البرق في المنام: خوف وطمع وتفسيرات ابن سيرين والنابلسي

تفسير رؤية البرق في المنام بحسب ابن سيرين والنابلسي: بين الخوف والطمع، ودلالاته للمسافر والمقيم، ومعانيه مع المطر والرعد، وأثر مواسم السنة على التأويل.

فريق مفاتيح المنام
10 دقيقة
البرقتفسير الأحلامابن سيرينالنابلسيالرعد والمطر
البرق في المنام: خوف وطمع وتفسيرات ابن سيرين والنابلسي

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، يُعَد البرق رمزًا سريعًا وعاجلاً نظرًا لسرعة ذهابه وقلة لبثه . ويشير ابن سيرين إلى أن البرق قد يُرى خوفًا للمسافر وطمعًا للمقيم والزارع لما يصاحبه من مطر، وذلك استنادًا إلى قوله تعالى: «يريكم البرق خوفا وطمعا» .

ويبيّن النابلسي أن البرق يدل على الخوف مع المنفعة ، ويمكن أن يؤول إلى الخوف من السلطان وتهدده ووعيده، وكذلك سل النصال وضرب السياط . وقد يدل في المقابل على الوعد الحسن والضحك والسرور والإقبال والأمل من السلطان، لما قد يصاحبه من عذاب أو رحمة ومطر . كما أشار إلى أن البرق قد يدل على أمور تتعلق بالسلطان كالبنود المنشورة والعلم .

ويذكر محمد بن سيرين أن من رأى برقًا وحده، أو أنواره تضربه أو تخطف بصره أو تدخل بيته، فإن كان مسافرًا أصابته عطلة إما بمطر أو بأمر من السلطان . وإن كان زارعًا وأرضه مجدبة، فإن ذلك يبشر بالغيث والرحمة . وإذا كان صاحب الرؤيا في ضيق أو ساخط عليه والده أو سلطانه، فإن رؤية البرق تشير إلى إقبال السلطان عليه بضحك في وجهه، قياسًا على تشبيه الشعراء للضحك بالبرق .

وإذا اقترن البرق بالمطر، فإنه يدل على ما يبدو للرائي من أمر قبيح يبكي عليه؛ فقد يكون البرق سوطًا يدميه والمطر دمه، أو يكون المطر سيفًا يأخذ روحه . أما إذا كان الرائي مريضًا ورأى البرق، فقد يومض في عينيه ويسبل الدمع، ويبكي أهله، وتكون مدة حياته قصيرة ويُعجّل موته .

ومن رأى أنه تناول البرق أو سحابة، فإن ذلك يعني أن شخصًا ما يحثه على أمر فيه بر وخير . وإذا رأى البرق يحرق ثيابه، فإن زوجته تموت إن كانت مريضة .

ويضيف ابن سيرين أنه إذا رأى الشخص البرق مع الرعد، فإن ذلك يؤكد دلالة الرعد . وإذا كان الناس في حاجة ورأوا ذلك، دل على نزول المطر أو على مواعيد السلطان الحسنة، وقد يبشر بالأمرين معًا . ولكن، إن كان المطر ضارًا للرائي (كالمسافر أو البنّاء أو الحصّاد)، فإن رؤيته مع البرق تعني ضررًا يصيبه هو وعمله، أو قد تدل على أوامر السلطان أو جناية عليه .

وقد يكون البرق دالاً على فرج من حيث لا يُرجى ورزق من حيث لا يحتسب، وللفظ الغيث والماء النازل ونحوهما صلاح في التأويل أكثر من لفظ المطر .

تفسير عبد الغني النابلسي

«وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، يفسر البرق في المنام على أنه دلالة على الخوف من السلطان، وتهدده ووعيده، وكذلك على سل السيوف وضرب السياط . ويرى أن كل ما يدل عليه البرق هو سريع وعاجل نظرًا لسرعة ظهوره وقصر مدته . وأفاد أن البرق قد يدل على منفعة تأتي من مكان بعيد .

ويوضح المؤلف أنه إذا رأى الشخص برقًا دون أن يكون فوق الناس، وشاهد أنواره تضربه أو تخطف بصره، فإن ذلك يؤول حسب حاله. فإذا كان مسافرًا، فإنه سيواجه شدة بسبب مطر أو أمر يصدر من السلطان . أما إذا كان زارعًا وأرضه عطشى، فسيأتيه الغيث والرحمة . وإذا كان تحت سيطرة والده أو سيده أو سلطانه الذي يتجاهله، فإن هذا الشخص سيقبل عليه ويبتسم في وجهه . وفي حال كان البرق مصحوبًا بمطر، دل ذلك على قبح الأمور التي ستظهر للرائي .

ويفيد النابلسي أنه إذا تناول الرائي شيئًا من البرق أو أصابه، فهذا يعني أن شخصًا ما سيستجيب له بالخير والبر . أما إذا رأى البرق دون مطر وكان له وعد، فإنه لن يحصل عليه . ويستدرك عبد الغني النابلسي بأن رؤية البرق وهو يحرق ملابس الرائي قد تعني وفاة زوجته إذا كانت مريضة .

كما ربط المؤلف رؤية البرق بأوقات معينة من السنة، حيث أفاد بما يلي:

  • في شهر تشرين الأول، يدل على الشائعات ونتاج الحبوب .
  • في تشرين الثاني، يدل على الخصب والندى والخير الكثير .
  • في كانون الأول، قد يخشى على الغلة من النقص .
  • في كانون الثاني، يخشى على الزرع عند نهايته .
  • في شباط، قد يدل على صلاح في الزرع .
  • في آذار، يدل على نقص في الغلة كلها .
  • في نيسان، يكون صالحًا سعيدًا وتجود فيه الغلال وينقص فيه الشعير .
  • في أيار، يكون سيئًا لبعض الفاكهة .
  • في حزيران، علامة على الندى النافع .
  • في تموز، لا خير ولا شر .
  • في أيلول، علامة على الخصب والخير .
  • وفي آب، كذلك (علامة على الخصب والخير) .

ويشير النابلسي إلى أن البرق قد يدل أيضًا على وعود حسنة من السلطان، وعلى الضحك والسرور والإقبال، وعلى طمع الرعية ورجائها فيما لديهم من الصواعق والعذاب والرحمة والمطر .»

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: رؤية البرق في المنام – في الجملة – علامة أمرٍ سريع العاقبة، يجمع بين الخوف والرجاء: فهو للمسافر تحذيرٌ بالاحتراز، وللمقيم بشائرُ منفعة ورزق، وتتغيّر دلالته بحسب القرائن: فإن كان بلا أذى قاربته البشارة، وإن اقترن برعد أو مطرٍ ضار مالت الدلالة إلى التنبيه والإنذار. وهذا المعنى يجري على أصل الوحي: هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً، فالخوف للمسافر والطمع للمقيم الزارع كما قرّره أهل التعبير. تحليل الرموز والعناصر:

  • الرمز الرئيس: البرق. • في القرآن: البرق آية تجمع الخوف والطمع، أي رهبة ورجاء مرتبطان بما يعقبه من مطرٍ ورحمة أو صواعق وعقوبة: هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً ، ومن آياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينزل من السماء ماءً. • عند ابن سيرين: البرق يدل على الخوف من السلطان ووعيده، وقد يدل على ضد ذلك من الوعد الحسن والسرور، وكل ما يدل عليه البرق فسريعٌ عاجل لقلة لبثه. ومن رأى أنوار البرق تضربه أو تخطف بصره أو تدخل بيته: فإن كان مسافراً أصابته عطلة بمطر أو بأمر سلطان، وإن كان زارعاً مبشَّر بالغيث، وإن كان عليه سخطُ والٍ أو والدٍ أقبل عليه وضحك في وجهه. واقتران البرق بالمطر قد يدل على ما يبدو للرائي مما يبكي عليه؛ وللمريض تقارب أجلٍ لِقِلّة اللبث وسرعة الذهاب. ومن تناول البرق نال حثّاً على برّ وخير، واحتراق الثياب بالبرق قد يدل على موت الزوجة إن كانت مريضة. • عند النابلسي: البرق كشف أسرار وتنسم أخبار، وربما بشارة بقدوم غائب أو تجدد رزق، وتقلب أحوال من شدة إلى خلاص وبالعكس، وقد يدل على الخوف من السلطان أو على مواعد حسنة وضحك وسرور. ومن ضربته أنواره وهو مسافر أصابته شدة بمطر أو أمر من السلطان. ويفصل النابلسي دلالات زمنية بحسب الشهور لمن رأى البرق في أوقات مخصوصة من السنة، تميل بين الخصب والنقص بحسب الشهر. الربط بالمصادر الثقافية العربية والإسلامية:
  • أصل الدلالة مأخوذ من نصوص القرآن في اجتماع الخوف والطمع بالبرق والمطر، وهو أصلٌ اعتمده كبار المعبّرين في ترجيح معنى التحذير للمسافر والبشارة للمقيم الزارع.
  • تطبيقات ابن سيرين تؤكد أثر السلطان والأوامر حين يقترن البرق بتعطيل المسافر أو دخوله البيوت، ومعاني البِشر إذا زال السخط واقترب القبول، مع التشبيه العربي للضحك بالبرق والبكاء بالمطر، وهو من لسان العرب واستعمال شعرائهم.
  • النابلسي يوسّع الدلالة إلى كشف الأسرار والبشارة بقدوم غائب، ويذكر تقلب الأحوال وسرعة قضاء الأمور، وهو موافق لطبائع البرق في قلّة اللبث وسرعة الأثر. التفسير النفسي والحياتي المحتمل:
  • البرق قد يرمز إلى وميض بصيرةٍ أو فكرةٍ خاطفة تكشف أمراً كان مستوراً (كشف الأسرار)، أو رسالةٍ سريعة التأثير تغيّر مسار قرارٍ أو علاقةٍ في حياة الرائي؛ فإن صحب البرقَ انشراحٌ واطمئنان كانت بشارة انفراجٍ أو عودة غائب، وإن صحبه قلقٌ وخوفٌ كان تنبيهاً للاحتراز من سلطةٍ أو موقفٍ حاد أو قرارٍ متعجل.
  • اقترانه بالمطر النافع يقوّي معنى الرزق والخصب وتحسّن الحال للمقيم، بينما اقترانه برعدٍ أو مطرٍ ضار قد ينذر بتوترات أو خصومات أو تبعات قرار مفاجئ، لا سيما للمسافر أو من كان عمله يتأذى بالمطر. تنبيه وطلب تفصيل: أعتذر عن عدم الجزم؛ فلفظة واحدة لا تكفي لضبط التأويل. إن رغبت بتعبيرٍ أدق، صفْ حالك (أعزب/متزوج، مسافر/مقيم، مريض/صحيح)، واذكر: هل كان البرق بلا مطر أم معه مطر أو رعد؟ هل خطف بصرك أو دخل بيتك؟ ما شعورك في الحلم؟ فهذه القرائن تغيّر الحكم بين البشارة والتحذير كما بيّن ابن سيرين والنابلسي. نصيحة عامة:
  • إن مالت نفسك للخوف بعد الرؤيا فاستكثر من الاستعاذة والدعاء وفعل الخير، فدلالة البرق سريعةٌ، وأقربُ العلاج المسارعةُ إلى ما ينفعك، ولا يُبنى على المنام حكمٌ شرعي، والتأويل ظنٌّ واجتهاد، والله أعلم.

المراجع

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 169. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 168-169. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 166-167. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 167. ISBN: 9789953724072.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 71.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 69-71.


بيان منهجي

ملاحظة حول النسبة: نُشير إلى أن نسبة كتاب "تفسير الأحلام الكبير" لمحمد بن سيرين محلّ نقاش تراثي بين المحققين، وأن الكتاب المتداول هو مدونة تفسيرية منسوبة لابن سيرين رحمه الله، جُمعت ونُقلت عبر أجيال من المفسرين. نتعامل معه باعتباره مرجعًا تراثيًا في علم تعبير الرؤى، دون القطع بصحة النسبة التاريخية الكاملة.