تفسير المائدة في المنام لابن سيرين والنابلسي بالتفصيل
تعرف إلى تفسير المائدة في المنام عند ابن سيرين والنابلسي: نعمة ورزق ومودة ونصرة، والزحام كثرة عيال، واجتماع الأضداد خصومة، ورفعها انقضاء رزق أو أجل.
تفسير محمد بن سيرين
وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، تختلف تأويلات رؤية المائدة في المنام بناءً على تفاصيل الرؤيا وسياقها.
ويبيّن ابن سيرين أن المائدة قد ترمز إلى رجل شريف وسخي، وأن الجلوس عليها يدل على صحبة هذا الرجل، والأكل منها يعني الانتفاع به. وإذا كان مع الرائي رجال آخرون على المائدة، فإن ذلك يوحي بمؤاخاة قوم على سرور، وقد يقع بينهم نزاع في أمر المعيشة. ويشير محمد بن سيرين إلى أن كثرة الطعام الطيب على المائدة دليل على كثرة مودتهم. كما يفيد أن المائدة يمكن أن تعني الدين، أو السلام والدعوة إلى الجنة في سياق رؤيا وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو مشورة يحتاج فيها الرائي إلى أعوان. وقد تؤول المائدة أيضًا على أنها امرأة الرجل.
ويذكر المؤلف أن المائدة قد تكون غنيمة في خطر، ورفعها انقضاء تلك الغنيمة. كما أنها تعني المأكلة والمعيشة لمن كانت له. وإذا كان الرائي وحده على المائدة، فليس له منازع، وإن كان معه غيره، كان له إخوان مشاركون. ويفسر كثرة الرغفان بأنها كثرة مودتهم، وقلتها تدل على قلة مودتهم. ويضيف أن الرغيف الواحد قد يدل على مودة سنة.
ويوضح ابن سيرين أنه إذا رأى الرائي طعامًا بسط على المائدة، فإنه يظهر له عدو، وإذا أكل منها، ظهرت المنازعة بينه وبين عدوه. وقد دل أكل المائدة كثيرًا فوق العادة على طول حياة الرائي بقدر أكله. وإذا رأى أن المائدة رُفعت، فقد نفذ عمره. ويرى المؤلف أن رؤية لون أو لونين من الطعام على المائدة دليل على رزق يصل إليه وإلى أولاده.
وينبه محمد بن سيرين إلى أن من رأى كأنه يأكل على مائدة فخرجت يد كلب أشقر لتأكل معه، فقد فُسرت هذه الرؤيا بأن رجلاً من الصقالبة يشاركه في امرأته. كما يورد أن من رأى أن المائدة رفعت فقد نفذ عمره، وقيل إذا رأى لونًا أو لونين من الطعام فإنه رزق يصل إليه وإلى أولاده.
ويستدرك المؤلف أن رؤية الطعام المبسوط على المائدة قد تدل على استخفاف الرائي بنعمة الله تعالى. ومن رأى أن مائدة مولاه قد خرجت وهربت وانكسرت، فقد يعرض له أن امرأة مولاه ماتت.
وورد عن بعض المعبرين أن رؤية مائدة عليها سمكة، ورأى أنه يأكل هو وخادمه منها، فسرت بأن الخادم يصيب من أهل الرائي.
وفي سياق آخر، أشار ابن سيرين إلى أن رؤية المائدة قد تأتي استجابة لدعاء في عسر، كما في قصة من رأى هاتِفًا يتلو آية نزول المائدة من السماء، ففُسرت بأن الرائي في عسر ويدعو الله بالفرج فيستجيب له.
تفسير عبد الغني النابلسي
وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، تشير رؤية المائدة في المنام إلى عدة دلالات.
فمن رأى أنه قاعد عليها، فإنه يصاحب رجلاً بهذه الصفة. ويذكر النابلسي أن وجود رغفان كثيرة صافية وطعام طيب عليها يدل على كثرة مودة الإخوان، وقلتهما تعني قلة مودتهم. وأكل رغيف واحد يمثل مودّة سنة، والطعام بأي لون أو لونين على المائدة هو رزق له ولأولاده. وإذا أكل منها أكلاً كثيراً فوق العادة، دل ذلك على طول عمره بقدر أكله، أما إذا رُفعت المائدة، فقد نفد عمره. وتدل كثرة الزحام عليها على كثرة العيال، بينما يوحي اجتماع ضدين عليها بالحرب، خصوصاً إذا كان المأكل رؤوساً مشوية أو هريسة وبقولاً. وذهب النابلسي إلى أن المائدة هي ميدان اللقاء والمؤاكلة، والمؤاكلة هي مطاعنة بالأيدي يسعى فيها كل شخص للحفاظ على مهجته. كما أفاد أنها تدل على الدين، وأن وجود رجال معه على المائدة يعني مؤاخاة أقوام على سرور، مع احتمال وقوع منازعة بينهم في أمر معيشتهم .
ويشير النابلسي في موضع آخر إلى أن المائدة في المنام تعني نعمة، وإجابة دعوة، ورغد عيش، وتدل على النصرة على الأعداء. ويعتبر ما يؤكل منها غنيمة في خطر، ورفعها انقضاء تلك الغنيمة. ويرى أنها مأكلة ومعيشة لمن كانت له أو أكل منها، وقد تشير إلى رجل مشهور يحتاج إلى أعوان في ولاية بلدة أو قرية عامرة، كما تدل على رجل كبير بار سخي .
تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)
التأويل: المائدة في المنام تُبشّر في الغالب بنعمةٍ ورغد عيش وصحبةِ كريمٍ ونُصرةٍ على عدو، وتُؤوَّل أيضاً بالدين والاجتماع على الخير. ويتغيّر معناها بحسب تفاصيلها: كثرة الخبز والطعام تدل على كثرة المودة وسعة الرزق، والزحام عليها يدل على كثرة العيال، واجتماعُ الأضداد على المائدة قد ينذر بخصومة أو حرب. ورفعُ المائدة قد يدل على انقضاء رزقٍ أو تمامِ أجلٍ إذا اقترنت قرائن قوية. وإن بُسط الطعام وكان معه نزاع في الحلم فقد يَظهر للرائي عدو ويقع بينهما خلاف. وكلّما كثر أكلُ الرائي منها زاد عمرُه على وجه الرجاء. وإن رؤيت بألوان محدودة من الطعام فذلك رزقٌ يصل للرائي ولأولاده.
التحليل: الرموز والمعاني المحتملة
- المائدة/السفرة: عند أهل التعبير تدل على نعمةٍ، وإجابةِ دعوة، ورغدِ عيش، ونصرٍ على الأعداء، وهي معيشةٌ لمن كانت له أو أكل منها، وقد تُؤوَّل بالدين والاجتماع على الخير، وتُحمَل أحياناً على رجلٍ كبيرٍ سخيٍّ تُصاحبه وتنتفع به، وقد تُحمل على المرأة بحسب السياق.
- كثرة الطعام والأرغفة على المائدة: علامة على كثرة مودّة الإخوان، والرغيف الواحد مودةُ سنةٍ، وكثرة الأكل منها على غير العادة تُرجى لطول العمر.
- رفع المائدة: يُؤوَّل على نفاد العمر في بعض المواضع، ويأتي أيضاً بانقضاء غنيمةٍ أو رزقٍ إذا دلّت القرائن على ذلك.
- الزحام على المائدة: يدل على كثرة العيال.
- اجتماع ضدين على المائدة (كالرؤوس المشوية مع البقول): نذارةُ حربٍ أو خصومةٍ شديدة.
- بسط الطعام وظهور الخصومة: قد يدل على ظهور عدو ووقوع منازعةٍ معه إن أكل الرائي من تلك المائدة.
- ألوان الطعام المحدودة: رزقٌ يصل إلى الرائي وأولاده، استلهاماً من قصة إنزال المائدة. الربط بالمصادر الثقافية والشرعية
- القرآن الكريم: قصة “المائدة” في دعاء الحواريين تدل على رزقٍ وبركةٍ واستجابةٍ للدعاء؛ لذلك حملَ أهلُ التعبير رؤيةَ المائدة على رزقٍ يصل للرائي ولأولاده، وعلى الفرج بعد العسر لمن رأى تلاوة آياتها في المنام . كما أن من قرأ سورة المائدة في المنام يعلو شأنُه ويقوى يقينُه ويَحسن ورعُه عند ابن سيرين، مما يدعم كون رمز المائدة متعلّقاً بالدين واليقين والعطاء.
- السنة والسير: وردت رؤيا فيها “مائدة منصوبة ومنبر سبع درجات” فعبّرها النبي صلى الله عليه وسلم بأن المائدة السلام، والمرجُ الجنة، والمنبر سبع درجات لبقاء الدنيا، وفيها دعوة الناس إلى السلام والجنة، وهو ما يقوّي تأويل المائدة بالدين والدعوة والاجتماع على الخير.
- عند المعبّرين:
- ابن سيرين: المائدة رجلٌ شريفٌ سخيّ، والقعود عليها صحبته، والأكل منها انتفاعٌ به؛ وقد تُحمل على الدين، أو على امرأة الرجل، وعلى المشورة التي تحتاج أعواناً، وعلى غنيمةٍ في خطر، ورفعُها انقضاء تلك الغنيمة أو تمام الأجل عند بعضهم. وكثرة الرغفان علامةُ كثرة المودة، وبسطُ الطعام استخفافٌ بالنعمة إن دلّت القرائن.
- النابلسي: المائدة نعمةٌ ورغدُ عيشٍ وإجابةُ دعوةٍ ونصرٌ على الأعداء، وهي معيشةٌ لمن كانت له، ورفعها نفادُ العمر، والزحام عليها كثرةُ العيال، واجتماعُ الأضداد عليها علامةُ حربٍ، وهي أيضاً ميدانُ اللقاء والدين، ومن كان معه رجال على المائدة آخيَ أقواماً على سرور مع احتمال منازعةٍ في المعاش. التفسير النفسي والحياتي
- المائدة صورةٌ للموارد والعلاقات الاجتماعية: امتلاؤها وترتيبها يعكسان شعور الرائي بالوفرة والتنظيم في حياته، والزحام عليها ترجمةٌ لشعوره بكثرة المسؤوليات أو أفراد الأسرة.
- ظهور الأضداد أو أطعمةٍ قاسية دلالةُ توترٍ وصراعاتٍ مكتومة في محيطه.
- رفع المائدة قد يجسّد خوفاً داخلياً من انقطاع موردٍ أو انتهاء مرحلةٍ مهمة؛ فإن تكرّرت الرؤيا مع قرائن سلبية، نُصح الرائي بالادّخار وحسن التدبير.
- إن جاء في الرؤيا ذكرُ سورة المائدة أو آيتها، فقد يكون عقله الباطن يستدعي معنى الطلب من الله ورجاء الفرج، وتأكيد قيمة العطاء وإطعام الطعام.
نصائح عملية
- إن كانت المائدة طيبةً عامرة: احمد الله على النعمة، ووسّع دائرة الإحسان وصِلة الرحم، وثبّت مواردك المشروعة، فذلك يوافق دلالة النعمة والمودة المذكورة عند أهل التعبير.
- إن ظهر نزاعٌ أو أضدادٌ على المائدة: أصلِح ذاتَ البين، وادفع بخلقٍ حسن، وخفّف أسباب التوتر قبل أن تتفاقم الخصومة، وهو أولى بالترجيح من حملها على الشر المحض.
- إن رُفعت المائدة أو بدا نقصُها: اعمل بالأسباب في الرزق، وقلّل الهدر، وأكثر الدعاء بالبركة والدوام، فالمنام لا يُبنى عليه حكمٌ لكنه يوجّه للاتّعاظ وحسن التدبير.
هذا التعبير على وجه الظن والاجتهاد، والصواب من الله.
المراجع
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1218-1219.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1217-1218.
عن المصادر
الكتاب المنسوب لابن سيرين هو مدونة تفسيرية جُمعت عبر أجيال، ونسبتها لابن سيرين محل خلاف بين المحققين.
