه يستودعه سراً. وتكون جودة هذا السر مرتبطة بجودة الصرة، ورديئها مرتبط بسوئها. وإن فتح الصرة، دل ذلك على أنه لم يحفظ السر .
ويوضح المؤلف أن "السُرة" في المنام قد تدل على والدة الرائي أو والده، أو على كسبه الذي كان يعيش منه، أو على حرفته التي كان يمارسها . وربما دلت على زوجته، أو أمته، أو كيسه المختوم . وإذا رأى النائم حادث شر يقع بسُرته، فإن ذلك يعود على من ذُكر من والد أو والدة أو ولد أو مال . وإن كان الرائي مريضاً ورأى سرته قد انفتحت، فإن ذلك يدل على موته . وإذا فتحها بيده، دل ذلك على فتحه لمطموره أو مخزنه أو كيسه لينفق منه . وقد تدل السرة كذلك على المسرة والسر .
ويضيف أنه من رأى أن له "سرتين"، رزق جاريتين جميلتين . وتُعتبر السرة في التأويل امرأة الرجل، وحبيبته من جواريه، وهمته . فمن رأى في سرته قبحاً أو جمالاً أو سوء حال، فإن ذلك يعود على جمالهن وقبحهن وسوء حالهن . وإذا كان للشخص ولدان ورأى سرته عليلة، فإن ذلك يدل عليهما، وإن لم يكن له ولدان، دل ذلك على أوطانه التي فيها ولده .
ووفقاً لابن النابلسي، فإن من رأى وجعاً في سرته، فإنه يفقد إما والديه، أو بلده، أو بلد آبائه . ومن كان في غربة ورأى وجعاً في سرته، دل ذلك على رجوعه إلى بلده .
تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)
التأويل: رؤية الصُرّة في المنام تُعبَّر غالبًا عن سرٍّ يُستودَعُ أو يُحفَظ؛ فإن رأيت صرّة وكنتَ تُودِعُها أحدًا دلّ على إيداعه سرًّا عندك، وإن رأيت فتحَ الصرّة أو انفتاحَها فذلك يشير إلى إفشاء السر أو عدم حفظه. وتُلمِّح جودة ما في الصرّة إن عُرِف محتواها إلى جودة ذلك السر: حسنًا كان أو رديئًا. وقد تُومئ رؤيا نفض الكيس أو الهميان أو الصرّة إلى انقطاع الذكر والموت إن اقترنت بقرائن مخوِّفة. هذا كله على وجه الرجاء لا الجزم، ويتحدّد المعنى الأدقّ بحسب حالك وتفاصيل رؤياك. التحليل:
- الرموز والعناصر:
- الصرّة/الكيس: رمزٌ للسرّ والشيء المكنون، ولِما يُستودَع ويُخفى. نصّ ابن سيرين: “الصرّة سرّ؛ فمن رأى أنه استودع رجلًا صرّة فيها دراهم أو دنانير أو كيسًا… فإن فتح الصرّة فإنه يذيع ذلك السر” . ونصّ النابلسي: “الصرّة هي في المنام سرّ… فإن فتحها فإنه لا يحفظ السر”.
- محتوى الصرّة وجودته: قرينةٌ على وصف السرّ؛ “إن كانت الدراهم أو الدنانير جيادًا فهو سرّ حسن، وإن كانت رديئة فهو سرّ رديء” كما عند ابن سيرين.
- فتح الصرّة/انفتاقها: علامة على كشف المستور أو إذاعته، وهو صريح عند كلا المصدرين.
- نفض الصرّة أو الهميان: ورد عند ابن سيرين خبرٌ يُروى عن أبي بكر رضي الله عنه: “من رأى أنه نفض كيسه أو هميانه أو صُرّته مات وانقطع ذكره من الدنيا” وهي دلالةٌ شديدة لا تؤخذ إلا مع قرائن أخرى مخوِّفة في الرؤيا وحال الرائي.
- الربط بالموروث العربي والإسلامي:
- اتفق المعبران الكبار (ابن سيرين والنابلسي) على أن الصرّة كنايةٌ عن السرّ وما يُستودَع؛ فالمعنى مشهور مقدَّم على الغريب، ويفسَّر بقدر القرائن: الإعطاءُ إيداعٌ، والحفظُ كتمان، والفتحُ إفشاء.
- تتقوّى الدلالة بقرائن من الباب نفسه عند النابلسي حول “الوديعة” وأنها “سرّ يُطّلع عليه المودَع”، مما يعضد معنى الصرّة كرمز للسر والائتمان.
- التفسير النفسي والحياتي:
- الصرّة تمثّل في لغة النفس حدود الخصوصية والثقة: هل لديك سرّ أو معلومة حسّاسة تفكّر بإفشائها أو تخشى انكشافها؟ فتح الصرّة في المنام قد يعكس قلقًا من انكشاف أمرٍ أو حاجةً للبوح بعد كتمان.
- إن كنتَ أنتَ من يسلِّم الصرّة لغيرك، فقد يشير ذلك إلى رغبتك في الاعتماد على شخصٍ موثوق أو اختبارك لولاء صديق. أمّا إن كنتَ تتلقّاها، فربما تواجه موقفًا مهنيًّا أو أسريًّا يتطلّب منك الأمانة والكتمان.
- إن اقترنت الرؤيا بمشاعر ضيق شديد ورموز موت/انقطاع، فاحفظ لسانك فيما يضرّك، واعتنِ بصحتك ومعاشك، واجعل الأصل تقديم وجه الخير وترك الجزم بالشر إلا بقرائن قوية كما تقضي ضوابط التأويل.
إن رغبتَ بتعبيرٍ أدقّ لقصّتك أنت، فاذكر: من الذي أعطى/أخذ الصرّة؟ هل فُتحت؟ ما الذي بداخلها؟ وما شعورك أثناء الرؤيا؟ فبهذه التفاصيل تُحدَّد الجهة المنسوبة للرؤيا وتُرجّح الدلالات على وجهٍ أوضح.
المراجع
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 245-246. ISBN: 9789953724072.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 777-778.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 651-652.
بيان منهجي
ملاحظة حول النسبة: نُشير إلى أن نسبة كتاب "تفسير الأحلام الكبير" لمحمد بن سيرين محلّ نقاش تراثي بين المحققين، وأن الكتاب المتداول هو مدونة تفسيرية منسوبة لابن سيرين رحمه الله، جُمعت ونُقلت عبر أجيال من المفسرين. نتعامل معه باعتباره مرجعًا تراثيًا في علم تعبير الرؤى، دون القطع بصحة النسبة التاريخية الكاملة.
