تفسير رؤية مرآة في المنام: دلالات الجاه والزواج والسفر

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن للمرآة دلالات متعددة في المنام.

ويوضح ابن سيرين أن المرآة قد تدل على القلب، فما ظهر عليها من صدأ كان دليلاً على الإثم وغشاوة القلب. ويشير إلى أن المرآة تمثل مروءة الرجل ومرتبته، وتكون على قدر كبرها وزخرفتها. فمن رأى وجهه فيها أكبر، ارتفعت مرتبته، وإن بدا حسناً، تحسنت مروءته. ويضيف أن رؤية اللحية سوداء مع وجه حسن (وهو بخلاف الواقع) تدل على إكرام الناس له وتحسن جاهه في الدنيا. كما يفيد أن رؤية اللحية شمطاء مكهلة أو بيضاء تدل على الافتقار، وزيادة الجاه، وقوة الدين. وينبه إلى أن ظهور الشعر الأبيض في الوجه حيث لا ينبت يدل على ذهاب الجاه والدين. ويذكر أن النظر في مرآة فضة قد يجلب مكروهاً في الجاه، بل إنها تسقط الجاه. كما ذهب إلى أن المرآة قد تكون امرأة، فمن رأى في المرآة فرج امرأة أتاه الفرج. ويفسر النظر في المرآة المجلوة بأنه يجلو الهموم، بينما المرآة الصدئة تدل على سوء الحال. فإن رأى كأنه يجلو مرآة، فهو في هم يطلب الفرج، وإن لم يقدر على جلاء صدئها لكثرته، فلن يجد الفرج. وفي سياق آخر، يبين ابن سيرين أنه إذا رأى المرء كأنه ينظر في مرآة، فإن كان أعزباً تزوج، وإن كانت لديه امرأة غائبة، اجتمع بها. ويستدرك بأن النظر في المرآة من ورائها يعني ارتكاب فاحشة مع الزوجة، وقد يعني عزل السلطان، أو ذهاب زرع الدهقان. والمتأمل في المرآة، إذا كانت المرأة حاملاً، فيفيد أنها تضع بنتاً تشبهها، أو أن ابنتها تلد بنتاً. وإن لم يحدث ذلك، تزوج زوجها امرأة أخرى شبيهة بها. أما الصبي إذا نظر في مرآة وأبواه ينجبان، رزق أخاً مثله. وإذا رأت الفتاة ذلك، أصابت أختاً نظيرتها. وإذا رأى الرجل ذلك وكانت زوجته حاملاً، ولد له ابن يشبهه.

تفسير عبد الغني النابلسي

وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن للمرآة دلالات متعددة في عالم الرؤى.

ويبيّن النابلسي أن من نظر في مرآة مجهولة، فإن همومه تتجلى عنه . ويشير المؤلف إلى أن المرآة الصدئة تدل على سوء حال الرجل ، وأن وجود الغش فيها يعني وقوع الرائي في هم عظيم . كما يذكر أن المرآة تعد مروءة الرجل ومرتبته، وذلك بقدر كبر المرآة وجلائها وصدئها .

ويضيف النابلسي أن من رأى نفسه ينظر في المرآة، فقد لا يكون الله راضيًا عنه، وأنه عاصٍ له في السر والعلانية، وقد ينال نقصاناً في ماله ونفسه . وعن رؤية النظر في المرآة بشكل عام، يوضح المؤلف أنها قد تدل على زواج الرجل من امرأة ، وإذا رأى الرجل نفسه فيها بشكل غير شكله المعهود، فقد يصاب في ماله أو عقله . وإن وجد الرجل نفسه في المرآة بصورة امرأة، رزق بنتاً أو تزوج أو اشترى جارية . وإذا نظر في المرآة أو في ماء أو شيء فتخيلت له صورته فيه، ولد له ابن يشبهه في اللون والحرفة . ويرى المؤلف أن رؤية وجه مسجون في المرآة تدل على خلاصه من سجنه . وإن رأى الناظر في المرآة وجهه بلحية سوداء وهو بخلاف ذلك، فقد يكرم عند الناس ويحسن جاهه في أمر دنياه دون دينه .

وعند النظر في مرآة من فضة، فينال الرائي شدة وغماً وخوفاً . كما يفيد النابلسي أن النظر في مرآة فضة قد يعني ذهاب جاهه . أما مرآة الذهب، فتشير وفقاً للمؤلف إلى قوة في الدين، واستغناء بعد الفقر، وتولية بعد العز .

ويشير النابلسي إلى أن المرآة تدل على السفر . وعن الحمل، يوضح أن الرؤية تتعلق بنسبة المنظور فيها؛ فإن كان المنظور امرأة، فقد تلد أنثى، وإن كان رجلاً، فقد يرزق ولداً ذكراً . أما إذا رأت المرأة نفسها في المرآة وهي حامل، فإن حملها سيكون أنثى تشبهها؛ وإن كانت غير حامل، فقد يتزوج عليها زوجها وتصبح ضرة لها .

ويفيد النابلسي أن النظر في المرآة من ورائها قد يعني إتيان المرأة في دبرها . وإن كان للرائي زرع، فإن رؤية المرآة قد تعني ذهاب زرعه . وعند انكسار المرآة، فهي دلالة على موت الزوجة . وإذا رأى الرائي شاباً في المرآة، فهو يرى عدواً له في سلطانه أو تجارته أو غيرهما . بينما رؤية شيخ في المرآة تعني رؤية صديق له في مكانه . ويرى المؤلف أن من رأى صورة المرآة، فهو يزور صديقه .

ويذهب النابلسي إلى أن المرآة في المنام قد تمثل خيالاً وغروراً، وقيل إنها امرأة . وذكر المؤلف أن المرآة قد تدل على المطمر والمخزن والصندوق وكل ما يودع فيه الإنسان متاعه . وأما من رأى أنه صار مرآة ولم ينظر فيها، فيدل ذلك على نيله ما يكرهه في جاهه بين الناس .

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: رؤية المرآة في الجملة تُبشّر أو تُنذر بحسب حالها وهيئة النظر فيها: فهي كثيراً ما تدل على المروءة والجاه واعتبار الناس للرائي، وقد تدل على قلبه وصفائه، وتأتي أيضاً بمعاني الزواج والسفر وتجلي الهمّ إن كانت المرآة مجلوّة، بينما الصدئة دليل سوء حال، وكسرها نذير بمصيبة تخص الزوجة، والنظر في مرآة من فضة يورث مكروهاً في الجاه، أمّا الذهب ففيه قوة دين وسعة بعد ضيق، وكل ذلك يُصرف على حال الرائي وقرائن رؤياه. تحليل الرموز والعناصر الرئيسة:

• المرآة مروءة وجاه: نصّ المعبرون على أن المرآة “مروءة الرجل ومرتبته” على قدر كِبَرها وجلائها، فإن بدا وجهه فيها حسناً حسنت مروءته، وإن بدا أكبر رُفعت مرتبته.
• المرآة والقلب: قيل مرآة الرائي كقلبه، فما بدا عليها من صدأ فذلك إثم وغشاوة على القلب، وفي المرآة المجلوّة جلاءٌ للهمّ.
• الزواج واجتماع الشمل: نظر الأعزب في المرآة قد يدل على زواج، وذو المرأة الغائبة قد يجتمع بها، وتلوح دلالات للفرقة إن رأى في بيته وجهاً غير وجهه.
• أوصاف مخصوصة:
  • المرآة المجلوّة: تنجلي بها الهموم وسوءة الكرب.
  • المرآة الصدئة: سوء حال ونقص في الهيئة والجاه.
  • المرآة الفضية: مكروه في الجاه، وقد يسقط الجاه، وللسلطان عزل، وللزراع ذهاب زرع إن اقترنت بقرائنها.
  • المرآة الذهبية: قوة في الدين واستغناء بعد فقر وتولية بعد عزل إن ناسبت حال الرائي.
  • كسر المرآة: موت الزوجة إن كانت المرآة تُنسب إليها في الرؤيا.
  • النظر من وراء المرآة: يُنذر بفاحشة مع الزوجة، ويُحتمل فيه عزل السلطان وذهاب زرع الدهقان بحسب حال الرائي.
  • تغيّر الصورة: إن رأى الرجل نفسه على غير هيئته أصابه نقص في المال أو العقل؛ وإن وجد نفسه بصورة امرأة رُزق بنتاً وقد يتزوج أو يشتري جارية؛ والسجين إذا رأى وجهه في المرآة بُشّر بالخلاص.
  • النسبة للأسرة والحمل: الحامل إذا نظرت رُجّحت الأنثى الشبيهة بها، والصبي ينال أخاً مثله، والصبية أختاً نظيرتها، وإن كانت للرجل امرأة حبلى فالغالب ولَدٌ يشبهه، وكلها قرائن تُصرف مع حال الرائي.
• نسبتها للسفر والحمل: عدّ بعضهم المرآة علامة سفر، وتؤخذ دلالات الحمل من جنس المنظور في المرآة.
• تنبيه تعبدي: جاء عند بعض المعبرين أن كثرة التطلع في المرآة قد تُشعر بعتب رباني ومعصية إذا صحبتها قرائن حال سيئة، وهو تنبيه للمراجعة والتوبة لا حكمٌ لازم في كل رؤيا. الأسس والمصادر:
• من أقوال الأئمة: جاء تفصيل معاني المرآة عند ابن سيرين في مواضع: دلالتها على المروءة والجاه، والقلب، وأحكام الفضة والذهب، ومعاني الزواج والفرقة والسفر وتغير الهيئة. وذكر النابلسي: كونها خيالاً وغروراً أحياناً، وتجلي الهم بالمجلوّة، وسوء الحال بالصدئة، وكسرها موت الزوجة، ومعاني الذهب والفضة والسفر والحمل.
• لسان العرب والعرف: المرآة في لسان العرب آلة تعكس الصورة، فتصير رمزاً لسمعة الإنسان ومروءته عند الناس، ولذلك غلب عليها معنى “الجاه” و”القلب” في كلام المعبرين، ويتقوّى هذا بالعرف الاجتماعي الذي يجعل الهيئة والمظهر عنواناً للاعتبار.
• الضوابط الشرعية: لا يُبنى على المنام حكم شرعي، وتُقدّم وجوه الخير ما أمكن، وتُراعى حال الرائي وقرائن بيئته، والدلالة تتقوّى بتكرار الرؤيا.

تفسير نفسي وحياتي ممكن:

• المرآة قد تعكس تقييم الذات: كيف يرى الرائي نفسه أمام الناس. المرآة اللامعة قد تشير لوضوح الصورة والثقة، والصدئة إلى تشوش الهوية أو شعور بالنقص.
• كسر المرآة قد يعبّر عن خوف من فقد علاقة أو صورة اجتماعية. النظر من وراء المرآة قد يدل على محاولة الالتفاف على مشكلة بدل مواجهتها.
• للحامل والأزواج: قد تُسقط الرؤيا قلقاً حول المولود أو العلاقة، فتأتي الصور وفقاً لمخاوف الرائي أو آماله.

نصيحة واستكمال:

• لأن طلبك جاء بكلمة واحدة “مرآة”، فالمعاني تتسع وتختلف باختلاف: حال الرائي (عزب/متزوج/حامل/مهموم/صاحب ولاية)، هيئة المرآة (مجلوّة/صدئة/مكسورة/ذهب/فضة)، طريقة النظر (وجهاً لوجه/من ورائها)، والشعور المصاحب. إن رغبت بتعبير أدق، صف لي:
  • حالك الاجتماعي والصحي والوظيفي.
  • وصف المرآة ولونها وحجمها وحالها.
  • ماذا رأيت فيها؟ وكيف شعرت؟
  • أي تفاصيل زمنية أو تكرار للرؤيا. وبينما تنتظر البيان، فالراجح أن تُقابل هذه الرؤيا بالمراجعة القلبية وتحسين الظاهر والباطن، والإكثار من الاستغفار، فجلاء القلب والاستقامة يرفعان المعاني إلى البشارة بإذن الله.

المراجع

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017).

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1221-1223.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1221-1223.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1223-1224.

بيان منهجي

ملاحظة حول النسبة: نُشير إلى أن نسبة كتاب "تفسير الأحلام الكبير" لمحمد بن سيرين محلّ نقاش تراثي بين المحققين، وأن الكتاب المتداول هو مدونة تفسيرية منسوبة لابن سيرين رحمه الله، جُمعت ونُقلت عبر أجيال من المفسرين. نتعامل معه باعتباره مرجعًا تراثيًا في علم تعبير الرؤى، دون القطع بصحة النسبة التاريخية الكاملة.