إسراع الإنسان في المنام: معناه عند ابن سيرين والنابلسي
تعرّف على تفسير إسراع الإنسان في المنام عند ابن سيرين والنابلسي: دلالات الطيران والوثب والهرولة والمشي السريع بين بشارة بالسفر والظفر وتنبيه من التعجل.
تفسير محمد بن سيرين
وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، تتضمن رؤية سرعة الإنسان تفسيرات متعددة تتعلق بحركاته السريعة، ومن أبرزها:
الطيران: فقد ذكر ابن سيرين أن الطيران في المنام يدل على السفر، وغالبًا ما يكون سفرًا بعيدًا . ويفيد أن هذا الطيران يشير أيضًا إلى نيل الشرف . وإذا كان الطيران بجناح، فهو أقوى وأسلم للرائي، وقد يدل على مال أو سلطان يسافر في كنفه . أما الطيران بغير جناح، فيمكن أن يشير إلى التغرير فيما يدخل فيه من جهاد أو طلب حسبة، أو السفر في وقت غير مناسب . كما أوضح محمد بن سيرين أن من رأى أنه طار عرضًا في السماء، فقد يسافر سفرًا بعيدًا وينال شرفًا . ويذهب إلى أن رؤية الطيران بين السماء والأرض قد تعني أن الرائي كثير المني . أما الطيران فوق جبل، فيدل على نيل ولاية يخضع له فيها الملوك . وإذا كان الرائي أهلًا للسلطان، فإن الطيران يدل على نيله له . وإذا سقط الرائي على شيء وهو طائر، فهو دليل على تملكه لذلك الشيء . وإن لم يكن أهلًا للولاية، فإن الطيران قد يدل على مرض يوشك أن يموت منه، أو خطأ في دينه . وتشير رؤية الطيران من سطح إلى سطح إلى استبدال الزوجة . ومن بلغ طيرانه منتهاه، فقد نال خيرًا في سفره . والطيران من أسفل إلى علو بغير جناح يدل على نيل الأمنيات والارتفاع . ويشير إلى أن الطيران كالحمامة في الهواء يعني نيل العز . ومن طار حتى توارى في جو السماء ولم يرجع، فإن مصيره الموت . ومن طار من داره إلى دار مجهولة، فقد يتحول من داره إلى قبره . ويرى ابن سيرين أن الطيران مستويًا إلى السماء وطاعنًا فيها يعني الموت أو الهلاك أو مضرة . بشكل عام، يصف ابن سيرين الطيران بأنه محمود في التأويل .
الوثب والقفز: ويرى ابن سيرين أن الوثب في الحلم يدل على النقلة فيما هو فيه، سواء من سوق إلى غيره، أو من دار إلى محلة، أو من عمل إلى خلفه، وذلك على قدر المكانين . وأما القفز في الأرض بفرد رجل بسبب علة، فيعني إصابة الرائي بنائبة يذهب فيها نصف ماله، ويتعيش بالباقي في مشقة وتعب . وإذا رأى كأنه وثب إلى رجل، فقد يغلبه ويقهره، لأن الوثب يدل على القوة . وإن رأى أنه وثب من مكان إلى خير منه، فإنه يتحول من حال إلى حال أرفع منه . ولو وثب من الأرض حتى بلغ قرب السماء، فقد سافر حتى وافى مكة . وإذا وثب حتى بلغ بين السماء والأرض، فهو موته ورفع جنازته . وأما الوثب البعيد، فيدل على سفر طويل . وإذا اعتمد في وثبه على عصا، فإنه يعتمد على رجل قوي منيع .
الهرولة: وأما الهرولة في أي موضع كانت، فتدل على الظفر بالعدو .
الركض: ويدل الركض على الدابة أو على الرجلين على سرعة ما يطلبه الرائي وعلى النجاة ممن يخافه .
المشي السريع أو المعتدل: وإذا رأى كأنه يمشي مستويًا، فإنه يطلب شرائع الإسلام ويرزق خيرًا . وإذا مشى في السوق، دل ذلك على أن في يده وصية، فإن كان أهلًا لها نالها . أما المشي حافيًا، فيدل على حسن دينه وذهاب غمه، أو على مصيبة في المرأة وطلاقها . ويشير ابن سيرين إلى أن القصد في المشي يعني التواضع . كما ذكر أن الغيبة في الأرض من غير حفر إذا طال عمقها وظن أنه يموت فيها، فذلك مخاطرة بالنفس وتغرير بها في طلب الدنيا أو الموت في ذلك .
تفسير عبد الغني النابلسي
وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن تفسيرات الأحلام المتعلقة بسرعة الإنسان أو حركته تنقسم إلى عدة جوانب.
يفسر النابلسي رؤية الطيران في المنام بأنها سفر. ويرى أن الطيران لغير المسافر يدل على البطالة. كما أن من طار من سطح إلى سطح، فإنه ينتقل من منزلة رفيعة إلى أخرى، حيث يدل السطح الأعلى على مرتبة أرفع. المرأة التي تطير من دارها إلى دار رجل تعرفه، فقد تتزوج به. والطيران من دار معروفة إلى دار مجهولة بعيدة، قد يعني الموت، كونها تمثل دار الآخرة. ويفيد أن الطيران بالنسبة للسجين هو خروجه من سجنه، وللمملوك تحرره. كما يوضح أن الطيران بلا جناح يدل على تحوّل في الحال أو المكان، بينما الطيران بجناح هو سفر. الغريب إذا رأى نفسه يطير يعود إلى بلده أو يكثر أسفاره. وإذا كان يطير مع الطير، فهو يصاحب الغرباء. ومن سابق إنسانًا وطار فسبقه، فقد قهره وعلت منزلته.
ويضيف النابلسي تفسيرات أخرى للطيران، منها أن من طار بإرادة نفسه ويمكنه التوقف متى شاء، فهو دليل على خير كثير وتيسير للأعمال. وإن طار العبد في بيت سيده، فهو أفضل من الجميع فيه. أما السقوط بعد الطيران فيدل على خروج من بيت السيد بعد فترة خير. والطيران خارج الدار قد يعني الموت، والخروج من الباب يدل على البيع، ومن الكوة على الفرار. ومن طار مستلقيًا على ظهره، فإن كان مسافرًا بحرًا فهو خير، وإن كان لغيره فهو بطالة، وللمريض موت. وعدم القدرة على الطيران، أو الطيران ورأسه للأسفل، ينذر بشر كبير. والطيران للمريض يدل على موته، وللفُرسان حسن حركتهم وعدم ثباتهم. وقد يشير الطيران في محفة أو على سرير إلى مرض شديد أو موت أو علة في الساقين، والطيران بين السماء والأرض يدل على كثرة التمني.
وفي سياق الحركة على الأقدام، يوضح النابلسي أن المشي قد يعني الهرولة والنصرة على العدو.
وعن سرعة الاستجابة أو التعافي، ينبه النابلسي إلى أن سرعة قيام المريض بنفسه تدل على طول مرضه. كما أن الطفل الذي لا يقدر على القيام يشير إلى بطء مشيه.
تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)
التأويل: إذا رأيت في منامك أنك تُسرِع: فإن كان إسراعك منتهياً إلى خيرٍ وطاعة، فهو بشارة بمبادرةٍ إلى الصالحات وتيسيرٍ في الأمور. وإن كان إسراعك منتهياً إلى شرّ، فهو تنبيه على تعجُّلٍ في باطل أو إقدامٍ على ما تُندِم عليه فاحذر. وللمريض قد يدلّ الإسراع على قرب الأجل، أما لغير المريض فالغالب أنه إشارة إلى بطءٍ في الحركات في اليقظة وحاجةٍ إلى التروّي. وإن كانت الرؤيا في صورة هرولة فالأصل فيها الظَّفر بالعدو، وقد تدل في بعض السياقات على سرعة الخروج من الدنيا أو زوال منصب، وربما دلت على الحج. وإن جاءت على هيئة مسابقة بالأقدام فهي سرعة حركات في اللهو والبطالة أو سفر؛ وللمريض قد تُنذِر بقرب الأجل، وللفقير بالغنى، وللغائب بالقدوم. وكل ذلك يُحمَل على حالك ووجه إسراعك في الحلم.
تحليل الرموز والعناصر:
- رمز الإسراع: عند أهل التعبير، الإسراع يدلّ غالبًا على إبطاء الحركات في الواقع، إلا إن كان الرائي مريضًا فيُخشى عليه، وقد يرمز أيضًا إلى المسارعة إلى الأعمال الصالحة إن انتهى الإسراع إلى الخير، أو إلى الاندفاع في الشر وما يُندَم عليه إن انتهى إليه الإسراع.
- الهرولة: نصّ أهل التعبير على أن الهرولة ظَفَر بالعدو، وقد تدل على سرعة خروج الإنسان من الدنيا أو زوال منصب، وربما دلت على الحج بحسب سياق الرؤيا.
- المشي السريع واعتدال المشي: جاء أن المشي هرولةً يكون نصرة على العدو، وأن القصد في المشي تواضع، والمشي المستوي طلبٌ لشرائع الإسلام ورزقٌ، وكل ذلك يتقوّى أو يضعف بحسب بيئة الرائي ونيّته وما رأى من تفاصيل.
- المسابقة بالأقدام: هي سرعة الحركات في اللعب والبطالة أو السفر، وللمريض موت، وللفقير غنى، وللغائب قدوم، فيُنظر إلى حال الرائي ومآل السباق في الحلم. الربط بالمصادر العربية والإسلامية:
- المعبرون قرنوا معنى الإسراع بمآله: فإن انتهى إلى خير فهو مسارعةٌ محمودة إلى الأعمال الصالحة، وإن انتهى إلى شر فهو استعجالٌ مذموم وتنبيهٌ على التوبة والرجوع، وهذا المعنى منضبط مع توجيه الشريعة للمسارعة إلى الخيرات والتثبّت عن الباطل، وقد صرّح بذلك أهل التعبير في باب “إسراع الإنسان” نفسه.
- وفي باب “المشي” استشهد أهل التعبير بآياتٍ تُذكَر فيها دلالة المشي والهرولة على السعي المأذون فيه ونصرة الحق، مما يعضّد حمل الرمز على حسب وجهته ومآله. التفسير النفسي والحياتي:
- كثيرًا ما تعكس رؤيا الإسراع حالةً نفسيةً من الاستعجال أو الضغط الزمني أو القلق من فوات أمرٍ ما. فإن كنت تُسرع نحو مقصدٍ واضحٍ نافع في الحلم، فقد يكون عقلك الباطن يحفّزك لإنجازٍ مؤجّل أو لمبادرةٍ خيّرة. أمّا إن كان الإسراع بلا وجهة أو نحو أمرٍ تُنكِره، فالأغلب أنه تحذير من قراراتٍ متعجّلة أو انسياقٍ خلف اندفاعٍ عاطفي.
- إن تكرر عليك مشهد الإسراع المصحوب بضيقٍ أو عجز، فقد يشير إلى إرهاقٍ بدني أو ضغطٍ مهني/دراسي يتطلّب إعادة تنظيم الوقت وتخفيف الالتزامات.
- إن كان لديك عارضٌ صحي، وورد الإسراع في منامك مقترنًا بعلامات مرضٍ أو نهاية طريق، فخُذ الرؤيا على جهة التنبيه للعناية بالصحة والفحوصات، من غير جزمٍ بغيبٍ لا يعلمه إلا الله.
نصيحة عملية:
- حرّر تفاصيل رؤياك: إلى أين كنت تُسرع؟ ما شعورك؟ من كان معك؟ هل انتهى الإسراع إلى خير أم شر؟ هذه القرائن تغيّر وجه التأويل كثيرًا كما قرّر أهل التعبير.
- على كل حال، قدّم وجوه الخير، وثبّت قراراتك بالتأنّي، واجعل مسارعتك فيما يرضي الله، واذكر أن الرؤيا لا يُبنى عليها حكمٌ شرعي، وإنما هي بشارةٌ أو نذارة، والتعبير ظنٌّ واجتهاد، والصواب من الله.
المراجع
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 267-268. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 267-268. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 267. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 145. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 267-269. ISBN: 9789953724072.
عن المصادر
الكتاب المنسوب لابن سيرين هو مدونة تفسيرية جُمعت عبر أجيال، ونسبتها لابن سيرين محل خلاف بين المحققين.
