تفسير المذهب في المنام عند ابن سيرين والنابلسي وتأويلاته

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، وبعد البحث في النصوص المتوفرة، لم يتم العثور على تفسير مباشر لمصطلح "مذهب". يبدو أن المؤلف يركز في هذه الأجزاء على تفسير الأحلام المتعلقة بالدين بشكل عام، والأديان المختلفة، وحالات الإيمان والكفر، والانتماءات الدينية المحددة، بدلاً من التطرق إلى مفهوم "المذهب" كمصطلح يدل على المدارس الفكرية أو الفقهية.

تفسير عبد الغني النابلسي

وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن رؤية الحالم أنه يخطّي الكعبة في المنام تدل على مخالفته لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخوله في مذهب أهل الأهواء .

ويوضح النابلسي أن من رأى في المنام أنه يصلي نحو المشرق، فإن ذلك يشير إلى أنه رجل رديء المذهب، كثير البهتان على الناس، وجريء على المعاصي، لأنه بذلك يوافق اليهود. وإن كان وجهه نحو المشرق، فهو من المبتدعة بالأباطيل لكون المشرق قبلة النصارى، والصليب باطل. وإذا كان وجهه مما يلي ظهر الكعبة، فقد نبذ الإسلام وراء ظهره بارتكاب كبيرة من المعاصي أو يمين كاذبة أو قذف محصنة، ولا يراقب الله لأنه يتبع رأي المجوس الذين يرخصون لأنفسهم ارتكاب كل محرم .

ثم يستدرك النابلسي، مبيناً أن الصلاة نحو المشرق قد تدل على رؤية رأي القدرية ومضارعة رأي النصارى، لأن المشرق قبلتهم .

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: لفظ “المذهب” في المنام يُعبَّر بحسب القرائن: فاستقامة القبلة والصلاة نحو الكعبة تدل على سلامة الدين والمذهب، أمّا الانحراف عن القبلة أو تخطّي حرمة الكعبة فيُؤوَّل بسوء المذهب أو الوقوع في الأهواء والبدع. كما أن رؤية ما يدل على قلب معالم الدين ككتابة البسملة معكوسة قد تُنذر بالارتداد عن الدين أو المذهب. وعلى الجملة يُحمَل المعنى على طريقة التفكير الديني والالتزام بالسُّنّة أو مخالفتها، ويُرجَّح وجه الخير ما أمكن.

تحليل الرموز والعناصر:

• القبلة واتجاه الصلاة: عند أهل التعبير، الصلاة نحو الكعبة علامة على استقامة الدين، بينما الصلاة إلى غيرها تُشير إلى فساد الاعتقاد أو رداءة المذهب؛ فمن رأى أنه يصلي نحو المشرق ووافق قبلة أهل الكتاب فذلك رديء المذهب، ومن ولّى ظهره للكعبة فقد نبذ الإسلام بارتكاب كبائر، أما مَن صلّى نحو الكعبة فدينُه مستقيم، كما قرر النابلسي في مواضع عدة من تعطير الأنام.
• الكعبة ومخالفة حرمتها: من أشهر أمثلة سوء المذهب عند المعبرين رؤية الصلاة فوق الكعبة أو تخطّيها؛ إذ فيها مخالفة للسُّنّة والدخول في أهواء، وقد نُقل عن ابن سيرين الحكم بسوء المذهب ومخالفة السُّنّة على من رأى أنه صلى على سطح الكعبة، وكذلك تأويل من تخطّى الكعبة بأنه خالف السُّنّة ودخل في هوى . والنابلسي نصّ على أن من “أخطأ الكعبة” فقد خالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
• قلب معالم الدين ورمز البسملة: ذكر النابلسي أن رؤية البسملة معكوسة الترتيب في المنام دليل على الارتداد عن الدين أو المذهب، وهو من أوضح الرموز على الانحراف في الاعتقاد أو المنهج. الربط بالمصادر الثقافية:
• هذا الباب متسق مع أصول التعبير في التراث العربي والإسلامي؛ إذ تُعد القبلة شعارَ التوحيد والاتباع، فسلامة الاتجاه تُشير إلى سلامة المعتقد، ومخالفتها تُفهم على البدعة والهوى كما نصّ عليه النابلسي وابن سيرين في مواضع من تفسيريهما. وكذلك تعظيم الكعبة من تعظيم شعائر الله، فالتعدي على حرمتها في الرؤيا ينعكس سوءًا على الدين والمذهب عند أهل التعبير. التفسير النفسي والحياتي المحتمل:
• “المذهب” في الرؤيا قد يرمز لطريقتك الذهنية في فهم الدين أو معالجة مسائل الخلاف. إن رأيت من العلامات ما يدل على الاستقامة (توجّه صحيح للقبلة، تعظيمٍ لشاعر الدين) فذلك يبشر بنضجٍ دينيّ واتزانٍ فكريّ. وإن ظهرت أمارات الانحراف (الالتفات عن القبلة، تخطّي الكعبة، قلب البسملة) فقد تعكس تذبذبًا في المعتقد، أو تأثرًا ببيئة فكرية مضطربة، أو صراعًا داخليًا حول قناعاتك الدينية واتباع السُّنّة، ويدعوك هذا لمراجعة مصادر التلقي والاقتراب من أهل العلم الموثوقين.

تنبيه مهم:

• لأن لفظك كان عامًا جدًا (المذهب) بلا تفاصيل عن المشهد، أعتذر عن الجزم بتعبيرٍ مخصوص لحالتك. إن رغبت بتعبير أدق، فاذكر: ماذا رأيت تحديدًا؟ اتجاه الصلاة؟ حال الكعبة؟ ألفاظ أو كتابات دينية؟ اسم شخص أو عالم؟ شعورك في الرؤيا؟ بهذه القرائن يتبيّن لنا وجه الخير ونصرف عنك المتشابه، مستأنسين بما قرّره أهل التعبير من أمثال النابلسي وابن سيرين في المواضع المذكورة.

المراجع

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 604.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1359-1360.

عن المصادر

الكتاب المنسوب لابن سيرين هو مدونة تفسيرية جُمعت عبر أجيال، ونسبتها لابن سيرين محل خلاف بين المحققين.