المكاتبة في المنام: معانيها ورموزها عند ابن سيرين والنابلسي
تعرف إلى تفسير المكاتبة في المنام ودلالاتها على طول العمر والراحة، ومعاني الرسائل والكتابة وأدواتها، وفق ابن سيرين والنابلسي مع إشارات عملية للرائي.
تفسير محمد بن سيرين
وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن رؤية الكتابة وما يتعلق بها من أدوات ورسائل تحمل دلالات متعددة.
حول فعل الكتابة والكتّاب: يوضح محمد بن سيرين أن الكتابة بحد ذاتها قد تدل على الحيلة. ويذهب إلى أن الكتابة باليد اليسرى تعد أمرًا قبيحًا وضلالًا، وقد تدل على إنجاب أولاد غير شرعيين أو التحول إلى شاعر. أما رداءة الخط في المنام، فيرى ابن سيرين أنها إشارة إلى التوبة وترك الحيل على الناس. كما يشير محمد بن سيرين إلى أن الكاتب في المنام يمثل المحتال أو صاحب الحيلة والصناعة اللطيفة. وينبه ابن سيرين إلى أنه إذا رأى كاتبٌ في منامه بيده قلمًا أو دواة، فإنه يأمن من الفقر بسبب حرفته.
حول الوثائق والنصوص المكتوبة: ويفيد محمد بن سيرين أن رؤية الكتابة في صحيفة أو على ورق تدل على ميراث. ويضيف أن قراءة ظهر الصحيفة تشير إلى تراكم الديون على الرائي. ويرى ابن سيرين أنه إذا رأى الشخص أن المأمور أعطاه قرطاسًا، فهذا يعني أن حاجته التي يرفعها إليه ستُقضى. ويذكر محمد بن سيرين أن القرطاس قد يدل على أمر ملتبس على صاحبه. أما الكتاب (بمعنى المكتوب أو الكتاب نفسه) فيدل على القوة؛ فمن رأى بيده كتابًا نال قوة، مستشهدًا بقوله تعالى: "يا يحيى خذ الكتاب بقوة". ويوضح أن الكتاب إذا كان منشورًا فهو خير مشهور، وإن كان مختومًا فهو خير مستور. ويشير ابن سيرين إلى أن رؤية أن صكًا قد كُتب عليه، ولم يدرِ ما فيه، فإنه يؤمر بأن يحتجم، دلالة على فرض فرضه الله عليه يتوانى فيه. وإن رأى أنه يُكتب عليه كتابٌ، وكان الكاتب معروفًا، فهذا يعني أن هذا الكاتب سيغشه ويضله ويفتنه في دينه. كما أورد أن الكتب المطوية تدل على أخبار مخيفة، والمنشورة تدل على أخبار ظاهرة.
حول أدوات الكتابة:
- القلم: يذكر محمد بن سيرين أن القلم قد يدل على العلم. ومن رأى أنه أصاب قلماً، فإن كان يكتب به شيئاً، فإنه يصيب علماً يناسب ما كان يكتبه. ويرى أن من رأى كأنه نال قلماً، فإن ذلك يؤول إلى أنه سيولد له غلام يتعلم علمًا حسنًا. ويفصل ابن سيرين أن القلم يدل على الولاية على كل حرفة، وعلى قيمة كل شيء، وقيل: ولد كاتب. ويضيف محمد بن سيرين أن القلم قد يدل على دخول في كفالة وضمان.
- الدواة: يشير ابن سيرين إلى أن الدواة تدل على خادمة، ومنفعة من قِبَل امرأة، أو شأن من قِبَل ولد. ومن رأى أنه يكتب من دواة، فإن كان أعزب، اشترى خادمة ووطئها. ويذهب إلى أن من رأى أنه أصاب دواة، فإنه يخاصم امرأته وغيرها. وإن كانت المرأة هي الرائية للدواة، فقد تدل على مالها أو نفعها أو همها وبلائها. وقد تدل الدواة على القرحة.
- المداد: يوضح ابن سيرين أن المداد قد يدل على السؤدد والرفعة في المدد. وفي سياق آخر، يفسر المداد بأنه النطفة، وما يكتب فيه زوجته. كما يربطه بالمدة الزمنية، فكأن القلم حديد والمداد مدة.
- الأدوات الكتابية بشكل عام: ويفيد ابن سيرين أن من استفاد أدوات الكتابة كلها، فإنه يصيب رياسة جامعة في الكتابة تفوق فيها أقرانه. كما يذكر أن من رأى أنه استفاد أداة واحدة من أدوات حرفته، فإنها تؤمنه من الفقر.
حول الرسائل (ممثلة بالسهام): ويذكر محمد بن سيرين أن النشاب (السهام) يمثل الرسول، وأن الرمي بالسهام في الأصل كلام في رسائل. فمن رأى أنه رمى بسهم ولم يُصب الغرض، فهو يرسل رسولاً في حاجته فلا تُقضى. وإن أصاب الغرض، قُضيت حاجته. وإذا كانت النشابة سوية، فهي كتاب فيه كلام حق، وإن نفذت فقد قُبل هذا الكلام. وإن كانت النشابة من قصب ناقصة، فالكلام باطل. ويشير ابن سيرين إلى أن السهم الواحد المنكوس إذا رأته امرأة في الجعبة، فهو انقلاب زوجها عنها. ويوضح أن الرمي بالسهام قد يدل على الاتهام بالنميمة والغمز. كما يفسر ابن سيرين القوس بأنها قد تدل على امرأة سهلة الولادة، أو ولد، أو أخ، أو سفر، أو قربة إلى الله تعالى. ويضيف أن انقطاع الوتر يدل على العجز عن السفر أو الطلاق، وانكسار القوس يدل على موت الزوجة أو الولد أو الشريك. وعندما يمد قوساً عربية، فإنه يسافر إلى رجل شريف بسفر في عز، وإن كانت فارسية، سافر إلى قوم عجم. وفي سياق آخر، فإن السهام تمثل قول الحق والرد على من لا يطيع الله، فإن أصابت قبل قولها، وإن أخطأت لم يُقبل قولها. والسهم للمرأة زوجها. والجعبة قد تكون امرأة حافظة أو هيبة على الأعداء، أو ولاية، وللعزب امرأة.
تفسير عبد الغني النابلسي
وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، وردت التفسيرات التالية المتعلقة بالكلمة المفتاحية وما يتصل بها:
يذكر النابلسي أن المكاتبة بين السيد ومملوكه في المنام تدل على طول أعمار كليهما، حيث تُعد ضم أجل إلى أجل، كما تدل على راحة يتلقاها كل منهما من صاحبه .
ويوضح المؤلف أن الرسالـة في المنام، سواء أرسلها الإنسان أو بلّغها لغيره أو جاءته من الغير، تدل على المنصب الجليل والكلمة العالية إذا تم تبليغها في الحلم . وإذا أرسلها إلى جهة معلومة وكان فيها خير كالأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر، فإنها تدل على علو القدر وقضاء الحاجة . أما إذا أتته الرسالة وكان فيها بشرى، فهي دالة على حسن عاقبته، حيث قد يأتيه ما يسرّه أو يرزق مالاً أو ولداً أو زوجة . لكن، إذا أساء الرسول في المنام كجنايته عليه أو زجره أو ضربه، دل ذلك على ارتداده عن دينه أو بدعته وضلالته، وربما دل على موته مقتولاً .
ويشير النابلسي إلى أن الكاتب في المنام قد يدل على رجل محتال . وإن رأى أنه أمي وأصبح كاتباً، فإنه سينال تدبيراً وحيلة على من يكيده . وإذا رأى أنه رديء الخط، فإنه يتوب ويترك الاحتيال على الناس . ويرى النابلسي أن رؤية الشخص لنفسه ككاتب تدل على انشغاله بأمور الآخرين على حساب أموره الخاصة، مما يسبب له تعباً كثيراً دون فائدة . وفي حالة المرضى، قد تدل هذه الرؤيا على الموت . أما في حال العبد، فتدل على أمانته وصلاحه واستحقاقه لتولي أمور البيت .
ويفصل المؤلف في أنواع الكتاب، فكتاب الملك تدل رؤيتهم على رفع القدر وصلاح الحال . وإن انتقلوا إلى صفة متدنية أو رؤية الكتاب على الطرقات، دل ذلك على انحطاط القدر وسوء الحال . أما كتاب الإنشاء، فتدل رؤيتهم على العز والرفعة وقضاء الحوائج والصلة بالملوك وأهل الدولة، وعلى العلم والفهم والفصاحة والأرزاق والفوائد، وكذلك الأزواج والأولاد والآباء والعبيد . ويرى المؤلف أن رؤية "الكرام الكاتبين" (بالمعنى القرآني) تبشر باليسر في الدنيا والآخرة، وتختم بالجنة لمن كان تقياً .
ويذكر النابلسي أن "الكتاب" في المنام قد يعني القوة، فمن رأى كتاباً في يده نال قوة . والكتاب المفتوح هو خبر مشهور، والمختوم هو خبر مستور . ويرى النابلسي أن كتابة كتاب في المنام قد تدل على المرض، ولكن دون نقص في المال . ومن رأى أنه يتعلم الكتابة ولم يكن يحسنها، فإنه سينال أمراً محموداً بعد خوف وتعب . وإن كان يحسن الكتابة ورأى أنه لا يحسن، فذلك يدل على تعطيل وخوف وتعب . ومن أكمل كتابة كتاب، تم أمره وأنجزت حاجته، وإن تعذر عليه الإكمال، تعذر عليه أمره .
ويضيف النابلسي أن "الكتاب" في المنام قد يؤول إلى الحيلة، والكاتب إلى المحتال . ومن كتب كتاباً نال مالاً حراماً . والكتابة باليد اليسرى تدل على أفعال قبيحة وضلالة، وقد تدل على إنجاب أولاد غير شرعيين أو التحول إلى شاعر . وإذا كُتب على الشخص صك، فإنه يؤمر بالاحتجام . وإن كُتب عليه كتاب لا يدري ما فيه، فقد فرض الله عليه فرضاً يتوانى فيه .
ويشير المؤلف إلى أن من كتب في صحيفة يرث ميراثاً . ومن كتب في قرطاس، فقد يعني جحوداً بينه وبين الناس .
كما يوضح النابلسي أن الدلالات تختلف حسب مادة الكتابة: فالكتابة بقلم حديد تدل على القوة والرزق والثبات . والكتابة بقلم فضة قد تدل على توسط الأحوال، فإن كان القلم مستقيماً حسناً دل على منصب جليل أو علم وعمل . والكتابة على الورق ربما تدل على فعل حسن أو اتباع واجب . والكتابة على الرق تدل على السعي في طلب ميراث . والكتابة على منسوج أحمر أو أصفر أو أبيض تدل على فرح وسرور ، وعلى منسوج أخضر تدل على نيل الشهادة . والكتابة بالنور أو الذهب بشارة .
ويورد النابلسي أن "كتبى" في المنام تدل على تفريج الهموم وحل المشكلات، والإطلاع على الأخبار، وتزويج العزاب، وتوبة الفاسق، وإسلام الكافر .
تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)
التأويل: المكاتبة في المنام علامة على امتداد الأجل وإطالة العمر مع راحةٍ وتخفيفٍ يصلان إلى طرفي العلاقة، وهي بشارة بانفراجٍ تدريجيّ وتسويةٍ تُراعي حقوق كلّ طرف، وقد تدل على ترتيبٍ جديدٍ يحرّر من تبعيّةٍ أو يُنهي ثقلاً قديماً بمهلةٍ وتمهيد. وهذا ما جاء صريحاً عند أهل التعبير: من كاتب مملوكه دلّ ذلك على طول أعمار كليهما لأن المكاتبة ضمّ أجلٍ إلى أجل، وتدل على راحةٍ تصل إلى كلٍ منهما من صاحبه. تحليل الرموز والعناصر:
- الرمز الرئيس: “المكاتبة” وهو عقدٌ معروفٌ في الفقه الإسلامي بين السيد ومملوكه لتحصيل الحرية بأقساط، وقد حمّله النابلسي معنىً تأويلياً واضحاً: طول الأعمار وبلوغ راحةٍ مشتركة للطرفين، بوصفها “ضمّ أجل إلى أجل” وما فيه من مهلة وتمديد وتسويةٍ منظمة للأعباء.
- المعنى الثقافي العربي والإسلامي: المكاتبة من عقود التحرير في الشريعة، فيتوافق رمزها مع دلالة الخلاص التدريجي من التبعية والانتقال إلى عهدٍ جديد بضوابط وشروط. وهذا ينسجم مع المعنى الذي قرّره أهل التعبير في مرجع النابلسي المذكور أعلاه.
- الترجيح وفق القواعد: نقدّم وجه الخير ما أمكن؛ فالدلالة هنا ظاهرة في البِشر بطول الأمد مع الراحة، لا سيما أن النصّ صريحٌ في ذلك عند النابلسي، وهو من المعبّرين المعتبرين، فتقوى دلالته وتُقدّم على غيرها عند عدم وجود قرائنٍ معاكسة. تأويلات حياتية ونفسية ممكنة:
- لمن يعيش تبعيّة وظيفية/مالية: قد تشير المكاتبة إلى اتفاقٍ يُخفّف الالتزامات تدريجياً أو خطةٍ لسداد دين/تحسين شروط عقد، مع مهلةٍ زمنية وراحةٍ متبادلة.
- للأسرة والعلاقات: قد تدل على صلحٍ بشروط واضحة، أو إعادة تنظيمٍ للعلاقة يضمن راحة الطرفين.
- نفسياً: تعبّر عن رغبةٍ في الاستقلال والتحرّر المنظّم من ضغوطٍ قديمة، بعيداً عن القرارات الفجائية؛ أي انتقال تدرّجي “بضمّ أجلٍ إلى أجل”.
- مؤشر زمن: عبارة “ضمّ أجل إلى أجل” تومئ لتمديد مهلة أو طول مسار الحلّ قبل اكتماله، مع إشعارٍ بالراحة في الطريق إليه. تنبيهات ونصائح:
- المعنى يتقوّى بقرائن حال الرائي؛ فإن كان يفاوض على تسويةٍ مالية أو عقد عمل، فالرؤيا تبشّر بترتيبٍ مريح للطرفين. وإن كان يطلب استقلالاً شخصياً، فدلالتها على التحرّر التدريجي أوضح.
- الرؤيا حق وبشارة أو إنذار، ولا يُبنى عليها حكمٌ شرعي أو قرارٌ ملزم منفرداً؛ فاعمل بها على وجه الرجاء، واستكملها بالتخطيط والأخذ بالأسباب.
المراجع
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 234. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 234. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 234. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1183-1184.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 471-472.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1071.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1067-1068.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1071-1073.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1068-1069.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 67.
عن المصادر
الكتاب المنسوب لابن سيرين هو مدونة تفسيرية جُمعت عبر أجيال، ونسبتها لابن سيرين محل خلاف بين المحققين.
