الرؤيا في تفسير الأحلام: منهج ابن سيرين والنابلسي ودلالاتها

دليل شامل لمعنى الرؤيا وأقسامها وأصدق أوقاتها، كما قررها ابن سيرين وعبد الغني النابلسي، مع ضوابط التأويل وآدابه ونصائح لحفظ الرؤيا وقصّها بوعي.

فريق مفاتيح المنام
12 دقيقة
الرؤياتفسير الأحلامابن سيرينعبد الغني النابلسيآداب تعبير الرؤيا
الرؤيا في تفسير الأحلام: منهج ابن سيرين والنابلسي ودلالاتها

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن الرؤيا في ذاتها حقيقة ولها حكم وأثر. ويستدل على ذلك بأول رؤيا رُئيت في الأرض، وهي رؤيا آدم عليه السلام حين أُوحِي إليه بخلق حواء لتشبهه، فنام وأُري ذلك في منامه. كما أشار محمد بن سيرين إلى رؤيا إبراهيم عليه السلام في المنام بذبح ابنه، والتي عمل بها حتى فرج الله عنه، مما يدل على أن للرؤيا حكمًا. ويورد كذلك رؤيا يوسف عليه السلام التي رآها وهو صبي، والتي تعلقت بتفوقه المستقبلي، ومن ثم رؤياه الأخرى التي رأى فيها أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر يسجدون له.

وينبه ابن سيرين إلى وجوب تحري الصدق في الرؤيا، وعدم إدخال ما لم يُرَ فيها، وذلك لتجنب إفساد الرؤيا وغش النفس. ويضيف أن صدق الرائي في حديثه قد يصدق رؤياه، بينما الكاذب قد تكذب رؤياه، إلا إذا كان كذابًا ويكره الكذب من غيره، فتصدق رؤياه لذلك.

ويوضح أن أصدق الرؤيا ما كانت من ملك أو مملوك. ويذكر المؤلف عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "ل رؤيا للخائف إل ما يحب"، ويقصد في تأويلها فرجًا لآمره وذهاب خوفه. ويشير إلى أن الرؤيا قد تختلف في تأويلها من شخص لآخر، فقد يرى أحدهم شيئًا فيصيب مبلغًا من المال، ويرى آخر مثله فيصيب أضعافه، أو قد تكون الرؤيا دالة على صلاح دينه، وذلك تبعًا لهمة الرجل وقدره وإيثاره لأمر دينه. كما يذهب إلى أن الرائي إذا رأى شيئًا مولعًا به لم يتفق مع طبيعة المكان أو الأشخاص، فإن ذلك قد يدل على هم أو خوف أو مصيبة، أما إذا وافقت طبيعته، فقد يدل على خير أو مال أو ظفر.

ويرى ابن سيرين أن الرؤيا التي تشوش طبائع الإنسان، كالدموي يرى الحمرة، والمرطوب يرى الرطوبة، والصفراوي يرى الصفرة، والسوداوي يرى الظلمات والسواد، والمحرور يرى الشمس والنار، والمبرود يرى البرودات، والممتلئ يرى الأشياء الثقيلة على نفسه، فهذا النوع من الرؤيا لا تأويل له.

وفيما يتعلق بقوة الرؤيا وأوقاتها، يذكر محمد بن سيرين في سياق أن رؤيا الليل أقوى من رؤيا النهار. ويضيف أن أصدق ساعات الرؤيا تكون بالسحر. غير أنه في موضع آخر، يفيد بأن رؤيا النهار أقوى من رؤيا الليل. ويشير في سياق آخر إلى أن أصدق الرؤيا ما كانت في نوم النهار أو نوم آخر الليل، وأن أصدق الرؤيا بالسحر وبالقائلة. وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أصدق الرؤيا ما كان بالسحار"، وروى أنه قال: "أصدق الرؤيا رؤيا النهار لن ال تعالى أوحى إلي نهارا". وحُكي عن جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام أنه قال: "أصدق الرؤيا رؤيا القيلولة". ويضيف أن أضعف الأوقات للشتاء، وأن رؤيا النهار أقوى من رؤيا الليل.

ويرى المؤلف أن الرؤيا عند إدراك ثمر الشجرة ومنافعها تكون أبلغ وأنفذ وأصح. وإذا أورقت الشجرة ولم يطلع ثمارها، فالرؤيا دون ذلك في القوة والبقاء. وإذا سقط ورقها وذهب ثمرها، فالرؤيا أضعف، والضغاث والحلم فيها أكثر.

ويضع محمد بن سيرين قواعد لمن أراد تأويل الرؤيا؛ فإذا احتملت معنيين متضادين، وجب النظر أيهما أولى بألفاظها وأقرب لأصولها. وإن رأى الأصول صحيحة وفي خللها أمور لا تنتظم، أُلقي حشوها وقُصد الصحيح منها. وإن رأى الرؤيا كلها مختلطة لا تلتئم على الأصول، علم أنها من الضغاث فأعرض عنها. وإن اشتبه الأمر، سأل الرائي عن ضميره في سفره أو صيده أو كلامه، وقضى بالضمير، وإن لم يكن هناك ضمير، أخذ بالأشياء على ما بينت.

ويذكر أن طبائع الناس قد تختلف في الرؤيا ويجرون على عادة فيها فيعرفونها من أنفسهم، فيكون ذلك أقوى من الأصل، فينزل على عادة الرجل ويترك الأصل. ويشير إلى أن الرؤيا قد تصرف عن أصلها من الشر بكلم الخير، وعن أصلها من الخير بكلم الشر.

ويشير إلى أن الرؤيا قد تأتي على ما مضى لتذكير بغفلة أو معصية، أو تأتي عما هو كائن فيه الرائي، وقد تأتي عن المستقبل، فتخبر عما سيأتي من خير أو شر. ويضيف أن الرؤيا قد تتحقق حرفيًا، كمن يرى الدراهم يصيبها، أو يرى الغائب فيقدم في اليقظة.

ويوضح أن أقدار الناس قد تختلف في بعض التأويل حسب اختلافهم في الجدود والحظوظ، وإن تساووا في الرؤيا، فقد لا يحسن تعبير ذلك المرئي الذي يتفقون في رؤيته. كما قد تعبر الرؤيا بالوقت، أو تصيب الرائي ما رأى بعينه، كالنكبة أو الخير، وقد يكون ما يراه الصبي أو العبد أو المرأة لأحد والديه أو لسيده أو لبعلها.

وينبه المؤلف إلى أنه إذا دلت الرؤيا على فاحشة وقبيح، سترت ورويت بأحسن ما يقدر عليه من اللفظ، وأُسرَّت لصاحبها، لما في الرؤيا من حدس وترجيح ظنون، ولحتى لا يلحق السائل ما لم يكن منه. ويشدد على ضرورة تفتيش المسألة ومعرفة وجهها ومخرجها وقدرها واختلاف الطبائع، لتبصر ما عمل الشيطان في تخليطها وإفسادها. ويؤكد على ستر ما يرد عليه من الرؤيا في التأويل من أسرار المسلمين وعوراتهم، وأن لا يخبر بها إلا صاحبها، ولا ينطق بها عند غيره. وينبه إلى أنه إذا كان للرائي مخرج أو كان مصرًا على معصية، فعندها يعظه ويستر عليه.

ويذكر المؤلف أن أصل الرؤيا قد يكون جنسًا كالشجر والسباع والطير، والتي غالبها أنها رجال. والصنف أن يعلم صنف تلك الشجرة، وذلك السبع، وذلك الطائر. فإن كانت الشجرة نخلة كان ذلك الرجل من العرب، وإن كان الطائر طاووسا كان رجل من العجم.

تفسير عبد الغني النابلسي

وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن الرؤيا قد تكون مبشرة أو منذرة. فالرؤيا المنذرة، بحسب النابلسي، تظهر بسرعة لتنبيه الرائي لمعصية قد ارتكبها أو ينوي ارتكابها، وذلك لئلا يكون مغمومًا . أما الرؤيا الحسنة، فيوضح أنها تخرج بعد أيام لتجلب النعمة والسرور .

ويشير النابلسي إلى أن أصدق الرؤيا ما كان رؤيته في وقت الأسحار، وكذلك ما يُرى بالنهار . وقد ذكر عن جعفر الصادق أن أصدقها ما كان وقت القيلولة .

ويذهب المؤلف إلى أن المسلمين المفسرين يرون أن الرؤيا تُرى بالروح وتُفهم بالعقل . فالروح عند النوم تمتد كالسراج أو الشمس لترى نور الله وضياءه، ورجوعها للنفس عند اليقظة أشبه بالشمس إذا انكشف عنها السحاب . ويرى بعضهم أن الحس الروحاني أشرف من الجسماني .

ويوضح عبد الغني النابلسي أن الرؤيا الصالحة هي رؤيا يراها الإنسان أو تُرى له، وهي بشرى في الدنيا والآخرة . وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "من لم يؤمن بالرؤيا الصالحة لم يؤمن بالله ولا باليوم الآخر" . كما أن السيدة عائشة رضي الله عنها ذكرت أن أول ما بُدئ به النبي صلى الله عليه وسلم من الوحي كان الرؤيا الصالحة التي تأتي مثل فلق الصبح . ويسوق المؤلف أمثلة من رؤى النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه لتوضيح ما تحمله الرؤى من دلالات .

يُفرق النابلسي بين أنواع من الرؤى؛ فالرؤيا الصادقة الظاهرة هي جزء من النبوة، مثل رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية ورؤيا إبراهيم عليه السلام في ذبح ولده، وهذه الرؤى تأتي مباشرة من الله دون واسطة ملك الرؤيا أو تفسير . ويذكر النابلسي أن من رأى رؤيا صريحة فقد رآها مباشرة من الباري تعالى دون واسطة ملك الرؤيا . ويضيف بأن هناك رؤيا يريها ملك الرؤيا واسمه "صديقون"، وهي تعليم من الله . وهناك أيضًا الرؤيا المرموزة التي تأتي من الأرواح .

ويستدرك النابلسي بأن الرؤيا الحق قد تنقسم إلى أقسام، منها ما يريها الشيطان وهي رؤيا باطلة لا تُحسب من الرؤيا، ومنها ما يريها سحرة الجن والإنس، ومنها التحذير والتخويف من الشيطان الذي لا يضر . أما الحلم الذي يوجب الغسل، فليس له تفسير . ويشمل النابلسي أيضًا حديث النفس، والهم، والتمني، والأضغاث ضمن ما لا يُعد من الرؤيا الحقيقية . كما يذكر رؤيا أخرى تُريها الطبائع إذا اختلفت، ورؤيا "الوجع" .

من ناحية أخرى، ينبه المؤلف إلى أن الرؤيا معلقة ومتوقفة على تأويلها، وأنها تقع حيث قُصّت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الرؤيا على جناح طائر، فحيث قُصّت وقعت" . ويشترط عبد الغني النابلسي في المعبر أن يعرف الأصول ويتثبت في التعبير، ولا يتعجل، وأن يسأل صاحب الرؤيا عن نفسه وحاله وقومه وصناعته ومعيشته، فقد مكث ابن سيرين مليًا يسأل صاحب الرؤيا عن تفاصيل حياته . وينصح النابلسي بأن لا يقص الرائي رؤياه على حاسد، كما نصح يعقوب ليوسف عليهما السلام . ولا ينبغي قصها على جاهل أو صبي أو امرأة، بل تُقص سرًا .

ويوضح النابلسي أن معنى الرؤيا (ضميرها) أقوى من ظاهرها (نظرها)، وأن رؤيا المؤمن تختلف عن رؤيا الكافر؛ فمثلاً، أكل العسل للمؤمن حلاوة قرآن، وللكافر حلاوة دنيا . ويعتبر المؤلف أن الرؤيا الحسنة هي بشرى، وأن وجود السكون والدعة واللباس الفاخر والأغذية الشهية يصحح الرؤيا ويقلل الأضغاث .

ويختتم النابلسي بالإشارة إلى أن أصدق أوقات الرؤيا هو وقت انعقاد الأزهار وإدراك الثمار، وأن رؤيا النهار أقوى من رؤيا الليل، وأن الرؤيا قد تتغير باختلاف هيئات الناس وصنائعهم وأقدارهم وأديانهم، فتكون رحمة لأحدهم وعذابًا لآخر .

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: أعتذر عن عدم القدرة على التعبير دون نصٍّ واضح للرؤيا؛ كلمة “الرؤيا” وحدها لا تكفي لاستخراج معنى صحيح. من فضلك اكتب حلمك بتفاصيله، وسأعبّره لك على نهجٍ معتبر وبالقدر الممكن من الدقة.

التحليل وخطوات الاستدلال:

  • الرموز والعناصر الرئيسة: لا توجد رموز مذكورة بعد، لذا يتعذر تطبيق قواعد جمع الرموز وردّها إلى أصولها.

  • ما هي الرؤيا وأقسامها في الموروث الإسلامي: ورد في القرآن قصة رؤيا يوسف عليه السلام وما تضمنته من تعليم “تأويل الأحاديث”، مع وصية يعقوب ليوسف: لا تقصص رؤياك على إخوتك؛ لما قد يترتب على نشرها من كيد، وهي قاعدة في حفظ الرؤيا عن مواضع الأذى. وفي السنة والآثار المروية في كتب التعبير: الرؤيا ثلاثة أنواع؛ رؤيا صالحة وهي بشرى من الله، وحديث نفس، ورؤيا من الشيطان للتحزين، وأن رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة، وتكثر صدقاً قرب آخر الزمان . كما نُقل أن المكروه من المنامات يُستحب كتمانه، والتفل عن اليسار، وعدم الإضرار بالرائي به، وأن لا تُقصّ إلا على عالم أو ناصح من أهل الرأي . ونُقل كذلك: الرؤيا تقع على ما عُبّرت له، والرؤيا على جناح طائر ما لم تُحدَّث، فإذا حدث بها وقعت؛ لذا يُنتقى من تُقصّ عليه بحكمة ورفق.

  • ضوابط ومنهج التعبير المعتبر: من المنهج الذي قرره أئمة التعبير: إذا احتملت الرؤيا معنيين متضادين رُجّح الأقرب إلى الأصول والقرائن، ويُلقى الحشو ويُقصد الصحيح إن اختلطت بعض أجزائها، وتُعرض الرؤيا المختلطة التي لا تنتظم على الأصول لأنها من الأضغاث. كما يُسأل الرائي عن حاله وضميره وما يلابس رؤياه من سفرٍ أو صيدٍ أو كلامٍ، فالحال قرينة مهمة في الترجيح . وتُراعى مؤشرات الزمن؛ فقد يُستأنس بقوة الرؤى حين إدراك الثمار، وضعفها حين سقوط الأوراق، وهذه قرائن لا يُجزم بها ولكنها مرعية عند بعض أهل الفن.

  • نصيحة عملية قبل إرسال الرؤيا: لأجل تعبيرٍ أدق، أرسل ما يلي:

  1. نص الرؤيا كاملًا كما رأيتَه بلا زيادة ولا تهويل.
  2. وقتها التقريبي: ليل/سحر/نهار، وهل تكرّرت.
  3. حالك الشخصية: العمر، الحالة الاجتماعية، المهنة، والحال الدينيّة والنفسية مؤخرًا.
  4. أحاسيسك أثناء الرؤيا وبعدها.
  5. الأسماء الواردة، والألوان، والأرقام، والأماكن، وما إذا كان في الرؤيا شخصٌ له علامة تخصّه كاسمٍ أو مهنة. هذه المعلومات تعين على تنزيل الرموز على حال الرائي وفق الأصول، كما أن حفظ الرؤيا عن مواضع الحسد والعداوة أدبٌ دلّ عليه قول يعقوب ليوسف لا تقصص رؤياك ، وأن تُقصّ على عالمٍ ناصحٍ أمينٍ كما أوصى أهل التعبير.
  • تذكير مهم: الرؤيا حق، لكنها بشارة أو إنذار وليست دليلًا يُبنى عليه حكمٌ شرعيّ أو قرارٌ قاطع في المعاملات. التعبير اجتهاد وظنّ، والصواب من الله، ويُقدَّم وجه الخير ما أمكن، ويُتلطَّف بالرائي ويُستر عليه إن اقتضت الرؤيا ذلك، كما قرّر الأئمة في آداب التعبير.

المراجع

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 5-6.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1407.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 4.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 4-5.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1407-1408.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017).

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017).


بيان منهجي

ملاحظة حول النسبة: نُشير إلى أن نسبة كتاب "تفسير الأحلام الكبير" لمحمد بن سيرين محلّ نقاش تراثي بين المحققين، وأن الكتاب المتداول هو مدونة تفسيرية منسوبة لابن سيرين رحمه الله، جُمعت ونُقلت عبر أجيال من المفسرين. نتعامل معه باعتباره مرجعًا تراثيًا في علم تعبير الرؤى، دون القطع بصحة النسبة التاريخية الكاملة.