زكاة في المنام: تفسير ابن سيرين والنابلسي ودلالاتها

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن رؤية الزكاة في المنام لها عدة تأويلات حسب حال الرائي.

فمن رأى كأنه يؤدي زكاة ماله بشروطها، فإن ذلك يدل على إصابته مالاً وثروة . ويبيّن ابن سيرين أن من كان من أهل الأموال ورأى أنه يؤدي الزكاة (زكى)، فإن ماله يثمر ويكثر يساره، إلا أن يكون عليه دين أو عنده وديعة، فيقضي ذلك ويدفعه إلى مستحقه .

وإذا كان المزكي في المنام ميتاً أو رجلاً صالحاً، فقد أفاد أن ذلك يعني أنه قد أفلح عند الله وارتفع ذكره وزكا عمله . وإن صلى بعد ذلك أو ذكر الله، أو سمع الأذان في غير وقت الحج، فقد يشهد شهادة تزكو فيها أعماله . وإن كان ذلك في شهور الحج، دل على أنه سيحج بإذن الله .

أما إذا رأى ذلك فقير، فقد يدل على أنه يحل رأسه أو يقص شاربه أو ينتف إبطه أو يقلم ظفره أو يحلق عانته . ويستدرك المؤلف، أنه إن كان الفقير مجرداً من الثياب أو يغتسل بالماء أو يفعل ذلك في مسجد أو يصلي بعد ذلك، فإنه يخرج من حاله ويتوب من آثامه ويرتفع شأنه ويفلح بصلح ظاهر أو بشهادة مشهورة .

تفسير عبد الغني النابلسي

وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن رؤية "الزكاة" في المنام تدل على زيادة المال ومضاعفته . ويرى النابلسي أن من رأى أنه يزكي ماله، فإن ذلك يبشر بنموه وكثرته وزيادته في ذلك العام .

ويشير المؤلف إلى أن من رأى أنه يزكي ماله على النحو المفروض شرعاً، وكان غنياً، فهو سينال مالاً ونعمة ويحافظ على أداء الصلوات في أوقاتها . وأفاد أن زكاة المال لذوي الأموال تعد دليلاً على الخير والحصن من الأعداء .

كما يذكر النابلسي أن الزكاة قد تشير إلى التهجد بالليل والإكثار من الصوم تطوعاً . ويضيف أن إخراج الزكاة قد يدل على التزام مغرم، أو على موت شخص عزيز على الرائي، أو على فقد جزء من جوارحه . وقد تدل الزكاة أيضاً على تلقي سلف مفيد أو على قضاء الدين .

ويرى عبد الغني النابلسي أن زكاة المال قد تعني الزيادة فيه، وأن الزكاة بشكل عام تدل على كثرة الفوائد والراحات، ورفع المنزلة، ودفع البلايا .

ويوضح المؤلف أنه إذا رأى الشخص أنه يوزع الزكاة، فإن الله تعالى سيسر له أموره ويرزقه توبة .

أما عن زكاة الفطر، فيذكر النابلسي أن من رأى أنه أداها، فإنه يكثر من الصلاة والتسبيح، ويقضي دينه إن كان عليه، ولا يتعرض لمرض أو سقم في عامه ذلك . كما تعتبر زكاة الفطر في المنام فائدة إذا تم صرفها في الأصناف المستحقة لها .

ويشير الكتاب أيضاً إلى أن الزكاة تُصنف ضمن أعمال الخير، حيث تأتي في المرتبة الثالثة بعد الصلاة والصوم .

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: لفظة واحدة كـ“زكاة” لا تكفي للجزم بتعبير محدد، لكن أقرب ما تدل عليه الرؤيا المرتبطة بإخراج الزكاة أنها بشارة بنماء المال، ورفع المنزلة، ودفع البلاء، وتيسير قضاء الدين إذا كان الرائي في المنام يزكّي ماله ويوصله لمستحقيه؛ وقد نصّ على هذه المعاني عبد الغني النابلسي بقوله إن الزكاة تدل على زيادة المال ومضاعفته، وعلى كثرة الفوائد ورفع المنزلة ودفع البلايا، وربما دلّ إخراجها على قضاء الدين والتوبة، وزكاة الفطر على كثرة الصلاة والتسبيح وسلامة العام بإذن الله . أمّا إن تضمّنت الرؤيا منْع الزكاة أو البخل بها، فقد تكون تنبيهاً وعتباً على تقصير. وعلى كلٍ، يبقى التأويل الأقرب مرتبطاً بتفاصيل المشهد وحال الرائي.

التحليل:

• الرموز والمعاني المحتملة:
  • الزكاة في أصلها طهارة ونماء، وهي من علامات الإيمان في القرآن: الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة يوقنون، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة.
  • في دلالة المعبّرين: يذكر النابلسي أن رؤية الزكاة وزكاة المال تدل على زيادة المال والتحصّن من الأذى، وكثرة الفوائد، ورفعة المنزلة، ودفع البلايا؛ وتوزيع مال الزكاة يُيسّر الله به الأمور ويرزق التوبة؛ وزكاة الفطر تدل على كثرة الصلاة والتسبيح وقضاء الدين وسلامة العام، بل وتُبشِّر الفقير بقبول عمله وتوبته ورزقٍ حلال إن كان صالحاً.
  • إشارات غير مباشرة: يُلمِّح ابن سيرين إلى ارتباط حفظ المال بحسن أدائه لحقه؛ فالجورب الطيّب الرائحة علامة حفظ المال وتحصينه بالزكاة، والكريه رائحته علامة ذمّ ومنع للزكاة.
• الربط بالمصادر:
  • القرآن قرن الزكاة بالصلاة، فجعلها علامة صلاحٍ وسبب رحمة: وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة… لعلكم ترحمون ، وهي من صفات المؤمنين.
  • النابلسي صرّح بمعاني بشائر الزكاة في المنام: زيادة المال، قضاء الدين، التوبة، رفع المنزلة، دفع البلايا، وسلامة العام في زكاة الفطر.
• التأويل وفق الأبعاد النفسية والحياتية:
  • إن كان عند الرائي انشغالٌ بديون أو التزامات، فقد تعكس الرؤيا حاجته إلى تسوية الحقوق والإحسان، ويكون فيها تبشير بقضاء الدين وتيسير الأمور إن صحّ الفعل في الرؤيا ومقاصده.
  • إن كان موسراً، فالمعنى الغالب نماء المال مع تطهيره، وشعورٌ داخلي بطلب البركة والطمأنينة عبر أداء الحق.
  • إن بدت في الرؤيا قرائن على المنع أو البخل، فهي رسالة ضمير وتنبيه لمراجعة حقّ الله في المال، إذ يمنع البخل البركة ويورث ذمّاً كما ألمح ابن سيرين في علامة الجورب السيئة الرائحة.
  • إن جاءت الرؤيا موافقة لموسمٍ كشعبان/رمضان أو وقت إخراج زكاة المال، فقد تميل إلى حديث النفس وهاجس ترتيب الواجبات، ما لم تظهر عليها سمات الرؤيا الصالحة من وضوح وثبات ووقوعها في القلب.

نصيحة:

• لتمام النفع، صفْ رؤياك: هل رأيت نفسك تحسب الزكاة، تُخرجها، تُسلّمها لمستحقيها، أم تمنعها؟ وما حالك: مدين/موسر/طالب توبة؟ بهذه التفاصيل يُحرَّر التأويل بدقة.
• اعمل بظاهر الشريعة ولا تبنِ حكماً على المنام؛ إن راودك المعنى فجدّد نية الطهارة والنماء، وتحقّق من حقوق الله في مالك، واستكثر من الصدقة؛ فالتعبير ظنّ، والصواب من الله.

المراجع

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 44-46. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 302-303. ISBN: 9789953724072.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 523-524.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017).

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 417.

بيان منهجي

ملاحظة حول النسبة: نُشير إلى أن نسبة كتاب "تفسير الأحلام الكبير" لمحمد بن سيرين محلّ نقاش تراثي بين المحققين، وأن الكتاب المتداول هو مدونة تفسيرية منسوبة لابن سيرين رحمه الله، جُمعت ونُقلت عبر أجيال من المفسرين. نتعامل معه باعتباره مرجعًا تراثيًا في علم تعبير الرؤى، دون القطع بصحة النسبة التاريخية الكاملة.