تفسير حلم المرج في المنام: دلالاته عند ابن سيرين والنابلسي

اكتشف معنى رؤية المرج في المنام ودلالاته على الرزق والدنيا والاستقامة، مع خلاصة أقوال ابن سيرين والنابلسي ونصائح عملية لربط الرموز بحال الرائي.

فريق مفاتيح المنام
5 دقيقة
تفسير الأحلامالمرجابن سيرينالنابلسيالرزق في المنام
تفسير حلم المرج في المنام: دلالاته عند ابن سيرين والنابلسي

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن مصطلح "المرج" يحمل عدة تأويلات.

يذكر ابن سيرين أن المرج، عندما يُفهم كنباتات يؤكل منها أو كنواوير، يمثل الحياة الدنيا وزينتها وأموالها وزخرفها. ويرى ابن سيرين أن النواوير، التي تسمى زخرفاً، تشبه الذهب في تسميتها، بينما الحشيش يمثل معايش للدواب والنعام، وهو ما يرمز إلى أموال الدنيا التي ينالها كل إنسان حسب رزقه المقسوم. ويضيف ابن سيرين أن ذلك المال يعود على صورة ما يُقتات منه كاللبن والزبد والسمن والعسل والصوف والشعر والوبر، مما يشكل المال الذي به قوام الحياة.

ويشير ابن سيرين إلى أن المرج قد يدل أيضاً على كل مكان تُكسب منه الدنيا وتُعرف به وتُنسب إليه، مثل بيت المال والسوق. كما يذهب ابن سيرين إلى أن النواوير وحدها قد تشير إلى سوق الصرف والصاغة وأماكن الذهب.

وينقل عن رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم أول المرج بالدنيا وغضارتها، حيث قال: "الدنيا خضرة حلوة". فما كان منها حلو المذاق يدل على المكاسب الحلال، بينما ما كان حامضاً منه يدل على الحرام وما يناله الإنسان من هم ونصب ومرارة.

ويوضح ابن سيرين أنه إذا كان في المرج نباتات تُستخدم كدواء، فإنها تشير إلى العلوم والحكم والمواعظ، وهي خارجة عن نطاق الأموال والرزق المباشر. وإن كانت هذه النباتات ذات طعم حامض، فإن حموضتها تعود على الهم والخصومة في سبيل نيل المال والتعب.

كما يذكر ابن سيرين أن النباتات السامة القاتلة التي قد تندرج ضمن المرج، تدل على الغصب من الحرام وأخذ المال بالدين والربا، وعلى البدع والأهواء وكل ما يدخل ويخرج من الفم.

ويضيف ابن سيرين أن الهندباء وما شابهها من ذوات المرارة والحرارة، مثل الكزبرة، تدل على الهموم والأحزان والأموال الحرام.

ويوضح ابن سيرين أن النباتات التي نهي عنها في الكتاب أو السنة أو لها سبب مذموم، مثل الشبت والثوم والعدس والبصل، فإنها تدل على الكلام المقدر والرزق.

كما يُفسر ابن سيرين ما كان من النباتات أسماؤه تحمل معانٍ أقوى من طبعه، كالنّعناع والجزر، بناءً على اشتقاق أسمائها. وما ينبت بلا بذر ولا أصل في الأرض، كالكَمأة والفطر، يدل على اللقيط أو ولد الزنا أو من لا يُعرف نسبه، ومن ناحية الأموال، يدل على اللقطة والهبة والصدقة.

تفسير عبد الغني النابلسي

وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن المرج في المنام قد يدل على رزق بغير تعب، أو زوجة قليلة المؤنة، أو علم لدني، أو صدقة جارية. وإذا عُرف المرج بأنواع الكلأ والأزهار، فقد أشار النابلسي إلى أنه يؤول إلى الدنيا وزينتها وأموالها وزخرفها. وربما دل المرج على مكان تكتسب منه الدنيا وتُنال، مثل بيت المال والسوق، كما أن المرج يدل على الإسلام.

ويضيف النابلسي أنه إذا رأى الشخص نفسه في مرج أو حشيش يجمعه أو يأكله، وجب النظر في حاله. فمن كان فقيرًا استغنى، ومن كان غنيًا زاد غنى. ويرى النابلسي أن من كان زاهدًا في الدنيا عاد إليها وافتتن بها، ومن انتقل من مرج إلى مرج سافر في طلب الدنيا وانتقل من سوق إلى سوق آخر أو من صناعة إلى غيرها.

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: رؤية المرج في المنام تُبشّر في الغالب بسعةٍ في المعاش وبسطٍ في الحال، وهي دلالة على الدنيا وزينتها ووجوه الرزق، وقد تحمل بشارةً للفقير بالغنى، وللغني بزيادة النعمة، مع تنبيهٍ للزاهد إلى فتنة الدنيا إن تعلّق بها قلبه. وإن شوهد الانتقال من مرجٍ إلى مرج دلّ على طلبِ الرزق والتنقّل بين فرصٍ وأعمالٍ وأسواق. وتُحمل أحياناً على معنى الاستقامة والدخول في سعة الإسلام. هذا كلّه يُؤخذ بقرائن حال الرائي وموضع الرؤيا وما ظهر فيها من أفعال.

التحليل:

  • الرموز والعناصر:

    • المرج/الخُضرة: عند أهل التعبير يرمز إلى الدنيا وزينتها وأموالها وزخرفها، كما نصّ على ذلك النابلسي صراحةً في باب “المرج”، وذكر أنه قد يدل على رزقٍ بغير تعب أو صدقةٍ جارية أو زوجةٍ قليلة المؤونة، وأنه يدل أيضاً على الإسلام.
    • جمع الحشيش أو أكله داخل المرج: زيادة في الرزق؛ فالفقير يستغني والغني يزداد غنى، والزاهد إذا مال قلبه عاد إلى الدنيا وافتتن بها.
    • الانتقال من مرجٍ إلى مرج: سفرٌ في طلب الدنيا والتنقّل من سوقٍ إلى سوق، ومن صناعةٍ إلى أخرى.
  • الربط بالمصادر العربية والإسلامية:

    • تأويل الخُضرة والبِساط النباتي على أنها من رموز الدنيا ومعايشها مشهورٌ عند المعبّرين، وقد بسط النابلسي ذلك في “المرج” والحشيش.
    • وفي باب الزروع والمزارع عند ابن سيرين ما يدعم هذا الأصل؛ إذ جعل المزارع والسنبلة تمثيلاً لأرزاق الدنيا وأسواقها، وتداول المنافع فيها، مما يقرّب معنى المرج إلى ساحة المكاسب وتقلباتها.
  • التفسير النفسي والحياتي:

    • المرج بما فيه من سعةٍ وخضرةٍ يعكس نفسياً رغبةً في الانشراح والراحة والطمأنينة، وقد يدل على فترةِ رخاءٍ أو بحثٍ عن فرصٍ ومعاش. وإن كان الرائي مثقلاً بالهموم، فقد تكون الرؤيا رمزاً لتخفّفٍ قادم أو انفتاح أبواب سببٍ ومعونة.
    • أما لمن كان زاهداً أو منشغلاً بإصلاح قلبه، فالمرج قد يأتي تنبيهاً رفيقاً من التعلّق بزينة الدنيا والانشغال بها على حساب المقاصد الأسمى.
    • ولمن كان يخطّط لتغيير عملٍ أو بيئةٍ مهنية، فصورة “الانتقال بين المروج” تميل إلى معنى الحركة بين الأسواق والاختيارات حتى يستقرّ على ما فيه نفع.

نصيحة عامة:

  • إن رأيتَ نفسك تجمع من خيرات المرج بطمأنينة ومن غير إسراف، فهي علامة رجاءٍ برزقٍ حلال وتيسير أمر؛ وإن شعرتَ بافتتانٍ بزخرفه، فاستصحب نية الاعتدال والاقتصاد، واجعل الدنيا في يدك لا في قلبك. تدل نصوص النابلسي على قوة هذا المعنى في “المرج” و”الحشيش”.

تنبيه:

  • يبقى التعبير ظنّاً واجتهاداً، ويتقوّى بذكر تفاصيل حال الرائي وما شاهده من أفعالٍ أو كلمات داخل المرج؛ فكلُّ قرينةٍ تُرجّح وجهاً من الوجوه.

عن المصادر

الكتاب المنسوب لابن سيرين هو مدونة تفسيرية جُمعت عبر أجيال، ونسبتها لابن سيرين محل خلاف بين المحققين.