تفسير رؤية القرد في المنام: دلالات العدو والمرض والفتنة

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، يُعد القرد في المنام رمزًا لرجل فقير محروم سلبت نعمته، وقيل إنه من الممسوخ. ويصفه بأنه شخص ماكر، صخاب، ولعاب . كما يشير ابن سيرين إلى أن رؤية القرد قد تدل على اليهودي ، أو على رجل من أصحاب الكبائر .

ويفصّل المؤلف في تأويلات مختلفة تتعلق بالقرد، فمن رأى أنه حارب قردًا وغلبه، فإن ذلك يعني إصابته بمرض ثم شفائه منه. أما إن كان القرد هو الغالب في هذا القتال، فالرائي لا يبرأ من مرضه . وإذا وهب الرائي قردًا، فإن ذلك يدل على ظفره بعدوه .

ويوضح ابن سيرين أن من أكل من لحم قرد أصابه هم شديد أو مرض، ولكنه يذكر قولاً آخر بأن من أكل لحم قرد نال ثيابًا جددًا . ويذهب إلى أن من صاد قرداً أصاب منفعة من جهة السحرة . ويرى أن من جامع قردًا فقد ارتكب فاحشة .

وينبه النابلسي إلى أن من عضّه قرد وقع بينه وبين إنسان خصومة وجدال . وأخيرًا، إذا رأى شخص كأن قردًا دخل فراش رجل معروف، فإن يهوديًا أو ملحدًا سيفجر بامرأته .

تفسير عبد الغني النابلسي

وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن رؤية القرد في المنام تحمل عدة تأويلات.

يفيد عبد الغني النابلسي أن القرد في المنام يدل على رجل فيه كل عيب . ويذهب إلى أنه يمثل رجلاً يأتي الكبائر ، أو يرتكب الفواحش ، أو يقع فيما يوجب المقت كالخنزير . ويرى أن القرد قد يشير إلى عدو ، أو عدو مغلوب ، أو عامة الأعداء . كما يوضح المؤلف أن رؤيته قد تدل على مرض .

وعن الأفعال المتعلقة بالقرد، يبيّن النابلسي أنه إذا قاتل الرائي قرداً وغلبه، فإن ذلك يعني أنه سيصيبه مرض ثم يبرأ منه . أما إن غلبه القرد، فالنابلسي يفسر ذلك بأنه يصاب بداء لا دواء له . ومن رأى أنه جامع قرداً، فإن ذلك يدل على أنه يعمل معصية ، أو يرتكب فاحشة .

ويوضح عبد الغني النابلسي أن أكل لحم القرد قد يعني معالجة الرائي من عيب لا يبرأ منه ، أو إصابته هماً شديداً ومرضاً يشرف به على الموت . ويرى النابلسي أن أكل لحمه قد يدل على افتقار وحاجة ، أو على ارتكاب الزنا وشرب الخمر . ومن ناحية أخرى، يذكر المؤلف أن من أكل لحمه ينال ثياباً جدد . وإذا كان لحمه مشوياً، فقد يدل على فرح وسرور وفائدة لمن يحل له .

ثم يشير النابلسي إلى أن عضة القرد تدل على وقوع خصومة وجدال بين الرائي وشخص آخر . ويذكر أن من صاد قرداً، فإنه ينتفع من جهة السحرة . ويرى أن من رأى أنه يركب قرداً ويصرفه كيف يشاء، فإنه يقهر عدواً . ومن وهب له قرد، فالنابلسي يفسر ذلك بأنه عدو يظفر به ، أو أنه خائن فيما ائتمن عليه .

وبعد ذلك، يضيف عبد الغني النابلسي أنه إذا رأى الشخص أن قرداً على كتفه يحمله، فإن ذلك يعني أنه سيستخرج من بيته سرقة ويشتهر بها . ويرى أن ملك القرد أو حمله يعد نحساً لمن رآه . ومن رأى أنه تحول إلى قرد، فقد اتسع ماله من جهة السحرة ، وربما غلب عليه الميل إلى الزنا .

ويختتم النابلسي بالإشارة إلى أن القرد قد يرمز إلى رجل مكار خداع ساحر ، أو رجل زالت نعمته لكبيرة ارتكبها ، أو رجل فقير محروم قد سلبت نعمته . وفي بعض التأويلات، قد يدل القرد على اليهود .

أما عن "قراد"، فيوضح عبد الغني النابلسي أنه في المنام هو صاحب القرود ويدل على لهو وملاعب . وقيل إنه يدل على الأعداء الأخساء .

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: على الإجمال، رمز القِرْد في المنام يُنذر برجل مخادع أو عدوٍّ ضعيف يُوقع في خصومة، وقد يدل على نقصٍ في نعمة أو ابتلاءٍ بمرض، ويُؤوَّل أحيانًا بالوقوع في معصية إن صاحبته أفعال كالأكل من لحمه أو مجامعته. وعليه فالراجح أنه تحذيرٌ لك من صحبةٍ سيئة، أو سلوكٍ متعجِّل، أو خصومةٍ يمكن اجتنابها بالتوبة والتحصّن والحذر في المعاملات. هذا تأويلٌ عام لأن تفاصيل رؤياك غير مذكورة.

تحليل الرموز والعناصر:

• الرمز الرئيس: القِرْد.
  • في الموروث العربي والإسلامي: جاء عند كبار المعبّرين أن القرد “رجلٌ فيه كلُّ عيب” و”مكارٌ خدّاعٌ ساحر”، وقد يدل على المرض أو العدوّ المغلوب. فمن قاتل قردًا وغلبَه أصابه مرض ثم شُفي، وإن غلبه القرد أصابه داءٌ شديد. ومن أُهدي له قرد ظفر بعدوّه، ومن رآه يركبه قهر عدوًّا. وتُذكر له دلالات على زوال النعمة، والوقوع فيما يُوجب المقت، وربما دلّ على اليهود، وعلى الحاجة والافتقار إذا أُكِلَ لحمُه، كما أن عَضَّةَ القرد علامةُ خصومةٍ وجدال.
  • عند ابن سيرين: القرد “رجل فقير محروم سُلِبت نعمته… مكّار صخّاب لعّاب، ويدل أيضًا على اليهودي”. ومن حاربه فغلبه برئ بعد مرض، وإن غلبه لم يبرأ. ومن أكل لحم قرد أصابه همٌّ شديد أو مرض (وقيل: نال ثيابًا جُدُدًا)، ومن صاده نال منفعة من جهة السحرة، ومن نكحه ارتكب فاحشة، ومن عضّه قرد وقع في خصومة وجدال. وإن دخل القرد فراشَ رجلٍ معروف دلّ على فاجرٍ يواقع امرأته.
• ترجيح الدلالة:
  • الغالب من الرمز عند المعبّرين: عدوٌّ مخادعٌ ضعيف، وابتلاءٌ أو خصومة، مع إشاراتٍ لمعصيةٍ أو زوال نعمة؛ لذا يُقدَّم وجهُ التحذير والاحتراز، مع بقاء باب البِشرى إن ظهرت قرائن النصرة كالهبة أو الركوب التي تُؤوَّل بالظفر والقهر للعدو. تفسيرٌ نفسي وحياتي ممكن:
• القرد قد يعكس نزعةً للعبث، والتسرّع، ومجاراةَ أهواءٍ أو صحبةٍ غير منضبطة؛ فيكون المنام رسالةَ وعيٍ لتقويم السلوك، وضبط الحدود في العلاقات، وتحاشي الجدال العقيم.
• إن كان في واقعك خلافاتٌ أو تعرّضٌ للخديعة، فقد يأتي الرمز تثبيتًا للحذر، وحثًّا على الحسم الهادئ، والاقتصاد في البوح بالأسرار.

لتمام التأويل:

• يلزم تفاصيلُ أكثر: حالك الاجتماعي والديني، شعورك في الرؤيا، ماذا فعل القرد معك؟ هل كان قتال، عضّ، هبة، ركوب، أكل من لحمه؟ كم كان عدده؟ أين المكان؟ ومتى وقع المنام؟
• إن كانت الرؤيا مقلقة، فالخذ بالأدب الموروث: الاستعاذة بالله من شرّها، والنفث عن اليسار ثلاثًا، وكتمانها، وفعلُ ما يطفئ البلاء كالدعاء والصدقة.
• والعمل بالمضمون: تجنّب صحبة أهل الخداع، واهدأ عند الخصومة، وجدِّد نيتك وتوبتك، فهي أسبابٌ تُبطل أثر التحذير إن شاء الله.

المصادر المعتمدة:

• تعطير الأنام لعبد الغني النابلسي: باب “القرد”: رجل فيه كل عيب، قتال القرد، الهبة والركوب والعض، وزوال النعمة، واليهود، وأكل اللحم وما فيه من افتقار وبلاء أو ثياب جدد، وتأويلات الظفر والخصومة والمرض.
• تفسير الأحلام الكبير لابن سيرين: فصل “القرد”: فقير محروم، مَكّار، خصومات، مرض وبرء بحسب الغلبة، أكل اللحم، الصيد، الفاحشة، دخول الفراش، ودلالة على اليهود.

المراجع

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 140-141. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1028-1029.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1029-1030.

بيان منهجي

ملاحظة حول النسبة: نُشير إلى أن نسبة كتاب "تفسير الأحلام الكبير" لمحمد بن سيرين محلّ نقاش تراثي بين المحققين، وأن الكتاب المتداول هو مدونة تفسيرية منسوبة لابن سيرين رحمه الله، جُمعت ونُقلت عبر أجيال من المفسرين. نتعامل معه باعتباره مرجعًا تراثيًا في علم تعبير الرؤى، دون القطع بصحة النسبة التاريخية الكاملة.