تفسير حلم الدم: دلالات ابن سيرين والنابلسي ورموزه الشاملة

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، يُعد الدم في عالم الرؤى مالًا حرامًا أو إثمًا . فمن رأى أنه يتشحط فيه، دل ذلك على تقلبه في مال حرام أو ارتكابه إثمًا عظيمًا .

ويشير ابن سيرين إلى أن الدم الغالب الذي لا يمكن دفعه، سواء ظهر في بئر، أو خابية، أو جرة، أو في مواضع الماء كالأوعية والمجاري والأحواض، يعني ابتلاءً بالدم أو بالمال الحرام . بينما يرى ابن سيرين أن الدم الضعيف الذي يصيبه الرائي أو يشربه أو يتلطخ به، فإنه يؤول إلى مال حرام سيقع فيه .

وأما رؤية الدم على الثياب، فيوضح ابن سيرين أن وجود دم على القميص من موضع لا يعلمه الرائي يعني أن هناك من يكذب عليه دون علمه، مستندًا في ذلك إلى قصة يوسف عليه السلام . وإذا تلطخ القميص بدم قطة، دل ذلك على كذب سلطان غشوم وظلوم عليه . أما تلطخه بدم كبش، فيشير إلى كذب رجل شريف وغني ومنيع عليه . ويرى أن دم أي حيوان آخر يعني أن هناك من يُنسب إلى ذلك الحيوان يكذب على الرائي .

ويفيد محمد بن سيرين أن من شرب دم إنسان في المنام، فإنه سينال مالًا ومنفعة، وينجو من الفتن والشدائد والبلايا . كما يذهب إلى أن شرب دم الناس علامة على الرجوع عن الإثم والنجاة منه .

وبخصوص سيلان الدم من الجسم، يذكر ابن سيرين أنه يدل على الصحة والسلامة، وعودة المسافر إلى وطنه سالمًا إن كان غائبًا .

وفي سياق القيء، يبين ابن سيرين أن تقيؤ الدم في المنام يعد توبة من إثم أو مال حرام، ويشير إلى أداء أمانة في عنق الرائي .

وعن الرعاف، يوضح أنه قد يدل على منفعة إذا كان قليلًا (قطرة أو قطرتين) . وإن بلغ الرعاف مقدار رطل أو رطلين، وكان الرائي يعتقد أنه منفعة لبدنه، فإن ذلك يدل على صحة بدنه وصحة دينه، وخروجه من إثم . أما إن اعتقد أنه يضر بدنه، فهو دليل على ضرر في الدين أو اكتساب إثم . ويفيد أن ذهاب القوة بعد خروج الدم يعني الفقر، وقوته تعني الغنى، فالقوة رمز للغنى . كما يذكر أن تلطخ الثياب بالدم الناتج عن الرعاف يعني اكتساب مال مكروه وإثمًا، بينما عدم تلطخ الثياب بشيء يدل على خروج الرائي من إثم . ويفسر أن رؤية الرعاف يقطر في الطريق تعني أداء زكاة المال والتصدق بها . وقد ورد أيضًا عن ابن سيرين أن الرعاف قد يدل على إصابة كنز .

أما بالنسبة للفصد، فيشير ابن سيرين إلى أن خروج الدم منه قد يشير إلى التوبة من ذنب، خاصة إذا كان الدم أسود، لأنه يدل على الإصرار على ذنب عظيم، وخروج الدم توبة . وإذا كره الرائي خروج الدم عند الفصد، فإنه قد يمرض ويصيبه ضرر في ماله . وإذا رأى أنه فصد امرأة، فإن ذلك يتعلق بولادة بنت إذا كان الفصد طوليًا، أو بقطع صلاتها بقراباتها إذا كان عرضيًا .

ويوضح ابن سيرين أن الدم الذي ينضح على الشخص يعني حصول سوء ممن ينضح عليه، مثل شرارة نار، أو كلام سوء .

ويشير ابن سيرين إلى أن الدم الفاسد يدل على المرض بشكل عام . أما الدم القليل، فيدلل على أهل البيت والقرابة، ووقوع شر سرعان ما يخلص منه الرائي .

كما يذكر أن رؤية الدم قد ترتبط بحالة الصفراء الغالبة لدى الشخص . ويُشار في سياق الكتاب إلى أن هناك من يرى أن النفس والروح مرتبطان بالدم، وأن الميت لا يفقد من جسده سوى دمه .

وفي سياق رؤى محددة، يشير ابن سيرين إلى أن من وقع في بئر من دم، فإنه يبتلى به . وإذا رأى رأسه في يده، فقد يدل ذلك على عدم القدرة على السفر أو الإنجاب .

تفسير عبد الغني النابلسي

«وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن الدم في المنام قد يشير إلى الوالد أو الولد أو الشريك، أو إلى نقص في المال، أو مفارقة من يعز على الرائي من زوجة أو غيرها . ويرى النابلسي أن الدم يمثل الشيطان الذي يجري مجرى الدم في الإنسان، وأنه بمثابة عدو في البيت . كما أنه قد يدل على ما يغلب على الإنسان عند الموت، كتحول لون الدم الخارج من المريض . ويشير عبد الغني النابلسي إلى أن الدم بشكل عام يمثل حياة صاحبه وقوته وماله، ومن يساعده، وما يستره من ملبوس، أو ما يكسبه من مدح أو ذم . وربما دل على نطفته التي يضعف لخروجها .

ويذهب النابلسي إلى أن الدم قد يعني مالاً حراماً أو إثماً يخرج من الرائي، أو فعلاً يأثم به . فمن رأى أنه يتشحط في الدم، فإنه يتمول ويتقلب في مال حرام أو إثم عظيم . ويضيف أن الدم على الثوب يعني كذباً يُقال على الرائي . وإن كان الدم على قميصه من مصدر مجهول، فإنه يكذب عليه دون أن يشعر . وفي حالات تلطخ القميص بالدم، يذكر المؤلف: فإن كان دم سنور، فإنه يكذب عليه لص . وإن كان دم سبع، فإنه يكذب عليه سلطان ظلوم . وإن كان دم كبش، فإنه يكذب عليه رجل شريف غني، وينال بعد ذلك مالاً حراماً بقدر الدم . ويفيد النابلسي أن خروج الدم منه في غير فصد أو حجامة أو جرح هو مال يخرج بقدره، وإن كان فقيراً استفاد مثله .

ويوضح النابلسي أن خروج الدم من الجسد ورؤية الجراحات فيه يدل على الصحة وزيادة المال، والرجوع سالماً إن كان الرائي غائباً، مع نيل الخير والسرور . ويبين أن سيلان الدم من الجلد يدل على صحة وسلامة، وعودة سالمة للغائب . ويرى أيضاً أن شرب دم إنسان ينال به الرائي مالاً ومنفعة، وينجو من الفتن والشدائد، وقد يعني الارتداع عن إثم والنجاة منه . ولكن، يذكر المؤلف أن شرب دمه الخاص قد يعني نيل الهم والتعب، أو قضاء الدين بالدين، أو الظفر بالعدو . ويشير المؤلف إلى أن الإفراط في خروج الدم يدل على النكد ، بينما خروجه عند الضرورة في المنام يمثل راحة وزوال هم . كما يذكر أن الإفراط في خروجه قد يدل أيضاً على تعذر نفع من كان يسعده .

ومن رأى أنه يقع في بئر من دم، فإنه يبتلى بدم أو مال حرام . ووادي الدم في محله يعني سفك دم الرائي هناك . والوقوع في خابية دم أو جرّة أو حفرة يدل على فتنة تهيج عليه . أما خروج الدم من الدبر، فيعني الخروج من إثم، وتلطخه به يدل على خروج مال حرام . ودم الإنسان قد يمثل تفريط أهل البيت في مال صاحبه، أو مرضاً في الدبر . وتشير ساقية ماؤها دم إلى أن أهل الرائي ينكحهم غيره .

ويختص النابلسي دم الحيض بتأويلات خاصة: فهو للمرأة العزباء زوج، وللحامل سقط، وللآيسة من الحيض مرض . أما الدم في الجرة، فيمثل امرأة حائض، ورأسها مشدود بخرقة يعني رباط الحيض .

وفي سياق آخر، يتناول النابلسي الجراحة وخروج الدم منها . ويوضح أن جرح الكافر وخروج دمه يعني التسلط على عدو والحصول على مال منه . أما جرح إنسان بدون خروج دم، فيدل على قول حق فيه لا يكون له جواب . وإن جرحه وخرج الدم، فإنه يغتابه بصدق، ويخرج من الضارب إثم، ويخرج المضروب من إثم بقدر خروج الدم . ويذكر أن الجرح بالسكين أو الحديد يظهر فساده . وتفسر الجراحة بحسب العضو؛ فالجراحة في الصدر أو الفؤاد تدل على عشق أو حزن حسب السن . أما في الإبهام اليمنى، فتدل على دين أو حزن . ويشير إلى أن جرح الملك له في البطن يخرج منه قروح تبرأ . وجرح العنق يدل على مال من جهة الولد .»

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: أعتذر عن الجزم بتأويل كلمة “الدم” وحدها دون سياق، فالمعنى يختلف تمامًا باختلاف حال الرائي وهيئة الدم وموضعه وكميته. على الجملة: يتشاءم منه إذا كان تلطخًا أو تشحطًا فيه فيُغلب على تأويله المال الحرام أو الإثم، ويُستبشر بخروجه المعتدل من البدن لسلامة وصحة، ويُؤوَّل وجوده على القميص بالكذب الواقع على الرائي، وشرب دم الإنسان قد يدل على منفعة ونجاة من فتنة؛ لكن تفاصيل المشهد هي التي ترجّح الوجه المناسب من هذه الوجوه. تحليل الرموز والمعاني المحتملة

• الدم (عمومًا):
  • في التراث التعبيري: مال حرام أو إثم، لا سيما مع التلطخ به أو التقلّب فيه؛ “والدم مال حرام أو إثم… فإن رأى أنه يتشحط في الدم فإنه يتقلب في مال حرام أو إثم عظيم” عن ابن سيرين، وجاء بهذا المعنى أيضًا عند النابلسي.
  • قد يدل على حياة الإنسان وقوته وماله وستره، وعلى من يعينه من كافل أو سلطان، بحسب سياق الرؤيا كما نص النابلسي.
• الدم على القميص:
  • علامة كذب يُقال على الرائي من حيث لا يشعر، واستُدلّ بقصة قميص يوسف عليه السلام، وهذا مشهور عند المعبرين.
• خروج الدم من البدن بغير جرح مقصود:
  • يُحمل على الصحة وزيادة المال وعودة الغائب سالمًا في بعض صوره، عند النابلسي “خروجه عند الضرورة راحة وزوال هم” مع التنبيه إلى أن الإفراط فيه نكد ونقص منفعة.
• شرب الدم:
  • من شرب دم إنسان نال مالًا ومنفعة ونجا من فتنة وبلية، كما نُقل عن ابن سيرين والنابلسي، وفي بعض السياقات يُحمل على الارتداع عن إثم والنجاة منه.
• الوقوع في بئر أو وادٍ من دم:
  • ابتلاء بمال حرام أو شدة وبلية وموضع سفك، وهذا عند الفريقين.
• الرعاف (نزف الأنف):
  • يتفاوت تأويله بالكمّ واعتقاد الرائي نفعه أو ضره: القليل منه منفعة، وكثرته مع اعتقاد النفع صحة في البدن وصلاح في الدين وخروج من إثم، ومع اعتقاد الضرر يكون ضررًا في الدين أو اكتساب إثم، وتلطخ الثوب به مال مكروه وإثم، وله تأويل بإخراج الزكاة إن قَطر في الطريق، وربما دل على الكنز، على ما فصّله ابن سيرين.
• غسل الثياب من الدم:
  • توبة من القتل إن كان التلوث بالدم، وهذا من إشارات ابن سيرين في باب الثياب وغسلها. الربط بالمصادر الثقافية العربية والإسلامية
• قصة يوسف عليه السلام كانت أصلًا يُرجَع إليه في علامة الدم على القميص بوصفه أمارة الكذب الواقع على الرائي.
• قاعدة التعبير عند الأوائل: تقديم وجه الخير ما أمكن، وربط الرموز بآيات القصص والعِبر، ثم العرف والبيئة وحال الرائي.

التفسير النفسي والحياتي الممكن

• في المنظور النفسي، الدم رمز الحياة والطاقة والحدود الشخصية. رؤيته متلطخًا قد تعكس شعورًا بالذنب أو التلوث المعنوي (قلق من كسبٍ مشبوه أو خطأ أخلاقي)، بينما خروج الدم المعتدل قد يصور تفريغ توتر وزوال احتقان.
• التنبيه الطبي: تكرار رؤى النزف أو التوجس من الدم قد يعكس انشغالًا صحّيًا أو خوفًا بدنيًا؛ وقد نبّه المعبرون أن بعض الصور تتأثر بالأمزجة والطبائع، فالـ“دمويّ” قد يرى الحمرة ولا تأويل لها لكونها من طبيعته وخواطره، وهو مما ذكره أهل التعبير في باب الأضغاث وحديث النفس. نصيحة ختامية
• لبلوغ تعبير أدق يلزم: وصف حالة الدم (قليل/غزير)، لونه، موضعه (ثوب/بدن/أرض/ماء)، كيفية خروجه (جرح/رعاف/بلا سبب)، فعل الرائي معه (شرب/غسل/هرب)، وحال الرائي الديني والمعيشي.
• إن خامرك قلق من شبهة كسب أو ذنب فالأولى المبادرة إلى التوبة ورد الحقوق، وإن كانت عندك هواجس صحية فتطمّن بالفحص إن تكرر هذا المعنى في منامك.
• والتعبير ظن واجتهاد، ولا يُبنى عليه حكم شرعي، والله أعلم.

المراجع

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 118-119. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 79. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 92. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 6-7. ISBN: 9789953724072.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 438-439.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 437-438.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 437.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 617.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 439-440.

بيان منهجي

ملاحظة حول النسبة: نُشير إلى أن نسبة كتاب "تفسير الأحلام الكبير" لمحمد بن سيرين محلّ نقاش تراثي بين المحققين، وأن الكتاب المتداول هو مدونة تفسيرية منسوبة لابن سيرين رحمه الله، جُمعت ونُقلت عبر أجيال من المفسرين. نتعامل معه باعتباره مرجعًا تراثيًا في علم تعبير الرؤى، دون القطع بصحة النسبة التاريخية الكاملة.