تفسير حلم فرار في المنام لابن سيرين والنابلسي: معاني ورموز

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن تفسيرات رؤية الفرار تتضمن ما يلي:

يرى ابن سيرين أن رؤية الفرار من الموت أو القتل تدل على قرب أجل الرائي، مستندًا إلى قول الله تعالى: "قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل" .

ويوضح أنه إن كان الفرار من العدو، فقد يعني الأمان وبلوغ المراد، مستشهدًا بقول الله تعالى: "ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكمًا" .

كما يشير إلى أنه إذا رأى الشخص أنه يدعو رجلًا وهو يفر منه، فإن هذا الرجل لن يقبل قوله ولن يطيعه، وذلك لقوله تعالى: "فلم يزدهم دعائي إلا فرارًا" .

ومن قوله، فإن الفرار بحد ذاته قد يعني الأمان، كما ورد في قوله تعالى: "ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين" .

ثم يستدرك محمد بن سيرين أن من رأى نفسه يختفي من عدوه، فإنه سيظفر به. ولكن إن اطلع عليه العدو، أصابته نائبة منه. وإن ارتعد أو ارتخت مفاصله، أصابه هم ول يقوى به .

وقد ذكر أن الفرار من سفينة إلى جبل يدل على الهلاك .

تفسير عبد الغني النابلسي

وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن "فرار" في المنام يدل على الرجوع إلى الله تعالى والإنابة إليه، مستشهدًا بقوله تعالى: "ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين" .

ويبيّن النابلسي أن الفرار قد يحمل معاني الولاية، والأمن، والتوبة، أو الموت .

ويشير المؤلف إلى أنه إذا رأى الشخص أنه يفر من عدو يخافه، فإنه يأمن منه . كما يذهب إلى أن رؤية الفرار لعالم قد تعني نيله القضاء، قياسًا على ما حدث للنبي موسى عليه السلام بعد فراره .

ويفيد بأن من رأى أنه يفر وهو يعلم سبب فراره، فإنه يتوب .

ويوضح النابلسي أن فرار الجيش يدل على النصرة . بينما فرار الكفار هو فرار بمعناه الحرفي، لقوله تعالى: "وقذف في قلوبهم الرعب" .

وأخيرًا، يذكر المؤلف أنه إذا رأى الشخص في منامه أنه يفر من عدوه حتى دخل غارًا، فإن ذلك يعني أنه يأمن من عدوه .

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: رؤية الفرار في المنام تميل غالبًا إلى أحد وجهين بحسب السياق: إن كان الفرار من عدو تُهابه أو من خطرٍ تُحسّ به، فهو أمنٌ ونجاةٌ وتيسيرٌ وربما تبشير بالتوبة والإنابة إلى الله، وقد يدل للجيش على النصر. أما إن كان الفرار بلا خوفٍ ظاهر ولا مُطارد، فقد يُؤوَّل بدنوّ الأجل، ويكون للكفار فرارًا على حقيقته. وكلّ ذلك يُرجَّح بحسب حال الرائي وقرائن حلمه. هذا ما عليه جمهور المعبّرين كابن سيرين والنابلسي، مستأنسين بآيات الكتاب العزيز الدالّة على أن الأمن من الله، وأن الفرار لا ينفع من الموت إن وقع قضاؤه.

تحليل الرموز والعناصر والمعاني المحتملة:

• رمز الفرار نفسه: في لسان المعبّرين هو علامة رجوعٍ إلى الله وأمنٍ وتوبة، لقوله تعالى على لسان أنبيائه: ففرّوا إلى الله، وقد جعل النابلسي الفرار في المنام إنابةً وولايةً وأمنًا وتوبة وربما موتًا، وخصّص فقال: من فرّ من عدوٍ يخافه أمِن منه، وللجيش يكون الفرار نصرة، وللكفار فرارٌ بعينه، ومن رأى أنه يفر ولا يخاف فإنه يموت.
• فرار بلا سببٍ ظاهر: قرنه النابلسي بمعنى الموت لقوله تعالى: قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل.
• فرار من عدو: عند ابن سيرين هو أمان وبلوغ مراد، مستأنسًا بقصة موسى عليه السلام: ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكمًا. كما ذكر أن من دعا رجلًا وهو يفرّ منه فلا يقبل قوله، لقوله تعالى: فلم يزدهم دعائي إلا فرارًا.
• فرار من الموت أو القتل: عند ابن سيرين يدل على قرب الأجل، لقوله تعالى: قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل.

الربط بالمصادر الثقافية العربية والإسلامية:

• القرآن الكريم أصلُ الاستدلال: تثبيت معنى أن الفرار لا يجدي من الموت جاء صريحًا في قوله تعالى: قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل. كما أن النداء الإيماني إلى الفرار إلى الله يؤكّد معنى التوبة والإنابة في الرمز.
• أقوال المعبّرين:
  • النابلسي: نصّ على أن الفرار رجوع إلى الله وأمن وتوبة أو موت، مع تفصيل الحالات: من العدو أمن، للجيش نصرة، للكفار فرارٌ حقيقي، والفرار بلا خوف علامة موت.
  • ابن سيرين: فصّل أن الفرار من الموت أو القتل قربُ أجل، ومن العدو أمنٌ وبلوغُ مراد، وذكر قرائن إضافية كحال مَن يختفي من عدوّه.

التفسير النفسي والحياتي الممكن:

• من منظور نفسي، الفرار صورة من استجابة "الكرّ والفرّ" الطبيعية تحت الضغط؛ فإن كان الحالم يمرّ بقلق أو موقف مُهدِّد، فقد يكون المنام حديث نفس يعكس محاولته تجنّب مواجهةٍ ما. حينها يُنصح بالتثبّت: إن طغت الضغوط النفسية وكان الحلم مُضطربًا متفرّقًا فهو أقرب إلى الأضغاث وحديث النفس، لا إلى الرؤيا المحكمة. أمّا إن كان الحلم واضحًا موجزًا مؤثّرًا في القلب، فقد يحمل رسالة تبشير بالأمن إن كان هناك مطاردٌ معلوم، أو تذكيرًا بالإنابة إن كان الفرار بلا سبب ظاهر. وهذا ينسجم مع ضوابط التمييز بين الرؤيا وحديث النفس، ومع قاعدة تقديم وجوه الخير متى أمكن.

نصائح عملية:

• إن كان حلمك فرارًا من خطر محدّد تعرفه في حياتك، فالغالب أنه يُبشّرك بالأمن وتيسير الأسباب مع حسن التوكّل والأخذ بالأسباب. هذا المعنى يقرّره النابلسي وابن سيرين في باب الفرار.
• إن كان فرارًا بلا خوفٍ ولا مُطارِد، فراجِع حالك مع ربك، وجدّد التوبة، وداوم على الأذكار والعمل الصالح؛ إذ ربط المعبّرون ذلك باقترابِ الأجل وبالتنبيه للإنابة.
• إن التبس عليك السياق، فاذكر تفاصيل حلمك: مِمَّ فررت؟ أكان ثمّة من يلاحقك؟ هل شعرت بالخوف؟ وما حالك ويقظتك من همٍّ أو ضغط؟ فتتبيّن الدلالة بدقّة.

إن رغبتَ بتأويلٍ أدقّ، فضّلًا اذكر تفاصيل الحلم ووقته وحالك عند الرؤيا، وسأستكمل لك التعبير وفق القرائن.

المراجع

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 119-120. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 173. ISBN: 9789953724072.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 950-952.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017).

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 929-930.

بيان منهجي

ملاحظة حول النسبة: نُشير إلى أن نسبة كتاب "تفسير الأحلام الكبير" لمحمد بن سيرين محلّ نقاش تراثي بين المحققين، وأن الكتاب المتداول هو مدونة تفسيرية منسوبة لابن سيرين رحمه الله، جُمعت ونُقلت عبر أجيال من المفسرين. نتعامل معه باعتباره مرجعًا تراثيًا في علم تعبير الرؤى، دون القطع بصحة النسبة التاريخية الكاملة.