تفسير رؤية التمر في المنام لابن سيرين والنابلسي ومعانيه
اكتشف دلالات رؤية التمر في المنام عند ابن سيرين والنابلسي: رزق حلال ومطر وقراءة قرآن وزواج أو علم نافع، ومعاني الأكل والدفن والجني في أوانه وغير أوانه.
تفسير محمد بن سيرين
وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، تختلف دلالات رؤية التمر باختلاف حالته وكيفية التعامل معه في المنام.
يشير ابن سيرين إلى أن رؤية التمر تدل على المطر.
ويفيد أن أكل التمر يعد رزقًا عامًا خالصًا يصير إلى الرائي. وإذا كان التمر الذي يؤكل جيدًا أو حلوًا، فإنه يدل على سماع كلام حسن نافع. وذكر ابن سيرين أن أكل التمر الحامض يرمز إلى الانغماس في كسب المال يمينًا وشمالًا، دون اكتراث بحلاله أو حرامه، مع علمه بأنه حرام. أما بالنسبة للمرأة، فإن رؤية أكل التمر بالقطران تدل على أنها تأخذ ميراث زوجها وهي منه طالق.
ويذهب إلى أن رؤية أكل البسر (وهو التمر غير الناضج) ترمز إلى "حلوة اليمان". وفي سياق آخر، يذكر أن رؤية سلة من التمر البسر في بطون الخنازير تحمل إلى البيت، تعبر عن غنائم من مال الكفار.
كما يذكر محمد بن سيرين أن التمر قد يدل على قراءة القرآن الكريم. ويضيف أن رؤيته قد تشير إلى مال مدخور.
فمن رأى أنه يدفن تمرًا، فإنه يخزن مالًا أو ينال مالًا من بعض الخزائن. وإذا رأى أنه شق تمرة وميز عنها نواها، فإنه يرزق ولدًا، مستدلًا بقوله تعالى: )إن ال فالق الحب والنوى(. وتدل رؤية نثر التمر على السفر. ويوضح أن الكيلة من التمر تعد غنيمة.
ومن رأى كأنه يجني تمرة من نخلة في أوانها، فإن ذلك يدل على زواجه بامرأة جليلة غنية مباركة، أو إصابته مالًا من قوم كرام بلا تعب، أو حصوله على علم نافع يعمل به. أما إن كان الجني في غير أوان التمر، فإنه يسمع علمًا ولكنه لا يعمل به. ومن رأى أنه يجني التمر إليه، فإنه يجني مالًا من رجال ذوي أخطار يلي عليهم. ومن رأى كأنه يجني من نخلة يابسة رطبًا، فإنه يتعلم علمًا نافعًا من رجل فاسق.
وقد أورد محمد بن سيرين رواية عن رؤية سقاء فيه تمر تمسح فيه الرأس والوجه وتؤكل منه، فعبر عنها بأن صاحب الرؤيا انغمس في كسب مال حرام. وقد سُئل عن امرأة رأت أنها تمص تمرة وتعطيها لجارتها لتمصها، فبين أن هذه المرأة تشارك جارتها في معروف يسير. وحُكي عن رجل رأى أنه وجد أربعين تمرة، ففسرها ابن سيرين له بأنها "تضرب أربعين".
كما روى أنس بن مالك عن رؤيته لابن عمر يأكل البسر، وأن تفسير ذلك هو "حلوة اليمان"، وهي دلالة مرتبطة بالتمر غير الناضج.
تفسير عبد الغني النابلسي
وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن رؤية التمر في المنام تحمل دلالات متعددة.
يشير النابلسي إلى أن التمر لمن يراه في المنام بمنزلة المطر، ولمن يأكله هو رزق عام خالص يصير إليه دون مشاركة. ويرى النابلسي أن أكل التمر الجيد يمنح صاحبه كلامًا جيدًا ومنفعة جليلة. كما يوضح أن التمر المدفون يؤول إلى مال مدخور، وأن دفن التمر يدل على نيل مال من الخزائن أو من مال اليتامى، أو تخزين المال. ويفيد أن التمر المنشور يدل على دراهم لا تبقى. ويذهب إلى أن التمر بشكل عام يفسر بالرزق الحلال الطيب. وأورد أن "الكليلة" من التمر هي غنيمة، وأن سلات من التمر البرني تسقط من بطون الخنازير ويرفعها الشخص إلى بيته تدل على غنائم من مال الكفار. ويشير إلى أن من يقطف تمراً في وقته من نخلة قد يصيب مالاً بلا كد، أو ينال مالاً من رجال ذوي أخطار عليهم ولاية.
وبيّن النابلسي أن التمر قد يدل على قراءة القرآن الكريم والانتفاع به في الدين. وأضاف أن من يأكل التمر يجد حلاوة الإيمان. وفيما يتعلق بالمعرفة، ذكر أن من يقطف تمراً في وقته من نخلة قد يصيب علماً، فإذا كان في غير وقته، فإنه يسمع علماً ولا يعمل به، وإن نُثر عليه رطب من نخلة يابسة، فإنه يتعلم علماً نافعاً من رجل منافق، أو يدل على فرج من غم وهم.
وفي جانب العلاقات الأسرية، يبين النابلسي أن من يقطف تمراً في وقته من نخلة قد يتزوج امرأة موسرة وشريفة. وأشار إلى أن من رأى أنه أخذ تمرة وشقها وأخرج منها نواها، فإنه يولد له ولد، وكذلك من رأى أنه شق تمرة وميز عنها نواها، رزق ولداً. كما ذكر أن من رأى أنه يمص تمرة ويعطيها لآخر فيمصها، فإنه يشاركه في معروف يسير.
ويفرق النابلسي بين حالات معينة؛ فمن أكل أربعين تمرة على باب السلطان في غير وقتها، فإنه يضرب أربعين صوتاً. أما إذا أكل أربعين تمرة وكان ذلك في زمان استوائه، أصاب أربعين ألف درهم. وينبه إلى أن من يأكل الدقل، وهو نوع من التمر، فإنه من أهل الذمة. وربما كانت رؤية التمر تشير إلى رزق طيب بلا منة من أحد، مستشهداً بتفسير المنّ.
تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)
التأويل: رؤية التمر في المنام تُرجَّحُ على البِشارة والرزق الحلال، ودلالة على نفعٍ في الدين والدنيا: كتحصّل مالٍ مدَّخر، أو سماع كلامٍ حسنٍ، أو انتفاعٍ بالقرآن والعلم، وقد تكون علامة فرَج وقَطْرٍ وغيث. ويتقوّى وجه الخير إذا كان التمر طيّباً وفي أوانه، ويضعف إن كان في غير وقته أو خالطه ما يُنغّصه. هذا تأويلٌ إجماليّ لرمز التمر، ويختلف الحكم بتفاصيل حال الرائي وصورة التمر في رؤياه. تحليل الرموز والعناصر والمعاني المحتملة:
- التمر رمزاً:
- يدل على المطر والرزق العام الخالص لمن أكله، ويفسَّر أيضاً بمالٍ مدَّخر، كما يدلّ عند أهل التعبير على الانتفاع بالقرآن وتلاوته.
- أكل التمر الجيّد: سماع كلام حسن ومنفعة جليلة، وحلاوة في الإيمان، وقد رُوي عن عمر رضي الله عنه أنه رأى كأنّه أكل تمراً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تلك حلاوة الإيمان، وهو مما يستأنس به في هذا الباب.
- دفن التمر: مالٌ يُخزَن أو يصيبُه الرائي من خزائن، وأما نشر التمر فدراهم لا تبقى.
- جني التمر في أوانه: زواجٌ بامرأةٍ موسرةٍ مباركة، أو مالٌ بلا كدّ، أو علمٌ نافع يعمل به. وفي غير أوانه: يسمع علماً ولا يعمل به.
- سقوط رُطبٍ من نخلةٍ يابسة على الرائي: يتعلّم علماً نافعاً من رجلٍ غير صالح، ويكون فيه أيضاً فرجٌ للمهموم، واستُدلّ لذلك بقصة مريم عليها السلام: وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً، وقد أشار ابن سيرين لهذا المعنى في موضعه.
- شقّ التمرة وإخراج نواتها: يُرزق الرائي بولد، استنباطاً من قوله تعالى إن الله فالق الحب والنوى كما جاء في دلالة أهل التعبير.
- الكيلة من التمر: غنيمة. وجلب التمر إليه: مالٌ يأتيه من رجال ذوي أخطار وولاية.
- مصّ التمرة وإعطاؤها لآخر ليمصّها: مشاركةٌ في معروفٍ يسير.
- أربعون تمرة: إن كانت على باب السلطان وفي غير أوانها دلت على العقوبة بالضرب، وإن كانت في زمن نضجها فهي مال كثير (أربعون ألف درهم)؛ وهذا من أمارات العدد في الرؤيا وترجيح القرائن.
- للمرأة إن رأت أنها تأكل التمر بالقطران: تأخذ ميراث زوجها وفيه طلاق سرّاً، وهو معنى شدّد أهل التعبير في ذِكره للتحذير.
- التمر الحامض أو الانغماس فيه على وجهٍ منكر: إشارة إلى كسبٍ مختلطٍ أو حرامٍ والعياذ بالله، وقد نُقل عن ابن سيرين تنبيهٌ على الانغماس في المال من غير تحرّي الحلال في بعض الوقائع المسؤولة لديه. الربط بالمصادر العربية والإسلامية:
- القرآن الكريم: قصة مريم عليها السلام وربط الرُّطب بالفرج والرزق في ظرف الشدة، وهي أصل معتبر في باب التفاؤل بالتمر للفرَج والنفع.
- السنة وآثار الصحابة: الاستئناس بقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه في رؤيا أكل التمر: حلاوة الإيمان، فتُفهم منه دلالة التمر على حلاوة الإيمان ولطافة الانتفاع بالدين.
- أقوال المعبّرين:
- ابن سيرين: فَصَّل دلالات التمر في المطر والرزق والقرآن والمال المدخر، وأكل الجيّد، ودفنه ونشره، وجنيه في أوانه وغيره، وشقّ التمرة للنَّوى ولدٍ يُرزق، وأمثلة الأعداد والقرائن الزمنية.
- النابلسي: قرّر أن التمر رزقٌ حلال، ومطر، وغنيمة، وانتفاع بالقرآن، وعدّد صوراً كالأربعين تمرة، وسلال البرني، والمصّ والمشاركة في المعروف، وتأكيد معاني الدفن والنشر والوقت. التفسير النفسي والحياتي الممكن:
- التمر غذاءٌ طبيعيّ حلو، موروث في ثقافتنا بالإكرام والإفطار في رمضان؛ فظهوره قد يعكس حاجةً للتغذّي الروحي والبدني، وطلب السكينة والمعنى، وتوقاً إلى كلامٍ طيّب أو صحبةٍ نافعة. حلاوته تمثّل عند النفس شعور الرضى والطمأنينة، وجنيُه في أوانه يرمز للتوقيت المناسب وسلامة القرار، بينما ظهوره في غير أوانه قد يومئ لتسرّعٍ أو علمٍ بلا تطبيق. ودفنه يدل على ادّخارٍ وتخطيطٍ للمستقبل، ونثره على نفقةٍ لا تبقى أو تبذيرٍ سريع الزوال، وكل ذلك يوافق أصول الرمز عند أهل التعبير مع الاعتبار لحال الرائي وبيئته. تنبيه ونصيحة:
- لأنك لم تذكر تفاصيل رؤياك (هيئة التمر، طعمه، وقته، عددُه، الفعل الواقع عليه، وحالك)، فهذا تأويل إجمالي للرمز. إن كان في قلبك انشغالٌ بأمر رزقٍ أو علمٍ أو فرجٍ، فابشر بحسن الظن بالله، وأحسن شكر النعمة، والزَم تلاوة القرآن والعمل به، وتحرَّ الحلال في كسبك، فذلك أرجى لتمام البِشارة إن شاء الله.
عن المصادر
الكتاب المنسوب لابن سيرين هو مدونة تفسيرية جُمعت عبر أجيال، ونسبتها لابن سيرين محل خلاف بين المحققين.
