الوضوء في المنام: معانيه عند ابن سيرين والنابلسي الشاملة
تعرّف على تفسير الوضوء في المنام عند ابن سيرين والنابلسي: أمان وقضاء حاجات وتفريج هم عند كماله، ومعاني التعذّر، ودلالات المكان ونوع الماء.
تفسير محمد بن سيرين
وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن رؤية الوضوء في المنام تحمل عدة تأويلات.
يذكر ابن سيرين أن من رأى كأنه يتوضأ بوضوء للصلاة، فإن ذلك يُعد أمانًا من الله تعالى . كما أفاد بأن الوضوء في المنام قد يدل على أداء أمانة، أو قضاء دين، أو إقامة شهادة . ويورد أن الوضوء قد يكون سببًا للنجاة من عذاب القبر، مستشهدًا برواية عن النبي صلى الله عليه وسلم رأى فيها رجلًا أنقذه وضوءه من العذاب .
ويبيّن ابن سيرين أنه إذا رأى الشخص أنه يتوضأ أو يغتسل في سرب، فإنه سيظفر بشيء كان قد سُرق منه . وإذا رأى أنه توضأ ثم دخل في الصلاة، فهذا يعني خروجه من الهموم وشكره لله على الفرج .
من ناحية أخرى، يشير ابن سيرين إلى أن من رأى أنه يتوضأ بما لا يجوز الوضوء به، فهو في هم ينتظر الفرج ول يناله . وإذا رأى شخص أنه يصلي بغير وضوء، فإن التأويل يختلف حسب حاله: فإن كان تاجرًا، فإنه سيتجر من غير رأس مال ؛ وإن كان أميرًا، فلن تجتمع له الجنود ؛ وإن كان محترفًا، فلن يستقر له قرار . كما أن رؤية الصلاة بغير وضوء في مكان لا تجوز فيه الصلاة تدل على حيرة في الأمر وعدم إيجاد الخلاص .
ويضيف ابن سيرين أنه إذا فات المصلي وقت الصلاة ولم يتم وضوءه أو تعذر عليه ذلك، فإن أمره الذي يطلبه لن يتم، إلا إذا رأى أنه أتم وضوءه سابغًا . وإذا رأى أنه أتم وضوءه بما لا يجوز به الوضوء، فإنه يُعتبر بمنزلة من لم يتم وضوءه .
تفسير عبد الغني النابلسي
وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن رؤية الوضوء في المنام تحمل دلالات متعددة.
يذكر النابلسي أن الوضوء على الوضوء بما يجوز به شرعاً هو نور على نور، وقد يدل على قضاء الحوائج، فإذا كمل دل على بلوغ القصد . ويوضح المؤلف أنه إذا أتم الرائي وضوءه، فإن كان مهموماً فرّج الله همه، وإن كان خائفاً أمنه الله مما يخاف، وإن كان مريضاً شفاه الله، وإن كان مديوناً قضى الله دينه، وإن كان مذنباً كفر الله ذنوبه .
وفي المقابل، فإن من لم يتم وضوءه وتُعذّر عليه ذلك، فإن أمره الذي يطلبه لا يتم، لكن يُرجى له النجاح من قبل الوضوء . ويبين المصنِّف أن تعذر الوضوء أو طلبه دون إيجاده يدل على عسر في الأمر حتى يتوضأ ويتمه، فيسهل عليه .
ويرى النابلسي أن الوضوء بما لا يجوز به شرعاً، كاللبن أو العسل، يدل على الدين، معتبراً الوضوء نفسه أماناً من الله تعالى . ويشير إلى أن الوضوء من ماء عين، طالما أنه نظيف ويجوز به الوضوء للصلاة، فهو خير، سواء كان صافياً أو كدراً، حاراً أو بارداً، لأن تأويل الوضوء أقوى من اختلاف مخارج الماء . بيد أنه ينبه إلى أن من توضأ بماء سخن أو اغتسل به أو شربه، أصابه هم أو مرض .
ويذكر النابلسي تفاصيل تتعلق بمكان الوضوء؛ فمن توضأ في فراشه وهو مريض مرضاً شديداً، دلت رؤيته على مفارقة زوجه أو صديقه . وإن توضأ في بيته الذي يسكنه، فدليل على أنه لن يسكن فيه . أما الوضوء في الأسواق العامرة أو الحمامات، فيدل على غضب الله وملائكته، وفضيحة وخسارة عظيمة، وظهور ما يخفيه . في حين أن الوضوء في مزبلة أو شط البحر في مكان عام يدل على خفة وذهاب الهم والوجع .
ومن ناحية أخرى، إذا رأى أنه توضأ على رأس صاحبه، فقد ورثه واحتوى على متاعه . وإن رأى أن صاحبه توضأ على رأسه، أصابه منه ضرر شديد وفضيحة وغم . ويفيد المؤلف أن الوضوء قد يدل على أمانة يؤديها، أو دين يقضيه، أو شهادة يقيمها . كما أن الوضوء في سرب أو الاغتسال يفسر بالظفر بشيء مسروق . وإن توضأ ثم صلى، دل ذلك على الخروج من الهم وحمد الله .
ويذهب المصنف إلى أن من صلى بغير وضوء، فإن كان تاجراً دل على تجارة بلا رأس مال، وإن كان صانعاً دل على عدم وجود مأوى، وإن كان صاحب ولاية دل على فقدان الجند . وإن صلى بغير وضوء في مكان غير لائق كالمزبلة، فإنه متحير في أمر لا يزال عنه .
تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)
التأويل رؤية الوضوء في المنام تُبشّر بالأمان والستر وقضاء الحاجات، وتلوح بدفع الهمّ وتكفير الذنب إذا تمّ الوضوء وأُحسن، وهو عند أهل التعبير “نور على نور” إذا كان على وضوء قبله، ويُفهم منه تفريج للمهموم، وأمنٌ للخائف، وشفاءٌ للمريض، وقضاءٌ للدَّين للمَدين، وتوبةٌ للمذنب بإذن الله. أمّا تعذّر إتمامه أو الوضوء بما لا يَصحّ شرعًا فيدلّ على تعسّر الأمر وتأخّر الفرج، والصلاة بلا وضوء علامة عملٍ لا عُمْدة له أو مسعى لا يتمّ نفعه لصاحبه. ويتقوّى خيرُه إذا أعقبه صلاة، ويَضعف إذا كان في موضع لا يليق أو بماءٍ مُسخّن لما فيه من دلالة همٍّ ومرض.
تحليل الرموز والعناصر
-
أصل الرمز ومعناه:
- الوضوء في التأويل أمان من الله وقضاءُ حاجة إذا كَمُل، وهو صالح في كل الأديان، ووصفه أهل التعبير بأنه “نور على نور” إذا كان على وضوء سابق. كما يُرمَز به إلى أداء أمانة أو قضاء دين أو إقامة شهادة. وإن تمّ الوضوء عُني به تفريج الهم وأمن الخائف وشفاء المريض وقضاء الدين وتكفير الذنب. وإن لم يتمّ، لم يتمّ الأمر الذي يُطلب.
- عند ابن سيرين: “من رأى أنه يتوضأ وضوءه للصلاة فإنه أمان من الله تعالى”.
-
قرائن تُغيّر الدلالة:
- الوضوء بما لا يصحّ شرعًا (كاللبن والعسل): يدلّ على جهدٍ ومشقّة ينتظر صاحبُه الفرج ولا يناله حتى يستقيم سببُه.
- إتمام الوضوء بعد التعذّر: تحوّلٌ إلى السهولة وبلوغُ المقصود.
- الوضوء ثم الصلاة: خروجٌ من الهم وحمدٌ لله.
- الصلاة بلا وضوء: للتاجر تجارةٌ بلا رأس مال، ولصاحب الولاية لا يجتمع له الجند، وهي علامة حيرة إن كانت في موضعٍ لا تجوز فيه الصلاة.
- مكان الوضوء:
- في سِرْبٍ (موضع خفي) أو مع الاغتسال: ظفرٌ بشيءٍ مسروق.
- في الأسواق أو الحمّامات: غضبٌ وفضيحة وخسارة وظهور ما يُخفى.
- في الفراش مع مرض شديد: فراقُ زوجةٍ أو صديق.
- نوع الماء:
- الماء المسخّن: همٌّ ومرض.
الاستناد إلى المأثور العربي والإسلامي
- جاء في تعبير النابلسي: “الوضوء على الوضوء بما يجوز به الوضوء فإنه نور على نور… فإن كمل الوضوء دل على بلوغ قصده… والوضوء صالح في كل الأديان وأمان من الله تعالى… ومن رأى أنه أتم وضوءه فإن كان مهموماً فرّج الله همه، أو خائفاً أمّنه الله، أو مريضاً شفاه الله، أو مديناً قضى الله دينه، أو مذنباً كفّر الله عنه ذنوبه”؛ و”إن لم يتم وضوءه لا يتم أمره”، و”من صلى بغير وضوء… فذلك عمل لا عمدة له”، و”الوضوء بما لا يجوز به شرعًا جهدٌ ينتظر الفرج منه”. كما ذكر دلالة المكان ونوع الماء كما سبق.
- وعند ابن سيرين: “من رأى أنه يتوضأ وضوءه للصلاة فإنه أمان من الله تعالى”، وفي الغالب يُفهم الاغتسال وقضاء الحاجات وكشف الهموم على نسقٍ واحد من الطهر والاستعداد للعبادة.
التفسير النفسي والحياتي الممكن
- الوضوء رمزٌ للتطهّر الداخلي وتجديد النيّة وبدايةٍ أنظف؛ فقد يعكس رغبة الرائي في تصحيح مساره، أو التحرّر من تبعات ذنبٍ أو قلقٍ متراكم. إتمامُه إشارة إلى الاستعداد والنضج لإنهاء أمرٍ معلّق، بينما تعذّرُه يَصوّر عراقيلَ موضوعية أو تشتّتًا يمنع إنجاز المهام.
- الوضوء في موضع لا يليق أو بماءٍ مُسخّن قد يعبّر عن ضغطٍ نفسي وبيئةٍ مكشوفة تُفضي إلى حرجٍ أو انكشاف سرّ؛ والوضوء يعقبه صلاة يشي بحصاد ثمرة الجهد وطمأنينة القلب بعد ترتيب الأولويات. وهذه المعاني توافق قاعدة أهل التعبير في ردّ الألفاظ إلى معهود اللسان والعرف: الطُّهرُ للنقاء، والتمامُ للبلوغ، والتيسيرُ بعد العُسر. ويقوّيها ما ذكره النابلسي من تفريج الهم وقضاء الدَّين عند كمال الوضوء.
نصيحة
- إن رأيت الوضوء تامًا فاستبشر بخيرٍ، واعمل على تثبيت أسبابه: إصلاح ما أمكن، أداء الأمانات والديون، والدعاء وشكر النعمة. وإن كان ناقصًا أو في موضعٍ لا يليق، فرتّب شؤونك وأغلق أبواب الفوضى، واستعن بالله حتى تتهيأ الأسباب. دليلُ الخير يُقدَّم ما أمكن، والتعبير ظنٌّ واجتهاد، والصواب من الله.
المراجع
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 38-39. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 286. ISBN: 9789953724072.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1357-1358.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1358-1359.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1359-1360.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 862-863.
عن المصادر
الكتاب المنسوب لابن سيرين هو مدونة تفسيرية جُمعت عبر أجيال، ونسبتها لابن سيرين محل خلاف بين المحققين.
