تفسير المطمورة في المنام: رموز الرزق والغلاء لابن سيرين
اكتشف تفسير المطمورة في المنام عند ابن سيرين والنابلسي: رزق ومدخرات، حمل للفقير، وهدمها نذير لموت أمٍ عليلة أو تمام حمل، والنار غلاء ورخص أو وفرة في الأسعار.
تفسير محمد بن سيرين
وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن رؤية المطمورة في المنام تحمل تأويلات متعددة.
يذكر ابن سيرين أنه إذا كانت الأم عليلة ورأى الشخص مطمورة تهدمت أو ردمت، فقد تدل على هلاكها. أما إذا كانت عند الرائي امرأة حامل، فإن رؤية المطمورة قد تعني نجاتها، حيث تُشبه بقبر الحامل الذي يُغلق إلا أن تتأكد وفاتها.
ويضيف أن الشخص إذا كان لديه طعام في المطمورة في اليقظة ورآها مهدومة، فإنه يبيع ذلك الطعام، وما سُدّت به المطمورة (من تراب وزبل) يكون عوضه وثمنه. كما يوضح أنه إذا رأى طعامه يتحول إلى زبل أو تراب، فإن سعره سيرخص وسيذهب ماله.
ويشير محمد بن سيرين إلى أنه إذا كانت المطمورة فارغة ورآها مملوءة بالزبل أو التراب، فعليه ملؤها بالطعام عند انخفاض سعره.
ويرى أن المطمورة المملوءة طعاماً تدل على حمل الزوجة (إن كانت فقيرة) أو الأمة.
ويورد أن المطمورة المجهولة أو التي يراها الناس أو في مكان عام، إذا كانت ناقصة الطعام، دل ذلك على نقص في سعر السوق بقدر النقص فيها.
ويفيد أنه إذا فاضت المطمورة وسالت، والناس يعرفونها ولا ينقصونها، دل ذلك على رخص سعر الطعام وكثرته.
وينبه، إذا رأى ناراً وقعت في طعامها، إلى أنها قد تدل على غلاء عظيم في الأسعار، أو حادث من السلطان في الرحبة، أو انتشار جراد أو حجارة. ثم يفصل ذلك بقوله إن رؤية التمر أو السكر فيها تعني ارتفاع الأسعار، ويزداد الغلاء حسب كمية المادة الحلوة فيها، موضحاً أن هذا الغلاء يكون على النصف إذا كانت المادة الحلوة تمثل نصف الطعام، وإلا فهو يتناسب مع المقدار.
وأخيراً، يشير إلى أن من سقط في مطمورة أو حفير مجهول، فإن تأويله يرجع إلى ما تقدم في اعتبار السقوط في البئر.
تفسير عبد الغني النابلسي
وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017) فإن رؤية "المطمورة"، وهي المخزن تحت الأرض، تدل في المنام على الأم الكافلة المربية، وذلك لأن ثبوت الطفل في بطن أمه مكنون بمنزلة الطعام في المطمورة، يقتات منه صاحبه شيئًا فشيئًا حتى يستغني عنه بغيره.
ويبيّن النابلسي أنه إذا رأى الرائي أن مطمورته انهدمت أو ارتدمت، فإن كان لديه أم مريضة ماتت، أو كانت عنده حامل خلصت وولدت، ورُدم قبرها، إلا أن يؤكد المنام موت الأم. وإن لم يكن شيء من ذلك، فإن كان لديه طعام فيها يباع، وكانت مواد الردم ثمنه. وإذا تحول طعامه بعينه إلى تراب أو زبل، فقد انخفض سعره وخسر ماله فيه.
كما يشير المؤلف إلى أنه إن رأى الرائي المطمورة مملوءة بالطعام، دل ذلك على حمل زوجته أو أمته. وإذا كانت المطمورة مجهولة، أو في مكان عام كجامع أو رباط، أو عليها جمع من الناس، أو كان فيها طعام وهي ناقصة، فذلك يدل على نقص في الأسعار بمقدار نقص المطمورة. وإن فاضت المطمورة وسالت والناس يغرفون منها ولا تنقص، فإن الأسعار ترخص ويكثر الطعام.
وينبه النابلسي إلى أنه إن رأى نارًا وقعت في طعام المطمورة، دل ذلك على غلاء عظيم في الطعام، أو حادث من السلطان، أو ظهور جراد.
تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)
التأويل: المطمورة في المنام تدل غالبًا على الأم/المُعيلة والرزق المدخر. فامتلاؤها بالطعام بشارة بسعة وقوت، وقد يدل للرجل الفقير على حمل زوجته. وتهدّمها إن كان للرائي أمٌ عليلة قد يُنذر بموتها، وإن كانت عنده حامل فقد يدل على تمام حملها وولادتها. ونقص ما فيها إذا كانت مطمورة عامة (في جامع أو رحبة) يشير إلى رخص الأسعار، وفَيَضانها وكثرة ما يُؤخذ منها دون أن تنقص يدل على وفرة ورخص. ووقوع النار في طعامها إنذار بغلاء شديد أو حادث عام. أمّا من سقط فيها فذلك همٌّ وابتلاء، وقد يكون سجنًا أو انقطاع طريق للمسافر. وإن كان للرائي طعامٌ فيها فهُدمت، باع طعامه وكان ما رُدمت به من تراب أو زبل كأنه ثمنه. وهذه المعاني نصّ عليها أهلُ التعبير من ابن سيرين والنابلسي.
التحليل:
- الرموز والعناصر:
- المطمورة: شبّهها أهل التعبير بالأم الكافلة؛ لأن قوت الطفل مكنوز في بطنها كما يُكنز الطعام في المطمورة، فهي رمز للمدّخرات والأمان الأسري. كما تُجرى عليها أحكام “الحفائر” لأنها حفرة، فتدل بحسب الحال على القوت أو موضع البلاء.
- امتلاؤها بالطعام: حملٌ للزوجة للفقير، وبشارة بسعة القوت. وإن كانت مطمورة عامة وناقصة الطعام دلّ ذلك على رخص الأسعار بقدر النقص. وإذا فاضت والطعام لا ينقص رخص السعر وكثر.
- تهدّمها/ارتدادها: إن كانت الأم مريضة ماتت، وإن كانت عنده حامل خلصت وولدت. وإن كان فيها طعام للرائي فهُدمت باعه وكان ما سُدّت به عِوضًا وثمنًا. وتحول طعامها ترابًا أو زبلًا يدل على رخصٍ يذهب معه مال صاحب الطعام.
- وقوع النار في طعامها: علامة غلاء عظيم أو حادث من السلطان أو آفة كجراد، وهو أيضًا عند النابلسي من دلائل الغلاء والحوادث.
- السقوط فيها: همّ وابتلاء؛ وللمسافر انقطاع طريق، وللمريض هلاك إن كانت حفيرة مجهولة، وقد تؤول بالسجن.
- الربط بالموروث العربي والإسلامي:
- نص ابن سيرين صريح في تشبيه المطمورة بالأم وبيان أحكامها عند الهدم والامتلاء والنقص والفيضان والنار. وهذه أوجه اعتبار تُقدَّم فيها القرائن العامة على الخاصة، وتُراعى أحوال الرائي.
- النابلسي وافق الأصل، فجعلها أمًا كافلة وذكر أحكام نقصها وامتلائها والنار فيها والسقوط.
- التفسير النفسي والحياتي:
- المطمورة رمز لاحتياجات الأمان المادي والعاطفي. رؤيتها مملوءة قد تعكس شعورًا بالطمأنينة أو توقع زيادة موارد. والنقص أو التحول إلى تراب/زبل قد يصور قلقًا ماليًا أو خوفًا من التبخّر أو الغلاء. ووقوع النار في الطعام قد يعبّر عن توتر جماعي بشأن الأسعار أو الأزمات العامة. والسقوط فيها قد يدل على الشعور بالانحصار أو عائق قوي في الطريق.
- إن كان الرائي منشغلًا في يقظته بالادخار وغلاء الأسعار فقد تكون من حديث النفس لا من الرؤيا المحكمة؛ إذ يقرر أهل العلم أن الباطل من المنامات ما تقدمه همّ وتشوّش، وأن من السنة دفع أذى ما يُكره بالاستعاذة وعدم التحديث به.
تنبيهات ونصيحة:
- هذا التعبير يُحمَل على حال الرائي وبيئته؛ فذكر كون الأم مريضة، أو وجود حامل في البيت، أو كون المطمورة عامة أو خاصة، أو ظهور نار أو فيضان، كل ذلك يغيّر الحكم. فإن كانت تفاصيلك مختلفة فالحكم يختلف تبعًا لها.
- الأصل تقديم وجوه الخير واجتناب الجزم، فالتعبير ظنّ واجتهاد، والوقائع بيد الله. وإن رأيت ما تكرهه فاعمل بآداب الرؤيا: الاستعاذة، والنفث عن اليسار، وتغيير الجنب، وعدم التحديث بما يُحزن.
إن رغبت بتعبيرٍ أدقّ فاذكر لي: حالك الاجتماعي، وهل في البيت أمٌ عليلة أو حامل، وهل كانت المطمورة في بيتك أم في مكان عام، وما حالها: مملوءة، ناقصة، أو فيها نار/فيضان.
عن المصادر
الكتاب المنسوب لابن سيرين هو مدونة تفسيرية جُمعت عبر أجيال، ونسبتها لابن سيرين محل خلاف بين المحققين.
