الحيات في المنام: تفسير ابن سيرين والنابلسي الشامل

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، ترمز الحيات إلى الأعداء، وتكون عداوة كل حية بحسب شدة أذاها وعظمها وسمكها . ويشير ابن سيرين إلى أن الحيات قد تُمثّل الكفار وأصحاب البدع لما تحمله من سم، كما قد تدل على الزناة ولسعاتهم وطباعهم . ويفيد أن عدو الحية يكون على قدر قوتها، فمن قاتل حية أو نازعها فهو في خصومة مع عدو، فإن قتلها ظفر بعدوه، وإن لدغته ناله مكروه من عدوه بقدر لدغتها . ويقول إن بيض الحيات يمثل أصعب الأعداء، وسودها أشدّهم . وقد فسر ابن سيرين رؤية حية ميتة بأنها عدو يكفي الله شره بغير حول ولا قوة .

وإن رأى الشخص أن بيته مملوء بالحيات لا يخافها، فذلك يعني أنه يؤوي في بيته أعداء المسلمين وأصحاب البدع والأهواء . ويرى أن قوائم الحية وأنيابها تدل على قوة العدو وشدة كيده . ويوضح أن من رأى حية تمشي خلفه، فإن عدوه يريد أن يمكر به، وإن مشت أمامه أو دارت حوله، فهم أعداء يخالطونه ولكن لا يمكنهم إلحاق الضرر به . فإن دخلت الحيات بيته وخرجت دون إلحاق ضرر، فهم أعداؤه من أهل بيته وأقربائه، وإن كانت في غير بيته فالأعداء غرباء . ولحم الحية وشحمها مال حلال من عدو، وكذلك الترياق من عدو .

كما يوضح محمد بن سيرين أن الحية قد ترمز إلى السلطان، وقد تكون زوجة وولدًا استنادًا إلى الآية الكريمة "إن من أزواجكم وأولدكم عدوا لكم فاحذروهم" . وقد يكون الحية الصغيرة ولدًا . ويذكر أن أخذ الحية يدل على حصول مال من عدو في أمن، مستشهدًا بقوله تعالى "خذها ول تخف" . وإن رأى حية تصعد إلى علو، أصاب راحة وفرحًا وسرورًا . أما إذا رأى حية تنحدر من علو، دل ذلك على موت رئيس في ذلك المكان . وإن رأى حية خرجت من الأرض، فهو عذاب في ذلك الموضع . وإن رأى بستانه مملوءًا حيات، فإن البستان ينمو والنبات فيه يزيد ويحيا .

ويشير إلى أن من تحوّل إلى حية، فإنه يتحول من حال إلى حال ويصير عدوًا للمسلمين . فإن رأى أنه قتل حية على فراشه، ماتت امرأته . وإذا رأى في عنقه حية فقطعها ثلاث قطع، فإنه يطلق امرأته ثلاث تطليقات . ويفارق بين الحيات المائية، فيقول إنها مال .

وفي سياق آخر، فسر ابن سيرين رؤية رجل يرى بيته مملوءًا بالحيات، بأنه يجب أن يتقي الله ولا يؤوي أعداء المسلمين . وفي رواية أخرى، فقد فسر رؤية رجل رأى كأنه يأخذ حية، بأن سيطلب يد امرأة ويتزوجها ويرثها . كما فسر رؤية حية تخرج من ذكره مرة وترجع إليه، بأن زوجته تخونه . وبين أن حيات البطن ترمز إلى القارب، وخروجها من الرجل يدل على مصيبة في قريب له . وفي تفسير لرؤية جحرين خرج منهما حيتان وقام رجلان ليحتلبا منهما اللبن، قال ابن سيرين إن الحية لا تحلب لبنًا، وإنما السم. وهذه الرؤيا تدل على امرأة يدخل عليها رجلان من رؤوس الخوارج يدعوانها لمذهبهما . وأفاد بأن الحيات التي تدخل بيتاً من طاقة صغيرة أو قناة تدل على امرأة يدخل عليها مع أهل الشر والفجور . ويرى ابن سيرين أن الحية الصغيرة البيضاء في الجيب أو الكم، إذا لم يكن فيها خوف، فقد تدل على الجدة . وإن رأى الحيات تقتتل في السوق، وقعت الحرب وظفر بالأعداء . وإن رأى أنه ملك حية ملساء تطيعه بلا أذى، أصاب كنزًا من كنوز الملوك . ويفصل في بعض التفسيرات، فذكر أن الحية الملساء التي تطيعه وتخلو من الأذى قد تدل على كنز من كنوز الملوك، وربما تكون جدة إذا اتصفت بهذه الصفة .

تفسير عبد الغني النابلسي

وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، تُعد الحية في المنام رمزًا متعدد الدلالات، فهي قد تؤول بعدو، أو بدولة، أو بكنز، أو بامرأة، أو بولد . ويرى النابلسي أن الحية قد تمثل كذلك رجلًا سلطانيًا ظلومًا، كتومًا للعداوة، عظيم الكيد، قويًا، قبيح الاسم والمنظر ، وأن قوائمها وأنيابها تدل على قوة العدو وشدة كيده . ويوضح أن الحيات السوداء أشد كيدًا وسُمًا ونكرًا، بينما تمثل الحيات البيضاء أعداء في ضعف ووهن .

ويشير النابلسي إلى أن شحم الحية ولحمها يمثلان مال عدو حلال ، وأن الحيات المائية تدل على المال . كما يفيد بأن امتلاك حيات ملساء تطيعه، بلا سم أو عائلة، يؤول بالحصول على سبائك من فضة أو ذهب أو إكسير يُجعَل كنزًا .

ويبيّن المؤلف أن قتل الحية في المنام يدل على الظفر بعدو ، وإذا سال الدم على يديه بعد قتلها، فذلك يعني موت عدوه ووراثته لماله . ويرى أن قتل حية على فراشه يومئ إلى موت زوجته ، بينما قتل الحية عمومًا قد يعني الزواج بامرأة . وفي سياق القتال، إذا تقاتلت الحيات في ناحية وقتل منها حية عظيمة، فهذا يدل على ملكه لتلك البلدة ، أما قتل حية مثل سائر الحيات فيؤول بقتل أحد جنود الملك .

ويورد النابلسي تفسيرات لأكل لحم الحية؛ فأكله نيئًا يعني الظفر بالعدو وماله في سرور ، وأكله مطبوخًا يعني الظفر بالعدو ونيل مال حلال من جهة الجهاد . وبشكل عام، فإن أكل لحم الحية يصيب الرائي سرورًا ومنفعة ومرتبة وعزًا .

ومن ناحية التواصل مع الحية، يذكر النابلسي أن مخاطبته لها بكلام لين لطيف تدل على حصول سرور أو خير من عدو . أما مخاطبتها بكلام فيه إرعاد وإبراق، فإن البغي يرجع على العدو، ما لم يصاحبه لدغ أو سم، فحينها يكون العمل أقوى من القول ويكون الظفر للمظلوم . ويتفق مع هذا أن مخاطبة الحية يظهر عدوًا من الفراعنة .

وعن لدغة الحية، يبين النابلسي أنها قد تعني نيل معرة ، أو الوقوع في نائبة لا ينجو منها الرائي . وإذا أصابه سمها فانتفخ، فإنه يخاصم عدوًا ويناله مكروه ومال عظيم . وإن عمل السم فيه حتى تأثر لحمه وعظمه، فهذا يؤول بقتاله للعدو وتفرق أولاده في البلاد .

وينبه النابلسي إلى أن منازعة الحية تعني مقاتلة عدو قوي على خوف ووجل حتى يتفوقا، ويكون الظفر لمن غلب . كما يشير إلى أن استيلاء الحية عليه يعنى نيله سلطانًا ، ورؤيته لحية تمشي خلفه تعني عدوًا يريد المكر به . وإذا مشت الحية بين يديه أو دارت حوله، فهم أعداء يخالطونه ولا يستطيعون إضراره .

ويفسر النابلسي رؤية الحيات في أماكن مختلفة؛ فالحيات التي تدخل بيته وتخرج دون مضرة هم أعداؤه من أهل بيته وقراباته ، أما رؤيتها في غير بيته فتعني أن الأعداء غرباء . كما أن رؤية بيت مملوء حياة لا يخافها الرائي تعني رؤيته لأعداء المسلمين وأصحاب الأهواء في بيته . وخروج حية من دار يعني خراب الدار وفناء أهلها . أما حيات البادية، فتدل على قطاع الطرق ، وحيات الأسواق تدل على وقوع حرب وظفر العدو بأهل الموضع .

ويذهب إلى أن صعود الحية في علو يعني موت رئيس في ذلك المكان ، وأن طيران الحيات يعني سفرًا . ويصف الحية بأنها شر وحسد واحتيال ومكر وخديعة وتظاهر بالعداوة .

ويوضح المؤلف دلالات خروج الحية من أجزاء الجسم؛ فخروجها من فمه وهو مريض يعني موته ، ومن أنفه أو ظهره أو إحليله يولد له ولد . أما خروجها من أذنه أو بطنه أو فرجه أو دبره، فيشير إلى ارتكاب معصية والتفريط في الدين . كما أن حياة البطن تدل على الأقارب والعيال الذين يأكلون معه، ورؤيتها تعني مفارقة من كان يؤاكله . ودخول الحية في فمه يعني قهر عدوه .

كما يذكر النابلسي أن الحية التي حول عنقه إذا قطعها ثلاث قطع تعني طلاقه لزوجته ثلاث تطليقات ، وقطع الحية نصفين يعني الانتصاف من عدو . وأخذ نصفي الحية يعني استفادة رجل رئيس عدو له أولاد وأتباع . وقطعها ثلاث قطع يعني الظفر بثلاثة أعداء: رجل رئيس، ورجل غني، ورجل ذو تبع وأولاد .

ويشير إلى أن التحول إلى حية يعني التحول من حال إلى حال ويصير عدوًا للمسلمين . أما رؤية حية ميتة، فتدل على أن الله تعالى يهلك عدوه بلا صنع منه .

وعن دلالات أخرى، يذكر النابلسي أن الحية الغيرة في التأويل ولد صغير، ومن قتل حية فهو موت ولد صغير . وأن بستانًا مملوءًا حيات يعني نمو البستان وزيادة النبات .

وللحية بألوان وأوصاف مختلفة دلالات خاصة؛ فالحية ذات القرون تنال وزارة الملك إن كان أهلًا لذلك، أو ربحًا في تجارته إن كان تاجرًا . ويرى النابلسي أن الحيات قد تدل على الكفار وأصحاب البدع، وقد تدل على الزناة .

ويورد النابلسي تفسيرات لحالات خاصة؛ فإذا أحرق الرائي حية، فيعني أن السلطان سيقتل أعداءه ويظفر بهم . ورؤية جلدتها من ذهب تعني وجد كنزًا من كنوز الملك كسرى . ورؤية حية على رأسه تعني ارتفاع شأنه عند الملوك . والمشي بين الحيات والتخطي فوقها يدل على مطر عظيم تسيل منه الأودية . ورؤية حية صغيرة بيضاء في جيبه أو كمه لا يخافها وتخالطه، تعني جدة ومالًا . وأن من لم يعاين الحية وهرب منها يأمن عدوه ويظفر به، وكل من خاف من شيء لم يره فهو أمن مما يخافه ، بخلاف من عاينها وخاف منها، فإنه يصيبه خوف من عدو لا يقدر على إضراره .

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: أعتذر لط brevity، فعبارة "الحيات" وحدها لا تكفي للتعبير الدقيق. إجمالًا، رؤية الحيات في المنام تُرجَّح على معاني العدو والكيد والحسد، وقد تدل أحيانًا على مال أو سلطان أو امرأة أو ولد، بحسب اللون والحجم والمكان وتفاعل الرائي معها. فإن كانت الحية تُطارِد أو تلدغ دلّت على نيل مكروه من عدو بقدر الأذى، وإن قتلها الرائي كان فيه ظفرٌ بعدو أو قضاءُ هم، وإن رآها ميتة كان ذلك كفايةَ الله شرَّ عدو بلا كلفة منه. وتتغير الدلالة بحسب القرائن: في البيت أعداءٌ من الأقارب، وخارجه أعداءٌ غرباء، والسوداء أشدُّ كيدًا، والبيضاء أهون، والحيات المائية مال. هذا تأويلٌ عام، ويحتاج لتفاصيلك لتدقيقه. التحليل والشرح:

• الرموز والعناصر:
  • الحية/الثعبان: عند ابن سيرين أصلها عدو، وعداوته بقدر عِظَمها وسمِّها، وقد تُحمل على الكفار وأصحاب البدع، وقد تُؤوَّل بسلطان أو زوجة أو ولد؛ واستشهد بقوله تعالى: إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم. كما ذكر أن أخذ الحية قد يؤول بحصول مال من عدو، مستأنسًا بقوله تعالى: خذها ولا تخف . وعنده أيضًا: الحية الميتة عدو يكفيك الله شرَّه، وبيضها أصعب الأعداء، وسودها أشدُّهم، ولحمها وشحمها مالٌ حلال من عدو.
  • عند النابلسي: الحية قد تُؤوَّل بعدو أو دولة أو كنز أو امرأة أو ولد. قتل الحية ظفرٌ بعدو، وأكل لحمها سرورٌ ومنفعة، والحيات المائية مال، ومن امتلك حياتٍ ملساء تطيعه نال سبائك من ذهب أو فضة. دخولها البيت والخروج بلا ضرر: أعداء من الأهل، ووجودها خارجه: أعداء غرباء. صعودها لعلوّ: فرح وسرور، وانحدارها: موتُ رئيسٍ في ذلك الموضع.
  • موضع الرؤية: امتلاء البيت حيات مع عدم الخوف منها أُوِّل عند ابن سيرين بأنه يُؤوي أعداءَ المسلمين وأهل الأهواء في بيته، والحيات في السوق حربٌ وخصام، وفي البادية قطاعُ طريق، وفي البستان نموٌّ وزيادة نباته.
• الربط الثقافي والشرعي:
  • الأصل في التعبير: القرآن والسنة ثم أقوال المعبّرين؛ وقد مضى الاستئناس بآيتين كما ذكر ابن سيرين في موضع التأويل. ويُستحبّ كتمان الرؤيا المكروهة والاستعاذة والتفُل عن اليسار، ولا يُبنى على المنام حكمٌ شرعي؛ وهذه من آداب الرؤيا التي قرّرها المعبّرون في المقدمات.
• الأبعاد النفسية والحياتية:
  • في القراءة النفسية قد ترمز الحيات إلى تهديداتٍ حسّية أو معنوية يعيشها الرائي: خصومة، غيرة، ضغوط عمل، أو قلق صحي، وقد ترمز لغريزة الخوف أو التحوّط. يتقوّى هذا المعنى إذا كان بالحلم مطاردةٌ أو لدغٌ وشعورٌ بالذعر، ويضعف إن كان الرائي مطمئنًا أو مالكًا للحية.

لإحكام التأويل، فضلاً أخبرني بالتفاصيل:

• اللون والحجم والعدد.
• المكان: داخل البيت، خارجه، سوق، بستان، ماء.
• تفاعلك معها: مطاردة، لدغ، قتل، إمساك، أكل لحمها، ميتة.
• شعورك أثناء المنام وبعده.
• حالتك الراهنة: أعزب/متزوج، حامل، طالب، موظف، وجود خصومة أو حسد.

نصائح عامة:

• إن كان في الرؤيا أذى أو فزع، فاستعذ بالله، وتفل عن يسارك ثلاثًا، ولا تحدّث بها من لا يحسن التأويل، واشتغل بالأذكار والعمل الصالح؛ فالمكروه يُدفع بالاستعاذة والستر كما نصّ أهل العلم بآداب الرؤيا.

المراجع

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 154. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 154. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 154-155. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 349.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 346-347.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 346-347.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 349.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 347-348.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 347-349.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 349.

بيان منهجي

ملاحظة حول النسبة: نُشير إلى أن نسبة كتاب "تفسير الأحلام الكبير" لمحمد بن سيرين محلّ نقاش تراثي بين المحققين، وأن الكتاب المتداول هو مدونة تفسيرية منسوبة لابن سيرين رحمه الله، جُمعت ونُقلت عبر أجيال من المفسرين. نتعامل معه باعتباره مرجعًا تراثيًا في علم تعبير الرؤى، دون القطع بصحة النسبة التاريخية الكاملة.