تفسير حلم المرض لابن سيرين والنابلسي: أبرز الدلالات
دليل شامل لتفسير حلم المرض وفق ابن سيرين والنابلسي: معاني الحمى والأوجاع والألوان والرموز، متى تكون بشارة شفاء أو إنذارًا، ونصائح لتمييز الرؤيا.
تفسير محمد بن سيرين
وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن تفسير رؤية المرض وما يتعلق به تتنوع دلالاتها حسب السياق وظروف الرؤيا.
يشير ابن سيرين إلى أن رؤية الشراب الأصفر اللون في المنام تعد دليلاً على المرض ، وكذلك الثمار والفواكه الصفراء اللون . وأما ما كان حامضًا من الثمار، فيدل على الهم والحزن، بينما ما كان أخضر منه ليس بمرض . ويذهب محمد بن سيرين إلى أن غالبية الأمراض في التأويل تتعلق بالدين، مستشهدًا بقوله تعالى: "في قلوبهم مرض" . إلا أنه يذكر أن هذه الأمراض الدينية قد توجب صحة البدن .
ويرى ابن سيرين أن رؤية الشخص نفسه مريضًا تدل على الفرح والظفر وإصابة المال لمن كان مكروبًا . أما الأغنياء، فقد تدل لهم رؤية المرض على الحاجة، حيث أن العليل محتاج . كما يفيد أن من كان ينوي السفر ورأى أنه مريض، فإن ذلك يدل على وجود عائق يمنعه عن سفره، لأن المرضى ممتنعون عن الحركة .
ويوضح أن الأمراض الباردة تدل على التهاون في الفرائض والواجبات، وأن عقوبة الله قد نزلت بصاحبها . أما الأمراض الحارة، فيأولها على أنها تأتي من جهة السلطان . وبالنسبة لمرض اليبوسة، فيبين أنه لمن أسرف في ماله دون رضا الله، أو أخذ ديونًا وأسرف فيها ولم يقضها، فنزلت به العقوبة . أما الرطوبة، فيعتبرها دليلًا على العسر والعجز عن العمل .
ويشير إلى أن الزكام يدل على مرض يسير تعقبه عافية وغبطة . ويرى أن البرسام (التهاب الدماغ) يدل على أن الرائي رجل جريء على المعاصي، وقد نزلت به عقوبة من السلطان، وهو إنذار له ليتوب . أما من رأى أنه مبطون (مصاب بالزحار)، فقد أنفق ماله في معصية وهو نادم عليه ويريد التوبة . وإذا أصابه القولنج، فقد قتر على أولاده وأهله في القوت، ونزلت به العقوبة . في المقابل، يذكر أن وجع البطن يدل على صحة القرباء وأهل البيت . ويفسر وجع السرة بأنه يدل على أن صاحبه يسئ معاملة زوجته . ويرى أن وجع القلب دليل على سوء السيرة في أمور الدين، وأن مرض القلب دليل على النفاق والشك، مستشهدًا بقوله تعالى: "في قلوبهم مرض" . وأن الكرب في القلب دليل على التوبة . وأما وجع الكبد، فهو في التأويل إساءة للولد، لأن الأولاد هم أكبادنا، وقطع الكبد يدل على موت الولد، وقرح الكبد يدل على غلبة الهوى والعشق . ويشير إلى أن وجع الطحال دليل على إفساد صاحبه مالًا عظيمًا كان به قوامه وقوام أهله وأولاده، مما أشرفوا معه على الهلاك . وإذا اشتد وجع الطحال حتى خيف عليه الموت، فإنه يدل على ذهاب الدين، ويعوذ بالله من ذلك . وإذا كانت الرئة عفنة، دل ذلك على دنو الأجل، لأنها موضع الروح . وجع الظهر يدل على موت الابن، حيث قيل "موت الابن قاصمة الظهر" . وقد يرجع تأويل وجع الظهر إلى من يتقوى به الرجل من ولد أو رئيس أو صديق . وإذا رأى انحناء في ظهره من الوجع، فإنه يدل على الفطر والهرم . نقصان الفخذ يدل على قلة العشيرة والغربة عن الأهل والوحدة . ووجع الفخذ يدل على أن صاحبه مسيء إلى عشيرته . وجع الرجل يدل على كثرة المال . وقطع الخمص يدل على الزمانة . فمن رأى رجليه قطعتا فبانتا منه، ذهب ماله أو مات . وإن رأى إحدى رجليه قطعت، ذهب نصف ماله أو ذهبت قوته .
وأما العقر، فإذا كان من عقر الخف، فإنه يناله هم ويصيبه من ذلك الهم نكبة . وإذا عقره إنسان، فإن المعقور يناله من العاقر نكبة تصير حقداً عليه . كما أن من رأى رجله اليمنى اعتلت وانكسرت أو انخلعت، فإن كان بها جرح، فإن ابنه يمرض . وإن رأى ذلك في رجله اليسرى وكان له ابنة خطبت، وإن لم يكن له بنت ولدت له بنت . أما إذا رأى انكسار رجله وهو يريد سفراً، فليقم ولا يبرح . وإن خلعت، فإن امرأته تمرض . وإن طالت إحدى ساقيه على الأخرى، فإنه يسافر سفراً . ويفيد أن من رأى أنه أعرج أو معقد ولا تقله رجله، فذلك ضعف مقدرته عما يطلبه . ومن رأى كأن به أدرة، أصاب مالًا لا يأمن عليه أعداءه . ومن رأى كأن بعض أعضائه وجع لا صبر له عليه، فإنه يسمع قبيحًا من قريبه الذي ينسب إليه ذلك العضو . والوجع: إذا رأى كأن إنسانًا خدش عضوًا من أعضائه، فإنه يضره في ماله وفي بعض أقربائه . فإن رأى في الخدشة قيحًا أو دمًا أو مدة، فإن الخادش يقول في المخدوش قولًا وينال المخدوش بعد ذلك مالًا . كما يذكر أن من رأى كأن جبهته خدشت، فإنه يموت سريعًا .
ويقول ابن سيرين أن كل أثر في الجسد فيه قيح أو مدة فهو مال . وكل زيادة في الجسم إذا لم تضر صاحبها، فهي زيادة في النعمة . ويضيف أن من رأى أنه جُدري، فهو زيادة في ماله . وإن رأى أن ولده جُدري، ففضل يصير إليه وابنه . وكذلك القروح في الجسد زيادة في المال . وإذا رأى في يده قروحًا تسيل منها مدة، فإن مالًا ينفعه ولا يضره ذلك . والحصبة اكتساب مال من سلطان، وقيل هي تهمة . وأما الرعشة، فإنها عسر في الأمور التي تنسب إلى ذلك العضو المرتعش . وبينما يرتعش فخذه، دخل عليه عسر من قبل عشيرته . وارتعاش الرجلين عسر في المال . وأما الطاعون، فهو الحزن، فمن رأى أنه أصابه الطاعون أصابه حزن، كما لو رأى أنه أصابه حزن أصابه الطاعون . ومن رأى كأن أعضاءه قُطعت، فإنه يسافر وتتفرق عشيرته، لقوله تعالى: "وقطعناهم في الأرض أممًا" . وأما العنة، فإن صاحبها يظل معصومًا زاهدًا في الدنيا، ولا يكون له ذكر البتة، فإن زالت عنه العنة، فإنه ينال دولة وذكرًا . وقيل من رأى أنه تزوج بامرأة واشترى جارية فلم يقدر على مجامعتها لعنة، فإنه يتجر تجارة بلا رأس مال ولا تجلد .
وفيما يتعلق ببعض الأمراض والأعراض المحددة، يشير ابن سيرين إلى أن السفرجل قد كرهه أكثر المعبرين، وقالوا أنه مرض لصفرة لونه ولما فيه من القبض، وقيل أنه يدل على السفر . أما الخوخ في غير وقته، فيدل على مرض شديد . ويذكر أن ما كان حامضًا من الخوخ خوف، وشجر الخوخ رجل شجاع منفق . وبالنسبة للمشمش، فهو مرض، وأكل الأخضر منه صدقة بدنانير وبرء من مرض، وأكل الأصفر نفقة مال في مرض . ومن رأى كأنه يأكل مشمشًا من شجرة، فإنه يصاحب رجلًا فاسد الدين كثير الدنانير . والتقاط المشمش من شجرة قد يدل على الزواج بامرأة في يدها مال من ميراث . فإن كان بعض السلاطين التقط مشمشًا من شجرة التفاح، فإنه يضع في رعيته مالًا غير محمود . وشجرة المشمش تدل على رجل كثير المرض . وقال بعضهم بل هي رجل منقبض مع أهله ومنبسط مع الناس، جرئ غير جبان . فإن كانت موقرة بحملها، فإنها تدل على رجل صاحب دنانير كثيرة . وإذا كان مشمشًا أخضر، كان رجلًا صاحب دراهم كثيرة . ومن كسر غصنًا من شجرته، فإنه يجحد مالًا أو ينكسر عليه أو يترك صلة أو صيامًا ويفسد مالًا ليس له . فإن كسر من شجرة غير مثمرة غصنًا ليتخذه عصا، فإنه ينال منه سرورًا .
ويرى محمد بن سيرين أن الحمى في التأويل غير محمودة، وهي نذير الموت ورسوله . وكل من يرى أنه محموم، فإنه يشرع في أمر يؤدي إلى فساد دينه . ودوام الحمى إصرار على الذنوب . والحمى الغب ذنب تاب منه بعد أن عوقب عليه . والنافض تهاون . والضارب تسارع إلى الباطل . وحمى الربع تدل على أنه أصابه عقوبة الذنب وتاب منه مرارًا ثم نكث توبته . وقيل إن من رأى كأنه محموم، فإنه يطول عمره ويصح جسمه ويكثر ماله .
أما البرص، فإنه يدل على إصابة كسوة من غير زينة، وقيل هو مال . ومن رأى كأنه أبلق، أصابه برص . والثآليل مال نام بلا نهاية يخشى ذهابه . والجرب إذا لم يكن فيه ماء، فهو هم وتعب من قبل القرباء . وإن كان في الجرب ماء، فإنه إصابة مال من كد . وقيل إن الجرب في الفقراء يدل على ثروة، وفي الأغنياء يدل على رياسة . وقيل إذا رأى الجرب أو البرص في نفسه، كان أحب في التأويل من أن يراه في غيره . فإن رآه في غيره نفر عنه، وذلك لا يحمد في التأويل . والبثور إذا انشقت وسالت صديدًا، دلت على الظفر . والمدة في البثور والجرب والجدري وغيرها، تدل على مال ممدود . والجدري زيادة في المال، وكذلك القروح والحصبة اكتساب مال من سلطان مع هم وخشية وهلك . أما الحكة في الجسد، فتفقد أحوال القرابات وافتقادهم واحتمال التعب منهم . والدماميل مال بقدر ما فيها من المدة . والدرن على الجسد والوجه كثرة الذنوب . وذهاب شعر الجسد ذهاب المال . وأما الجذام، فمن رأى أنه مجذوم، فإنه يحبط عمله بجرأته على الله تعالى، ويرمى بأمر قبيح وهو منه بريء . فإن رأى أن الجذام ظهر في جسده زيادة وورمًا، فهو مال باقٍ، وقيل هو كسوة من ميراث . ومن رأى كأنه في صلاته وهو مجذوم، دلت رؤياه على أنه ينسى القرآن . والقوباء مال يخشى صاحبه على نفسه المطالبة من جهته . ومن رأى كأنه أقرع، فإنه يلتمس مال رئيسه ولا ينتفع به، ولا يحصل منه إلا على العناء . والمرأة القرعاء سنة جدبة . والفة في الصدع تدل على ألفة في المال . والمرض في الجبهة نقصان في الجاه .
ويرى محمد بن سيرين أن الكي العتيق والجديد إذا كان قد تقشرت القشرة منه ولم تؤلمه، فهو أعظم الدواء وأبلغه وأقواه، فعند ذلك يجري مجرى الدواء . وقيل الكي كلام موجع . وقيل الكي المستدير ثبات في أمر السلطان أو ملك بخيل في السنة . وقيل الكي يدل على التزويج أو على الولادة . ويشير في موضع آخر إلى أن قحل الوجه وتشققه هو قلة الحياء، ومن رأى أن وجهه طري صبح، فهو صاحب حياء . وحكي أن رجلاً رأى كأن أباه قد مرض، فعرض له وجع في رأسه، وذلك أن الرأس تدل على الأب .
وفيما يخص رؤيا المريض، فيستحب له أن يرى نفسه سمينًا أو طويلًا أو عريضًا، أو يرى الغنم والبقر من بعيد، أو يرى الاغتسال بالماء، فهذه كلها دليل الشفاء والعافية للمريض . وكذا لو رأى كأنه شرب ماءً عذبًا، أو لبس إكليلًا، أو صعد شجرة مثمرة، أو ذروة جبل . فإذا رأى في نفسه نقصانًا من مرض، فهو قلة دين . وليس مستحبًا للمريض أن يرى نفسه مضمخًا بالدم، أو راكبًا بعيرًا، أو حمارًا، أو خنزيرًا، أو جاموسًا . وكل دواء سهل المشرب والمأكل فهو دليل على شفاء المريض . وأما الدواء الكريه الطعم الذي لا يكاد يسيغه، فهو مرض يسير يعقبه برء . وقيل إن الشربة الطيبة الطعم السهلة المشرب والمأكل صالحة للأغنياء، وأما للفقراء فهو رديء، لأنهم لا يمدون أعينهم إليه إلا بسبب مرض يعرض لهم ويضطرهم إلى شربها .
ومن رأى أنه مريض مشرف على النزع ثم مات وتزوجت امرأته، فإنه يموت على كفر . ومن رأى امرأته مريضة، حسن دينها . ومن رأى شعر رأسه تناثر حتى صلع، فإنه يخاف عليه ذهاب ماله وسقوط جاهه عند الناس . ومن رأى امرأة صلعاء، دل على أمر مع فتنة . ومن رأى كأنه أجلح، ذهب بعض رأس مال رئيسه وأصابه نقصان من سلطان أو جهة . وقيل إن كان صاحب الرؤيا مديونًا، أدى دينه . ومن رأى كأنه في صلاته وهو مجذوم، دلت رؤياه على أنه ينسى القرآن .
تفسير عبد الغني النابلسي
وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن رؤية المرض في المنام تحمل دلالات متعددة تختلف باختلاف سياق الرؤيا وحال الرائي.
تفسيرات عامة للمرض: يذكر النابلسي أن رؤية المرء مريضاً قد تدل على مواجهة خصمه في اليقظة، وأن خصمه سيغلبه. كما يفسر رؤية المريض بأنها قد تعني كثرة الأباطيل والفساد. ويرى أن المرض في المنام قد يدل على همٍّ يصيب الرائي بقدر شدة مرضه، وقد يشير إلى خوفه من أمر ما وترقبه لشيء في تلك السنة. ويفيد النابلسي أن من يرى نفسه مريضاً قد يرزق الصحة في الواقع. كما قد تعني الرؤيا قهر الأعداء، وعيش حياة هنية، ونيل مال عظيم، وطول العمر، والحصول على حصون وقاية، خاصة لمن هو في شدة حيث ينجو. أما لعامة الناس، فيشير إلى أن المرض يدل على البطالة، وبالنسبة للأغنياء، يدل على الحاجة. ويضيف النابلسي تفسيرات أخرى للمرض، منها أنه قد يعني إنفاق المال، أو أنه توبة ودعاء وتضرع إلى الله. ويربط النابلسي المرض بالنفاق، مستشهداً بالآية الكريمة: «في قلوبهم مرض». كما أن رؤية المريض قد تدل على نقص في الدين مع صحة في الجسد في تلك السنة. وإذا طال مرض الرائي وتساقطت ذنوبه، فيشير إلى أنه يموت على خير حالة ويلقى الله تعالى.
تفسيرات لأمراض وأجزاء معينة من الجسد وأشخاص مرتبطين: يشير النابلسي إلى أن رؤية الأب مريضاً تعني أن الرائي سيعاني من وجع في رأسه، لأن الرأس دليل على الأب. ويرى أن مرض المرأة في المنام قد يدل على انفصالها عن زوجها، ومرض الرجل يدل على عزله عن زوجته. ويوضح أن مرض العلماء يدل على ضعف في الدين، كما أن مرض المؤدب يعني تشتت صبيانه وتفرقهم عنه. ويرى أن مرض الطفل ينذر بالهم والنكد لوالديه. وإذا رأى شخص أن ابنيه مريضان، فإن عينيه تصابان بالرمد. ويفيد أن المحارب إذا رأى نفسه مريضاً، فإنه سيجرح. وإن رأى أن زوجته مريضة، فإن دينها ينقص وتصح أجسادها. ويفسر المرض الحار بأنه همٌّ من سلطان، والمرض اليابس بأنه نفقة مال في غير طاعة الله، والمرض المختلف بأنه عذاب وتهاون بالفرائض. كما يذكر النابلسي أن الطفل المريض إذا شُفي في المنام، فإنه يموت. ويذكر أن رؤية ما يتمناه الرائي موته قد مرض، تدل على الفرج. ويفسر "داء الثعلب" في المنام بزوال المنصب، ويرى أن "داء الفيل" يدل على حب الدنيا من غير وجهها. يشير النابلسي إلى أن وجع الرئة دليل على دنو الأجل، لأنها موضع الروح. كما يوضح أن وجع الظهر قد يدل على موت الأخ، وقد يؤول إلى الشخص الذي يتقوى به الرجل كولد أو أب أو صديق. وإن رأى في ظهره انحناءً من الوجع، فإنه يدل على الافتقار والهرم. ويشير إلى أن وجع الفخذ يدل على الإساءة إلى العشيرة، ووجع الرجل يدل على المشي في غير طاعة الله تعالى. ويذكر أن وجع الذكر يدل على الإساءة إلى قوم يذكرونه بالسوء ويدعون عليه. ويفيد أن اصفرار اللون في المنام هو مرض. ويذكر النابلسي أن الورم في البدن إذا رآه الإنسان، فهو زيادة في ذات اليد وحسن حال واكتساب علم، وقد يدل على مال دائم، ولكنه قد يدل أيضاً على الخيلاء والعجب والدعوى الباطلة. ويوضح أن الوباء في المنام هو أذى ينزل بالناس من السلطان، كالحبس أو القصد بالشر. ويفسر النابلسي الحمى بأنها قد تدل على طول العمر وصحة الجسم وكثرة المال، وأن يلجأ الناس إلى الرائي، أما الحمى النافض، فتدل على التهاون في أمور الدين، وقد تدل الحمى على حمام يدخله الرائي فيناله كرب وعطش.
تفسيرات الأمراض العامة والتأثيرات المجتمعية: ويبيّن النابلسي أن رؤية الناس كلهم مرضى ولا يوجد من يقضي حوائجهم، فإن ذلك يدل على حصار البلد. كما يشير إلى أن المرض العام في الناس دليل على القحط وكساد المعاش، وربما دل على النفع للأطباء وأرباب الأكفان.
مفاهيم مرتبطة وسيناريوهات خاصة: ويوضح النابلسي أن المرض في المنام قد يدل على العشق، والعشق أيضاً مرض. ومن رأى في المنام شخصاً يعرفه مريضاً، فإن المرض سيعرض له، وإن رأى رجلاً غير معروف مريضاً، فإن المرض يعود على صاحب الرؤيا. ويذكر أن المريض إذا تمرغ بالدسم، أو رأى أنه يركب خنزيراً أو بعيراً أو ثوراً، فيُخشى عليه الموت. وإذا رأى المريض في المنام أنه أعتق عبداً، فإنه يموت، لأن الميت لا يملك شيئاً. ويشير إلى أن مرض الحيوان يدل على تعذر النفع من الشيء الذي يدل عليه الحيوان، مثل غلام أو ولد أو رقيق.
تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)
التأويل: أعتذر؛ كلمة “المرض” وحدها لا تكفي لتعيين معنى دقيق للرؤيا. على العموم: يدلّ المرض في المنام غالبًا على نقصٍ في الدين مع صحة في البدن، وقد يأتي بمعنى همّ بقدره، أو توبةٍ وإنفاقٍ ودعاء، وقد يبشّر أحيانًا بقهر الأعداء ونيل مال وطول عمر لمن كان في شدة، وتختلف الدلالة بتفاصيل الرؤيا وحال الرائي. وإن شئتَ تعبيرًا أدقّ فاذكر: من المريض؟ ما نوع المرض وأعراضه؟ ماذا فعلتَ/فعلَ المريض في المنام؟ وأين كان؟
التحليل:
- الرموز والعناصر:
- المرض كرمز شرعي ولساني: جاء في القرآن وصف النفاق بالمرض: في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضًا؛ لذا تُحمَل رؤيا المرض على معنًى ديني كالنقص أو النفاق إذا خلا المنام من قرائن أخرى، مع ملاحظة أنها قد تقترن بصحة البدن في السنة نفسها.
- دلالات عامة للمرض:
- قد يكون همًّا يصيب الرائي بقدر شدّته، أو علامة توبةٍ وإنفاقٍ ودعاءٍ وتضرّع، وقد يدل على العشق لأنه “مرض” أيضًا.
- من رأى نفسه مريضًا رُزق صحة، وقد يقهر أعداءه وينال مالًا ويفرح ويطول عمره، خاصة إن كان في شدة ثم رأى المرض فذلك نجاة له بإذن الله.
- المرض العام في الناس يدل على قحط وكساد المعاش أو حصار، وينتفع به أهل الطب والكفن في اليقظة.
- قرائن تفصيلية مهمة تغيّر الحكم:
- الحمى: تُرى رسولًا وإنذارًا يَحمل على إصلاح ما بين العبد وربه؛ وقد تدل على التكفير وقضاء الدين، وتطويل العمر والصحة وكثرة المال، وتفصيلها: الغِب ذنب عوقب عليه وتاب، والنافِض تهاون، والضارب تعجّل إلى الباطل، وحُمّى الربع تكرار ذنب مع توبة ثم نكثها.
- ما يستحبّ للمريض أن يراه: أن يرى نفسه سمينًا أو طويلًا أو عريضًا، أو يرى الاغتسال بالماء، أو شرب ماءٍ عذب، أو صعود شجرة مثمرة أو ذروة جبل؛ فذلك دليل الشفاء. ولا يُستحب له أن يرى نفسه مضمّخًا بالدم، ولا راكبًا بعيرًا أو حمارًا أو خنزيرًا أو جاموسًا.
- نسبة الأعراض للأعضاء: يُنسب كل وجعٍ لمعناه؛ كوجع الظهر لما يتقوّى به المرء من ولدٍ أو أخ، ووجع الرئة لقرب الأجل لأنها موضع الروح، ونحو ذلك من ربط العضو بمعناه في العرف واللغة.
- الربط بالثقافة العربية والإسلامية:
- الأصل ردّ المعاني إلى الوحي ولسان العرب؛ فحمل المرض على النفاق والمعصية له أصل قرآني، ويُقدَّم وجه الخير ما أمكن؛ فحيث وُجدت قرائن توبةٍ وبِرٍّ صُرِف المعنى إلى البشارة، وحيث وُجدت قرائن تعدٍّ أو تهاون صُرِف إلى التحذير. وقد قرر المعبرون كابن سيرين والنابلسي هذه القواعد في أبواب المرض وأعراضه وتفصيل أنواعه وأحوال الرائي.
- البعد النفسي والحياتي:
- كثير من رؤى المرض تُشابه “حديث النفس” إذا كان الرائي مشغولًا بصحته أو بصحة قريب؛ فينعكس القلق الليلي على المنام. أما الرؤيا الصادقة فتكون وجيزة واضحة المعنى، وقد تأتي تبشيرًا بالشفاء أو تنبيهًا لإصلاحٍ ديني أو سلوكي. لذا تُستثمر الرؤيا سببًا للمراجعة الروحية والنفسية دون جزمٍ بأحكام مستقبلية.
نصيحة:
- إن كانت رؤياك مجرّد كلمة “مرض” بلا سياق، فالغالب أنها لا تحتمل تعبيرًا مُحكمًا. اذكر تفاصيلك لنعبّر أدقّ: حالك الديني والنفسي، صلة المريض بك، نوع المرض، المكان، الأفعال. وإلى أن توضّح، فخذ بالرشد: جدّد توبتك، وأكثر من الدعاء والصدقة، وخذ بالأسباب الطبية إن وُجدت أعراض في الواقع. والرؤيا لا يُبنى عليها حكمٌ شرعي ولا قرارٌ مصيري؛ إنما هي بشارة أو إنذار، والتعبير ظنٌّ واجتهاد، والصواب من الله.
المراجع
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 91-92. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 91-92. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 222-223. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 85. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 85-86. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 86. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 89. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 90-91. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 90. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 85. ISBN: 9789953724072.
بيان منهجي
ملاحظة حول النسبة: نُشير إلى أن نسبة كتاب "تفسير الأحلام الكبير" لمحمد بن سيرين محلّ نقاش تراثي بين المحققين، وأن الكتاب المتداول هو مدونة تفسيرية منسوبة لابن سيرين رحمه الله، جُمعت ونُقلت عبر أجيال من المفسرين. نتعامل معه باعتباره مرجعًا تراثيًا في علم تعبير الرؤى، دون القطع بصحة النسبة التاريخية الكاملة.
