المناداة في المنام: معانيها عند ابن سيرين والنابلسي

تعرّف على تفسير رمز المناداة في المنام ومعانيه بين البشارة والتحذير، مع أبرز أقوال ابن سيرين والنابلسي حول النداء والمنادي، ودلالات القرب والبعد والولاية.

فريق مفاتيح المنام
7 دقيقة
تفسير الأحلامالمناداة في المنامالأذان في المنامابن سيرينالنابلسي
المناداة في المنام: معانيها عند ابن سيرين والنابلسي

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، لم يتم العثور على تفسير مباشر لمصطلح "المناداة" بمعناه العام. إلا أن الكتاب يقدم تفسيرات مفصلة لرؤية "الأذان"، وهو شكل محدد من أشكال النداء والإعلان، والتي قد تحمل دلالات مرتبطة بمفهوم المناداة.

ويبيّن ابن سيرين أن الأذان قد يدل على مفارقة الشريك، مستشهداً بالآية الكريمة "وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر". كما يشير إلى أن التأذين في قافلة يؤول إلى السرقة، مستنداً إلى قوله تعالى: "أيتها العير إنكم لسارقون".

ويرى محمد بن سيرين أن من رأى نفسه يؤذن على منارة، فهو داعٍ إلى الحق ويُرجى له الحج. وإذا رأى أنه يؤذن في بئر، فإنه يحث الناس على السفر البعيد. ويفيد أن من رأى نفسه مؤذنًا في المنام وهو ليس كذلك في الواقع، فإن ولايته تكون بقدر ما بلغ صوته إن كان أهلاً لها. وإن لم يكن أهلاً للولاية، فقد ينال تجارة رابحة أو حرفة قيمة.

وفي سياق آخر، يذهب ابن سيرين إلى أن التأذين على حائط يدل على دعوة شخص إلى الصلح. ويذكر أن الأذان فوق بيت يعني موت أهل ذلك البيت. كما يشير إلى أن الأذان فوق الكعبة يدل على ظهور بدعة، وأن الأذان في جوف الكعبة لا يُحمد.

ويضيف ابن سيرين أن التأذين على سطح جاره يدل على خيانة الجار في أهله. وإذا أذن بين قوم ولم يستجيبوا له، فإنه يكون بين قوم ظلمة، لقوله تعالى: "فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين".

ومن قوله، فإن من أذن وأقام، فقد أقام سنة ومات بدعة. ويرى أن رؤية صبي يؤذن تدل على براءة والديه من الكذب والبهتان.

ويوضح أن الأذان في الحمام لا يُحمد لدين ولا دنيا، وقيل إنه يدل على القيادة. ثم يستدرك، فإذا أذن في البيت الحار، فإنه يُصاب بحمى نافضة، وإن أذن في البيت البارد، فإنه يُصاب بحمى حارة. وأخيراً، يذكر أن الأذان على باب سلطان يعني قول الحق.

تفسير عبد الغني النابلسي

وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن رؤية الشخص لنفسه وهو يُنادى عليه في المنام تدل على مصاحبته للأرذلين . ويبيّن النابلسي أن سياق النداء يؤثر في تفسيره؛ فمن نودي من شاطئ الوادي، فإنه ينال ولاية عظيمة . وأما إذا كانت المناداة من مكان بعيد، فإنها تدل على معصية الله تعالى، مستشهداً بقوله سبحانه: ” أولئك ينادون من مكان بعيد ” .

ويوضح المؤلف أن لفظ "النداء" بحد ذاته قد يكون دالاً على معصية لمن سمعه في المنام .

وفي تفسيره لمفردة "المنادي"، يذكر النابلسي أن رؤيته في الحلم تدل على السفر لمن سمعه، مستشهداً في هذا السياق بالآية الكريمة: ” أولئك ينادون من مكان بعيد ” . كما يفيد النابلسي بأن وجود المنادي قد يشير إلى إذاعة الخبر .

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: رؤية “المناداة” في المنام تدل – في أصلها – على تنبيهٍ أو استدعاءٍ معنوي للرائي، وقد تحمل بشارةً أو تحذيرًا بحسب مصدر النداء وقربه ومعناه. فإذا سُمِع النداء من مكان بعيد دلّ على البعد عن الطاعة ووقوع المعصية، أما إن كان النداء من شاطئ وادٍ أو موضعٍ رفيع فيؤول إلى منزلة وولاية وقدرٍ بين الناس. كما قد تشير المناداة إلى صحبة السوء إن كان النداء مجهولًا أو من قومٍ أراذل، وتدل رؤية “المنادي” نفسه على سفرٍ وإذاعة خبر. هذه الدلالات تُرجَّح وتُعدّل بحسب حال الرائي وسياق المنام.

تحليل الرموز والعناصر:

  • رمز “المناداة”: عند أهل التعبير، من رأى أنه يُنادى عليه فقد يصاحب الأراذل من الناس، فإن كان النداء من شاطئ وادٍ نال ولايةً عظيمة، وإن كان من مكان بعيد دلّ على معصية الله، وقد استشهدوا بقوله تعالى: أولئك ينادون من مكان بعيد. كما أن “المنادي” يدل على السفر لمن سمعه، وعلى انتشار الخبر، لكنه قد ينادي على ما لا يحل كالنداء على الخنزير والحرام، فيكون في ذلك تحذير من دعوة إلى باطل أو مكسب خبيث.
  • ارتباط بالمصادر الشرعية والتراث:
    • الاستشهاد بالآية المذكورة جاء في موضع تفسير الرمز عند النابلسي، لتقوية معنى البعد عن الطاعة حين يكون النداء بعيدًا أو يوصل إلى معصية.
    • دلالة الولاية والرفعة إذا كان النداء من شاطئ الوادي وردت نصًا عند النابلسي كذلك، وهو من المعبرين المعتبرين في التراث الإسلامي.
    • كون المنادي علامة سفر وإذاعة خبر، مع احتمال الدعوة إلى الحرام إن كان النداء على محرم، نصّ عليه النابلسي أيضًا، وفيه تنبيهٌ إلى وزن مضمون النداء قبل اتباعه. التفسير النفسي والحياتي المحتمل:
  • المناداة قد تعبّر عن حاجة النفس إلى الانتباه أو المساندة أو التوجيه؛ فالنداء يستدعي يقظة الرائي تجاه أمرٍ في واقعه. فإن كان مصدر النداء بعيدًا أو مبهَمًا، فقد يعكس شعورًا بالتشتت، أو انجذابًا لضغوط بيئية تقوده لما لا يرضى. وإن كان النداء من موضعٍ واضحٍ ورفيع، فقد يدلّ على فرصة مسؤولية أو ترقٍ مهني أو اجتماعي.
  • رؤية “المنادي” كوسيط نشر خبر تُفهم نفسيًا كزخم في التواصل أو تغيّر قريب في الدائرة الاجتماعية أو المهنية، ويُؤخذ الحذر إن اقترن الرمز بما يدل على الحرام أو الدناءة، فذلك إنذار من صحبة سيئة أو عرضٍ مريب.

توصيات وضوابط:

  • إن كانت رؤياك مشتملة على نداءٍ إلى معصية أو على محرّم، فاستعذ بالله منها، ولا تُحدّث بها إلا ناصحًا، وخذها تنبيهًا لقطع أسباب السوء. أمّا إن كان النداء من موضعٍ محمود، فابشر بما يرجى من ولايةٍ أو قدرٍ أو خبرٍ سار، مع الاستخارة في الخطوات العملية القادمة.
  • النوع والحكم: المناداة قد تكون رؤيا صالحة إذا حملت تنبيهًا نافعًا أو بشارة، وقد تكون حديث نفس إن وافقت انشغالاتك اليومية، أو أضغاثًا إن جاءت متناقضة ومشوشة. العبرة بوضوحها وثباتها ووقعها في القلب.
  • لتدقيق التأويل يلزم تفاصيل: من المنادي؟ أين كان؟ ماذا قيل؟ شعورك عند السماع؟ هذه القرائن تغيّر الحكم من تحذير إلى بشارة أو العكس.

ملحوظة ختامية: إن لم تكن في منامك تفاصيلٌ كافية تحدد مصدر النداء ومعناه، فالتعبير يبقى على وجه الاجتهاد العام المتقدّم، واللّه أعلم. وللطمأنينة حافظ على أذكار النوم والدعاء بخير الرؤيا، وميز في واقعك بين النداءات التي تقرّبك من الطاعة وتلك التي تجرّك إلى ما لا يحل، فقد دلّ النابلسي على هذا التفريق في باب المناداة والمنادي.

المراجع

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1182-1183.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1300-1302.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1178.


عن المصادر

الكتاب المنسوب لابن سيرين هو مدونة تفسيرية جُمعت عبر أجيال، ونسبتها لابن سيرين محل خلاف بين المحققين.