تفسير حلم الوطء: دلالاته عند ابن سيرين والنابلسي ومعانيه

دليل شامل لتفسير رؤية الوطء في المنام وفق ابن سيرين والنابلسي: بشائر بلوغ المراد إن كان في الحلال، وتحذير من طلب الأمر من غير بابه إن كان في الدبر.

فريق مفاتيح المنام
6 دقيقة
الوطءتفسير الأحلامابن سيرينالنابلسيرؤيا الوطء
تفسير حلم الوطء: دلالاته عند ابن سيرين والنابلسي ومعانيه

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن رؤية الوطء في المنام تحمل دلالات متعددة.

يوضح ابن سيرين أن الوطء بشكل عام يدل على بلوغ المراد والسعي فيما يطلبه الإنسان أو يرجوه من أمور الدين والدنيا، مثل السفر، الحرث، الدخول على السلطان، أو ركوب السفن، وطلب الضال. ويرجع ذلك إلى أن الوطء يتضمن لذة ومنفعة مع بذل جهد ومداخلة. ويبيّن أن الوطء قد يشبه القتل، وأن الذكر يشبه الخنجر أو الرمح، خاصة إذا كان هناك سفك للدماء.

ويشير محمد بن سيرين إلى أنه إذا وطئ الرجل زوجته، فإنه ينال منها ما يأمله، أو تنال هي منه بالنفقة والرعاية. أما إذا وقع الوطء في أشهر الحج أو دلت الرؤيا على ذلك، فإنه يعني أن الرائي سيطأ الأرض الحرام ويبلغ مراده.

كما يذكر ابن سيرين أن اكتمال اللذة في الوطء قد يدل على أن ماء الرجل (النطفة) يمثل ماله الذي ينفقه في مكان طيب. وإذا رأى أنه أحرز شيئاً من نطفتة أو رآها في ثوبه، فإنه ينال مالاً من ولد أو غيره.

وينبه ابن سيرين إلى أن الوطء قد يدل على ارتكاب المحرمات من النساء والرجال إذا كان هناك ما يقوي هذا التأويل في الرؤيا.

ويفصل في الوطء في الدبر، فيذكر أنه يدل على طلب أمر عسير من غير وجهه الصحيح، وأن هذا الأمر قد لا يتم، مما يؤدي إلى ذهاب المال والنفقات، وذهاب العمل هباءً، لأن الدبر لا تستقر فيه النطفة ولا تعود منه فائدة كما هو الحال مع الفرج.

ويضيف محمد بن سيرين في سياق تفسير العلاقات الجنسية، أن نكاح الذكران يختلف تأويله بحسب حال المنكوح؛ فإن كان شاباً، ظفر الناكح بعدوه. وإن كان شيخاً، ظفر بمركزه وعلا حظه. وإن كان معروفاً، قهره وظلمه. وإن كان طفلاً، ركب أمراً لا يليق به. ويرى أنه إذا كان بينهما ميل، ينال أحدهما خيراً من الآخر، وقد يجتمعان على أمر مكروه. وأما مناكحة الميت، فيرى أن المفعول به ينال خيراً من الفاعل، أما الحي، فقد ينال ميراثاً أو خيراً من أهل الميت أو عقبه، وقد يتصدق الحي على الميت أو يدعو له. وإن كانت الميتة مجهولة، فإن أمراً يطلبه الحي يُحيى له.

كما يربط محمد بن سيرين بين مفهوم الوطء ومعالجة الأمور الصعبة، مشيراً إلى أن الافتضاض (وهو نوع من اختراق العذرية) يشبه معالجة الأمور الصعبة كلقاء السلاطين، أو الحرب، أو فتح البلاد، أو البحث عن الكنوز والعلوم المخفية. فإن نجح الإيلاج في المنام دل على النجاح في اليقظة، وإن تعذر الإيلاج أو حدث ما يعيق، دل ذلك على ضعف الحيلة أو بذل المال للتخلي عن الهدف.

تفسير عبد الغني النابلسي

وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن رؤية "الوطء" في المنام تدل على بلوغ المراد مما يطلبه الإنسان أو ما هو فيه أو ما يرجوه من دين أو دنيا، كالسفر والحرب والدخول على السلطان والركوب في السفر وطلب القتال، لأن الوطء فيه لذة ومنفعة، ولعب ومداخلة .

ويبيّن النابلسي أن الرجل إذا وطئ زوجته في المنام، فإنه ينال منها ما يرجوه، أو تنال منه هي ذلك .

ثم يستدرك المؤلف، مشيراً إلى أن الوطء في الدبر يدل على طلب أمر عسير من غير وجهه، ولعله لا يتم، وقد يذهب فيه مال الرائي .

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: رؤية الوطء في المنام – على الجملة – بشارة ببلوغ المراد وتيسير المطلوب في أمرٍ من أمور الدين أو الدنيا، كالسفر، أو قضاء حاجة، أو نيل منفعة. ويشتد التأويل بحسن الحال وكونه في موضعه الحلال؛ أما الوطء في الدبر فيدل غالباً على طلب أمرٍ من غير بابه وتعسّره وذهاب نفعه. وإن كان ما رآه الرائي من جنس الاحتلام الذي يكون معه إنزال، فذاك لا تأويل له. هذا كله على سبيل الإجمال حتى ترد تفاصيل أكثر من حال الرائي ومشهد المنام.

تحليل الرموز والعناصر:

  • رمز الوطء: قرّره النابلسي أنه يدل على بلوغ المراد ونيل المنفعة، لما فيه من لذة ومداخلة، ويُشبَّه بما يُطلب من أسفار ومراجعة سلطان وسعي في قتال أو غلبة خصم، لما يجتمع فيه من جهدٍ ومكسبٍ ومعاودةٍ للأمر حتى يُنال المقصود. انظر نصه: “هو في المنام يدل على بلوغ المراد مما يطلبه الإنسان… كالسفر والحرب والدخول على السلطان… لأن الوطء لذة ومنفعة وفيه لعب ومداخلة”.
  • عند ابن سيرين: إذا وطئ الرجل زوجته نال منها ما يرجوه أو نالت هي منه نفقةً ورعايةً، وإن تمت اللذة فالنطفة تُعبَّر عن المال الذي ينفقه الرائي في موضع طيب، ومن رأى النطفة في يده أو ثوبه نال مالاً من ولدٍ أو غيره. كما نبّه إلى أن الوطء قد يدل على ارتكاب المحرم إن عضدته قرائن في المنام. وأكّد أن الوطء في الدبر علامة طلب أمر عسير من غير وجهه وقد لا يتم ويذهب فيه المال والجهد. وأما افتضاض البكر فتمثيل لاقتحام الأمور الصعاب؛ فإن تمّ الإيلاج نُجِح المطلوب، وإن تعذّر دلّ على ضعف الحيلة أو الانصراف عن الهدف.
  • ضابط مهم: بيّن أهل التعبير أن كل نكاح يُرى معه خروج المني في المنام فهو من جنس الاحتلام ولا تأويل له؛ لأنّه أثرٌ بدنيّ لا معنى رمزيّ له.

الربط بالموروث الثقافي والشرعي:

  • الأصل في التعبير تقديم وجه الخير ما أمكن، وردّ الألفاظ إلى معهود لسان العرب ومقاصد الشرع؛ فالوطء في مكانه الحلال يُحمَل على المنفعة والبلوغ، وفي غير موضعه – كالدبر – يدل على طلب الفاسد أو سلوك غير السبيل، وهو مما يوافق قواعد الاعتبار عند المعبرين المعتبرين كابن سيرين والنابلسي المتقدم ذكرهما.

التفسير النفسي والحياتي الممكن:

  • قد يرمز الوطء إلى اندماجٍ ناجح بين عنصرين في حياتك: مشروع وشريك، فكرة وتنفيذ، أو سعيٍ وجهدٍ يثمر نتيجةً مرضية. إن كان السياق شرعياً وحلالاً في المنام فذلك أدعى لبشارة تحقق أهدافك أو قضاء حاجة. أما إن ظهر على وجهٍ منكر (كدبرٍ أو محرمٍ أو مع غصبٍ أو قهر) فقد يعكس اندفاعاً نحو حلٍ مختصر أو بابٍ مسدود، أو سعياً في مصلحة بوسيلة غير سليمة؛ والحكمة هنا إعادة تقييم المسار والوسائل حتى تُصيب وجهها الصحيح.

تنبيه وطلب تفصيل:

  • لفظ “وطء” وحده لا يكفي لتعبيرٍ دقيق. إن رغبت بتعبيرٍ أوفى فاذكر: حالك الاجتماعية والدينية، ومَن الموطوء؟ أفي حلّ أم في حرمة؟ وموضع الوطء، وهل كانت لذّة أو إنزال؟ وكيف انتهى المشهد؟ فبهذه القرائن يتحدد الوجه الراجح للتأويل. وإن كان ما رأيت من باب الاحتلام مع إنزال، فاطمئن؛ لا تُبنى عليه دلالة رمزية كما قرّره أهل التعبير.

نصيحة:

  • قدّم وجوه الحلال في مقاصدك، وتجنّب الطرق الملتوية؛ فإن دلّت رؤياك على عائقٍ أو طلبٍ من غير بابه، فالأولى تصحيح الوسيلة وطلب العون من الله، والإكثار من الدعاء والاستغفار، والمضيّ في الأسباب المشروعة.

المراجع

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1377-1379.


بيان منهجي

ملاحظة حول النسبة: نُشير إلى أن نسبة كتاب "تفسير الأحلام الكبير" لمحمد بن سيرين محلّ نقاش تراثي بين المحققين، وأن الكتاب المتداول هو مدونة تفسيرية منسوبة لابن سيرين رحمه الله، جُمعت ونُقلت عبر أجيال من المفسرين. نتعامل معه باعتباره مرجعًا تراثيًا في علم تعبير الرؤى، دون القطع بصحة النسبة التاريخية الكاملة.