تفسير رؤية الريح في المنام لابن سيرين والنابلسي ومعانيها

دليل شامل لتفسير رؤية الريح في المنام: دلالاتها بين السلطان والخصب والبشارة مع الصبا، وبين الشدة والمرض مع الدبور والعاصف، مع تفصيل الحالات والرموز.

فريق مفاتيح المنام
11 دقيقة
تفسير الريح في المنامالرياح والرموز في الحلمتفسير الأحلامابن سيرينعبد الغني النابلسي
تفسير رؤية الريح في المنام لابن سيرين والنابلسي ومعانيها

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، تدل الريح بشكل عام على السلطان لقوتها وسلطانها على ما دونها من المخلوقات، ولما فيها من نفع وضر. وقد تشير إلى ملك السلطان وجنده وأوامره وحوادثه وخدامه وأعوانه. كما ربما دلت على العذاب والحوائج والفات لحدوثها عند هياجها وكثرة ما يسقط من الشجر ويغرق من السفن بها، خصوصًا إن كانت دبورًا، لأنها الريح التي هلكت بها عاد، ولأنها ريح لا تلقح .

ويوضح ابن سيرين أن الريح قد تدل على الخصب والرزق والنصر والظفر والبشارات، لأن الله عز وجل يرسلها بشرًا بين يدي رحمته وينجي بها السفن الجاريات بأمره . فإذا كانت الريح من رياح اللقاح، مثل الصبا، عاد منها صلاح النبات والثمر . وقد قال صلى الله عليه وسلم: "نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور" . ويذكر أن العرب تسمي الصبا القبول لأنها تقابل الدبور .

وبين النابلسي أن الريح ربما دلت على السقام والعلل الهائجة في الناس كالزكام والصداع، ومن ذلك قول الناس عند ذلك "هذه ريح هائجة" . ويشير محمد بن سيرين إلى أن رياح السموم أمراض حارة . والريح مع الصفرة مرض .

ويضيف أن من رأى ريحًا تقله وتحمله، بغير خوف ولا ظلمة ولا ضباب، فإنه يملك الناس إن كان يليق به ذلك، أو يرأس عليهم ويسخرون لخدمته بعز، أو يسافر في البحر سليمًا إن كان من أهل ذلك، أو تنفق صناعته إن كانت كاسدة . وإن كانت الريح تحت قدميه تنقله وترفعه، فهي رزق إن كان فقيرًا .

ويستدرك ابن سيرين أنه إن كان رفعها له وذهابها به مكورًا مسحوبًا وهو خائف مروع قلق، أو كانت لها ظلمة وغبرة وزعازع وحس، فإن كان في سفينة عطبت به، وإن كان في علة زادت به، وإلا نالته زلازل وحوادث، وقد تأتيه أوامر من السلطان والحاكم ينتهي فيها إلى نحو ما رأى في المنام . وإن لم يكن شيء من ذلك، أصابته فتنة غبراء ذات رياح مطبقة وزلازل مقلقة .

فإن رأى الريح في تلك الحال تقلع الشجر وتهدم الجدار وتطير بالناس أو بالدواب أو بالطعام، فإنه بلاء عام في الناس، مثل طاعون أو سيل أو فتنة أو غارة أو سبي أو مغرم وجور ونحو ذلك . وإن كانت الريح العامة ساكنة وكانت من رياح اللقاح، وكان الناس في جور أو شدة أو وباء أو حصار من عدو، بدلت أحوالهم وانتقلت أمورهم وفرجت همومهم .

ويفيد محمد بن سيرين أن الريح مع الرعد سلطان جائر مع قوة . ومن حملته الريح من مكان إلى مكان أصاب سلطانًا أو سافر سفرًا لا يعود منه . وسقوط الريح على مدينة أو عسكر، إن كانوا في حرب، هلكوا . والريح الهينة اللينة الصافية خير وبركة، والريح العاصف جور السلطان . والريح مع الغبار دليل الحرب .

تفسير عبد الغني النابلسي

«وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن رؤية الريح في المنام تحمل دلالات متعددة ومتنوعة.

ويرى النابلسي أن الريح قد تدل بصفة عامة على السلطان نفسه، وذلك لقوتها وسلطانها على ما دونها من المخلوقات، مع ما تحمله من نفع وضر. كما قد تشير إلى ملك السلطان وجنده وأوامره، وحوادث عساكره وأعوانه، مستشهداً بأن الريح كانت خادمة لسليمان عليه السلام . ويفيد أن الريح، خصوصاً إن كانت شديدة مثل ريح الدبور التي أهلكت عاداً، قد تدل على العذاب والحوائج والآفات، وقد تشير أيضاً إلى الأسقام والعلل الهائجة كالزكام والصداع . وعلى النقيض، يشير النابلسي إلى أن الريح قد تدل على الخصب والرزق والنصر والظفر والبشارات، لا سيما الرياح الملقحة مثل ريح الصبا .

ويفرق النابلسي بين أنواع الرياح المختلفة في تفسيرها. فرياح الصبا، على سبيل المثال، تدل على الرحمة، والنصر، وتفريج الهموم والأحزان، وشفاء الأسقام، والأخبار الطيبة، كما قد تشير إلى الأسفار المريحة والمربحة . أما ريح الجنوب، فقد تدل على وقوع وباء أو مرض أو موت في ذلك الموضع، وقيل إنها قد تعني المطر والرزق . ويوضح النابلسي أن الريح العاصف تدل على جور السلطان . وريح السموم تفسر بأنها أمراض حارة . وتشير الريح الحمراء إلى عقوق الوالدين أو قيام الأراذل .

وينبه إلى أنه إذا لقحت الريح الشجرة وهدمت الجدار أو طارت بالناس أو الدواب أو الطعام، فإن ذلك يعتبر بلاءً عظيماً في الناس، كطاعون أو سيف أو فتنة أو غارة أو سبي . وإذا حملت الريح الشخص من مكان لآخر دون خوف أو ظلمة أو غبرة، فقد يملك الناس إن كان مؤهلاً لذلك، أو تنفق صناعته إن كانت كاسدة، أو يسافر سفراً مربحاً . وإن حملته الريح من مكان لآخر، فقد يصيب سلطاناً أو يسافر سفراً لا يعود منه .

ويشير إلى أنه إن كان حمله وهو خائف أو في ظلمة وغبرة وإزعاج، فقد يدل ذلك على تعطل سفينته إن كان فيها، أو زيادة مرضه إن كان عليلاً، أو وقوع نوازل وحوادث، أو صدور أوامر من السلطان أو الحاكم . وأن الريح مع الرعد تدل على سلطان جائر مع قوة . وأن الريح مع الغبار دليل على الحرب .

ويفيد أن الريح الهينة واللينة الصافية خير وبركة . وأن الرياح الطيبة إذا هبت من جهة معلومة دلت على الأخبار الطيبة والرحمة . وأن هبوب الريح بهدوء يدل على موافقة قوم سوء . وإذا سقطت الريح على مدينة أو عسكر، فإن كانوا في حرب، أدى ذلك إلى هلاكهم . وإن رأى سلطان أنه يذهب إلى قتال والريح تقدمه، فإنه يغلب، وكذلك إن استقبلته . وإذا هاجت ريح عاصف في موضع، فإن أهله ينالهم خوف وشدة بقدر قوة الريح ومبالغها، فإن قلعت الأشجار، دل ذلك على غضب الملك على رجال تلك الكورة ويهلكهم ويقلعهم عن أوطانهم . وإن اقتلعت الريح نخلاً، دل ذلك على قتل رجال تلك الأرض على يد الملك .

ويذكر النابلسي أن الريح إذا لم يكن معها شاهد خير، فإنه ذهاب للبركة من ذلك الموضوع، وإن كان فيها صرير، فهي عذاب وشدة .»

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: رؤية الريح في المنام تُحمل على وجوه متعددة بحسب صفتها: فإن كانت ريحًا لينة طيبة فهي بشارة ورحمة ونصر وتيسير في المعاش والأمور، وخاصة إن كانت من ريح الصَّبا؛ أمّا إن كانت عاصفة مُزعجة أو من جهة الدُّبور فهي إنذار بشدّة أو فتنة أو جور سلطان، وقد تدل على علل وأوجاع طارئة. وقد تشير الريح أيضًا إلى انتقال أو سفر أو تغيّر حال سريع، بل وإلى نيل سلطان أو رئاسة إن حملت الرائي بغير خوف ولا ظلمة. والمعنى الدقيق يتوقف على تفاصيل المشهد وحال الرائي. هذا على جهة الرجاء لا الجزم. تحليل الرموز والعناصر:

  • أصل الرمز: الريح في التراث تُشبَّه بالسلطان لقوّتها ونفوذها ونفعها وضرّها؛ وقد سُخّرت لسليمان عليه السلام، فهي قد تدل على السلطان نفسه أو أوامره وجنده، كما قد تدل على العذاب إذا هاجت واشتدّت، أو على الخصب والبِشرى إذا كانت من رياح اللِّقاح كالصَّبا. وتُذكر أيضًا دلالتها على الأسقام كالزكام والصداع عند هبوبها وتغيّر الهواء.
  • أنواع الرياح:
    • ريح الصَّبا: رحمة ونصر وتفريج وشفاء، وهي من رياح اللِّقاح، وقد جاء: “نصرت بالصَّبا وأُهلكت عاد بالدَّبور” كما يورده المعبّرون في باب الريح.
    • ريح الدَّبور: إنذار وشدّة؛ هي التي أُهلكت بها عاد، وتُؤوَّل بالعذاب أو بذهاب البركة إن اقترنت بصرير وإزعاج.
    • الريح اللينة الصافية: خير وبركة.
    • الريح العاصف ومعها غبار: جور سلطان أو دلائل حرب وفتنة.
    • الريح مع الرعد: سلطان جائر مع قوة.
  • أفعال الريح في المنام:
    • إن حملت الرائي بلا خوف ولا ظلمة وغبرة: نيل رئاسة أو وجاهة، أو سفر نافع، أو رواج صنعة كاسدة؛ وقد يُرزق الفقير إن كانت تحته ريح ترفعه.
    • إن حملته مع خوف وظلمة وغبرة: نوازل وتعطّل أمره، وزيادة مرض للمريض، وضرر لأهل السفينة إن كان فيها.
    • إن قلعت الأشجار أو هدمت الجدار أو طارت بالناس/الدواب/الطعام: بلاء عام كالطاعون أو السيف أو الفتنة أو الغارة أو الجور.
  • إشارات قرآنية وحديثية اعتمدها المعبّرون:
    • تسخير الريح لسليمان عليه السلام دليل ربط الريح بالملك والتمكين.
    • قولـه تعالى: “أو تهوي به الريح في مكان سحيق” استُدلّ به على السفر الذي قد لا يعود منه إذا حملت الريح الرائي بعيدًا.
    • حديث “نصرت بالصبا وأُهلكت عاد بالدبور” أصل في تمييز دلالة أنواع الرياح في التعبير، كما سطره أئمة التعبير.
  • الترجيح وفق حال الرائي:
    • إن كان في همّ وضيق ورأى ريحًا طيبة ساكنة، فالغالب أنها بشارة بانكشاف الكرب وتبدّل الحال للأحسن، إذ الرياح الطيبة بشارة من الله تعالى والأحوال تتبدل بها إلى الفرج إذا وافقت اللِّقاح وكانت ساكنة عامة للناس.
    • إن كان يخشى سلطانًا أو خصومة ورأى ريحًا مع غبار أو عصف أو رعد، فقد تدل على تغلّب الخصم أو شدّة من جهة سلطان، بقدر قوّتها في الرؤيا.
    • تكرار رؤية الريح العاصف، أو اقترانها باصفرار أو سموم، يقوّي دلالة المرض والسقام والإنذار، بخلاف ما لو كانت لينة صافية فتقوى دلالة البِشرى والخصب. التفسير النفسي والحياتي الممكن:
  • الريح رمز للتغيرات السريعة والضغوط الخارجية التي “تدفع” الإنسان من حال إلى حال؛ فالريح اللطيفة قد ترمز لفرص وتيسير غير متوقع، بينما العواصف ترمز لتوترات وقلق وصراعات أو أحداث عامة تتجاوز قدرة الفرد، وقد تعكس أحيانًا توعكًا بدنيًا بسيطًا كالزكام إذا توافق مع واقع الرائي الصحي، كما نص المعبّرون على ارتباط بعض الرياح بالعلل الهائجة.
  • اتجاه الريح ونوعها وشعور الرائي معها مهمّ: الاطمئنان والصفاء عند هبوبها يرجّح البِشرى؛ والخوف والظلمة والغبار يرجّح التحذير.

نصيحة وطلب استكمال:

  • لأنكم لم تذكروا تفاصيل الحلم، فالمعنى العام أعلاه على سبيل الإجمال. إن أردتم تعبيرًا أدقّ، فاذكروا: نوع الريح (لينة/عاصفة)، اتجاهها إن بان، هل صاحبها غبار أو رعد أو ظلمة، هل حملتكم أو نقلتكم، شعوركم أثناءها، الوقت أو المكان، وحالكم الراهن.
  • إن كانت الرؤيا مزعجة فاجعلوها بينكم وبين ربكم ولا تحدّثوا بها من لا ينصح، واستكثروا من الاستغفار والدعاء وصالح العمل؛ وإن كانت طيبة فاحمدوا الله وارجوا خيرها. التعبير ظنّ واجتهاد، والصواب من الله.

المراجع

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 165-166. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 166. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 166. ISBN: 9789953724072.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 495-496.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 496.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 496-498.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 496-497.


بيان منهجي

ملاحظة حول النسبة: نُشير إلى أن نسبة كتاب "تفسير الأحلام الكبير" لمحمد بن سيرين محلّ نقاش تراثي بين المحققين، وأن الكتاب المتداول هو مدونة تفسيرية منسوبة لابن سيرين رحمه الله، جُمعت ونُقلت عبر أجيال من المفسرين. نتعامل معه باعتباره مرجعًا تراثيًا في علم تعبير الرؤى، دون القطع بصحة النسبة التاريخية الكاملة.