تفسير المشتري الشاري في المنام: دلالات البيع والرزق

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، يختلف تأويل رؤيا البيع والشراء بحسب اختلاف المبيع وأحوال الرائي.

يوضح ابن سيرين أن البائع والمشتري يختلفان في التأويل . ويشير إلى أن رؤية الشخص نفسه يبيع أو يشتري شيئًا تدل على أنه مضطر ومحتاج، فالإنسان لا يبيع إلا عند الاضطرار، والاضطرار يدفع الإنسان إلى الحيل .

ويرى محمد بن سيرين أن شراء شيء محبب هو تدبير ينجي الرائي مما يجاذره . أما إذا اشترى شيئًا مكروهًا، فإن هذا التدبير يُعد خطأً وسينال منه هم وحزن .

وفي المقابل، إذا باع الرائي شيئًا من نوع محبب، فيشير ذلك إلى وقوع تشويش واضطراب، ولكنه يرجو بذلك ظفرًا ونجاة من المهلكة . أما بيع شيء مكروه، فلا خير فيه .

كما يبين ابن سيرين أن ما يكون شرًا للبائع في الرؤيا يكون خيرًا للمبتاع (المشتري)، وما كان خيرًا للبائع فهو شر للمبتاع .

وإذا رأى الشخص كأنه يُباع أو يُنادى عليه، فإن كان مشتريه رجلًا أصابه هم، وإن اشترته امرأة نالت سلطانًا أو عزًا وكرامة . وأشار إلى أن كلما كان ثمن المبيع أكثر، كان أكرم . ويذهب إلى أن البيع في الرؤيا يقتضي إكرام المبيع، مستشهدًا بقوله تعالى في قصة يوسف عليه السلام: "وقال الذي اشتراه من مصر لمراته اكرمي مثواه" .

وقد يذهب ابن سيرين إلى أن البيع قد يدل على زوال ملك، حيث يصبح البائع مشتريًا والمشتري بائعًا . كما يعتبر البيع إيثارًا على المبيع، فمن باع ما يدل على الدنيا آثر الآخرة عليها، وإن باع ما يدل على الآخرة آثر الدنيا عليها، أو استبدل حالًا بحال على قدر المبيع والثمن . ويذكر أن بيع الحر يدل على ذلته وسوء عاقبته، وذلك بقصة يوسف عليه السلام .

وفي حالة شراء الحنطة من حناط، يفيد ابن سيرين أن ذلك يطلب الرائي به ولاية من سلطان . وأفاد أيضًا أن من رأى أنه باع شيئًا ولم يرَ ثمنه، فإنه يتزهد في الدنيا ويشكر الله على نعمه، لأن ثمن كل شيء هو شكره .

تفسير عبد الغني النابلسي

وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن رؤية كوكب المشتري في المنام لها دلالات متعددة.

ويرى النابلسي أن رؤية المشتري مع القمر تدل على البيع والشراء، والرزق، وعلو الشأن . أما إذا كان المشتري مع القمر في حالة انحطاط أو هبوط أو احتراق، فإن النابلسي يشير إلى أنها تدل على القراء، أو القصاص، أو المجالس، أو المحدثين، ومعبري الرؤيا، والشعر المطرب، والصلاة، والصوم، والعبادة، والحج .

وحول فعل الشراء نفسه، يوضح عبد الغني النابلسي أن من رأى أنه يشتري شيئًا أو يبيع شيئًا، فإنه يكون مضطرًا ومحتاجًا، وذلك لأن الإنسان لا يبيع إلا عند اضطراره لشيء، والاضطرار يحوج الإنسان إلى الحيل . ويذكر النابلسي كذلك أن كلمة "مشتر" في المنام تعني مضطرًا .

كما يفيد النابلسي أن الشراء في المنام هو بيع . ويضيف أنه إذا رأى الشخص أنه اشترى جارية، فهذا يدل على انخراطه في تجارة . وإن ماتت هذه الجارية، فلا يحصل للرائي في تجارته إلا الغم والعناء .

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: إذا رأيت في منامك “المشتري الشاري” أو كنت أنت المشتري، فالغالب أنه يدل على وقوعك في حاجة أو اضطرار يدفعك لاتخاذ قرار أو دخول معاملة، وقد يكون في بعض الصور بشارة برزق وعلو شأن إن اقترن بعلامات حسنة. ويقوّي المعنى إن جاءت الرؤيا مع نور أو سَعة أو اقترن الرمز بالقمر، فذلك أمارة على رزق ورفعة بإذن الله. أما إن كان في الشراء ضيق أو كراهة فالغالب أنه تنبيه على تدبير غير موفق أو همّ عارض، ويُنظر في نوع الشيء المشتَرى وحال الرائي.

التحليل وخطوات الاستدلال:

• تحديد الرموز:
  • “المشتري/الشراء”: عند أهل التعبير جاء: “المشتري في المنام مضطر؛ فمن رأى أنه يشتري شيئاً أو يبيع فإنه مضطر محتاج” . وجاء أيضاً: “الشراء هو في المنام بيع”، وذُكِرَ ضمنه أمثلة كتجارةٍ تحصل بشراء الجارية، فإن ماتت كان غمّاً في التجارة.
  • اقتران “المشتري” بالقمر: “رؤية المشتري مع القمر تدل على البيع والشراء والرزق وعلوّ الشأن”.
  • “البيع” عامة: من قواعده أن ما كان شراً للبائع كان خيراً للمبتاع، والزوال في الملك يقع بالبيع، وفيه إيثار حال على حال بحسب المبيع والثمن، وأشير في بابه إلى قصة يوسف عليه السلام دلالةً على تغير الحال وكرامة المبيع إذا عُني به.
• الربط بالمصادر المعتبرة:
  • هذا المعنى بنيته على ما قرره عبد الغني النابلسي في “تعطير الأنام”: نصّ صريح بأن “المشتري في المنام مضطر” وأن فعل الشراء يعكس حالة الاحتياج أو التدبير تحت ضغط، كما أن اجتماع “المشتري” مع القمر أمارة رزق وعلو شأن.
  • وفي باب “الشراء والبيع” تقرر قاعدة قلب المعاني بين البائع والمبتاع، وأن الشراء بيع في المعنى التعبيري، فتقوى دلالة المبادلة على اتخاذ قرار مفصلي في اليقظة، وربما تغيّر حال بحسب نوع المبيع وثمنه.
  • وأصل اعتبار قصة يوسف عليه السلام في باب البيع والشراء مأخوذ لتقرير تغير الحال وكرامة “المبيع” إن أُكرم مثواه، وهو مما ذكره النابلسي في سياق البيع.
• البعد النفسي والحياتي:
  • الشراء في لغة النفس تمثيلٌ للاختيار والمقايضة: ماذا تعطي مقابل ماذا تنال؟ لذا قد تعكس الرؤيا زمناً تتخذ فيه قراراً تحت ضغط، أو شعوراً بضرورة سدّ حاجة ملحّة.
  • إن كان الشراء لشيءٍ محبوب ومطلوب، فالغالب أنه تدبير حسن نحو ما ينفعك؛ وإن كان لشيء مكروهٍ أو معيب، فقد يدل على اختيارٍ متعجل أو حملِ همّ نتيجة قرار غير موفّق. وتتغيّر الدلالة تبعاً لنوع الشيء المشتَرى وثمنه ومشاعرك أثناء الشراء، وهي قرائن مهمة في باب الاعتبار والترجيح عند أهل التعبير.

تنبيه ونصيحة: رؤيتك مقتضبة جداً، ولم تذكر: من الرائي؟ ماذا اشترى؟ كيف كان شعوره؟ هل كان معه أحد؟ وهل كان الشراء في نورٍ وسَعة أم في ضيق؟ هذه التفاصيل تغيّر الحكم. إن رغبت بتعبير أدق فاذكر لي نوع الشيء المشتَرى، وحال النفس، وثمنه، ومآل الصفقة في المنام. وإلى أن يتضح ذلك، أنصحك عند الإقدام على قرارات مالية أو مهنية بمشاورة أهل الخبرة، والاستخارة، وتفحص الدوافع: أهي حاجةٌ حقيقية أم مجرّد استعجال تحت ضغط؟ فالرؤيا هنا تومئ غالباً إلى “الاختيار تحت الحاجة”، فاجعلها باعثاً على التروي وحسن التدبير.

المراجع

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 269. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 123. ISBN: 9789953724072.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1161-1162.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1258-1260.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 703-704.

عن المصادر

الكتاب المنسوب لابن سيرين هو مدونة تفسيرية جُمعت عبر أجيال، ونسبتها لابن سيرين محل خلاف بين المحققين.