تفسير الغناء في المنام لابن سيرين والنابلسي ومعانيه
ما دلالات الغناء في المنام؟ يوضح ابن سيرين والنابلسي أن حسن الصوت والتوقيت يدلّان على نفع وتجارة، بينما الغناء الرديء أو في موضع غير لائق ينذر بخصومة وفضيحة.
تفسير محمد بن سيرين
وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن الغناء له دلالات متعددة.
يبيّن ابن سيرين أن الغناء الطيب يدل على تجارة رابحة، بينما الغناء غير الطيب يدل على تجارة خاسرة . ويفيد أن بعضهم قال إن المغني قد يمثل عالماً، أو حكيماً، أو مذكراً .
يذكر محمد بن سيرين أن الغناء في الأسواق للأسوياء يعني فضائح وأموراً قبيحة يقعون فيها، أما للفقير فيدل على ذهاب عقله . ويشير إلى أنه إذا رأى الشخص موضعاً يغنى فيه، فإنه قد يقع فيه كذب، أو يفرق بين الناس، أو يدل على كيد حاسد كاذب . كما يوضح أن الغناء في الصلاة يدل على صخب ومنازعة . وينقل ابن سيرين عن قول آخر أن الغناء في الحمام يمثل كلاماً مبهماً .
ويذهب إلى أنه إذا رأى الشخص أنه يغني قصائد بلحن حسن وصوت عال، فإن ذلك خير لصاحب الرؤيا ولمن يستمع إليه . أما إذا غنى غناءً رديئاً، فهو يدل على بطالة ومسكنة . ويورد ابن سيرين أن المشي في الطين والغناء معاً خير، خاصة لمن يبيع العيدان .
ويشير ابن سيرين إلى أن الغناء قد يدل على صخب ومنازعة، وذلك بسبب تبدل الحركات في الرقص . كما يذكر أن إنشاد أشعار الغزل يفسر على أنه ولاية باطلة .
تفسير عبد الغني النابلسي
وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن الغناء في المنام يُعد كلامًا باطلاً ومصيبة.
ويوضح النابلسي أنه إذا كان الصوت طيبًا، فإنه يعبر عن تجارة نافعة، أما إذا كان الصوت غير طيب، فهو دلالة على تجارة خاسرة. ويشير إلى أن المغني نفسه قد يمثل في المنام شخصية حكيمة، أو عالمًا، أو مذكرًا، أو خطيبًا.
ويبيّن المؤلف أن من رأى أنه يغني قصائد بلحن حسن وصوت عالٍ، فإن ذلك يُعد حسنًا لأصحاب الغناء والألحان والموسيقى. كما يذكر أن الغناء الرديء يدل على البطالة والمسكنة.
ويفيد النابلسي أن من رأى نفسه يمشي في الطريق ويغني، فإن ذلك خير، حيث يدل الغناء في الطريق على طيب عيش صاحب الرؤيا وفرحة نفسه. ثم يذكر أن الغناء في الحمام يدل على أن كلام الرائي غير مبين، وقد يشير إلى خصام نظرًا لعدم وضوح معنى الغناء في ذلك المكان.
ويوضح المؤلف أن الغناء في السوق أو الرحبة له تأويلات مختلفة؛ فهو للأغنياء يعتبر رديئًا ويدل على الوقوع في فضائح وأمور قبيحة، أما بالنسبة للفقراء فيدل على ذهاب عقولهم. ويستثني النابلسي أن الغناء في السوق لمن كان من الأتقياء يدل على حضوره في فتنة تقع في ذلك السوق، وأن غناء الأراذل فيه يدل على نقص في عقولهم.
كما يذهب عبد الغني النابلسي إلى أن رؤية موضع يُغنى فيه تؤول بوقوع كذب هناك يفرق بين الأحبة بكيد حاسد. ويضيف أن الغناء في المنام بشكل عام، والذي قد يكون مرتبطًا بتبدل الحركات في الرقص، يدل على شر ومنازعة.
تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)
التأويل: الغناء في المنام تتباين دلالته باختلاف الحال: فإن كان بصوت حسنٍ وفي موضع لائق دلّ على نفع ورزق وتجارة راجحة أو حُسن ذكر، وربما كان الرائي صاحب تذكيرٍ وحكمة. أما إن كان الغناء رديئًا أو في موضع لا يليق كالسوق أو الحمّام فيؤول إلى بطالةٍ ومسكنة وخصومة وفضيحة، وللفقير قد يدل على ذهاب عقله، وفي الصلاة صخب ومنازعة، وفي المواضع التي يكثر فيها اللهو كذبٌ وتفريقٌ بين الأحبة بكيد حاسد. ومن غنّى في الطريق فذلك خيرٌ وانشراح. وكلّ ذلك يُحمَل على حال الرائي وبيئته وما يغلب على قلبه.
التحليل المفصّل:
- الرموز والعناصر الرئيسة:
- الغناء ذاته: من وجوهه كلامٌ ولهو، وقد يرمز أحيانًا إلى العلم والحكمة والخطابة إن كان منظومًا وحسنًا. وصفه ابن سيرين بأنه إن كان طيّبًا دلّ على تجارة رابحة، وإلا فعلى تجارة خاسرة، وقيل المغني عالم أو حكيم أو مذكّر أو خطيب . وقرّر النابلسي أنه كلام باطل ومصيبة إذا خلا من الحسن والموضع الملائم، فإن حَسُن الصوت دلّ على تجارة نافعة، وإن قَبُح كان خسرانًا.
- جودة الصوت: الصوت الجميل علامة نفعٍ وربح لأهل الصنعة ولمن وافق حاله ذلك، والرديء يدل على بطالة ومسكنة.
- المكان:
- السوق: رديء للأغنياء وفضائح، وللفقير ذهاب عقل، وقد يشهد التقيّ فيه فتنة تقع بالسوق.
- الطريق: خير وانبساط نفس للرائي.
- الحمّام: كلام مبهم ونزاع لخفاء المعنى في ذلك الموضع.
- موضع يكثر فيه الغناء: يقع فيه كذب وتفريق بين الأحبة بكيد حاسد كاذب.
- في الصلاة: صخب ومنازعة، فلا يُحمد.
- الملابسات المصاحبة: الغناء كثيرًا ما يقترن عند ابن سيرين بصخبٍ ونزاع بسبب تبدّل الحركات في المرقص، كما أن ضرب آلات اللهو كالعُود والصَّنْج والطبل صوته باطل ويدل على مصائب وغمّ إن اقترن بصراخ ورقص، وهي سياقات تزيد جانب التحذير إن وردت في المنام مع الغناء.
- الربط بالمصادر العربية والإسلامية:
- من جهة لسان العرب والعرف: الغناء في لسان العرب من اللهو، وقد يُستعار للتذكير والخطابة إذا كان موزونًا حسن الأداء؛ لذلك جمع المعبرون بين كونه لهوًا إن خلا من الحكمة، وكونه حكمة وتذكيرًا إن حَسُن موضوعه وأداؤه.
- من جهة أقوال المعبّرين:
- ابن سيرين: الغناء الطيّب تجارة رابحة، والرديء تجارة خاسرة، والسوق موضع فضائح للأغنياء وذهاب عقل للفقير، وموضع الغناء علامة كذب وتفريق، وفي الصلاة صخب ومنازعة، وفي الحمّام كلام مبهم، والمغنّي قد يكون عالمًا أو حكيمًا أو مذكّرًا، ومن غنّى بلحن حسن وصوت عالٍ فهو خير لأهل ذلك، والرديء بطالة ومسكنة.
- النابلسي: الغناء كلام باطل ومصيبة، إلا أن حسن الصوت تجارة نافعة، والرديء خاسر، والطريق خير، والسوق رديء للأغنياء وذهاب عقل للفقير، والحمّام يدل على اختلاط الكلام وخصام، وموضع الغناء علامة فتنة وكذب يفرّق بين الأحبة.
- سياق اللهو وآلاته: ذكر ابن سيرين أن ضرب العود كذب، وصوت الطبل باطل، وإذا اجتمع الزمر والرقص والصراخ دلّ على مصيبة؛ وهذه القرائن تقوّي حمل الغناء في بعض الصور على النزاع والبلاء إن اجتمعت هذه الملابسات في الرؤيا.
- التأويل النفسي والحياتي المحتمل:
- الغناء بصوت حسن قد يعكس حاجة داخلية للتعبير عن الذات، أو شعورًا بالإنجاز والقبول الاجتماعي، وربما بشارة بانفراجٍ مهني أو مالي لمن كانت نيّته واهتمامه في الواقع نحو مشروعٍ تجاري أو إنجازٍ فني، خاصة إذا كان الرائي من أهل الأداء أو التعليم أو الخطابة (لِما في الغناء من إيحاء بالبيان وحسن الإلقاء).
- الغناء الرديء أو في موضع غير مناسب قد يعكس تشتّتًا أو اندفاعًا في التعبير، أو رغبة في لفت الانتباه على حساب الانضباط، وقد ينبه الرؤيا إلى مخاطر الخوض في مجالس اللغو والخصومات أو الوقوع في الشائعات التي تفرّق بين الأحبة، وهي رسالة إلى ضبط اللسان والانفعال وتجنّب مواطن الفتنة.
- إن كان الرائي منشغلًا بالغناء والموسيقى في اليقظة، فقد يكون المنام من حديث النفس، يعكس ما يملأ البال من هواية أو مهنة؛ وهنا يُنظر إلى جودة الأداء ومكانه في المنام كمؤشر على الرضا الداخلي أو القلق الاجتماعي.
نصيحة وخلاصة عمل:
- لتمام التعبير نحتاج تفاصيل: من الغاني؟ ما نوع الصوت؟ ماذا كان يُقال؟ أين كان الموضع؟ من الحضور؟ وما حالك الديني والمهني؟ هذه القرائن تغيّر المعنى كثيرًا بين البشارة والتحذير.
- إلى أن تتضح التفاصيل: إن كان ما رأيته غناءً حسنًا في موضع لائق فاستبشر بنفعٍ ورزقٍ وحسن ذِكر، واجعل لسانك رطبًا بالذكر لتثبت النعمة. وإن كان رديئًا أو في موضع فتنة فخذها نصيحة بكفّ اللسان عن اللغو والخصومة واجتناب مجالس الشبهات، واستكثر من الاستغفار والدعاء.
- تذكير: الرؤيا حق لكنها ظنٌ واجتهاد، ولا يُبنى عليها حكمٌ شرعي، والتوفيق من الله.
المراجع
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 100-101. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 44-45. ISBN: 9789953724072.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 923-924.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 924-925.
بيان منهجي
ملاحظة حول النسبة: نُشير إلى أن نسبة كتاب "تفسير الأحلام الكبير" لمحمد بن سيرين محلّ نقاش تراثي بين المحققين، وأن الكتاب المتداول هو مدونة تفسيرية منسوبة لابن سيرين رحمه الله، جُمعت ونُقلت عبر أجيال من المفسرين. نتعامل معه باعتباره مرجعًا تراثيًا في علم تعبير الرؤى، دون القطع بصحة النسبة التاريخية الكاملة.
