تفسير الداء في المنام: معاني المرض والشفاء لابن سيرين

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن تأويلات تتعلق بالداء والمرض تختلف بحسب حال الرائي وسياق الرؤيا.

ويرى ابن سيرين أن الأمراض (المراض) بشكل عام ترتبط بالدين، مستشهداً بقوله تعالى: "في قلوبهم مرض"، إلا أنها قد تدل أيضاً على صحة البدن . ويوضح أن رؤية المرء لنفسه مريضاً تحمل تأويلات متعددة؛ فهي دليل على الفرح والنصر ونيل المال لمن كان مكروباً، بينما تشير للغني إلى الحاجة . كما يذهب إلى أن رؤية المرء لنفسه مريضاً تعني وقوعه في خصومة، وأن وجود طبيب في المنام يدل على معين له ضد هذه الخصومة . إلا أنه يخص جنود الأمة، فيذكر أن رؤية أحدهم نفسه مريضاً تعني موته .

ويضيف ابن سيرين أن نقصان المرض عن الرائي في المنام يدل على نقص في دينه .

وبخصوص أمراض وأعراض محددة، يفيد ابن سيرين أن المرض في الجبهة ينذر بنقصان في الجاه . ويشير إلى أن الصمم يفسر بفساد في الدين . كما يوضح أن الرمد (التهاب العين) يدل على إعراض صاحبه عن الحق ووقوع فساد في دينه بقدر شدته، وقد يشير أيضاً إلى اقتراب الغنى، وكل نقصان في البصر يعد نقصاناً في الدين. ويمكن أن يدل الرمد أيضاً على غم يصيب الرائي من جهة ولده .

ويرى ابن سيرين أن رؤية الوباء في المنام تنذر بأن ملك العصر سيقمع الناس أو يحبسهم أو يؤذي المستورين . ويفيد أن أي شراب أصفر اللون في المنام يعد دليلاً على المرض . ويشير إلى أن الدواء ذو الطعم الكريه الذي يصعب ابتلاعه، فيشير إلى مرض يسير يعقبه شفاء .

من جانب آخر، يذكر ابن سيرين أن رؤية الزوجة مريضة تدل على حسن دينها . وإن رأى المريض نفسه مشرفاً على النزع ثم مات وتزوجت امرأته، فإنه يؤول بموته على كفر .

ويلفت ابن سيرين الانتباه إلى أن رؤية المريض نفسه مغطى بالدم، أو راكباً بعيراً أو حماراً أو خنزيراً أو جاموساً، أو يرى نفسه سميناً أو طويلاً أو عريضاً، أو يرى الغنم والبقر من بعيد، أو يرى الاغتسال بالماء، فكل هذه الرؤى تعتبر دليلاً على الشفاء والعافية للمريض. وكذلك شرب الماء العذب، أو لبس الإكليل، أو صعود شجرة مثمرة أو ذروة جبل، تشير إلى الشفاء .

ويذكر ابن سيرين أن رؤية الجندي يرتدي ثياباً سوداء تدل على مرض أو حزن .

وفي سياق مختلف، يفيد ابن سيرين أن رؤية المرء مسقياً سماً فتورم وانتفخ وصار فيه قيح، فإن ذلك ينبئ بحصول مال بقدر ذلك، وإن لم ير القيح نال غماً وكرباً. أما السموم القاتلة، فإنها تدل على الموت .

تفسير عبد الغني النابلسي

وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن الداء في المنام قد يدل على مرض يسير يعقبه برء . ويبيّن النابلسي أنه إذا رأى الشخص في منامه أن به داء، فهذا يدعو إلى التداوي، ويُتوقع له الشفاء بإذن الله تعالى .

ويفصّل النابلسي تفسير بعض الأمراض المحددة، فيشير إلى أن "داء الثعلب" في المنام يدل على زوال منصب الرائي . كما يذهب إلى أن "داء الفيل" يرمز إلى حب الدنيا من غير وجهها الصحيح .

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: رؤية الداء في المنام تُحمل – في الغالب – على ابتلاءٍ عارضٍ يتبعه تيسيرٌ وبرء إذا ظهرت معه أمارات السعي للتداوي؛ فمتى رأى الرائي ما يدل على العلاج أو الغُسل أو الماء النافع، فهي بشارة بصلاح الحال والشفاء بإذن الله، إذ إن الدواء في الرؤيا يدل على الصلاح والتوبة والنفع، والغُسل قرينُ زوال الأسقام وعودة العافية، بينما يُعدّ شرب ما لونه أصفر علامةً على عارضٍ يُحتاج معه إلى الاحتراز والأخذ بالأسباب. تحليل الرموز والعناصر:

• رمز الداء: يدل على ابتلاءٍ أو همٍّ يحتاج إلى معالجة، وتُستخرج دلالته من القرائن المصاحبة له في المنام.
• رمز الدواء: نصّ أهل التعبير على أنه صلاحٌ في الدين ونفعٌ بالعلم أو عودة استقامة الحال، وأن مُرَّه أو ما يشقّ ابتلاعه يدل على عارضٍ يسيرٍ يعقبه برء وفرج، وكل شراب أصفر اللون علامة مرض وتنبيه للاحتراز.
• رمز الدواة: مما يُلحق بالدواء؛ فمن رأى الدواة وبه داء اتجه إلى التداوي وبرئ إن شاء الله، وفيه إيماءٌ صريحٌ إلى أن الداء يعقبه علاجٌ وشفاءٌ لمن أخذ بالأسباب.
• رمز الغُسل بالماء: من أمارات زوال المرض والهم وتجدد العافية؛ وقد ساق أهل التعبير في الباب آية قصة أيوب عليه السلام: هذا مغتسل بارد وشراب، دلالةً على البرء بطبعه. الربط بالموروث العربي والإسلامي:
• جاء في كتب التعبير المعتمدة أن الدواء في المنام “صلاحٌ في الدين” ونفعٌ للمريض، وأن ما كان مُرّ المذاق يدل على مرضٍ يسير يعقبه برء، وكل شرابٍ أصفر اللون دليلُ مرضٍ يحتاج معه الرائي للاحتياط، وهذه قواعد عامة يُبنى عليها تعبير “الداء” إذا ورد مُفردًا أو مقترنًا بقرائن العلاج.
• كما أن الغسل من علامات الشفاء ورفع البلاء، واستُدل له بذكر المغتسل البارد في قصة أيوب عليه السلام، وهو شاهدٌ شرعي تستأنس به دلالةُ التعافي بعد البلاء. التفسير النفسي والحياتي المحتمل:
• “الداء” في المنام قد يُمثل ضغطًا نفسيًا أو إرهاقًا بدنيًا أو عاطفيًا يتطلب عنايةً ذاتية واستراحة، وهو يرمز أحيانًا إلى مشكلةٍ مؤجلة بحاجةٍ إلى مواجهةٍ مباشرة وخطة علاج (طبية أو سلوكية).
• رؤية أمارات التداوي (دواء، طبيب، غُسل، ماءٌ عذب) تميل إلى معنى التعافي واتساع الفرج، وتحثّ على الأخذ بالأسباب الواقعية: فحصٌ طبي عند اللزوم، تعديل نمط الحياة، وطلبُ الدعم ممن يُعين.

حالات تطبيقية مختصرة:

• من رأى الداء مجردًا مع ظهور دواءٍ أو شروعٍ في علاج: تُبشّر بزواله وقرب العافية بإذن الله.
• من رأى أنه يشرب شرابًا أصفر اللون: تنبيهٌ إلى عارضٍ صحّي أو نفسي؛ الأصل فيه الاحتراز والكشف المبكر وتخفيف المُجهدات.
• من رأى أنه اغتسل وتبدلت ثيابه أو انتقل إلى ماءٍ بارد نافع: علامةُ شفاءٍ ورفع همّ، ويُستأنس لها بقصة أيوب عليه السلام المذكورة في باب الغسل. تنبيهات ونصيحة:
• إن كان في يقظتك ما يوافق “حديث النفس” من قلقٍ على الصحة أو متابعة فحوصٍ، فقد تكون الرؤيا انعكاسًا لذلك. ومع هذا، فالمعنى الأحسن عند ظهور قرائن العلاج هو رجاء الشفاء وزوال الكرب.
• لا يُبنى على المنام حكمٌ شرعي ولا تقريرٌ طبّي. إن أحسست بعرضٍ واقعي فاستشر أهل الاختصاص، واجمع بين الدعاء والأخذ بالأسباب.
• إن كانت لديك تفاصيل أدق (موضع الداء، لونه، هل صاحبته رؤية دواء أو طبيب أو ماء، زمن الرؤيا)، كانت أدعى لضبط التأويل وفق القواعد.

المراجع

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 85. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 91-92. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 111-112. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 86-87. ISBN: 9789953724072.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 433-434.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 431.

بيان منهجي

ملاحظة حول النسبة: نُشير إلى أن نسبة كتاب "تفسير الأحلام الكبير" لمحمد بن سيرين محلّ نقاش تراثي بين المحققين، وأن الكتاب المتداول هو مدونة تفسيرية منسوبة لابن سيرين رحمه الله، جُمعت ونُقلت عبر أجيال من المفسرين. نتعامل معه باعتباره مرجعًا تراثيًا في علم تعبير الرؤى، دون القطع بصحة النسبة التاريخية الكاملة.