تفسير حلم مطر: دلالات الخير والإنذار لابن سيرين والنابلسي

دليل شامل لتفسير حلم مطر وفق ابن سيرين والنابلسي: متى يدل على رحمة ورزق وغيث، ومتى يكون إنذار ببلاء أو تعطل سفر. رموز الشرب والاغتسال ومعاني عمومه وخاصته.

فريق مفاتيح المنام
9 دقيقة
مطرتفسير الأحلامرؤية المطر في المنامابن سيرينالنابلسي
تفسير حلم مطر: دلالات الخير والإنذار لابن سيرين والنابلسي

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن رؤية المطر في المنام تحمل دلالات متعددة.

يفيد ابن سيرين أن المطر يدل على رحمة الله تعالى، ودينه، وفرجه، وعونه، وعلى العلم والقرآن والحكمة، إذ أن الماء هو مصدر حياة الخلق وصلاح الأرض. كما يشير إلى الخصب والرخاء ورخص الأسعار والغنى، كونه سببًا مباشرًا لهذه الأمور. وربما دل على الموال والرزاق، وقد يكون أفضل تأويلًا إذا كان ماؤه لبنًا أو عسلًا أو سمنًا، أو إذا كان على هيئة قمح أو شعير أو زيت أو تمر أو زبيب أو تراب نقي.

ويرى أن المطر العام في البلد يمكن أن يجلب الخصب ورخص الأسعار إذا كان الناس في شدة، أو يجلب الفرج إذا كانوا في جور وعذاب وأسقام، وذلك إذا كان المطر نافعًا. أما إذا كان ضارًا أو شمل حجارة أو نارًا، فإن ما يعانيه الناس يتضاعف. ويذكر أن المطر الخفيف يدل على أمور يسيرة.

وينبه إلى أنه إذا جاء اسم المطر في كتاب الله تعالى (مثل قوله: "وأمطرنا عليهم مطرًا" أو "وأمطرنا عليهم حجارة")، فهو غم أو عذاب. وعلى النقيض، إذا لم يسم مطرًا بل وصف بـ "ماء مبارك"، فإنه يدل على الفرج العام للناس. ويقال بأن لفظ "الغيث" والماء النازل وما شابهها أصلح في التأويل من لفظ "المطر".

ويذهب إلى أن أنواع المطر المكروهة مكروهة في التأويل. فإن أمطرت السماء سيوفًا، دل ذلك على ابتلاء الناس بالجدال والخصومة. وإن أمطرت بطيخًا، دل على مرض الناس.

ويشير إلى أن المطر الذي ينزل من غير سحاب قد يكون فرجًا من حيث لا يُرجى ورزقًا من حيث لا يُحتسب، كما أن المطر قد يدل على قافلة البل.

ويوضح المؤلف أن المطر قد يدل على الجوائح النازلة من السماء كالجراد أو البرد أو الريح، خاصة إذا كان فيه نار أو ماؤه حارًا، حيث استعمل القرآن المطر لوصف عذاب الأمم. وربما دل على الفتن وسفك الدماء إن كان ماؤه دمًا، أو على العلل والأسقام كالجدري والبرسام، خاصة إذا كان في غير وقته أو ضارًا ببرده. فكل ما يضر الأرض ونباتها يضر به الأجسام. وقد يدل المطر على ما نزل بالسلطان من بلاء وعذاب كالمغارم والأوامر، لا سيما إن كان مختلطًا بالحيات أو دل على العذاب. كما قد يدل على الدواء، أو العلة، أو المنع والعطلة للمسافرين والصناع وكل من يعمل تحت الهواء المكشوف.

ويضيف محمد بن سيرين أنه من رأى نفسه في المطر أو محصورًا منه تحت سقف أو جدار، فإن أمرًا ضارًا يدخل عليه بالكلم، أو يضره قدر ما أصابه، أو يصيبه مرض إن كان مريضًا. ومن كان ممنوعًا تحت الجدار فقد يدل على عطلة عن عمل أو سفر، أو مرض، أو فقر، أو سجن.

ويذكر أن الاغتسال في المطر للتطهر من جنابة أو للصلاة، أو غسل الوجه به لتصح العين، أو غسل النجاسة به، له تأويلات محمودة. فإن كان الرائي كافرًا أسلم، وإن كان مبتدعًا أو مذنبًا تاب، وإن كان فقيرًا أغناه الله، وإن كان يرجو حاجة عند سلطان نجحت له.

وتبين أن المطر مع البرق والرعد والظلمة قد يدل على جوائح سماوية كالحجر والجراد، أو وباء وموت، أو فتنة وحرب. بينما يرى أن الرعد والبرق والمطر مجتمعة تدل على الخوف للمسافر والطمع للمقيم.

كما يورد أن من رأى سحابًا ينزل ويمطر مطرًا عامًا، دل ذلك على أن إمامًا عادلًا سينفذ إلى ذلك المكان. أما السحاب الأحمر في غير وقته، فيدل على كرب أو فتنة أو مرض.

تفسير عبد الغني النابلسي

وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، فإن رؤية المطر في المنام تحمل دلالات متعددة. يوضح النابلسي أن المطر إذا لم ينتج عنه ضرر، فإنه يمثل خيرًا ورزقًا ورحمة. قد يدل المطر على حياة من يُخشى عليه من آدمي أو أرض، وربما يشير إلى إنجاز أمر موعود به الإنسان. ويفيد المؤلف أن المطر بشكل عام يدل على رحمة الله ودينه وفرجه وعونه، وعلى القرآن والعلم والحكمة، لأن الماء هو حياة الخلق. كما يرى النابلسي أن المطر العام الذي ينعش أمرًا ميتًا يجلب الخير والنعمة والبركة، ويبشر بالفرج لمن كان مغمومًا أو مديونًا. ومن رأى السماء تمطر من كل جانب، فالناس سينالون سعة وسرورًا وتتفجر العيون. ويضيف عبد الغني النابلسي أن المطر إذا هطل في وقته وحينه، فإن الله يوسع الرزق في تلك البلدة، وإن كانوا في قحط، فهو يخرجهم منه. ويرى أن السحاب الذي يمطر في وقته يدل على الخير والبركة والنعمة والمال، وأن السحاب الذي يرتفع من الأرض مظلًا لبلد يدل على الخير والبركة.

ويبيّن النابلسي أن المطر المخصوص بمكان معلوم قد يدل على حزن أهله أو على هم يعرض للرائي بسبب فقد شخص عزيز. وإذا كان المطر في دار الرائي خاصة دون سائر الناس، فينال منفعة وخيرًا وكرامة، أما إذا كان المطر في البلدة بأكملها، فيقع التأويل على جميع أهلها.

وفي سياق متصل، فإن المطر الذي يجتاح كل جانب ويقطع الأشجار ويكبها، يدل على فتنة وهلاك يقع في ذلك الموضع من قِبل السلطان. ويرى عبد الغني النابلسي أن المطر إن كان عامًا ومؤذيًا، مثل أن تمطر السماء دمًا أو حجارة، فإنه يدل على الذنوب والمعاصي. كما أن مطر الحجارة أو الأرض التي تمطر دمًا يدل على العذاب، وإن كان المطر دمًا غالبًا أو ترابًا، فهو ظلم من السلطان. وقد يدل المطر في دار خاصة على أمراض وأوجاع وبلايا وجدري يقع فيها. وإذا أمطرت السماء سيوفًا، فإن الناس يبتلون بجدال وخصومة، وإذا أمطرت بطيخًا، فإنهم يمرضون. وإذا كان المطر متلفًا في مكان مخصوص، فقد يدل على بخس في الكيل والميزان أو التشبه بقوم لوط. ويضيف النابلسي أن المطر قد يدل على الجوائح النازلة من السماء كالجراد والبرد والريح، سيما إن كان فيه نار أو ماؤه حارًا، وربما دل على الفتن والدماء التي تسفك، خاصة إن كان ماؤه دمًا.

ويفيد النابلسي أن المسافر إذا رأى المطر، ربما تعطل سفره. وقد يدل المطر في أوانه على تعطيل عن السفر أو العمل، أو بسبب مريض، أو فقر، أو سجن. ومن رأى نفسه في المطر تحت سقف أو جدار، فقد يناله ضرر بالكلام أو الأذى، أو يُضرب على قدر ما أصابه من المطر. وإذا اغتسل أو تطهر بماء المطر للصلاة، أو غسل به وجهه، أو نجاسة من جسده أو ثوبه؛ فإن كان كافرًا أسلم، وإن كان مبتدعًا أو مذنبًا تاب، وإن كان فقيرًا أغناه الله، وإن كانت له حاجة عند السلطان قضيت له. ومن رأى أنه يشرب من ماء المطر، فإن كان صافيًا أصاب خيرًا، وإن كان كدرًا أصابه مرض بقدر ما شرب. ويشير عبد الغني النابلسي إلى أن الماء الصافي الغزير يدل على رخص الأسعار وبسط العدل، وأن مضغ الماء يدل على شدة الكد في المعيشة، والشرب منه سلامة من العدو وسنة مخصبة.

كما أشار النابلسي إلى أن المطر قد يدل على إغاثة الملهوف، وربما دل على الصلح مع الأعداء، ويشبه المطر بقافلة الإبل.

وفيما يتعلق بالبرد (Hail)، وهو حب الغمام إذا نزل من السماء، فيدل في وقته على زوال الهموم والغموم وإرغام الأعداء والحساد، لأنه يبرد الأرض. وإن كان البرد كثيرًا وأفسد الأمكنة والطرق ومنع السبيل، دل ذلك على إبطال المعاش وتوقف الحال وتعذر الأسفار. وقد يدل البرد على المتاجر الغريبة الواصلة من جهة سقوطه، فهو دليل شر. ولكن إن لم يحصل منه ضرر، فهو خير ورزق، خصوصًا إن جمعه الناس وأكلوه ولم يتضرروا. وإن نزل البرد بأرض، فهو رحمة. أما البرد إذا نزل في غير أوانه، فهو دليل على مرض يسير ثم يبرأ منه، وإن وقع البرد على الجسد، ذهب بعض المال. ورؤية البرد الشديد في المنام في وقته لا تدل على شيء، وفي غير وقته تدل للمسافر على عدم تمام سفره، وعلى ظهور الأشياء الخفية.

والنابلسي يذكر أن العرب تسمي المطر "سماء" لنزوله منها.

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: على الإجمال: المطر النافع في أوانه يُبشّر بالرزق والفرج والرحمة واتساع العيش، خاصةً إذا عمّ الناس، بينما المطر المؤذي أو الخارج عن طبعه كأن يكون دمًا أو حجارة فهو إنذار ببلاء أو فتنة. وانحصاره في دار الرائي دون الناس يدل على منفعةٍ وكرامةٍ تخصّه، والاغتسال به توبةٌ وصلاح، وأما المسافر فقد يدل له على تعطلٍ أو تأخرٍ في سفره. ويُستحب ترجيح وجه الخير ما أمكن ما دام المطر نافعًا غير مُضرّ. التحليل:

  • الرموز والعناصر الرئيسة:
    • المطر النافع: يدل على رحمة الله، ودينه، والفرج، والعلم، والخصب ورخص الأسعار، وهو غياثٌ للبلاد والعباد إذا وقع في حينه ومنفعته ظاهرة.
    • المطر المؤذي أو في غير أوانه/طبعه: إن كان فيه ضرر أو كان دماً أو حجارة دل على الذنوب والابتلاء والفتن وسفك الدماء، ويشتدّ الإنذار إذا اقترن بظلمةٍ ورعودٍ مؤذية.
    • عموم المطر للبلد: فرجٌ عام إذا كان الناس في شدة وكان المطر نافعًا، وإلا تضاعف عليهم البلاء بقدر شدته إذا كان ضارًا.
    • اختصاص المطر بدار الرائي: منفعة وخير وكرامة تخصّه، وشفاءٌ وهمٌ يُكشف، ما لم يكن معه أذى.
    • الوقوف في المطر أو التحصّن منه تحت سقف: قد يلحق الرائي أذى بقدر ما أصابه، إلا إن اغتسل به للطهارة أو الصلاة أو غسل نجاسة، فذلك توبةٌ وغنى وقضاءُ حاجةٍ بإذن الله.
    • للمسافر: المطر قد يدل على تعطّل السفر وتأخّره، بخلاف المقيم ففيه رجاءُ السعة والبركة إذا كان نافعًا.
    • شرب ماء المطر: إن كان صافياً فخيرٌ، وإن كان كدرًا فمرضٌ بقدر ما شرب.
  • الربط بالمصادر الشرعية والتراث:
    • في التعبير التفريقي بين «مطر» و«غيث»: نُقل عن أهل التعبير أن ورود لفظ «المطر» في القرآن جاء في سياق العذاب كقوله تعالى: «وأمطرنا عليهم مطرًا فساء مطر المنذرين»، بخلاف تعبير «ماء مبارك» وما شاكله، ففيه فرجٌ عام، لذلك رُجّح في التأويل لفظ «الغيث» والماء النازل على «المطر» عند إرادة البُشرى.
    • عن ابن سيرين: قرّر أن المطر يدل على الرحمة والخصب ورخص الأسعار، وقد يدل بحسب حاله على الجوائح أو الفتن إذا كان خارجًا عن طبعه أو في غير أوانه، وأن عمومه نافعٌ فرجٌ، وضرره إنذارٌ يتبع قدر شدته.
    • عن النابلسي: قرّر أن المطر إذا لم يحصل منه ضرر فهو خير ورزق ورحمة، وأن اختصاصه بمكانٍ معلوم قد يدل على همٍّ لأهله، وأن عمومه النافع يغيث ويُبشّر بالفرج، وأنه قد يُعطل سفر المسافر، والشرب منه صافياً خير، وكدره مرضٌ بقدره.
  • البعد النفسي والحياتي:
    • المطر رمزٌ لإحياء ما جفَّ في النفس، وتجدد الأمل، وتطهير الهموم؛ فإن شعور الرائي أثناء المطر وكونه نافعًا أو مؤذيًا يساعد على ترجيح الدلالة: انشراح الصدر مع مطرٍ لطيف قد يشير إلى انفتاح أبواب رزقٍ أو انقضاء همّ، بينما الخوف مع مطرٍ مؤذٍ قد يعكس ضغوطًا وخصوماتٍ أو قراراتٍ ثقيلة تحتاج حذرًا.
    • تعطل الحركة بالمطر للمسافر أو لمن يعمل في العراء له وجهٌ عمليّ في التأويل (تعطل مشروع/سفر مؤقت) كما ذكر أهل التعبير. تنبيه ونصيحة:
  • لأنك لم تذكر تفاصيل حلمك، فقد جاء التأويل عامًا. لتمام التعبير يلزم: وقت المطر (أوانه أو غير أوانه)، شدته ونفعه/ضرره، هل عمّ أو اختصّ بمكان، حالتك الشعورية، وهل اغتسلت منه أو شربت، وهل كنت مسافرًا أو مقيمًا.
  • إن كان المشهد مطمئنًا فابشر بخيرٍ واطلبه بالأسباب. وإن كان مقلقًا فاستعن بالله بالدعاء والصدقة، وخذ بأسباب الحذر حتى يبدّل الله الحال إلى خير. التعبير اجتهادٌ وظنّ، والصواب من الله.

بيان منهجي

ملاحظة حول النسبة: نُشير إلى أن نسبة كتاب "تفسير الأحلام الكبير" لمحمد بن سيرين محلّ نقاش تراثي بين المحققين، وأن الكتاب المتداول هو مدونة تفسيرية منسوبة لابن سيرين رحمه الله، جُمعت ونُقلت عبر أجيال من المفسرين. نتعامل معه باعتباره مرجعًا تراثيًا في علم تعبير الرؤى، دون القطع بصحة النسبة التاريخية الكاملة.