الخوف في المنام: التفسير الشامل عند ابن سيرين والنابلسي
اكتشف دلالات الخوف في المنام ومعانيه عند ابن سيرين والنابلسي: من الأمن والتوبة إلى بشائر الفرج وزوال القلق، مع أمثلة ورموز تعزز معنى الأمان.
تفسير محمد بن سيرين
وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن الرؤيا على ضربين: حق وباطل. وأما الباطل منها، فرؤيا التخويف والتحزين من الشيطان، والتي لا تفسير لها، وذلك استنادًا إلى قوله تعالى: «إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن ال» . كما أن الأضغاث، وهي الأحلام التي لا تأويل لها، مثل الخوف من سقوط السماء، لا تفسير لها عنده .
ويشير ابن سيرين إلى أن رؤية الشرطي بأعوانه تدل على الفزع، الهم، الحزن، الهول، العذاب، والخطر . وذهب محمد بن سيرين إلى أن رؤية الدجال تدل على مفتون متبوع يدعو إلى بدعة . ويفيد أن رؤية العذرة المخلوطة بالوحل قد تشير إلى الهم أو الخوف من سلطان .
ويوضح أن الحرب بين السلطانين في المنام تدل على فتنة أو وباء . أما الحرب بين السلطان والرعية فتدل على رخص الطعام، والحرب بين الرعية فتدل على غلاء الطعام . كما أن رؤية جنود مجتمعة تدل على هلاك المبطلين ونصرة المحقين .
ويلفت محمد بن سيرين الانتباه إلى أن صعود الجبال قد ينطوي على خوف إذا كان الصعود صعبًا أو بلا سبب، ولكن الوصول إلى القمة بعد الخوف يدل على النجاة . وإن سقط الرائي من فوق الجبل أو ما شابه، فإنه يدل على مفارقته لشيء مهم . ثم يضيف أن رؤية أشراط الساعة تدل على الخوف والحوادث .
ويرى ابن سيرين أن صاحب الهموم والخوف يمر بضيق حاله وتفرق أمره وقوة غمه . وأما الفساء (إخراج الريح) فهو كلام فيه ذلة، فمن فسا أصابه غم، وإن كان بين الناس فهو غم فاش . وإن شمّ الرائي فساء غيره، فالغم يمر به . ويتطرق المؤلف إلى أن التلطخ بزبل الإنسان يعد مرضًا أو خوفًا، وقد يكون دليلاً خير لمن أفعاله قبيحة . وأما الحزن الذي قد يصيب الرائي، فيكون على قدر ما انكسرت من أعضائه .
وإن رأى المرء أنه قد تخلص من الهموم والضيق، فذلك يدل على سعة وخير وتحول الحال للأفضل، وذلك عندما تزال أسباب الخوف أو الهم . ويفيد في موضع آخر أن الشخص الذي يرى نفسه خائفًا في اليقظة، فإن رؤيته في المنام تدل على أمانه .
تفسير عبد الغني النابلسي
«وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن الخوف في المنام يحمل دلالات متعددة . ويفيد النابلسي أن الخوف في المنام يدل على الأمن . كما يبيّن أن الخوف علامة على التوبة، فكل شخص خائف في منامه فهو تائب .
ويشير عبد الغني النابلسي إلى أن من رأى أنه خائف ويهرب من خوفه، سينال رياسة . ومن رأى أنه ينتظر الخوف، فإنه يقاتل . وإذا رأى النائم أنه خائف ويأتيه قائل يقول له "لا تخف"، فإنه سيصير أعمى . وفي حالة خوف الشخص من الله تعالى دون الشعور بالخشية، فإن المخوف منه ينال أمناً وذكرًا، بينما يصيب المخيف شَنعة وضررًا .
ويوضح عبد الغني النابلسي أن صلاة الاستسقاء في المنام قد تدل على الخوف والتقتير وغلو الأسعار وكساد المعيشة . كما أن صلاة الكسوف أو الخسوف تشير إلى الخوف والشدة من قبل الملوك والوزراء . وعلى النقيض، يذكر النابلسي أن صلاة الخوف نفسها تدل على الألفة والاتفاق واجتماع الكلمة، وعلى الأمن من الخوف . ويرى النابلسي أن رؤية الخفاش في المنام قد تدل على ذهاب الخوف .
ويذهب النابلسي إلى أن أكل الخوخ الحامض في المنام يدل على الخوف الذي يصيب الرائي، وأن الخوف في غير وقته يعتبر مرضًا شديدًا . ويفصّل في رؤية الجبانة (المقبرة) فيقول إنها قد تعني الأمان للخائف ، ولكنها في سياقات أخرى قد تدل على الخوف والرجاء والعودة إلى الهدى . ويزيد بأن رؤية جبانة أهل الشرك تنبئ بالهم والنكد والخوف والشك في الدين .»
تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)
التأويل:
- الخوف في المنام يُبشِّر في الغالب بالأمن وزوال ما يُقلِق، وقد يدلّ على التوبة والرجوع إلى الله، وقد ينال صاحبه رفعةً أو رئاسة. أمّا من رأى أنه ينتظر الخوف فذلك علامة الدخول في مواجهة أو خصومة، ومن سمع في منامه من يقول له: "لا تخف" فقد يدلّ ذلك على ابتلاءٍ في البصر، والله ألطف بعباده. هذا مجمله عند أهل التعبير.
التحليل:
- الرموز والعناصر الرئيسة ومعانيها المحتملة
- الخوف نفسه: جاء عند عبد الغني النابلسي أن "الخوف هو في المنام أمن" أي يعكس الأضداد، فينقلب في التعبير إلى أمان وطمأنينة، ويُحمَل كذلك على التوبة، وأن كل خائفٍ تائب. كما قرّر أن من رأى نفسه خائفًا ينال رئاسة، ومن كان ينتظر الخوف فإنه يقاتل، ومن سمع قائلًا يقول له "لا تخف" أصابه عمى. وهذه قواعد مباشرة في باب "الخوف".
- رموز تقوّي معنى الأمن بعد الخوف:
- لحم البقر المشوي: "أمان من الخوف".
- الحفرة: قد تدل على "الأمن من الخوف والخلاص من الشدائد" إذا اختفى فيها الرائي من عدو.
- الخوذة والبيضَة/المِغفَر على الرأس: "الأمن من الخوف ومن أوجاع الرأس".
- الحصن: يُشعر بالأمن والتحصّن من الأذى، وفيه دلالة صلاحٍ وتوبة.
- حتى بعض العبادات في بابها تُعبِّر عن الأمن؛ كالصوم الذي يَرِد في تعابيره "الأمن من الخوف" ضمن دلالاته.
- الربط بالمصادر الثقافية العربية والإسلامية
- منهج أهل التعبير في قلب المعاني: اشتهر في معاجم التعبير اعتبار الضدّ بالضدّ في بعض الأبواب؛ فالخوف يُؤوَّل أمنًا، وهو ما نصّ عليه النابلسي صراحة. كما تُعزّز رموز “التحصين” (كالخوذة والحصن) معنى الاطمئنان وذهاب الروع، وتظهر في أبواب متفرقة من كتبه لتفيد الأمن وارتفاع البلاء.
- سير التأويل نحو التوبة: ربط النابلسي الخوف بالتوبة، وجعل الخائف تائبًا؛ وهو معنى معروف عند المعبّرين لتلازُم الخشية والرجوع، فتغدو رؤيا الخوف بشارةَ إصلاحٍ وتدارك.
- التفسير النفسي والحياتي الممكن
- من زاوية نفسية، قد يظهر الخوف في المنام بوصفه تنفيسًا عن ضغوطٍ يومية أو قلقٍ مُكتمَلٍ في اليقظة. لكن قاعدة التعبير التقليدية تجعل ظهوره في الرؤيا الصالحة علامة على اتجاه داخلي نحو الأمان وضبط الحياة، وهو ما ينسجم مع دلالات “التحصّن” و“الوقاية” التي تتكرر في الرموز المساندة أعلاه.
- تفاصيل المشهد تُرجِّح المعنى:
- إن كان الحلم مصحوبًا بإحساسٍ قوي بالسكينة بعد الخوف، أو برمز تحصّن (خوذة/حصن/ستر) فالغالب أنه بشارة أمنٍ واطمئنان عملي في قضايا يقلق منها الرائي.
- إن تكرر فيه انتظار البلاء أو الاستعداد له، فقد يعكس الاستعداد الفعلي لدخول تحدٍّ أو منازعة، كما نصّ "ينتظر الخوف فإنه يقاتل". وهذا يدعو إلى تجهيز الأسباب واتخاذ الحيطة الواقعية.
- أما سماع "لا تخف" فينبّه عند أهل التعبير لاحتمال ابتلاءٍ في البصر؛ وهنا يُستحَبّ الدعاء والاحتراز الصحي والفحوصات، مع حسن الظن بالله.
- وجود رموز "أمان" كالحفرة المانعة من عدو، أو لحم البقر المشوي، يقوّي استنتاج زوال المخاوف.
نصيحة عامة:
- إن كان خوفك في اليقظة شديدًا، فقد يكون المنام من حديث النفس؛ نظّم نومك وأذكارك، واستعن بالدعاء، وخذ بأسباب الأمان الواقعية. وإن جاءت الرؤيا هادئة واضحة مختصرة ثم وقع في قلبك اطمئنان، فابشر بمعناها الحسن، وأكثر من الاستغفار والعمل الصالح، فالتعبير يُصاغ برجاء الخير، والله أعلم.
المراجع
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 17. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 112-113. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 82. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 82. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 173. ISBN: 9789953724072.
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 289-290. ISBN: 9789953724072.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 395-397.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 395-397.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 393-395.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 371.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 395-397.
بيان منهجي
ملاحظة حول النسبة: نُشير إلى أن نسبة كتاب "تفسير الأحلام الكبير" لمحمد بن سيرين محلّ نقاش تراثي بين المحققين، وأن الكتاب المتداول هو مدونة تفسيرية منسوبة لابن سيرين رحمه الله، جُمعت ونُقلت عبر أجيال من المفسرين. نتعامل معه باعتباره مرجعًا تراثيًا في علم تعبير الرؤى، دون القطع بصحة النسبة التاريخية الكاملة.
