تفسير رؤية الحساب في المنام لابن سيرين والنابلسي ودلالاته

اكتشف معاني رؤية الحساب في المنام: الفرق بين الحساب اليسير والشديد، دلالة الميزان وكتاب الأعمال، محاسبة النفس، وتأثير الرؤيا على المسافر والميت ونصائح للتوبة.

فريق مفاتيح المنام
8 دقيقة
تفسير الأحلامالحساب في المنامابن سيرينالنابلسيمحاسبة النفس
تفسير رؤية الحساب في المنام لابن سيرين والنابلسي ودلالاته

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن رؤية الحساب في المنام تحمل تأويلات متعددة.

فمن رأى كأنه قرب من الحساب، فإن رؤياه تدل على غفلته عن الخير وإعراضه عن الحق، استناداً إلى قوله تعالى: ﴾اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون﴿. ومن رأى كأنهم حُسِبَ حساباً يسيراً، دلت رؤياه على شفقة زوجته عليه وصلحها وحسن دينها. ويشير محمد بن سيرين إلى أنه إن رأى كأنه حُسِبَ حساباً شديداً، دلت رؤياه على خسران يقع له، وذلك لقوله تعالى: ﴾فحاسبناه حسابا شديدا﴿.

وأما إن رأى كأن الله سبحانه وتعالى يحاسبه، وقد وضعت أعماله في الميزان، فإن كان رجحت حسناته على سيئاته فإنه في طاعة عظيمة ووجبت له عند الله مثوبة عظيمة، وإن رجحت سيئاته على حسناته فإن أمر دينه مخوف. ويفيد ابن سيرين أن من رأى كأن الميزان بيده، فإنه على الطريقة المستقيمة، مستشهداً بقوله تعالى: ﴾ونزلنا معه الكتاب والميزان﴿. واستدرك قائلاً، إن رأى كأن ملكاً ناوله كتاباً وقال له: اقرأ، فإن كان من أهل الصلاح نال سروراً، وإن لم يكن كذلك كان أمره مخوفاً، لقوله تعالى: ﴾اقرأ كتابك﴿.

ويذكر ابن سيرين أن الحاسب في الديوان هو صاحب عذاب، يؤذي الناس في معاملتهم ويشدد عليهم في المحاسبات. كما أن قراءة ظهر الصحيفة تدل على اجتماع دين على الرائي، استشهاداً بقوله تعالى: ﴾اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا﴿.

تفسير عبد الغني النابلسي

وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن رؤية الحساب في المنام تحمل عدة تأويلات.

يُبين النابلسي أن الحساب للميت في المنام دال على عذابه . أما إذا حوسب الإنسان في المنام على مصروف أو محصول بحساب سهل، وكان في اليقظة مسافراً، فإن ذلك يدل على إفادته في سفره ورجوعه إلى وطنه سالماً . ويشير المؤلف إلى أن محاسبة الإنسان لنفسه في المنام تدل على توبته ورجوعه إلى ربه .

ويرى النابلسي أنه إذا رأى الشخص أنه أقرب إلى الحساب وحوسب حساباً يسيراً، فإن ذلك يدل على وجود امرأة ديّنة مشفقة عليه وصالحة . وعلى النقيض، فإن من حوسب حساباً شديداً دلت رؤياه على خسران يقع له .

ويضيف عبد الغني النابلسي أنه إن رأى الشخص أن الله تعالى يحاسبه وقد وضعت أعماله في الميزان ورجحت حسناته على سيئاته، فإن ذلك يدل على طاعته العظيمة وثوابه الجزيل عنده . وإن رجحت سيئاته على حسناته، فإن أمر دينه مخوف عليه .

أما بخصوص "حاسب الديوان"، فقد أوضح النابلسي أنه في المنام صاحب عذاب، فإذا شدد في الحساب ناله عذاب . وفيما يتعلق بـ "مؤدب الحساب"، يذهب المؤلف إلى أنه يدل على العقل والحكمة، والتفرقة والجمع والضرب والكسر، ومضاعفة الخير والشر .

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: بما أن الرؤيا وردت بلفظٍ مجمل "الحساب" دون تفاصيل، فلا أستطيع الجزم بتعبيرٍ معيّن. على الغالب يدل ظهور الحساب في المنام على التذكير بالآخرة، والحث على التوبة ومراجعة النفس؛ فإن كان المشهد فيه يُسْرٌ وبِشْرٌ دلّ على تيسيرٍ وبشارة، وإن كان فيه شِدّة وخوف فهو إنذار بمراجعة العمل وردّ الحقوق والاستكثار من الصالحات، رجاء أن يكون الحساب يسيراً. هذا المعنى تؤيده دلالة الوحي على سرعة حساب الله وعدله ليجزي كل نفس ما كسبت، إن الله سريع الحساب ، ووفاء الله العادل للعبد بحسابه يوم يلقاه ، كما تؤيده أقوال المعبرين: فالحساب اليسير في المنام أمارة على خيرٍ وتيسير، والشديد منه إنذار بخسران أو تعب، ومحاسبةُ المرء لنفسه علامة توبةٍ وإنابةٍ إلى الله تعالى. التحليل:

  • الرموز والعناصر المحتملة:
    • الحساب الأخروي: يذكّر بقوله تعالى ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب، وليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب ، وقوله تعالى ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب . في ثقافتنا الإسلامية يُعدّ ظهور "الحساب" رمزاً للمراجعة والتوبة واستحضار يوم الجزاء.
    • محاسبة النفس: نصّ المعبرون على أن محاسبة الإنسان لنفسه في المنام تؤول إلى توبةٍ ورجوعٍ إلى الله، وأن من رأى أنه قَرُب من الحساب وحوسب حساباً يسيراً، كان ذلك من علامات الخير والرفق، وأن الحساب الشديد ينذر بخسرانٍ أو تعبٍ يلحق بالرائي.
    • صور أخرى ذات صلة إن وُجدت في الرؤيا: الميزان وكتاب الأعمال وباب العرض والحساب؛ وهي رموز تقوّي معنى التفقد الديني ومراجعة السيرة، إذ إن القرآن يربط الجزاء بإحاطة الله بكل عمل وسرعة الحساب عليه.
  • الربط بالمصادر الثقافية العربية والإسلامية:
    • القرآن أصلُ الدلالة على الحساب والجزاء، بما فيه تصوير الخشية من اليوم الذي تتقلب فيه القلوب والأبصار وما يتبعه من وفاء الحساب وسرعته، وكلها معانٍ تنهض لإيقاظ الضمير ومراجعة العمل.
    • من أقوال المعبّرين: جاء عند النابلسي أن الحساب للميت في المنام دال على عذابه، وأن الحساب السهل للمسافر إفادة في سفره ورجوعٌ سالم، وأن محاسبة النفس توبة، وأن من رأى أنه قرب من الحساب وحوسب يسيراً فذلك من علامات خيرٍ في أهله وعيشه، أما الحساب الشديد فخسران أو شدة تلحقه.
  • التفسير النفسي والحياتي:
    • قد يظهر "الحساب" انعكاساً لموقف حياتي يمر فيه الرائي بتقييم أو تدقيق: مراجعة مالية، تقييم وظيفي، امتحان، أو ضغطٌ أخلاقي بسبب حقوقٍ للآخرين. نفسياً، يبرز حين تزداد حساسية الضمير أو الشعور بالتقصير، فيأتي الحلم كتنبيهٍ لطيف لمراجعة الذات وتنظيم الأولويات والوفاء بالعهود.

نصيحة:

  • إن كانت الرؤيا أقلقتك، فخير ما تعالج به المعنى: توبة صادقة، وردّ مظلمةٍ إن وجدت، وكثرة الاستغفار والعمل الصالح، فالقرآن يذكّر بأن الجزاء على قدر العمل وأن الله سريع الحساب.
  • ولتعبيرٍ أدقّ يفيدني أن تذكر: تفاصيل المشهد (هل كان حساباً يسيراً أم شديداً؟ هل رأيت ميزاناً أو كتاب أعمال؟)، حالتك الدينية والعملية، وهل في الرؤيا موتى أو سفر، فهذه القرائن تغيّر وجه التأويل كما قرره أهل التعبير.

المراجع

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 56-57. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 111. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 235. ISBN: 9789953724072.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 291-292.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 986-987.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 311-313.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1252-1253.


بيان منهجي

ملاحظة حول النسبة: نُشير إلى أن نسبة كتاب "تفسير الأحلام الكبير" لمحمد بن سيرين محلّ نقاش تراثي بين المحققين، وأن الكتاب المتداول هو مدونة تفسيرية منسوبة لابن سيرين رحمه الله، جُمعت ونُقلت عبر أجيال من المفسرين. نتعامل معه باعتباره مرجعًا تراثيًا في علم تعبير الرؤى، دون القطع بصحة النسبة التاريخية الكاملة.