تفسير رؤية الحج في المنام لابن سيرين والنابلسي ودلالاته

دليل شامل لتفسير رؤية الحج في المنام وفق ابن سيرين والنابلسي: بشائر الاستقامة وقضاء الدين والزواج، ومعاني الطواف وعرفة والإحرام، وتنبيهات بحسب الحال.

فريق مفاتيح المنام
10 دقيقة
الحج في المنامتفسير الأحلامابن سيرينالنابلسيرؤية عرفة
تفسير رؤية الحج في المنام لابن سيرين والنابلسي ودلالاته

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن تفسيرات الحج تتضمن ما يلي:

يذكر ابن سيرين أن الحج في اللغة هو القصد. ويشير إلى أن من رأى أن الحج واجب عليه ولم يحج، فإن ذلك يدل على خيانته في الأمانات وعدم شكره لنعم الله تعالى.

كما يوضح ابن سيرين أن رؤية الشخص متوجهًا إلى الحج تحمل تأويلات متعددة؛ فإذا كان مريضًا، فإنها تدل على وفاته وصعود روحه إلى الله راكبًا في نعشه بدلًا من محمله. وإن لم يكن مريضًا، فهي إشارة إلى التوجه نحو السلطان أو رئيس علمي لقضاء حاجة. وإذا كان عليه دين، فإنه سيبدأ في قضائه. ومن كان تاركًا للصلاة، فإنه يرجع إلى القبلة. وإن كان متزوجًا ولم يدخل بزوجته بعد، فسيُحمل محمله إليها وتُطاف به مع أصحابه، وهو كناية عن الدخول بها والطواف بها.

ويرى محمد بن سيرين أن من رأى أنه حج أو اعتمر، طال عمره واستقام أمره.

ويشير إلى حالة الإحرام، فإذا كان الرائي مريضًا وهو محرم، دل ذلك على موته واستجابته لأمر الله وعمله. وإن كان عليه نذر من صوم أو صلاة، أخذ في قضاء ما عليه. وإذا رأى ذلك من له زوجة مريضة أو امرأة لها بعل مريض، مات العليل منهما وفارقه صاحبه. وينبه ابن سيرين إلى أن الإحرام في الحرير والمعصفر قد يدل على التجرد لخدمة السلطان، أو الزواج الحرام، أو الإسراع في أمر محرم.

ويفصل المؤلف في دلالات بعض أركان الحج وأماكنه. فالوقوف بعرفة قد يدل على الصوم، كما قد يدل على الاجتماع بالحبيب المفارق، إذ إن آدم وحواء تعارفا بها. ومن وقف بها في أول الليل أدرك مطلوبه وقضيت حاجته ممن يطلب من الملوك وغيرهم، أما من أتاها في أول النهار فقد يفوته ما يرجو. كما قد تدل عرفة على موسم سوق وميعاد بيع، فمن وقف بها ليلاً ربح، ومن وقف نهارًا خسر. وقد يوافق يوم عرفة يوم الجمعة في الفضل والاجتماع، أو يدل على يوم حرب فاصل، أو موقف الحشر.

أما الطواف بالبيت، فقد يدل إذا كان الرائي يخدم السلطان على التقرب منه. والمسجد الحرام نفسه يدل على الحج لمن تجرد فيه أو أذن فيه، حتى لو لم يكن في أيام الحج. وقد يرمز المسجد الحرام إلى دار السلطان المحرمة، أو دار العالم، أو الجامع الكبير، أو السوق العظيم.

ويذهب إلى أن رؤية الصلاة في الكعبة تدل على نيل بعض الشراف والرؤساء والأمن والخير. وأخذ شيء من الكعبة في المنام يعني الحصول على شيء من الخليفة، والكعبة نفسها تمثل الخليفة أو الأمير أو الوزير. وسقوط حائط منها ينذر بموت الخليفة. ورؤية الكعبة تعد بشارة بخير أو نذارة من شر، وإن كانت دار الرائي هي الكعبة، فذلك يدل على دوام الخدمة والسلطان والرفعة، إلا إذا كانت الكعبة في هيئة رديئة. وإذا كانت داره هي الكعبة، فإن الإمام يقبله ويكرمه. ومن دخل الكعبة فقد يدخلها في الحقيقة أو يدخل على الخليفة.

ويذكر ابن سيرين أن من رأى أنه يصلي فوق الكعبة، فإن دينه يختل. ومن ولي ولاية بمكة، قلده الخليفة بعض أشغاله. ومن توجه نحو الكعبة، صلح دينه. أما من أحدث في الكعبة، فذلك يدل على مصيبة تنال الخليفة. ومن يجاور بمكة، فإنه يرد إلى أرذل العمر. ومن رأى أنه بمكة مع الموات يسألونه، فإنه يموت شهيدًا.

كما أشار إلى أن رؤية الأذان في المنام قد تعني الحج، مستشهدًا بقوله تعالى: "وأذن في الناس بالحج". ولابد من التفريق بين رؤية الأذان لمن كانت له سيما حسنة، فتؤول بالحج، ومن كانت له سيما غير صالحة، فتؤول بعقوبة.

وفي سياق آخر، أورد المؤلف أن الحصا قد يدل على الحج ورمي الجمار.

تفسير عبد الغني النابلسي

«وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن رؤية الحج في المنام تحمل دلالات متعددة.

يذكر المؤلف أن من رأى أنه حج أو اعتمر، فإنه سيعيش عيشًا طويلاً وتُقبل أموره . ويوضح أن الحج في المنام قد يدل على قضاء الدين، وفعل الخيرات، والسعي فيما يجب على الرائي بره كالوالدين والأستاذ، والهجرة، وزيارة عالم أو عابد، كما قد يدل على زواج الأعزب . ويذهب إلى أن الحج قد يدل للملك على تحصن الأعداء، وخذلان أهل البغي، وفتح بلد عظيم من بلاد الكفر، كما قد يدل على الغزو .

ويشير النابلسي إلى أن رؤية الحج قد تبشر طالب العلم بحصوله على مراده ، والفقير بالاستغناء ، والعاصي بالتوبة ، والكافر بالإسلام . أما المريض، فقد تدل على موته ، والمزوج، فقد تدل على تطليق زوجته أو معاشرة من ينتفع به في دينه أو دنياه .

ويفرّق المؤلف بين الحالات المختلفة؛ فمن رأى أنه خرج إلى الحج، فقد يدل ذلك على عزل الوالي، وخسارة التاجر، وقطع الطريق على المسافر، ومرض الصحيح . ومن رأى أنه "عليه حجا"، أي مطالب به، فقد يعني ذلك كفران النعم وعدم أداء الأمانات، وقد يدل على التردد في القصد . وإذا كان الرائي بطالاً، فالحج قد يعني سعيه في خدمة .

ويضيف عبد الغني النابلسي أن من رأى أنه يخرج إلى الحج وحده والناس يودعونه ويرجعون عنه، دل ذلك على موته . ويفيد أنه إذا سافر إلى الحج راكباً، رزق عوناً في الأمور المذكورة، على يد من دل المركوب عليه . وإن كان راكباً جملاً بخيتاً، عاشر رجلاً كذلك لأنه مركب سراة الناس، وإن قاد راحلة بلغ ما يقصد . وإن سافر للحج راجلاً، فقد يقع في قسم يجب عليه الكفارة فيه، وقد يدل على الرزق والغنيمة والقدوم من السفر وفرج بعد شدة وصحة من المرض ورجوع لما كان عليه الإنسان، فإن حمل معه زاد دل على التقوى . كما يوضح أن ركوب الفيل قد يدل على الحج بصحبة ملك ، وأن من حج ولم يعمل شيئاً من أعماله، فإنه يقصد السلطان في حاجة .

وأخيراً، يذكر المؤلف أن رؤية الحجر الأسود في المنام تدل على الحج . ومن رأى أنه صافح الحجر الأسود، فإنه يحج . كما يشير إلى أن من رأى أنه سمع رجلاً من عنان السماء، فإنه يرزق الحج إن شاء الله تعالى .»

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل بوجه عام، رؤية الحج في المنام تُبشِّر بالصلاح واستقامة الأمر، وقضاء الدين والتوبة، وقد تدل على سعةٍ واستغناء أو زواجٍ للأعزب بإذن الله. وترجح دلالتها للخير إذا شملت أعمال الحج كالطواف والسعي والوقوف بعرفة. أمّا للمريض، أو لمن رأى أنه يخرج للحج وحيداً والناس يودّعونه، فقد تكون نذارة بقرب الأجل، والله أعلم.

تحليل الرموز والعناصر ومعانيها

  • أصل الرمز: الحج في عرف العرب والشرع هو القصد إلى بيت الله، ومن معانيه التوبة والإنابة وبداية صفحة جديدة.
  • عند المعبّرين:
    • ابن سيرين: من رأى أنه حج أو اعتمر طال عمره واستقام أمره؛ ومن رأى الحج واجباً عليه ولم يحج دلّ ذلك على خيانة الأمانة وكفران النعمة؛ ورؤية يوم عرفة صُلحٌ وصلة للرحم ورجوع الغائب؛ والطواف والصلاة في الكعبة نيلُ أمن ورفعة وخير، والتوجه للكعبة صلاحٌ في الدين . كما فصّل في الوقوف بعرفة وربطه بالاجتماع بالحبيب المفارق وتحصيل المطلوب إن كان الوقوف ليلاً، وخسارته إن كان نهاراً، وذكر معاني الطواف والسعي بما يناسب خدمة الأكابر والجدّ في العمل.
    • النابلسي: الحج يدل على قضاء الدين، والفرج بعد الشدة، والغنيمة، والرجوع لما كان الإنسان عليه، بل وربما الزواج للأعزب، وإذا خرج إلى الحج وحده والناس يودّعونه دلّ ذلك على موته، ومن حج ولم يعمل شيئاً من أعماله قصد السلطان في حاجة . كما فصّل في يوم عرفة: رجوع الغائب، والرفعة، واجتماع من تفرّق، وقبول توبة العاصي، وأن إدراكه ليلاً أدعى لقضاء الحاجة.
    • الأذان علامة مساعدِة: الأذان في أشهر الحج قد يدل على الحج لقوله تعالى “وأذِّن في الناس بالحج”، ونصّ النابلسي على دلالته على الحج في هذه الأشهر.
  • مؤشرات خاصة بالحال:
    • للمريض: قد تدل الرؤيا على الموت، وهو مرويّ عند المعبّرين في سياقات السفر للحج منفرداً أو ضعف الحال.
    • لطالب الفرج والمدين: الرؤيا مبشّرة بقضاء الدين والفرج والاستقامة.
    • لمن رأى عرفة: اجتماع بعد فُرقة، أو قبول توبة، مع ترجيح إدراك الحاجة إن كان الوقوف ليلاً. الربط الثقافي والشرعي
  • الحج من أعظم الشعائر، وهو في باب الرؤى يُحمَل غالباً على معنى القصد إلى التوبة والوفود على الله، ومواسمه كعرفة جاءت في كلام المعبّرين دالّة على الاجتماع والصلح والقبول، وهو موافق لروح النصوص في فضل هذه الشعائر ومعانيها الجامعة.

التفسير النفسي والحياتي

  • الحج رمزٌ لسلوك طريقٍ منظّم نحو هدف سامٍ؛ قد يعكس حاجتك الداخلية للتوبة، أو ترتيب الأولويات، أو الإيفاء بالحقوق (قضاء دين/التزامات). ظهور الطواف والسعي والوقوف يعبّر عن مراحل عملية: سعيٌ وجِدّ، وصبرٌ حتى تمام المقصود. أمّا الخروج منفرداً وتوديع الناس فقد يعكس شعوراً بالفراق أو اكتمال دورةٍ في حياتك، ويظهر عند المرضى كصورةٍ نفسية لفكرة الختام والرحيل.

تنبيهات ونصيحة

  • دون تفاصيل عن حالك وما رأيتَه من أعمال الحج أو المكان والزمان، يبقى التأويل على العموم. إن رغبت بتعبير أدق، فاذكر: حالك الصحية والاجتماعية، هل كنت محرماً أو تطوف/تسعى/تقف بعرفة؟ أكنت وحدك أم مع رفقة؟ وما كان شعورك في الرؤيا؟
  • الرؤيا الصالحة حق وبشارة أو إنذار، لكنها ليست حكماً شرعياً ولا تُبنى عليها معاملات. وقدّمنا وجوه الخير ما أمكن، والترجيح بقرائن الحال أولى.
  • إن كانت الرؤيا بعد انشغال طويل بأمر الحج أو ترتيبات السفر، فقد تكون حديث نفس لا تأويلاً له بالضرورة.

نسأل الله أن يجعلها لك بشارة خير وتوبة ونوراً في الطريق.

المراجع

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 604.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 274-275.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 273-274.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 614.


بيان منهجي

ملاحظة حول النسبة: نُشير إلى أن نسبة كتاب "تفسير الأحلام الكبير" لمحمد بن سيرين محلّ نقاش تراثي بين المحققين، وأن الكتاب المتداول هو مدونة تفسيرية منسوبة لابن سيرين رحمه الله، جُمعت ونُقلت عبر أجيال من المفسرين. نتعامل معه باعتباره مرجعًا تراثيًا في علم تعبير الرؤى، دون القطع بصحة النسبة التاريخية الكاملة.