تفسير رؤية المصحف في المنام: دلالات ابن سيرين والنابلسي

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن رؤية المصحف تحمل دلالات متعددة.

فمن رأى كأنه يقرأ في مصحف، فقد نال حكمة وعزًا وذكرًا حسنًا ودينًا، ويُعتبر المصحف ذاته حكمة في التأويل . وإذا رأى الشخص أن المصحف في حجره وهو يقرأ منه، فذلك يدل على أنه سيرزق بابنين يحفظان القرآن . ويفيد ابن سيرين أن تقبيل المصحف يدل على عدم التقصير في أداء الواجبات .

ويذهب محمد بن سيرين إلى أن شراء المصحف في المنام يدل على انتشار العلم في الدين وبين الناس، واكتساب الخير . أما بيعه، فيدل على ارتكاب الفواحش . ويشير إلى أن سرقته تعني نسيان الصلة . ومن رأى مصحفًا قد احترق، فقد أفسد دينه .

ويوضح ابن سيرين أن من رأى كأنه متوسد مصحفًا، فإنه رجل لا يقوم بما معه من القرآن . كما أن المصحف الذي لا كتابة فيه عند فتحه، يدل على أن ظاهره يخالف باطنه . وذكر أن من يأكل أوراق المصاحف، فإنه يكتب المصاحف بأجرة ويطلب رزقه من غير وجهه .

ويورد محمد بن سيرين في سياق تفسير رؤى أخرى، حكاية رجل رأى كأنه يقطع ورقة ورقة من المصحف ويضعها على النار، فقد فُسرت بأنها فتنة من جهة السلطان تسكن بقراءة القرآن . كما يذكر أنه إذا رأى الشخص أن المصحف قد أُخذ منه، فإن علمه يُنتزع منه وينقطع عمله في الدنيا . وفي موضع آخر، أشار محمد بن سيرين إلى أنه إذا رأى الكافر بيده مصحفًا أو كتابًا عربيًا، فإنه يُخذل أو يقع في هم وغم وكربة وشدة .

تفسير عبد الغني النابلسي

وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن رؤية المصحف في المنام تحمل دلالات متعددة.

فإذا رأى النائم أنه يقرأ القرآن من مصحف، فإن ذلك يدل على أمر ونهي، وشرف، وسرور، ونصر. وعندما يقرأ شخص من العامة سطوره، فإنه يأكل بتلاوة القرآن، ويمثل المصحف حكمة ينالها.

ويذكر النابلسي أن من رأى نفسه يكتب مصحفًا بيده، فإنه يجمع بين الدين والعلم والعمل، وينفع الناس به. أما إذا رأى أنه مزق مصحفًا بيده، فهذا يشير إلى أنه رجل جحد ما أنزل الله تعالى أو شيئًا منه. وإذا أحدث في المصحف شيئًا مكروهًا في اليقظة، فإن ذلك يدل على خراب دينه.

ويشير ابن النابلسي إلى أن من رأى معه مصحفًا، فإنه ينال سلطانًا وعلمًا. كما أن المصحف قد يرمز إلى الزوجة أو الزوج أو الولد. وإن كان الرائي مريضًا وهو يرى نفسه مع مصحف، فإنه يبرأ من مرضه. وقد تدل هذه الرؤية أيضًا على الانتصار على الأعداء. وإذا كان الرائي عاصيًا، فإن رؤية المصحف تعني أنه سيتوب ويوب إلى الله تعالى. وربما تدل على نيل وراثة.

ويوضح المؤلف أنه إن كان الرائي على بدعة وضلالة، فإن رؤية المصحف إنذار له من الله تعالى بكتابه. وقد تدل رؤية المصحف على الأخبار الغريبة والوقوف على عجائب الأمور. كما تشير إلى ورود الأخبار السارة وطول العمر لمن يتصفحه كاملاً. وقد يرمز المصحف إلى الرياض والمروج والجنان وأماكن العبادة. وهو أيضًا يدل على من تلزم طاعتهم كالملك، والوالد، والأستاذ، والمؤدب. كما يدل على اليمين الصادقة البارة، سواء كانت قد حُلفت أو ستُحلف. وتدل رؤيته على البشارة، كما قد تدل على الإنذار. ومن كان أهلًا للولاية، تولى إذا رأى معه كتابًا من كتب الله تعالى.

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: إذا كان سؤالك عن رؤية “المصحف” مجرّدًا بلا تفاصيل، فالغالب أنها بشارة بالهدى والعلم والعمل بالقرآن، ونصيحةٌ للثبات والرجوع إلى كتاب الله. وتزيد البشارة إن رأيت حمله أو شراءه أو تلاوته، بينما يكون التحذير إن كان فيه امتهان كتمزيقٍ أو إحراقٍ أو محوٍ للكتابة، فذلك يُفهم تنبيهًا على خللٍ في الدين أو تركٍ لشيء من الحق. غير أن الحكم الجازم يتوقف على هيئتِه وفعلِك معه وحالك ومشاعرك وقت الرؤيا.

تحليل الرموز والمعاني المحتملة:

• الرمز الرئيس: “المصحف”.
  • معناه الشرعي والثقافي: كتاب الله، أصلُ الهداية والرحمة والحكمة، ومن أعظم شعائر الدين. وعند أهل التعبير يدل على العلم والحكمة، والعمل بالشرع، وأمانةٍ أو ولايةٍ تُحمّل، وقد يدل على الزوج/الزوجة أو الولد، وعلى البشارة أو الإنذار بحسب هيئة الرؤيا وقرائنها، كما نص النابلسي أن من حمل مصحفًا أو اشتراه عمل بأحكامه ونال علمًا وسلطانًا، وأن تمزيقه أو إحراقه فساد في الدين أو جحود، وأن مَن كتب المصحف حاز حفظًا وعلمًا ونفعًا للناس، وأن أكل أوراقه يُعبَّر بأخذ الرشوة إن كان على ظاهر الأكل، بينما تصفحُه كله قد يدل على طول العمر وورود الأخبار السارة، وقد يدل المصحف أيضًا على المروج والرياض وأماكن العبادة، وعلى من تجب طاعتهم كالملك والوالد والأستاذ والمؤدب.
  • من التشبيهات عند أهل التعبير: شُبِّه البستان بالمصحف في بعض المواضع، لما فيهما من بهجة للناظر ونفع للقلب، وهو توسيع لمعنى الخير والبِشر إذا رأى الرائي بستانًا على وجه حسن مطمئنّ للنفس. الاستناد للمصادر العربية والإسلامية:
• من جهة أصول التعبير: الرؤيا الصالحة حقّ، وبشارة أو إنذار، وليست دليلًا يُبنى عليه حكم شرعي؛ وهذا أصلٌ عامٌ تكلّم عليه أهل العلم وذكرته مصنفات التعبير، ومنه ما جاء في مقدمات كتب التعبير عن تمييز الرؤيا من الأضغاث وحديث النفس، وأن المكروه يُستحب كتمانه، وأن التأويل ظنّ واجتهاد.
• من أقوال المعتبرين:
  • النابلسي: حمل المصحف أو شراؤه عملٌ بأحكامه ونيل للعلم والسلطان، وكتابته علمٌ محفوظٌ ونفعٌ للناس، وتمزيقه جحود، وإحراقه فسادٌ في الدين، وأخذُه من الرائي انتزاعُ علمه وانقطاع عمله، وتصفحه كلّه أخبارٌ سارة وطول عمر بإذن الله. وقد يدل المصحف على الزوج/الزوجة أو الولد، وعلى التوبة للعاصي، والشفاء للمريض، والانتصار على الأعداء، كما قد يدل على الميراث والأمانة والولاية. التفسير النفسي والحياتي المحتمل:
• إن كانت الرؤيا على وجه الإكرام للمصحف (حمل، قراءة، شراء): فتميل نفسيًا إلى معنى طلب الهداية واليقين، ورغبة في استقامةٍ أو تحسين العبادة، وربما رسالة باطنية بضرورة العودة لنظامٍ روحي يومي (تلاوة، ذكر، عمل بالعلم).
• إن كانت على وجه الامتهان (تمزيق، إحراق، محو): فقد تعكس صراعًا داخليًا، أو شعورًا بالذنب تجاه واجباتٍ دينية مضيّعة، أو ضغوطًا تُشعرك بابتعادٍ عن القيم، فتجيء الرؤيا إنذارًا رفيقًا للعودة والتدارك.
• إن كان مع المصحف شعورُ أمانٍ وسكينة: فذلك قرينة خيرٍ على قرب فرج، أو تسديد أمرٍ متحير فيه، أو خبرٍ سار، وفق ما قوّاه أهل التعبير بقرائن تصفح المصحف وطمأنينته. لتمام التعبير بدقة، أحتاج هذه التفاصيل:
• ماذا فعلت بالمصحف؟ (حملته، قرأتُ منه، اشتريتُه، بعتَّه، رأيتُه يُحرق…)
• حال المصحف: جديد/قديم، سليم/ممزق، مضيء/مطفأ؟
• المكان والمشهد العام: مسجد، بيت، سوق… ومن كان معك؟
• مشاعرك أثناء الرؤيا: طمأنينة، رهبة، حزن…
• حالك الواقعي: أعزب/متزوج، طالب/عامل، عليك ديون، تمر بقرار مصيري… فهذا معتبر عند أهل التعبير.

إن لم تتوفر هذه القرائن، فالأحوط أن نأخذها على عموم البِشرى بالهدى والعلم والعمل بالقرآن، مع نصيحتي لك بالاستكثار من التلاوة والعمل بما علمت، واجتناب ما يقدح في تعظيم شعائر الله. والرؤيا باب بشارة وتنبيه، وليست حكمًا يُبنى عليه عملٌ مستقل كما قرر أهل العلم في أبواب التفريق بين الرؤيا والأضغاث وحديث النفس.

المراجع

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 33-34. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 34. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 235. ISBN: 9789953724072.

عن المصادر

الكتاب المنسوب لابن سيرين هو مدونة تفسيرية جُمعت عبر أجيال، ونسبتها لابن سيرين محل خلاف بين المحققين.