تفسير جحر في المنام: رموزه عند ابن سيرين والنابلسي
ما معنى رؤية جحر في المنام؟ تعرف على دلالته عند ابن سيرين والنابلسي: فم وكلام يخرج ومعانيه، وتنبيهات لحفظ اللسان واجتناب البدع، وخلاصة عملية للرائي.
تفسير محمد بن سيرين
وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن الجحر في الأرض أو الحائط يمثل الفم. ويشير إلى أن خروج حيوان من جحر يدل على كلمات تخرج من الفم، وتكون تأويلها مشابهًا لذلك الحيوان. وفي رواية، سأل رجل ابن سيرين عن رؤيته لجحر ضيق خرج منه ثور عظيم، فبين له أن الجحر هو الفم الذي تخرج منه الكلمة العظيمة التي لا يمكن إعادتها. كما استدرك أن رؤية ثور عظيم يخرج من جحر صغير، ثم يتعذر عليه العودة، تعني الكلمة العظيمة التي تخرج من فم الرجل ويريد إعادتها فلا يستطيع.
تفسير عبد الغني النابلسي
وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن رؤية جحر الفأرة أو غيرها في المنام تدل على اتباع البدع والتمسك بآثار أهل البدع والضلالات .
ويذهب النابلسي إلى أن الجحر يمثل الفم .
ويوضح المؤلف أنه إذا رأى الشخص جحراً خرج منه حيوان، فهو فم يخرج منه كلام يشبه ذلك الحيوان في تأويله .
تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)
التأويل: رؤية الجحر في المنام – من غير تفاصيل إضافية – تُفهم غالباً كتنبّهٍ للرائي إلى حفظ لسانه والتثبّت قبل الكلام، واجتناب صحبة أهل البدع والأهواء. وهو في الجملة رسالة إلى ترك ما لا ينفع من القول، وصيانة السر، والبعد عن مواطن الريبة.
التحليل والخطوات:
- الرموز والعناصر:
- الجحر: في تراث التعبير يُشبَّه بالفم؛ فمن رآه فكأنه إشارة إلى القول والحديث، خاصة إن خرج منه حيوان فيكون الكلام على وصف ذلك الحيوان في معناه وطبعه، كما قرّره ابن سيرين والنابلسي. وقد ورد مثال خروج ثور عظيم من جحر ضيّق على أنه “كلمة عظيمة تخرج من فم الرجل ثم لا يستطيع ردّها”.
- الجحر أيضاً عند النابلسي علامة على اتباع آثار أهل البدع والضلالات إن وقع في سياق يدل على ذلك، وهو يؤكد كذلك دلالة الجحر على الفم وخروج الكلام منه إذا خرج منه حيوان.
- الربط بالموروث العربي والإسلامي:
- الأصل في التعبير: قياس الجحر على الفم وما يخرج منه من كلام؛ وهذا مرويّ في كتب المعبرين المعتبرين كابن سيرين والنابلسي كما تقدّم.
- والمعنى الموافِق للشرع: الحضّ على حفظ اللسان وكفّ الأذى به؛ وهو أصلٌ معتبر في الوحي وهدي النبوة، فتكون الرؤيا – إن صحّت – على جهة التنبيه والتهذيب لا التقرير والقطع.
- التفصيل النفسي والحياتي:
- إن كان الجحر وحده بلا أحداث: فقد يرمز لحاجةٍ إلى الانكفاء والستر أو كتمان شأنٍ خاص، أو إلى تجنّب مواجهة مباشرة في موضوع كلامٍ أو قرار.
- وإن كان في اليقظة انشغالٌ بكلام الناس أو قضايا الجدل: فالرؤيا تميل إلى كونه حديث نفس يحمل قلق الرائي من أثر كلماته أو كلمات غيره عليه.
- الرسالة العملية: التريّث قبل التحدّث، تجنّب الخوض فيما لا يعني، تحرّي الصحبة الصالحة، ومراجعة الموضوعات الحسّاسة بعيداً عن الانفعال.
تنبيهات مهمة:
- لقلّة تفاصيل الرؤيا لديك، يبقى التأويل على جهة الظنّ، ويغلب فيه جانب النصح. إن تيسر أن تذكر: حالك الاجتماعي، وقت الرؤيا، ما خرج من الجحر (إن وُجد)، شعورك أثناءها وبعدها؛ أمكن الترجيح أكثر بين كونها رؤيا صالحة أو حديث نفس أو أضغاث.
- المراجع المعتمدة: دلالة الجحر على الفم، وعلى الكلام الخارج بمنزلة الحيوان الخارج منه، وعلى معنى الكلمة العظيمة التي لا تُردّ إن خرجت، جاءت عند ابن سيرين والنابلسي كما في المصادر. كما ذكر النابلسي أن الجحر يدل على اتباع البدع والتمسك بآثار أهلها بحسب السياق. خلاصة العمل:
- إن كانت رؤياك مجرّد “جحر” بلا تفصيل: فالغالب أنها تنبيه إلى آداب اللسان وحفظ السرّ، وأن تختار الكلام النافع وتترك ما سواه. وإن كان فيها خروج حيوان فالمعنى يتلو طبع الحيوان وهيئته، ويُبنى عليه الحكم على نوعية الكلام أو أثره، كما قرّره الأئمة في هذا الباب.
المراجع
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 246-247.
بيان منهجي
ملاحظة حول النسبة: نُشير إلى أن نسبة كتاب "تفسير الأحلام الكبير" لمحمد بن سيرين محلّ نقاش تراثي بين المحققين، وأن الكتاب المتداول هو مدونة تفسيرية منسوبة لابن سيرين رحمه الله، جُمعت ونُقلت عبر أجيال من المفسرين. نتعامل معه باعتباره مرجعًا تراثيًا في علم تعبير الرؤى، دون القطع بصحة النسبة التاريخية الكاملة.
