تفسير رؤية الله تعالى في المنام: دلالات ابن سيرين والنابلسي

دليل شامل لتفسير رؤية الله تعالى في المنام حسب ابن سيرين والنابلسي: بشارات الرحمة، تنبيهات المعصية، دلالات الكلام والسجود والنور، وحال الرائي وتأثيرها.

فريق مفاتيح المنام
12 دقيقة
تفسير الأحلامرؤية الله تعالى في المنامابن سيرينالنابلسيتأويل الرؤى
تفسير رؤية الله تعالى في المنام: دلالات ابن سيرين والنابلسي

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن رؤية الله تعالى في المنام تحمل تفسيرات متعددة تتوقف على تفاصيل الحلم وحال الرائي.

يوضح ابن سيرين أن من رأى أن الله تعالى سماه باسمه أو اسم آخر، دل ذلك على أنه سيعرف أمره ويغلب أعداءه . ويشير إلى أن رؤية الله تعالى وهو يعطي الرائي شيئًا من متاع الدنيا تعني أنه سيبتلى ابتلاءً يستحق به رحمة الله .

كما يبين أن سخط الله تعالى على الرائي يدل على سخط والديه عليه، وأن رؤية غضب والديه عليه تشير إلى سخط الله عليه . وفي حال غضب الله تعالى على الرائي، يفيد ابن سيرين أنه يسقط من مكان رفيع، وأن رؤية السقوط من حائط أو سماء أو جبل تدل على غضب الله تعالى عليه .

ويرى محمد بن سيرين أن من رأى نفسه واقفًا بين يدي الله عز وجل في موضع يعرفه، دل ذلك على بسط العدل والخصب في تلك البقعة، وهلاك ظالميها ونصر مظلوميها . وأفاد، نقلاً عن الأستاذ أبو سعيد، أن من رأى في منامه كأنه قائم بين يدي الله تعالى والله تعالى ينظر إليه، فإن كان الرائي من الصالحين فرؤياه رؤيا رحمة، وإن لم يكن من الصالحين فعليه بالحذر .

وأضاف أن من رأى أنه يناجي الله تعالى، أكرم بالقرب وحبب إلى الناس. ويفيد أن رؤية السجود بين يدي الله تعالى تدل على القرب . وذهب إلى أن من رأى الله تعالى بقلبه عظيمًا، كأنه سبحانه قربه وأكرمه وغفر له أو حاسبه أو بشره ولم يعاين صفة، فإنه يلقى الله تعالى في القيامة كذلك .

وبيّن ابن سيرين أنه إذا رأى أن الله تعالى قد وعده بالمغفرة والرحمة، فإن الوعد صحيح لأن الله تعالى لا يخلف الميعاد، ولكنه قد يصيبه بلاء في نفسه أو معيشته ما دام حيًا . وينبه إلى أنه إذا رأى أن الله تعالى يعظه، انتهى عما لا يرضاه الله تعالى .

ويرى محمد بن سيرين كذلك أن رؤية الله تعالى يكسو الرائي ثوبًا، فإنه هم وسقم ما عاش، ولكنه يستوجب شكرًا كثيرًا، مستشهدًا بحكاية عن شخص رأى كأن الله كساه ثوبين، ففسرها ابن سيرين بالاستعداد للبلاء، وبعدها أصيب بالجدري . ومن قوله، من رأى كأنه ينظر إلى كرسي الله تبارك وتعالى، نال نعمة رحمة .

وفيما يتعلق بالتواصل الإلهي، أوضح أن من رأى الله تعالى يكلمه من وراء حجاب، دل ذلك على حسن دينه وأدائه للأمانة وقوة سلطانه. ثم يستدرك ابن سيرين بأنه إن رأى الله تعالى يكلمه من غير حجاب، فإنه يكون خطأ في دينه .

أما الرؤى السلبية المتعلقة بالله تعالى، فقد أوضح ابن سيرين أن رؤية مثال أو صورة وقيل له إنه إلهه أو ظن أنه إلهه فعبده وسجد له، تدل على انهمك الرائي في الباطل معتقدًا أنه حق، وأنها رؤيا لمن يكذب على الله تعالى . وأورد أن من رأى كأنه يسب الله تعالى، فإنه كافر لنعمة ربه عز وجل غير راض بقضائه .

تفسير عبد الغني النابلسي

وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، تختلف رؤية الله تعالى في المنام باختلاف حالة الرائي وباطنه.

فمن رأى الله تعالى بعظمته وجلاله بلا تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل، كانت الرؤيا دليلًا على الخير وبشارة في الدنيا وسلامة للدين في العقبى . أما رؤيته على خلاف ذلك، فتدل على سوء سريرة الرائي، خاصة إن لم يكلمه تعالى . وقد نُسب إليه أن من رأى الله تعالى في صورة يصفها ويحدها، فإن رؤياه من الأضغاث، لأن الله تعالى لا يُحد ولا يُشبه بخلقه، وقد يعني ذلك أن الرائي يكذب على الله أو ينسب إليه ما لا يليق به .

ويشير النابلسي إلى أن من رأى الله تعالى ولم يستطع النظر إليه، أو رأى عرشه أو كرسيه دونه، فقد قدم لنفسه خيرًا . وإن رآه وتكلم معه واستطاع النظر إليه، أو رآه على عرشه أو كرسيه، نال خيرًا وزيادة علم . ويفيد المؤلف أن النظر إلى الله تعالى في المنام يدل على النظر إليه في الآخرة . ومن رأى أنه قائم بين يدي الله تعالى ناظرًا إليه، فإن كانت رؤيا للصالحين فهي رحمة، وإن لم يكن منهم فعليه الحذر .

ومن قوله، فإن من رأى الله تعالى يكلمه واستطاع النظر إليه، فذلك يدل على رحمة الله به وإتمام نعمه عليه . وإذا كلمه الله ولم يستطع النظر إليه، فإن كان عابدًا تحول عن العبادة والطاعة، وإن كان له والد يعقه عصاه، وإن كان عبدًا أبق من سيده . ويرى المؤلف أن رؤية الله تعالى تتضمن التحذير والنهي عن المعاصي إذا كلمه تعالى .

وينبه النابلسي إلى أن سماع كلام الله تعالى من غير رؤيته قد يدل على بدعة الرائي، وربما دل على الأمن من الخوف وبلوغ المنى، وربما دل على رفع المنزلة، خاصة إن كان قد أوحي إليه . وإن كان الكلام من وراء حجاب، فقد يدل على بدعة أو ضلالة، أو نيل منزلة على قدر الرائي، خصوصًا إن أتاه رسول . وإذا رأى الرائي كأن بينه وبين الله تعالى حجابًا، فهو يعمل الكبائر ويرتكب الآثام .

ويذكر المؤلف أن من رأى الله تعالى مسح على رأسه وبارك فيه، فإنه يخصه بكرامته ويقربه منه، إلا أنه لا يرفع عنه البلاء إلى أن يموت . وإن رآه تعالى على صورة والد أو أخ أو ذي قربى وهو يلطف به ويبارك عليه، فإنه يصيبه بلاء في بدنه يعظم الله به أجره .

ويوضح النابلسي أن من رأى الله تعالى اطلع على موضع أو في بيت أو نزل في أرض أو بلد، فإن العدل يشمل ذلك المكان ويكثر فيه الخير والخصب بإذن الله تعالى . وإن اطلع على مكان وهو عبوس أو معه ظلمة، فهو دمار ذلك الموضع وهلاك أهله، وإصابته ببلاء أو شدة أو وباء . وإذا رآه تعالى عند مكروب أو محبوس أو محصور، فإنه يفرج عنه ويكشف ما به .

ويفيد المؤلف أن من رأى أن الله تعالى يصلي في مكان، فإن رحمته ومغفرته تأتي ذلك المكان . ومن رأى الله تعالى يقبله، فإن كان من أهل الصلاح والخير، يقبل على طاعته وتلاوة كتابه أو يلقن القرآن، وإن كان بخلاف ذلك فهو مبتدع . وإذا رأى أن الله تعالى ناداه فأجاب، فإنه يحج إن شاء الله تعالى .

ويشير النابلسي إلى أن الخشية من الله تعالى في المنام تدل على الطمأنينة والسكون والغنى من الفقر والرزق الواسع . ومن رأى كأنه صار سبحانه وتعالى، اهتدى إلى الصراط المستقيم . وإن رأى أن الحق تعالى يهدده ويتوعده، فإنه يرتكب معصية .

ويذكر المؤلف أن من رأى الله تعالى كلمهم واستطاع النظر إليه، فإن الله يرحمه ويتم عليه نعمته . ومن رأى أنه يعانقه أو يقبله أو يقبل عضوًا من أعضائه، فاز بالأجر الذي يطلبه ونال من أجر العمل ما يرغبه . وإن رأى أن الله تعالى أعطاه شيئًا من متاع الدنيا، فإنه يصيبه بلاء وأسقام، ويعظم بذلك أجره ويضاعف ثوابه وذكره . ومن رأى أن الله تعالى وعده بالمغفرة أو دخول الجنة، فإنه لا يزال خائفًا من الله تعالى مراقبًا له .

وينبه النابلسي إلى أن من رأى الله تعالى عبوسًا أو غضبانًا عليه، أو عجز عن احتمال نوره، أو دهش أو رعد عند رؤيته، أو جعل يسأل في الإقالة والتوبة والمغفرة، فإنه يدل على الذنوب والكبائر والبدع والأهوال . ومن رأى أنه يفر من الله تعالى وهو يطلبه، فقد ذكرت تفاصيل ذلك سابقًا . كما أن من رأى أنه يسب الله تعالى، فإنه جاحد لنعمته غير راضٍ بما قسم الله له من الرزق .

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: أعتذر عن تعبيرٍ محدّد، فالكلمة وحدها «الله تعالى» دون سردٍ لما رأيتَ في المنام لا تكفي للاجتهاد في تأويلٍ مسؤول. ومع ذلك، يغلب في الأصول أن ذكر الله وما يتصل بتعظيمه يحمل على الخير والبُشرى والطمأنينة إذا وقع في القلب بغير اضطراب، ونسأل الله لك من ذلك أوفر الحظ. ألا بذكر الله تطمئن القلوب، كما قال تعالى: الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب ، وللمؤمنين بشرى في الدنيا والآخرة: لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة. تحليل الرموز والعناصر والمعاني المحتملة:

  • الرمز الرئيس: «الله تعالى». في لسان العرب والبيئة الإسلامية، ينعقد لهذا اللفظ معنى التعظيم والتنزيه والمحبة والخشية، وكلها معانٍ سامية. والقرآن يقرر تنزيه الرب عن مشابهة خلقه: سبحانه وتعالى عما يشركون ، ويذكّر بسمعه وبصره المحيطين: إن الله سميع بصير.
  • المعاني المتوقعة: إذا كان ورود ذكر الله في المنام مقترنًا بسكينةٍ أو دعاءٍ أو تسبيح، فهو أقرب إلى بُشرى وطمأنينة ونُصحٍ للقلب، موافقًا لقوله تعالى: الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ، ولهم البشرى في الحياة الدنيا . أمّا إن اقترن بخوفٍ من الذنب واستشعار تقصير، فقد يكون تنبيهًا رحيمًا إلى التوبة والرجوع، إذ الله لطيف بعباده ويرزق من يشاء وهو القوي العزيز. الربط بالموروث العربي والإسلامي:
  • عند أهل التعبير تُقدَّم وجوه الخير ما أمكن وتُحمل الألفاظ على معهود الشرع واللسان، وتُنَزَّه رؤية الرب عن التكييف والتمثيل. لذلك يُراعى في أي رؤيا تتعلق بالله تعالى أن تُعرَض على الأصول: التنزيه، وتعظيم الوحي، وردّ المعاني إلى الذكر والطاعة والطمأنينة التي دلّ عليها القرآن؛ فمن علامات البِشرى ما يجده العبد من سكينةٍ وبشارة: لهم البشرى في الحياة الدنيا ، ومن علامات الصلاح طمأنينة القلب بذكر الله. تأويلٌ نفسي وحياتي محتمل:
  • قد يعكس ورود «الله تعالى» وحده في خاطرك أثناء نومك حاجة النفس إلى السند والسكينة وسط انشغالٍ أو همّ؛ فالعودة إلى الذكر تقوّي الشعور بالأمان الداخلي وتهدّئ القلق. القرآن يوجّه إلى هذا المعنى العام: ألا بذكر الله تطمئن القلوب. لإتمام التعبير بدقّة:
  • أرجو أن تذكر لي تفاصيل ما رأيت:
    • هل كان ذكر اسم الجلالة فقط أم كان هناك نور، دعاء، تسبيح، أو سماع كلام؟
    • ما شعورك أثناء الرؤيا: سكينة، خشية، بكاء، خوف؟
    • هل كان ثمّة عطية، وعد، عتاب، أو أمرٌ ونهي؟
    • الزمان والمكان والقرائن: كان ذلك في مسجد، بيتك، أو فضاءٍ مفتوح؟ هذه القرائن تغيّر وجه التأويل وتُعين على الترجيح بين البِشرى والتنبيه، مع التزام أصل التنزيه والتعظيم.

نصيحة:

  • الزم ذكر الله وشكره على كل حال، واطلب منه الثبات والهداية؛ فالله سميعٌ بصيرٌ بما يكون من عباده ، وبه تطمئن القلوب . وتذكّر أن الرؤيا لا يُبنى عليها حكمٌ شرعي، وإنما هي بُشرى أو تنبيه، والاعتبار دومًا بما يوافق كتاب الله.

المراجع

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 20-23. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 20-21. ISBN: 9789953724072.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 9-10.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 9-10.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 9-10.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 10.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1161.


عن المصادر

الكتاب المنسوب لابن سيرين هو مدونة تفسيرية جُمعت عبر أجيال، ونسبتها لابن سيرين محل خلاف بين المحققين.