التعزية في المنام لابن سيرين والنابلسي: بشارة وأمن
ما معنى رؤيا التعزية في المنام؟ يوضح ابن سيرين والنابلسي أنها بشارة وأمن عند التعزية، ومنفعة للمُبتلى، وقد تنذر للميسور، وتعكس حادثًا إن جاءت بلا مصاب.
تفسير محمد بن سيرين
وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، إذا رأى الشخص في منامه أنه يعزّي شخصًا مصابًا، فإن ذلك يدل على نواله للأمن، استنادًا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من عزى مصابًا فله مثل أجره".
ويبيّن ابن سيرين أن من رأى كأنه هو نفسه من يتم تعزيته، فإن ذلك يبشره بنيل بشارة خير، مستدلًا بذلك على قوله تعالى: ﴿وبشر الصابرين﴾.
تفسير عبد الغني النابلسي
وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، تحمل رؤيا التعزية في المنام تفسيرات متعددة حسب سياقها وحال الرائي.
فمن رأى في المنام كأنه يعزي شخصًا مصابًا، نال بذلك أمنًا. وإن كان الرائي هو من يتلقى التعزية، فإن ذلك يشير إلى حصوله على بشارة.
أما التعزية في المنام إذا لم تكن مرتبطة بمصاب، فإنها تدل على حادث يوجب التعزية.
ويفيد النابلسي أن التعزية ربما دلت على التقرب إلى الناس بالإملاق (الفقر)، والتحبب إليهم بالصدق واللين في الكلام.
ويوضح عبد الغني النابلسي أن التفسير يختلف حسب حال الرائي؛ ففيمن كان ذا يسار وحسن حال، فإن التعزية دليل على مضرة تصيبه. بينما فيمن هو في شدة، فهي دليل منفعة وخير، وتشير إلى رجاء وزوال للشدة عنه.
ويذهب النابلسي إلى أن التعزية في منام المبشرين والراجين للمال قد تدل على احتياجهم لمواساة الناس لهم، وذلك لما قد يعرض لهم من المصائب والمضار.
تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)
التأويل
- إن رأيتَ أنك تعزّي مُصابًا فهذه علامة أمنٍ وبشارةٍ بخير، ويُرجى معها زوال خوف أو هم. وإن رأيتَ الناس يعزّونك أنت، فهي بشارةٌ تُسرّك وتثبيت لصبرك. أمّا إن كانت التعزية من غير وجود مصابٍ ظاهر في المنام، فقد تُمهّد لحدثٍ يستوجب التعزية. وتختلف الدلالة باختلاف الحال: فالغنيّ أو المترف قد تُنذر له التعزيةُ بمضرةٍ أو تنبيهٍ لمراجعة النفس، بينما هي لمن في شدةٍ علامةُ رجاءٍ ومنفعةٍ وذهاب كرب بإذن الله. هذا التأويل على وجه الرجاء ويقوَى بحال الرائي وقرائن رؤياه. التحليل
- الرموز والعناصر الرئيسة:
- فعل التعزية نفسه: عند أهل التعبير يدلّ على الأمن والبشارة عند تعزية المصاب أو تلقّيها، كما قد يدل على وقوع حادثٍ يوجب التعزية إذا جاءت بلا سبب ظاهر في الحلم.
- حال الرائي: ميسور الحال أو في شدة. نصّ أهل التعبير أن التعزية للمترف قد تشير إلى مضرة، ولمن في ضيق فهي رجاء ومنفعة وذهاب شدة.
- الربط بالمصادر العربية والإسلامية:
- أشار ابن سيرين إلى أن من رأى كأنه عزّى مصابًا نال أمنًا، مستدلًا بحديث: من عزّى مصابًا فله مثل أجره، وأن من رأى كأنه هو المُعزّى نال بشارةً مستأنسًا بقوله تعالى: وبشّر الصابرين.
- ووسّع النابلسي المعنى، فجعل التعزية لمن في شدةٍ دليل منفعة ورجاء، ولذي اليسار قد تدل على مضرة، وأن التعزية بلا مصابٍ قد تكون إشارةً لعارضٍ يستوجب التعزية، وربما دلّت على التقرب إلى الناس باللين والصدق والمواساة.
- التأويل النفسي والحياتي الممكن:
- التعزية في لغة النفس صورةٌ لاحتياج الرائي أو محيطه للدعم الاجتماعي، وبحثٍ عن التماسك في وجه فقدٍ أو قلق. إن عزّيتَ غيرك فقد تعبّر الرؤيا عن دورك في احتواء الآخرين وبثّ الطمأنينة. وإن عُزّيتَ أنت، فربما لاشعورك يطلب التأييد والتهدئة بعد توتّرٍ أو خسارة رمزية. وإن جاءت التعزية دون مصاب، فقد تكون النفس تستعدّ لاحتمالٍ مُقلق أو تتذكّر خبرًا مرّ سابقًا وتراجع طُرق المواجهة.
تنبيهات ونصائح
- إن كانت رؤياك واضحةً موجزة الدلالة وثبتت في القلب فغالبها من باب الرؤيا المبشّرة أو المُنذِرة، وإلا فقد تكون حديث نفس. ولا يُبنى على المنام حكمٌ شرعي.
- إن تكررت الرؤيا أو كان لها قرائن تخصّ حالك (دين، وظيفة، أسرة)، فاذكرها في نفسك عند التأمل، فبها يُرجَّح وجهُ التأويل.
- ما دام في التأويل بشارةُ صبر، فالأنسب الإكثار من الاستعانة بالله، ومواساة أهل البلاء إن وُجدوا في الواقع، والرفق بالنفس وبالناس، فالرؤيا تحبّب إلى اللين والصدق في الكلام والمواساة كما ذكر أهل التعبير.
المراجع
محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 52. ISBN: 9789953724072.
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017).
عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 211-212.
عن المصادر
الكتاب المنسوب لابن سيرين هو مدونة تفسيرية جُمعت عبر أجيال، ونسبتها لابن سيرين محل خلاف بين المحققين.
