المدينة في المنام: دلالات الأمن والدين والعلم عند ابن سيرين
اكتشف معنى رؤية المدينة في المنام عند ابن سيرين والنابلسي: دخولها أمان وصلح، وخروجها خوف، وعمرانها علم وخير، وخرابها نقصٌ في الدين وغلاء السعر.
تفسير محمد بن سيرين
وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، تحمل رؤية "المدينة" عدة دلالات:
فقد تدل المدينة على أهلها وساكنيها ، وتشير إلى الاجتماع، والسواد الأعظم، والأمان، والتحصين . كما قد ترمز إلى الدين . ويوضح ابن سيرين أن دخول المدينة يعني الصلح فيما بين الرائي وبين الناس ودعوتهم إلى حق، مفسراً بذلك قوله تعالى "ادخلوا في السلم كافة" . ويذهب إلى أن "بلدة الإنسان" تدل على أبيه .
ويشير محمد بن سيرين إلى أن "جامع المدينة" في المنام يدل على أهلها، وأعاليه رؤساؤها، وأسافله عامتها، وأساطينه أهل الذكر والقيام بالنفع في السلطان والعلم والعبادة والنسك. أما محرابه فهو إمام الناس، ومنبره سلطانهم أو خطيبهم، وقناديله أهل العلم والخير والجهاد والحراسة . ويرى أن مئذنة المدينة قد تدل على قاضيها أو عالمها الذي يدعى الناس إليه ويرضون بقوله ويقتدون بهديه . ويذكر أن أبواب المدينة قد تمثل العمال والأمناء وأصحاب الشرط ومن يدفع عن الناس ويحفظهم . وأن دور المدينة تدل على أهلها من الرؤساء وكبراء محلتها . وكل درب فيها يدل على من يجاورهم ومن يحتاجون إليه في مهماتهم وأمورهم .
ويرى ابن سيرين أنه إذا رأى مدينة عتيقة قد خربت ثم أعيد بناؤها أحكم مما كانت، فإن ذلك يدل على ظهور أو ولادة عالم أو إمام ورع تقي . وإذا رأى مدينة خربة بلا حيطان أو بنيان أو آثار، وكان في ذلك اليوم علماء قد ماتوا وذهبوا، فإن ذلك يدل على أن من نسل العلماء الباقين سيولد له ولد تظهر فيه سيرة أولئك العلماء . ويفيد أن رؤية مدينة أو بلد خاليين من السلطان تدل على غلاء سعر الطعام . كما يوضح أن المدينة المخصبة حسنة الزرع تدل على خير حال أهلها . وإذا رأى قرية عامرة خربت، فإنه يدل على ضلالة أو مصيبة لربابها، وإن رآها عامرة فهو صلح دين أربابها . ويذهب إلى أنه إذا كانت المدن هادئة ساكنة، فإنها في الخصب دليل على الجدب، وفي الجدب دليل على الخصب، إلا أن يرى الإنسان المدن العامرة الكثيرة الخصب فإنها تدل على رفعة وخصب، وإن رأى الجدبة القليلة الأهل دلت على قلة الخير .
ويفرق محمد بن سيرين بين المدينة والقرية؛ فقد تدل القرية على دار الظلم والبدع والفساد والخروج عن الجماعة . كما يذكر أن القرية ربما دلت على الدنيا، والمدينة على الآخرة، لكون نعيمها أجل وأهلها أنعم ومساكنها أكبر . وربما دلت المدينة على الدنيا، والقرية على المقبرة . وأوضح أن المدينة المعروفة ربما دلت على دار الدنيا، والمجهولة على الآخرة . ويشير إلى أن من انتقل في منامه من قرية مجهولة إلى مدينة مجهولة، فإن كان كافراً أسلم، وإن كان مذنبًا تاب، وإن كان صالحًا فقيرًا حقيراً استغنى وعز . وإن كان مع صلحه خائفًا أمن، وإن كان صاحب سرية تزوج . وإن كان مع صلحه عليلًا مات . وإذا رؤي الميت انتقل حاله وتبدلت داره، فإنما هناك داران إحداهما أحسن من الأخرى، فمن انتقل من الدار القبيحة إلى الحسنة الجميلة نجا من النار ودخل الجنة . ويفيد أن الخروج من المدينة يدل على الخوف، استشهاداً بقوله تعالى "فخرج منها خائفاً يترقب" . وذكر ابن سيرين أن من رأى كأن مدينته وقعت من الزلزال، فإنه يحكم على والده بالقتل، فالمدينة تدل على الأب . وأضاف أن من رأى مدينة عتيقة قد خربت وانهدمت دورها، ثم جاء قوم فحفروا أساسها وبنوها أحكم مما كانت، فإن ذلك يدل على ظهور أو ولادة عالم أو إمام ورع تقي .
تفسير عبد الغني النابلسي
وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن رؤية المدينة في المنام تحمل دلالات متعددة.
يوضح النابلسي أن دخول المدينة في المنام يدل على الأمان من المخاوف . كما أن رؤية المدينة أو الإقليم بحد ذاته تشير إلى الأمان من الخوف . ويضيف أن التواجد داخل سور المدينة يوفر الأمان من الأعداء والحرز مما يُخشى .
ويفيد المؤلف أن المدينة قد تعبر عن رجل عالم، مستنداً إلى الحديث النبوي "أنا مدينة العلم وعلي بابها" . ويربط النابلسي المدينة بأهلها، حيث تدل أعاليها على رؤسائها وأساطينها على أهل الذكر والقيام بالنفع، وتدل أسافلها على عامتها . وتشير أبواب المدينة إلى عمالها وأمنائها ومن يحرسهم ويحفظهم . أما دور المدينة فتمثل أهلها من الرؤساء .
ويرى النابلسي أن المدينة المجهولة تمثل الآخرة، بينما المدينة المعروفة تدل على الدنيا للرائي، أو على دين أهلها . وذكر أن المدينة قد تدل على دين أهلها، فإذا رأى شخص مدينة معروفة قد انهدمت أو تهدم جزء منها، فهذا يعني أن دين أهلها قد ذهب، وربما تصيبهم نكبة في دنياهم بسبب دينهم . كما أن رؤية المدينة قد تؤول إلى التوبة والمغفرة .
ويدخل النابلسي أن دخول المدينة في المنام يدل على صلح بين الرائي والناس الذين يدعونه إلى الحق .
وفي تفسيره، يذكر أن رؤية المدينة في خراب يعني فقدان العلماء منها . أما رؤية مدينة عتيقة قد خربت وأعيد بناؤها بإحكام، فتدل على ظهور أو ولادة عالم أو إمام ورع . ويرى أن المدينة التي تُرى وهي تُعمر تدل على كثرة العلماء فيها والتزام أبنائهم طريق آبائهم . ويرى أن المدينة المخصبة ذات الزرع الحسن تدل على حسن حال أهلها والبلد . ويعتبر النابلسي المدينة الكبيرة العامرة من أفضل المدن في التعبير، خاصة إذا كانت أكبر المدائن التي يسكن فيها الرائي . وفي المقابل، يشير النابلسي إلى أن المدن التي خسف الله بأهلها تدل على الخوف والجزع والبخس في الكيل والميزان . أما المدينة التي لا سلطان فيها، فيشير النابلسي إلى أنها تدل على غلاء سعر الطعام فيها . ومدينة مجهولة، إن رؤيت في المنام، فهي علامة على الصالحين، وربما ينال الرائي ما سأله .
وعن سور المدينة، يذكر عبد الغني النابلسي أن رؤية سور المدينة مهدوماً تعني موت عاملها أو عزله عن عمله . وإن انثلم في السور ثلمة دخل منها أسد أو سيل أو لص، فإن ذلك يدل على ضعف الإسلام فيها أو كساد سوق العلم . ويرى أن السور المجهول يدل على الإسلام والعلم والقرآن والمال والأمان والورع، وكل ما يحصن به . وفي تفسير لسور المدينة، يرى النابلسي أن السور يمثل رجالاً مجاهدين، أو سلطاناً قوياً، أو رئيسًا، أو عابد البلد، أو عالمه، أو الشرع الفاصل بين الحق والباطل . وقد يدل على الملك، وتكون الشرافات والمرامي أتباعه وحراسه .
ويوضح أن أساطين المدينة هم أهل الذكر والقيام بالنفع في السلطان والعلم والعبادة والنسك . ويشير إلى أن "جامع البلد" في المنام يدل على الملك لقيامه بأمور الدين، ومنار الإسلام، والحاكم الفاصل بين الحلال والحرام . كما يدل على السوق الذي يقصد الناس فيه الربح، وعلى كل من تجب طاعته، وعلى العدل لمن دخله مظلوماً، وعلى القرآن والبحر، والحمامات، والمقابر، والإحصان .
في سياق متصل، يذكر النابلسي أن ابن سيرين كان يحب الدخول إلى المدن ولا يحب الخروج منها، مستشهداً بقوله تعالى: "فخرج منها خائفا يترقب" . ويشير عبد الغني النابلسي إلى أن مدينة الإنسان التي ينسب إليها تعبر عن أبيه، فإذا رأى أن مدينته خربت بالزلزال، فقد يموت أبوه بالقتل . ويذهب النابلسي إلى أنه إذا رؤي الميت في مدينة، فقد يكون في الجنة مشاركاً لأهل النعيم .
ويفسر النابلسي أن "مدينة النبي صلى الله عليه وسلم"، لمن رآها ونزل فيها، تعني حصول خير في الدين والدنيا . ويرى النابلسي أن رؤية المدينة المنورة تؤول على ستة أوجه: أمن، ومغفرة، ورحمة، ونجاة، وفرج من هم، وطيب عيش . ويفصل النابلسي القول فيذكر أن "بلاد العرب الفوقانية" تدل على كثرة الغلة، و"بلاد العرب السفلى" تدل على كثرة الحيلة والمكر . ويذكر أن "بلاد المغرب" تدل على العز والعلم وعلو القدر . ويشير إلى أن من دخل مدينة مرة ثانية، فقد لا يموت حتى يدخلها مرة أخرى، وربما كان ذلك أمناً من خوف .
تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)
التأويل: أعتذر عن عدم إمكان التأويل لعدم كفاية تفاصيل الرؤيا. رمز “المدينة” في المنام غالبًا ما يبشّر بالأمن والصلح والدين والعلم، وقد تختلف الدلالة باختلاف حال المدينة في الرؤيا: أَدخولٌ أم خروج، عامرةٌ أم خَرِبة، معروفةٌ أم مجهولة، وهل لها سلطان أم لا. إن رغبتَ بتعبيرٍ أدق فالرجاء ذكر تفاصيل المشهد وحالِك النفسي والعملي.
تحليل الرمز والمعاني المحتملة:
- الرموز الرئيسة: المدينة، الدخول/الخروج، حال المدينة (عمران/خراب)، كونها معروفة أو مجهولة، وجود السلطان، معالمها (السور، الجامع).
- دلالات شرعية ولسانية عند أهل التعبير:
- الأمن والصلح: من رأى أنه دخل مدينة نال أمانًا من الخوف، ويُعبَّر الدخول أيضًا بالصلح بين الرائي والناس ودعوته إلى الحق، واستُدل بذكر الدخول في السلم، وبقصة الخروج خوفًا في القرآن كما نُقل ضمن باب المدينة عند النابلسي ، ونقلًا عن ابن سيرين محبة الدخول وكراهة الخروج “فخرج منها خائفًا يترقب” ، وكذلك عند ابن سيرين أن الدخول صلح والخروج خوف.
- الدين والعلم: المدينة قد تُعبَّر برجلٍ عالم، استئناسًا بقول “أنا مدينةَ العلم وعليٌّ بابُها” كما أورده النابلسي في باب المدينة . وإذا انهدمت المدينة فقد يذهب دينُ أهلها.
- الدنيا والآخرة: المدينة المعروفة تُحمل على الدنيا، والمجهولة على الآخرة، كما في باب المدينة عند النابلسي.
- المدينة ونِسبة الرؤيا: “مدينةُ الإنسان التي يُنسب إليها تُعبَّر بأبيه”، فخرابها بالزلازل قد يؤول لمصيبة بالأب كما نُقل في باب المدينة.
- الغلاء والولاة: المدينة التي لا سلطان فيها يدلّ ذلك على غلاء السعر فيها، وموتُ ملكها قد يُفهم من خرابها أو ظلمها، عند النابلسي.
- معالم المدينة تقوّي المعنى:
- جامع المدينة: يدل على أهلها، فأعاليه رؤساؤها وأسافله عامتها، ومحرابه إمام الناس ومنبره سلطانهم، وقناديله أهل العلم والخير، كما فصّل النابلسي.
- سور المدينة: عند ابن سيرين هو دالٌّ على السلطان والوالي، والمجهول منه يدل على الإسلام والعلم والقرآن والمال والأمان، وهدمُ السور موتُ الوالي أو عزله، والثُّلمة فيه ضعفٌ في أمر الدين أو العلم في ذلك الموضع ؛ ونظيره عند النابلسي مع تفصيلٍ مقاربٍ في باب السور.
- أبعاد نفسية وحياتية:
- من بُعدٍ نفسيّ: رؤية المدينة العامرة أو دخولها قد تعكس توق النفس للأمان والانتماء وبناء العلاقات بعد مرحلة قلق أو عزلة. أمّا الخروج منها أو خرابها فقد يجسّد شعورًا بفقد الدعم الاجتماعي أو تراجع الالتزام الديني/القيمي.
- من بُعدٍ عملي: إن كانت مدينتك ظاهرة في الرؤيا، فقد يتعلق التأويل بعلاقتك بالأسرة أو بالمرجعية (الأب أو من يقوم مقامه)، أو ببيئة العمل والجماعة والقيادة. وإن كانت بلا سلطان، فقد يكون ذلك إنذارًا بتقلبات معيشية أو غلاء أو فوضى في محيطك.
نصيحتي:
- لبلوغ تعبير أدق، اذكر: هل دخلتَ المدينة أم خرجتَ؟ هل كانت معروفة أم مجهولة؟ أكانت عامرة أم خَرِبة؟ هل رأيتَ سورًا أو جامعًا أو غياب السلطان؟ وما حالك الواقعي (دينًا ونفسًا ومعاشًا) ووقت الرؤيا؟ هذه القرائن تعين على الترجيح وفق أصول التعبير المذكورة أعلاه.
- حتى تتبين لك الرؤيا: الزم الذكر والدعاء، وخذ بالأسباب في طلب الأمان والصلح وتقوية صلتك بأهل العلم والخير، فالتعبير يُحمَل على الخير ما أمكن، والصواب من الله.
المراجع
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 176. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 175-176. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 175-176. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 193-194. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 176-177. ISBN: 9789953724072.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1196-1198.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1195-1196.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1201.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 672-673.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 245-246.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1202-1203.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 243-244.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017).
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 673-674.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 243-244.
عن المصادر
الكتاب المنسوب لابن سيرين هو مدونة تفسيرية جُمعت عبر أجيال، ونسبتها لابن سيرين محل خلاف بين المحققين.
