التجرد من الثياب في المنام: دلالاته عند ابن سيرين والنابلسي

ما معنى التجرد من الثياب في المنام؟ أبرز تفسيرات ابن سيرين والنابلسي: بين بشائر الشفاء والفرج وقضاء الدين، وبين التحذير من هتك الستر والافتضاح بحسب القرائن.

فريق مفاتيح المنام
9 دقيقة
التجرد من الثيابالعري في المنامتفسير الأحلامابن سيرينالنابلسي
التجرد من الثياب في المنام: دلالاته عند ابن سيرين والنابلسي

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن رؤية التجرد من الثياب والعري تحمل دلالات متعددة.

يوضح ابن سيرين أن ظهور العورة، وهي ما بين السرة والركبة، يدل على هتك الستر وشماتة الأعداء، ويكون مقدار ما يظهر منها بقدر ما يبدو في المنام. وإذا كان على الرائي شيء قليل من الثياب يسترها خاصة، فيشير محمد بن سيرين إلى أنه قد يتعمق في أمر ما، فإن كان هذا الأمر دينيًا، بلغ فيه مبلغًا عظيمًا، وإن كان معصية، بلغ فيها مبلغًا يمعن فيه.

ويفرق ابن سيرين بين حالات التجرد. فإذا كان التجرد في موضع عام كالسوق أو وسط الملأ، والعورة بارزة مع الشعور بالاستحياء ووجود بعض الثياب دون دلالة على أعمال البر، فهذا يعني هتك الستر ولا خير فيه.

أما إذا لم تكن العورة بارزة ولم يشعر بالاستحياء، ولم يكن عليه شيء من الثياب، فإن ابن سيرين يذكر أن ذلك يدل على السلامة من أمر مكروب، أو شفاء للمريض، أو قضاء للدين، أو أمن للخائف. ويضيف أن انعدام الثياب بالكلية مع ظهور العورة والشعور بالاستحياء، قد يعني السقوط من رجاء، أو العزل من سلطان، أو الانتقاد على أمر.

ثم يستدرك، فإن لم تكن العورة ظاهرة ولم يشعر بالاستحياء، فإن تحول حالته هذه يدل على السلامة وعدم شماتة العدو.

ويرى محمد بن سيرين أن التجرد مع الاشتغال بعمل دليل على التجرّد فيه والظفر بالمراد. فمن رأى كأنه عريان ومتجرد من ثوبه، أفاد أن له أعداء في ذلك الموضع وهو يغلبهم. ولكن، إن لم تكن عورته مكشوفة، فإنه لا يغلبهم. وإذا غطى عورته بشيء أو بيده، فينصاع لهم ويهرب منهم.

ومن رأى على وسطه مئزرًا فقط، أشار إلى أنه مجتهد في العبادة. كما أن رؤية النفس متجردة في طلب شيء، تدل على نيل ذلك الشيء بقدر التجرد.

وأما العري إذا لم يكن معه اشتغال بعمل، فهو محنة وترك طاعة وهتك ستر.

وفي سياق ديني، حكى محمد بن سيرين قصة رجل رأى كأنه متجرد في المسجد وبيده سيف يضرب به صخرة، ففسرها بأن ذلك الرجل (الحسن البصري) قد تجرد في الدين، وأن سيفه هو لسانه الذي يفلق به الحق.

تفسير عبد الغني النابلسي

«وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن رؤية التجرد من الثياب أو العري تحمل تفسيرات متعددة تعتمد على تفاصيل الرؤيا وحال الرائي.

ويبيّن النابلسي أن التجرد من الثياب، إذا لم يصاحبه خجل أو بروز للعورة، قد يعني خلاص الرائي من أمر مكروه . وإن كان الرائي مريضاً، فشفاء له، وإن كان مديوناً، فقضاء لدينه، وإن كان خائفاً، فأمن له . ويشير المؤلف إلى أنه إذا لم تكن العورة ظاهرة، فإن حال الرائي يتحول إلى سلامة وعافية، وينجو من شماتة عدو . كما يفيد أن العري قد يدل على براءة الرائي من التهمة ، وأن العبد إذا رأى نفسه عارياً عتق . ويرى النابلسي أن العري بالنسبة لأهل العبادة زيادة في دينهم وخيرهم ، وأن تجرد الرجل قد يدل على الحج إن صحبه شاهد خير في الرؤيا . ويذهب إلى أن العري قد يعني خلع القيود في الأمور ، ويمكن أن يدل على ارتداء ثياب جديدة .

ومن جهة أخرى، يوضح عبد الغني النابلسي أن التجرد في موضع عام مع بروز العورة والخجل منه يعني هتك ستر الرائي . ويشير المؤلف إلى أنه إذا رأى المرء أنه عارٍ ويستحي ويطلب الستر ولا يجده، فإنه يخسر ماله ويفتقر، وإن نظر الناس إلى عورته افتضح . كما أن العري قد يدل على طلاق الزوجة أو موتها . ويفيد النابلسي أن الوالي الذي يرى نفسه عارياً يعزل عن ولايته . ويضيف أنه إذا أُخذ المريض جُرّداً من ثيابه كرهاً، دل ذلك على موته . ويرى عبد الغني النابلسي أن عري المرأة فراق لمنزلها . ويفيد أن سلب ثياب الرجل كلها يعني عزله عن السلطنة .

ويذكر المؤلف أن التجرد من ثياب سوداء للمرأة يدل على الصباح بعد الظلمة، لأن المرأة قد تعبر بالليلة . وإذا كانت الثياب بيضاء، فهي ليلة قمرية . كما يفرق بين أن يكون الإنسان متجرداً في حمام، فإن أمره يتعلق بزوجته ومن أجلها . ويورد النابلسي أن تجريد الميت قد يدل على جبر الرائي على طلاق امرأته، أو ظلم في ماله، أو على السفر، أو على التوبة من الذنوب والاهتداء للإسلام . كما استدرك المؤلف أن عموم التجرد قد يدل على الظلم . ويرى أن لبس ثياب النساء للرجل، مع نية التشبه بهن، يصيبه بهم شديد . وإذا ظن أنه له فرج كفرج النساء ونكح فيه، فإن أعداءه يظفرون به .»

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: التجرّد من الثياب في المنام تتراوح دلالته بين البِشارة والإنذار بحسب التفاصيل: فإن لم تظهر العورة ولم يقع حياءٌ أو خجل، فالغالب أنه سلامة من كرب وشفاء للمريض وقضاء للدَّين وأمن للخائف. أمّا انكشاف العورة بين الناس مع الاستحياء، فيُنبِّه إلى هتك سترٍ أو خسارةٍ وذهاب امرأة أو عزلٍ عن منصبٍ بقدر ما بدا من العورة. وإذا اقترن التجرّد بعملٍ أو سعيٍ في الحلم دلّ على التفرّغ له وظفر المرء بمراده، ولأهل العبادة قد يدل على التجرد للطاعة. وهذه المعاني قررها أهل التعبير كابن سيرين والنابلسي في باب التجرد والعُري. تحليل الرموز والعناصر:

  • الرمز الرئيس: التجرّد من الثياب.
  • القرائن المؤثِّرة في المعنى:
    • ظهور العورة أو عدمها: عدم ظهورها مع عدم الحياء علامة سلامة وفرج وشفاء وقضاء دين وأمن للخائف، كما نصّ عليه النابلسي في “التجرد من الثياب” ، ووافقه ابن سيرين في تحريره للتفريق بين بروز العورة وعدمه.
    • مكان التجرّد: إن وقع في سوقٍ أو بين الناس مع بروز العورة والحياء، فذلك هتك ستر وافتضاح أو عزلٌ أو سقوطُ رجاءٍ كان يعتمده الرائي.
    • شعور الرائي: الاستحياء مع الانكشاف يزيد دلالة الانكشاف سوءًا، بينما انتفاء الحياء مع عدم ظهور العورة يقوّي معنى السلامة وعدم شماتة العدو.
    • اقتران التجرّد بعمل: التجرد أثناء الاشتغال بعملٍ يعبّر عن التفرّغ له والظفر بالمراد؛ وقد مثّل ابن سيرين لذلك بقصّة الرجل المتجرد في المسجد وضربه الصخرة، وعبّرها بالتجرّد في الدين وقوة الحُجّة.
    • وجود مِئزر أو ستر جزئي: المِئزر دليل اجتهاد في العبادة، وستر العورة باليد بعد انكشافها قد يدل على الانقياد أو الهرب من الخصوم.
  • إسناد المعنى من مصادر الثقافة العربية والإسلامية:
    • عند النابلسي: التجريد قد يُحمل على السلامة والشفاء وقضاء الدين إذا لم تظهر العورة ولم يقع الحياء، وقد يُحمل على الظلم أو على الإجبار على طلاقٍ أو سفرٍ أو توبةٍ بحسب اختلاف القرائن، وتجريد الميت له معانٍ خاصة في هذا الباب.
    • عند ابن سيرين: يفرِّق بين التجرد مع بروز العورة والاستحياء فيه، وبين عدم البروز وانتفاء الحياء، ويجعل اقتران التجرد بعمل علامة على الظفر والجدّ في المقصود، ويجعل المِئزر علامة اجتهاد في العبادة. التفسير النفسي والحياتي المحتمل:
  • من منظورٍ نفسي، قد يرمز العُري إلى الشعور بالانكشاف أو القلق الاجتماعي والخوف من الحكم والانتقاد، أو إلى شعورٍ بالعجز وفقدان السيطرة. وقد يدلّ أيضًا على نزعةٍ للصدق والشفافية و”التخفّف” من الأعباء والقيود إن خلا من الخجل والتهديد. وعليه:
    • إن كان الحلم بلا خجلٍ ولا تهديد، فقد يشير إلى رغبةٍ في البدء من جديد، أو التحرر من ضغوطٍ داخلية.
    • إن كان مع خجلٍ ونظرات الناس، فقد يعكس قلقًا من الفضيحة أو من تقييم الآخرين، أو خشيةً من خسارة موقعٍ أو علاقة.

نصيحة وختام:

  • لعدم ذكر تفاصيل عن المكان، والحيّز الاجتماعي، ومشاعر الرائي، وحاله (ديْن، مرض، ولاية، التزام ديني)، فالتأويل السابق عام، والأصل أن القرائن تُقلِّب المعنى بين البشارة والإنذار. إن تكررت الرؤيا أو قارنتها قرائن واضحة فاذكرها ليُرجَّح الوجه الأنسب. واستصحب المعنى الإيماني: الستر قيمة، ومن رأى ما يُحذِّر من هتك سترٍ فليستتر بطاعةٍ واستغفارٍ وسداد دينٍ وردّ مظالم، ومن وجد فيها بشارة فرج فليشكر الله ويستكثر من أسباب السلامة، فالتعبير ظنّ واجتهاد، والصواب من الله.

المراجع

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 74. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 140-141.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 190-191.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 190-192.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 190-191.


عن المصادر

الكتاب المنسوب لابن سيرين هو مدونة تفسيرية جُمعت عبر أجيال، ونسبتها لابن سيرين محل خلاف بين المحققين.