تفسير رؤية أدم عليه السلام في المنام: ولاية وعلم وتوبة
تعرف على معاني رؤية أدم عليه السلام في المنام عند ابن سيرين والنابلسي: ولاية وعلم وتوبة وبشارة بالنسل والحج، وتحذير من خداع العدو والسهو والتنقل.
تفسير محمد بن سيرين
وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن رؤيا النبي آدم عليه السلام تحمل دلالات متعددة.
يذكر ابن سيرين أن أول رؤيا شوهدت على الأرض كانت رؤيا آدم عليه السلام، حيث أوحى الله إليه في منامه بخلق حواء منه.
ويفيد محمد بن سيرين أن من رأى آدم عليه السلام على هيئته المعهودة، فإن ذلك يدل على نيل صاحب الرؤيا ولاية عظيمة ومنصب قيادي، إن كان أهلًا لذلك، مستشهداً بقوله تعالى: "إني جاعل في الأرض خليفة".
كما يوضح أن رؤية آدم عليه السلام وهو يتحدث إلى الرائي تعني حصوله على علم واسع، استنادًا إلى قول الله عز وجل: "وعلم آدم الأسماء كلها".
ويضيف ابن سيرين أن رؤية آدم قد تشير أيضًا إلى تعرض الرائي لغبن أو خداع من قبل بعض الأعداء، يعقبه فرج وتيسير بعد فترة.
ويشير محمد بن سيرين إلى أن رؤيته متغير اللون أو الحال تدل على انتقال من مكان إلى آخر، ثم عودته في النهاية إلى المكان الأول.
وفي سياق آخر، ينبه ابن سيرين إلى أن مخالفة أمر الزوجة أو العصيان لها قد يؤدي إلى نتائج سلبية، مستشهداً بقصة آدم عليه السلام كمثال.
تفسير عبد الغني النابلسي
وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن رؤية آدم عليه السلام في المنام قد تدل على أن الرائي قد أذنب ذنبًا فعليه التوبة منه . وقد تشير رؤيته إلى الوالد، أو السلطان، أو العلم .
ويبيّن النابلسي أنه من رأى أنه يذبح آدم عليه السلام، فذلك يعكس غدرًا بالسلطان، أو عقوقًا للوالدين أو للمعلم . وإذا رأى الرائي آدم عليه السلام على هيئة، فنال ولاية إن كان لها أهلًا . وإن تكلّم آدم عليه السلام مع الرائي، فنال علمًا .
يضيف النابلسي أنه من رأى آدم عليه السلام اغتر بقول بعض أعدائه، فسيُفرج عنه بعد مدة . وإذا رآه متغير اللون والحال، دل ذلك على انتقال الرائي من مكان إلى مكان ثم العودة إليه أخيراً . ومن صار مثله أو انتقل إلى صفته، فنال الخلافة إن كان أهلًا لها، أو نال علمًا لا يجاري أحدًا فيه .
ويشير المؤلف إلى أن رؤيته قد تدل على أن عابر الرؤيا هو أول من رأى المنام في الدنيا وعلم عبارته . وتدل رؤيته كذلك على الحج والاجتماع بالأحباب ، وعلى كثرة النسل ، وربما دلت على أن الرائي يرزق الذكور أكثر من الإناث .
كما يذهب النابلسي إلى أن الرؤيا قد تشير إلى السهو والنسيان ، وإلى المكيدة والحيلة . وقد تدل على معاشرة من يعالج الحياة، أو يصنع السموم، أو يرتزق من استحضار الشياطين ويتكلم على ألسنتهم . وربما دلت رؤيته على اللباس الخشن والبكاء ، وعلى تنكيد الرائي من سبب مأكول . وقد تدل الرؤيا على السفر البعيد ، أو على الجهة التي نزل بها آدم عليه السلام .
وإن كان الرائي مريضًا، فإن رؤية آدم عليه السلام تدل على الشفاء من شكواه . كما قد تدل على الخدم والسجود للملوك . وإذا رأى الرائي آدم عليه السلام ناقص الحال، فربما نقص حال كبير الرائي الحاكم عليه، أو تغيرت مكاسبه أو صنعته . وعلى العكس، إذا رآه في حال حسن، عاد خير كبير على الرائي .
ويحذر النابلسي من رؤية الشجرة التي نهى آدم عليه السلام عن أكلها، خاصة إذا كانت في غير زمانها، إذ لا خير فيها .
تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)
التأويل: على الجملة، تُرجى رؤية آدم عليه السلام للخير إن كانت هيئته حسنة: علم ينتفع به، وتوبة وتجديد عهد مع الله، وقد تدل على ولاية أو مسؤولية لمن كان لها أهلاً، وبشارة بالذرية وكثرة النسل. وتجيء أحياناً محذِّرة من الاغترار بقول عدو أو الوقوع في نسيان وسهوة، فينبغي للرائي أن يجدد توبته ويحكم تدبيره، ويراعي أمانته في أهله ومن يعول. هذا مع التحفظ لقلّة التفاصيل.
تحليل الرموز والعناصر ومعانيها:
- الرمز الرئيس: آدم عليه السلام.
- من دلالاته القرآنية: الخلافة في الأرض، تعليم الأسماء (العلم)، سجود الملائكة تكريماً، الابتلاء بوسوسة العدو ثم التوبة والاجتباء، وورود النسيان والسهو في قصته. قال تعالى: وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة… وعلم آدم الأسماء كلها… فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ، وقال: ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي… ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى.
- عند أهل التعبير:
- ابن سيرين: إن رُئي آدم على هيئته دلت الرؤيا على ولاية عظيمة لمن كان لها أهلاً لقوله تعالى إني جاعل في الأرض خليفة، وإن كلمه نال علماً لقوله وعلم آدم الأسماء كلها، وقد تدل على اغترار بقول عدو ثم فرج بعد مدة، وإن رُئي متغير الحال دلّ على انتقال ثم عَود. كما قرر أن قتل النبي في المنام يدل على خيانة ونقض عهد. وهذه أصول عامة في باب رؤية الأنبياء عنده، مع تفصيله الخاص بآدم عليه السلام . ويُذكر في تراثه أن أول رؤيا في الأرض كانت رؤيا آدم حين أُري خلق حواء وهو نائم، وهو شاهد لقدَم الرؤيا وصدقها إذا وافقت الحق.
- النابلسي: من رأى آدم وكان قد أذنب تاب، ومن رآه على هيئة نال ولاية إن كان لها أهلاً، وإن كلمه نال علماً. وقد تدل رؤيته على الحج واجتماع الأحبة، وعلى كثرة النسل، وقد تشير أحياناً إلى مكيدة وحيلة، أو سفر بعيد، أو لباس خشن وبكاء، وعلى الخدم والسجود للملوك إن ظهرت قرائن ذلك في الحلم. ومن صار على صفته نال رئاسة إن كان لها أهلاً أو علماً لا يُجارى فيه. وهذه المعاني يعضد بعضها بعضاً بقرائن الحال في الرؤيا. الربط الثقافي والشرعي:
- في لسان القرآن، آدم رمز البداية والخلافة والعلم والتوبة. لذا تميل الرؤيا إلى معنى بدء مرحلة ومسؤولية، مقرونة بالاتعاظ من تجربة العدو والحذر من الاغترار.
- عند المعبّرين كابن سيرين والنابلسي، يُرجَّح وجه الخير إن أمكن، ويُنظر إلى حال آدم في الرؤيا: حسنُ حاله زيادة خير وولاية وعلم، وتغيّر حاله انتقالٌ واضطراب يعقبه عود واستقامة متى أُخذت العبرة. التفسير النفسي والحياتي الممكن:
- آدم يمثّل الأصل والأب الأول؛ فالرؤيا قد تعكس حاجةً لاجتماع الأسرة أو صلة الرحم، أو شعوراً متعاظماً بالمسؤولية في البيت والعمل (الخلافة)، أو رغبة في التعلم وترتيب الأولويات (تعليم الأسماء).
- ورود معنى التوبة والبدء من جديد يوحي بمرحلة مراجعة للذات، وقطع طريق على وساوسٍ أو علاقاتٍ مُغرية بالخطأ، واستعادة الانضباط والذكر لئلا يأخذ النسيان والسهو مساحتهما من الدين والدنيا.
- إن كان للرائي همّ في طلب الولد أو توسيع العائلة فالمعنى العام عند النابلسي يحمل بشارة بكثرة النسل مع مراعاة القرائن الخاصة بالحلم. نصيحة عملية:
- لقلّة تفاصيل رؤياكم أعتذر عن الجزم بالتعبير، وأوصي بتجديد التوبة، وكثرة الاستغفار، وأخذ الحذر من تأثير ذي نصحٍ مُغرٍ لا برهان له، مع تعاهد العلم النافع والعمل به. وإن أردتم تخصيص التأويل فاذكروا: هيئته عليه السلام، هل تحدّث معكم؟ ماذا قال؟ موضع الرؤيا وزمانها، وما إن كانت فيها شجرة أو انتقال مكان أو سجود، فهذه قرائن تغيّر معنى الرؤيا وتقوّيه.
المراجع
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 15.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 13-15.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 13-15.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 480-481.
عن المصادر
الكتاب المنسوب لابن سيرين هو مدونة تفسيرية جُمعت عبر أجيال، ونسبتها لابن سيرين محل خلاف بين المحققين.
