تفسير رؤية الإبرة في المنام لابن سيرين والنابلسي ودلالاتها
اكتشف معنى رؤية الإبرة في المنام: إصلاح الأمر واجتماع الشمل، وبشارة زواج للأعزب وستر للفقير. دلالة الخياطة بخيط على تمام الشأن، وكسر الإبرة على تعطل أو تفرّق.
تفسير محمد بن سيرين
وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن رؤية الإبرة في المنام تحمل عدة دلالات.
ويبيّن ابن سيرين أن البرة في المنام تدل على رجل مؤلف أو امرأة مؤلفة . كما يوضح أن رؤية أكل الإبرة تعني أن الرائي يفضي بسره إلى شخص سيضر به . ويشير كذلك إلى أن غرز الإبرة في إنسان يعني طعنه فيه، وأن من هو أقوى منه سيقع فيه أو يتحدث عنه بالسوء .
ويُذكر أن أكثر المعبرين ذهبوا إلى أن البرة في التأويل ترمز إلى ما يُطلب لإصلاح الأمر أو جمعه أو التئامه . وحول سياق الخياطة، يضيف محمد بن سيرين أن رؤية إصابة إبرة فيها خيط أو القيام بالخياطة تدل على التئام شأن الرائي واجتماع ما كان من أمره متفرقًا وإصلاحه . وعلى النقيض، فإن انكسار الإبرة أو انخرامها، أو انتزاعها، أو احتراقها، أو ضياعها، أو سرقتها، يشير إلى تفرق شأن الرائي، وإن كان قد يلتئم بعد ذلك .
ويفيد أن ثقب الإبرة وإدخال الخيط فيها يعد بشارة بالوطء . ويحذر من إدخال غير الخيط فيها .
وبين أن خياطة ثياب الناس بالإبرة تعني أن الرائي ينصحهم أو يسعى للإصلاح بينهم، كون النصاح هو الخيط في لغة العرب . وإذا خاط الرائي ثيابه بنفسه، فإن ذلك يدل على استغنائه إن كان فقيرًا، واجتماع شمله إن كان مبددًا، وإصلاح حاله إن كان فاسدًا . أما إذا استخدم الإبرة لترقيع القطع، فهذا يدل على توبته من غيبة أو استغفاره من إثم، إن كان الترقيع متقنًا؛ وإلا فإنه يعتذر بالباطل ويبقى عليه التبعة .
وتجدر الإشارة إلى حكاية ذكرت في الكتاب أن رجلًا رأى كأنه أعطي خمس إبر ليس فيها خرق، فعبرها بعض أصحاب ابن سيرين بأنها تعني خمسة أولاد، وأن البرة المثقوبة ولد غير تام .
تفسير عبد الغني النابلسي
وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن رؤية الإبرة في المنام تحمل عدة دلالات. يذكر النابلسي أن الإبرة تدل للأعزب على الزوجية، وللفقير على ستر الحال . ومن رأى أنه أصاب إبرة، فإنها تمثل سببًا لما يطلبه من صلاح أمره أو جمعه أو التئامه .
ويبيّن المؤلف أنه إذا كانت الإبرة فيها خيط وكان الرائي يخيط بها، فإن ذلك يدل على التئام شأنه واجتماع ما كان متفرقًا من أمره . أما انكسار الإبرة أو انخرامها أو انتزاعها من الرائي، فيشير إلى تفرق شأنه وفساد أمره . وإذا ضاعت الإبرة أو سُرقت، فالرؤيا تدل على أنه قد يُسرق، لكن الأمر لا يتم أو لا يتفرق شأنه .
ويشير النابلسي إلى أن الإبرة قد تدل على امرأة، وذلك بسبب إدخال الخيط فيها، وكذلك الحال للمسلة . فمن رأى أن بيده مسلة، فإن كانت له امرأة حبلى ولدت له ابنة، وإن لم يكن هناك حمل، دل ذلك على سفر له . ويرى أن الإبرة في الرؤيا قد ترمز لرجل مؤلف وامرأة مؤلفة .
ثم يستدرك المؤلف، فيوضح أن من رأى أنه يأكل إبرة، فإنه سيفضي بسره إلى من يضره . وإذا رأى أنه غرز إبرة في إنسان، فإنه يطعن ويقع فيه من هو أقوى منه .
ويذهب النابلسي إلى أن الإبرة سبب لصلاح الأمر، وكذلك الحال إذا رأى اثنتين أو ثلاث أو أربع إبر، وما كان منها بخيط فإن ذلك يدل على قرب التئام أمر صاحبها، وتكون دلالة ذلك بمقدار ما خاط به . ويضيف أن قلة الإبر التي يعمل بها ويخيط بها خير من كثرة لا تعمل منها، وتدل على سرعة تصديق الأمر . وإن خاط بها ثيابًا للناس، فإنه ينصحهم ويسعى بالصلاح بينهم، لأن "النصاح" هو الخياط في لغة العرب، والإبرة هي المنصحة والخيط هو الناصح . وإذا خاط بها ثيابه، دل ذلك على استغنائه إن كان فقيرًا، واجتماع شمله إن كان مبددًا، وصلوح حاله إن كان فاسدًا . وأما إن كان "رفي" بها قطعا، فإنه يتوب من غيبة أو يستغفر من إثم إذا رفاه صحيحًا متقنًا .
تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)
التأويل: الإبرة في المنام في الغالب بشارة بإصلاح أمرٍ واجتماعٍ بعد تفرّق، وللفقير سترٌ، وللاعزب زواجٌ قريب بإذن الله. والخياطة بخيط دلالة على التئام الشأن وتمامه، أمّا انكسار الإبرة أو ضياعها فيُخشى معه تفرّق الأمر أو تعطّله. وغرز الإبرة في إنسان يدل على طعنٍ فيه بالقول أو الوقيعة، وأكل الإبرة يدل على إفشاء سرٍ لمن يضرّ بالرائي. ونرجو إن رأيت أنك تخيط ثوبك أن يكون ذلك إشارةً إلى استغناءٍ واجتماع شملك وإصلاح حالك.
التحليل:
-
الرموز والعناصر ومعانيها المحتملة:
- الإبرة: عند أهل التعبير سببٌ لإصلاح الأمر وجمعه، وللاعزب زوجة، وللفقير ستر حال، وقد تُحمَل على المرأة لكونها تُدخَل فيها الخيوط. كما قيل هي رجلٌ مؤلِّف أو امرأةٌ مؤلِّفة أي ممّا يجمع ولا يفرّق.
- الخيط مع الإبرة والخياطة: علامةٌ على التئام الشأن واجتماع ما تفرّق بقدر ما خِيط منه. وقد نص ابن سيرين على أن قلة الإبر العاملة خيرٌ من كثرتها المعطّلة، وأن “الخيط بيّنة”، إشارةً إلى الوضوح والتمام.
- انكسار الإبرة أو انتزاعها أو ضياعها: يدل على تفرّق الشأن وفساد بعض الأمر، وربما أشرف على التفريق ثم يلتئم بعد ذلك.
- غرز الإبرة في إنسان: طعنٌ فيه ووقيعة من أقوى منه.
- أكل الإبرة: إفشاء السر لمن يضرّ بالرائي.
- المسلّة القريبة معنىً من الإبرة: تُحمل على المرأة، فإن كانت الزوجة حاملاً فولادة بنت، وإن لم يكن حمل فربما كان سفر.
-
الربط بالمصادر العربية والإسلامية:
- من القرآن: ورد ذكر ثقب الإبرة في تصوير المحال: “حتى يلج الجمل في سمِّ الخياط”، وهو يستدعى في لغة المعبّرين لبيان ضيق الممرّ ودقّته، ومنه مناسبة الربط بدلالة الإبرة على الدقة والاختبار والتمييز. وقد نقل ابن سيرين هذا الاستحضار في باب الإبرة. كما نصّ على أن “الخيط بيّنة” مستشهداً بقوله تعالى “حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود” في باب الخيط، مما يقوّي معنى الوضوح وتمام الحجة عند وجود الخيط مع الإبرة.
- عند ابن سيرين: جمع أكثر هذه المعاني؛ جعل الإبرة سبب الإصلاح، والخياطة تمام الشأن، والانكسار والانتزاع تفرّقاً، والغرز طعناً، والأكل إفشاء سرّ، مع زيادات كحكاية “خمس إبرٍ لا خَرْق فيها” وتأويلها بالأولاد.
- عند النابلسي: وافق ابن سيرين وزاد تعميم الدلالة للعازب والفقير، وتأكيد أن وجود الخيط مع الإبرة أقرب لتصديق التئام الأمر. كما صرّح بأن خياطة ثياب الناس نصحٌ وإصلاح بينهم، والخياط “نصّاح” والإبرة “منصِحة” والخيط “ناصح” في لسان العرب، وهو توظيف لغوي معتبر في التعبير.
-
التأويل النفسي والحياتي:
- الإبرة أداةُ رتقٍ وجمعٍ للدنيا المتفرّقة؛ رؤيتها وخياطة الثوب قد تعكس حاجة الرائي الواقعية إلى لمّ شتات شأنٍ عائلي أو عملي، أو رغبة في ترتيب حياته بدقة والتئام علاقاته.
- انكسارها أو ضياعها قد يحاكي شعوراً بالإحباط أو تعثّر مشروعٍ صغير أو خطة دقيقة.
- غرز الإبرة في شخص قد يدل على حدّة نقدٍ أو كلمةٍ جارحة، والأكل رمزٌ لابتلاع أمرٍ مؤذٍ أو إلقاء سرّ في غير موضعه بما يجرّ ضرراً.
- وجود الخيط بيّنةٌ على أن الأمور تتّضح وتكتمل تفاصيلُها، وغيابه يوحي بمحاولة إصلاح بلا أدواتٍ كافية.
نصيحة:
- إن كانت رؤياك على نسقٍ حسن كخياطة ثوبك بخيطٍ تام فابشر بإصلاحٍ واجتماع شملٍ بإذن الله، واحرص عملياً على استكمال أسباب الإصلاح. وإن كان بها ما يُخشى ككسر الإبرة أو غرزها في أحدٍ فاستعذ بالله، وكفّ لسانك عن الطعن، واحفظ سرك ولا تُلقه إلا لأمين. والرؤيا لا يُبنى عليها حكمٌ شرعي، وخيرها من الله، وشرها نستعيذ منه.
إن رغبت بتعبيرٍ أدقّ، فتلزم تفاصيل: هل كانت الإبرة بخيط؟ هل كنت تخيط ثوبك أو ثوب غيرك؟ هل انكسرت أو ضاعت؟ بهذه القرائن يترجّح وجه المعنى.
المراجع
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 246. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 246. ISBN: 9789953724072.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 48.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017).
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 48-49.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017).
عن المصادر
الكتاب المنسوب لابن سيرين هو مدونة تفسيرية جُمعت عبر أجيال، ونسبتها لابن سيرين محل خلاف بين المحققين.
