الملح في المنام: دلالاته عند ابن سيرين والنابلسي وتأويلاته

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، اختلف المفسرون في تأويل رؤية الملح.

وأورد القيرواني أن الملح يدل على مال عليه غبار، لكونه من الأرض، ويُشبهه بالدراهم والأموال التي تصلح بها المعايش . وبيّن أن بياضه يؤول إلى الدراهم البيضاء، وسواده إلى الدراهم السوداء . أما الملح المطيب، فيشير إلى الذهب والمال الحلال، وربما دل على الدباغة؛ لكونهما مالاً وعروضاً وغنائم . كما أنه قد يدل على الفقه والسنن والدين، لخُبْثُ ما به صلاح المعاش، مع الخوف من تغييره، وذلك استناداً إلى قول بعض العلماء: «الملح يصلح ما يخشى تغيره * فكيف بالملح ان حلت به الغير» . ويذكر ابن سيرين أن الملح قد يدل على الشفاء من السقام، مستنداً إلى بعض الآثار التي تفيد بأنه شفاء من اثنين وسبعين داءً . ويشير القيرواني إلى أن السبخة قد تدل على دار العلم، أو حلقة الذكر، أو دكان المتطيب، أو معدن الفضة، أو الجرين، أو المرأة العقيم ذات المال والغلة . فمن استفاد ملحاً في المنام، سواء بورثه، أو وهب له، أو نزل عليه من السماء، أو استقاه، فإن النظر يكون إلى حاله؛ فإن كان سقيماً بُشِّر بالصحة، وإن كان طالب علم ظفر بالفقه، وإن كان طالب دنيا حصل له المال . وغالباً ما تكون فائدته وكسبه من أسباب الملح أو الملوحة، كمهنة الجلود والدباغة، أو السفر في البحر، أو الصيد، أو بيع الزيتون .

وفي موضع آخر، يوضح ابن سيرين وغيره أن الملح قد اختلف فيه . فقد ذهب بعض المفسرين إلى أن الملح الأبيض يدل على الزهد في الدنيا، والخير، والنعمة . لكن ابن سيرين كرهه . وقيل إن الملح المبرز منه (وهو ما تم تنقيته) يدل على الهم، والشغل، والشغب، والمرض، ودراهم فيها تعب وعناء . ومن أكل الخبز بالملح، فقد اقتنع من الدنيا بشيء يسير . أما "المملحة" (الوعاء الذي يحفظ فيه الملح) فقد تدل على جارية صعبة المراس أو ملحة . ومن وجد ملحاً، فقد يقع في شدة أو مرض شديد .

كما ورد أن السمك المالح إذا رآه في منامه أصاب مالاً وخيراً إذا كان السمك كباراً .

تفسير عبد الغني النابلسي

وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن رؤية الملح في المنام تحمل عدة تأويلات.

يذكر النابلسي أن الملح في المنام يدل على مال بلا تعب. ويوضح أن رؤيته بين المتخاصمين تشير إلى صلاحهم واصطلاحهم. ويفيد بأن فساد ملح الناس في المنام ينذر بحلول الطاعون في ذلك المكان، أو وقوع جور أو قحط. كما يرى أن الملح قد يدل على الشغل والمرض. وفي سياق منفصل، يشير إلى أن الملح الأبيض يرمز إلى الزهد في الدنيا، والخير، والنعمة.

ويضيف النابلسي أن من أكل الخبز بالملح، فقد اقتنع من الدنيا بشيء يسير. كما يذكر أن "المملحة" قد تعني جارية مليحة. ومن وجد ملحًا، يذهب النابلسي إلى أنه قد يقع في شدة ومرض. ويرى أن الملح هو ما به صلاح كل شيء، مستشهدًا بصلاح العالم بالسنة والقرآن، وصلاح الإسلام، والزوجة، والمال، والولد، والرزق الحلال. وينبه النابلسي إلى أنه إذا كان الرائي خائفًا ورأى ملحًا، رزق أمنًا، لأن عكس الملح هو الحلم.

وبالانتقال إلى تفسيرات "الشيء المالح"، يذهب النابلسي إلى أنه دال على الأدوية الشافية من العقاقير. وربما دلت رؤيته على الألفة والمحبة، والاجتماع على المكاره. كما قد تشير إلى أكل الشبهات. ويشير النابلسي في تفسيراته إلى أن مملوح السمك يبشر بأخبار سارة. بينما يدل مملوح الزيتون على نقض العهد.

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: رؤية الملح في المنام تُرجَّح إلى الخير والنعمة والزهد ومالٍ يأتي بغير كبير كُلفة، وقد تحمل تحذيراً من شغلٍ ومرضٍ أو شدة بحسب سياق الرؤيا وحال الرائي. وجود الملح بين متخاصمين علامة صلح، وأكل الخبز بالملح قناعة بما قسم الله، أما فسادُ ملح الناس فيؤول إلى بلاءٍ عام كقحط أو ظلم، ومن وجد ملحاً فقد يقع في شدة أو مرض إن خلت الرؤيا من قرائن الخير، بينما من استفاد ملحاً وكان مريضاً بُشِّر بالصحة، وإن كان طالب علم ظفر بالفقه، وإن كان طالب دنيا نال مالاً. هذه الدلالات تتقوّى أو تضعف بقرائن اللون والهيئة والوعاء والكمية وتكرار الرؤيا.

تحليل الرموز وربطها بالمصادر:

• الرمز الرئيس: الملح.

  • عند أهل التعبير من المتقدمين:
    • مال بلا تعب، وزهد وخير ونعمة؛ ويُصلح ما فسد من الأمور، ويؤذن أحياناً بالشغل والمرض، ووجوده بين المتخاصمين إصلاح، وفساده طاعون أو ظلم عام. كما أن أكل الخبز بالملح علامة القناعة بما تيسّر. وتعبير “المملحة” قد يأتي على خادمة أو جارية مليحة.
    • اختلفوا فيه: أبيضه زهد وخير ونعمة، وكره ابن سيرين بعض أحواله، وقيل “المُبَرَّز منه” همّ وشغل ومرض ودراهم فيها تعب. ومن وجد ملحاً وقع في شدة أو مرض شديد إن لم تصحبه قرائن صلاح.
    • عند القيرواني ومن ساقه ابن سيرين: يدل على مالٍ عليه غبار لأنه من الأرض، وبياضه يشبه الدراهم البيض، وسواده الدراهم السود، والمُطيَّب منه ذهبٌ ومالٌ حلال، وربما دل على الدباغة أو الفقه والسنن؛ ومن استفاد ملحاً نُظر إلى حاله: المريض يُبشَّر بالصحة، وطالب العلم ينال الفقه، وطالب الدنيا يظفر بالمال. كما تُؤخذ دلالات إضافية من رؤية السبخة وأخذ الملح منها.

• ربط المعاني بالعرف والثقافة:

  • في لسان العرب والمعهود الثقافي، الملح مُصلِحٌ للطعام وحافظٌ له؛ ولذلك جرَت دلالته عند المعبّرين على “صلاح ما يخشى فساده” أو “تيسير المعاش” إذا جاءت قرائن الخير، وعلى “الهم والشغل والمرض” إذا وردت قرائن السلب كالمرارة الشديدة أو الفساد أو الضيق العام، وهذا ما قرّره النابلسي وابن سيرين وتلامذتهم في مواضعهم.

• التأويل النفسي والحياتي المحتمل:

  • إن رآه صاحب خصومة فالغالب أنه بشارة توجّهٍ إلى الصلح ولين المواقف.
  • إن رآه من يمرّ بإجهادٍ بدني أو ذهني فقد يدل على “شغلٍ ومرض” أو حاجة الجسد للاتزان والراحة.
  • إن أكله مع الخبز بلا ألوان أخرى، فقد يعكس قناعةً ورضاً وميلاً إلى البساطة في المعيشة.
  • إن ظهر الملح فاسداً أو انتشر فساده في الناس، فقد يكون إنذاراً بمتاعب عامة في البيئة (ضغط اقتصادي/صحي/اجتماعي).

نصيحة وطلب استكمال التفاصيل: لصوغ تعبيرٍ أدقّ، أحتاج تفاصيلك: ماذا رأيت بالضبط؟ هل كان الملح أبيض أو أسود؟ خشن أو ناعم؟ هل كان في “مملحة” أو مُلقى بالأرض أو سبخة؟ هل أكلته مع خبز؟ هل في الواقع بينك وبين أحد خصومة؟ وهل أنت مريض أو مهموم هذه الأيام؟ فهذه القرائن تغيّر الحكم بين البشارة والتحذير كما قرّر النابلسي وابن سيرين.

تنبيه منهجي: هذا اجتهاد ظنّي لا يُبنى عليه حكم شرعي، وتُقدَّم وجوه الخير ما أمكن، ويُعتبر حالُ الرائي وبيئتُه وتكرار الرؤيا عند الترجيح.

المراجع

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 285-286. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 293-294. ISBN: 9789953724072.

عن المصادر

الكتاب المنسوب لابن سيرين هو مدونة تفسيرية جُمعت عبر أجيال، ونسبتها لابن سيرين محل خلاف بين المحققين.