التأويل في تفسير الأحلام: منهج ابن سيرين والنابلسي

يستعرض المقال مفهوم التأويل في تفسير الأحلام عند ابن سيرين والنابلسي، وأُسسه القائمة على القياس والاعتبار واشتقاق الأسماء، مع آداب قصّ الرؤيا وإرشادات للرائي.

فريق مفاتيح المنام
12 دقيقة
التأويلتفسير الأحلامابن سيرينالنابلسيآداب الرؤيا
التأويل في تفسير الأحلام: منهج ابن سيرين والنابلسي

تفسير محمد بن سيرين

وفقًا لـمحمد بن سيرين في كتابه تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان, 2016)، فإن التأويل هو قياس واعتبار وتشبيه وظن، ولا يُعتمد عليه إلا إذا تحقق صدقه في اليقظة أو برهانه . ويضيف أن التأويل يمكن أن يكون بالمعنى أو باشتقاق الأسماء .

ويشير محمد بن سيرين إلى أن المفسر يحتاج إلى معرفة اشتقاق اللغة ومعاني الأسماء، مستشهداً بأصول كلمات مثل "الكفر" بمعنى التغطية، و"المغفرة" بمعنى الستر، و"الظلم" بوضع الشيء في غير موضعه، و"الفسق" بالخروج والبروز . ويذهب إلى أن العابر يجب أن يعتمد على أمثال الأنبياء والحكماء، وأخبار وأمثال رسول الله صلى الله عليه وسلم في التأويل، مثل قوله عن "خمس فواسق"، و"إياك والقوارير" للنساء، و"خلقت من ضلع" .

ويذكر ابن سيرين كذلك أن التأويل يتم بالمثل السائر واللفظ المبتذل، مستدلاً بقولهم في الصائغ إنه كذوب لتداول قول "فلان يصوغ الأحاديث"، أو فيمن يرى طول يديه أنه يصنع المعروف، لأنهم يقولون "هو أطول يدا منك" بمعنى أكثر عطاء . كما أشار ابن سيرين إلى إمكانية التأويل باعتبار حروف الاسم ببعضه .

ويوضح أن الرؤيا الصادقة قسمان: قسم ظاهر لا يحتاج لتفسير، وقسم مكني مضمر تودع فيه الحكمة . وإذا كان للرؤيا وجهان متضادان، دل على الخير أو الشر، فإنه يعطى الرائي الصالح أحسن الوجهين، ويعطى الرائي الطالح أقبحها . وإن كان المرئي ذا وجوه كثيرة متضادة، لا يُصار إلى وجه منها دون غيره إلا بزيادة شاهد ودليل من ضمير الرائي أو مكان الرؤيا .

وينبه ابن سيرين العابر إلى أنه إذا سمع رؤيا مكروهة وعجز عن تأويلها، يستحب له أن يقول: "خير لك وشر لعدوك، خير تؤتاه وشر تتوقاه" إن ظن أنها تخص الرائي، أو "خير لنا وشر لعدونا، خير نؤتاه وشر نتوقاه" إن ظن أنها للعالم . ويرى أن عبارة الرؤيا بالغدوات (الصباح الباكر) أفضل لحضور فهم العابر وتذكار الرائي، لما دعى له النبي صلى الله عليه وسلم من البركة في البكور . ويحذر من أن العابر لا ينبغي له الاستعانة في عبارته بزاجر في اليقظة أو الاعتماد على السمع أو حساب المنجمين .

ثم يذكر المؤلف أن محمد بن سيرين نفسه كان إماماً في هذا الفن، لكنه كان يمسك عن التأويل أكثر مما يفسر، حيث كان يعبر من كل أربعين رؤيا واحدة تقريباً . ويؤكد على أهمية فهم كلام صاحب الرؤيا وبيانه، وعرضه على الأصول، واختيار المعنى الأقرب للفظ والرؤيا . ويستدرك بأن العابر يحتاج إلى إصلاح حاله وطعامه وشرابه وإخلاصه في أعماله ليرث بذلك حسن التوسم في الناس عند التعبير .

ويفيد ابن سيرين أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يتمثل به شيطان، فمن رآه فقد رآه حقاً . ويذكر أن ما يقوله الميت في المنام حق، ما سلم من الفتنة، وكذلك الطفل الذي لا يعرف الكذب، والدواب وسائر الحيوان الأعجم إذا تكلم فقوله حق . وأن كل كذاب في اليقظة كالمنجم والكاهن، فكذلك قوله في المنام كذب، وأن أصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثاً . ويوضح أن رؤى الجنب والسكران ومن غفل من الجواري والغلمان قد تصدق أحياناً، وإن تسلط الشيطان عليهم في سائر الزمان .

تفسير عبد الغني النابلسي

وفقًا لـعبد الغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية, 2017)، فإن التأويل في الأحلام يعتمد على أسس ومناهج متعددة، ويتطلب معبرين ذوي صفات خاصة.

ويذكر النابلسي أنه جمع في كتابه وجوه التأويل من كتب سابقة، مع اختصار اللفظ وتسهيل المتناول، ولم يضف إلا القليل من كلامه . ويرى أن التأويل يعتمد على القياس والاعتبار والتشبيه والظن، ولا يُقطع به إلا إذا ظهر صدقه . كما أوضح أن التأويل قد يكون بالمعنى أو باشتقاق الأسماء . ويشير إلى أن طرق استخراج التأويل كثيرة وغير محصورة، وقابلة للزيادة بزيادة معرفة المعبر وكماله . ويبين أن الرؤيا قد تنصرف عن معناها الأصلي أو تتغير بتغير هيئات الناس وصنائعهم وأقدارهم وأديانهم، فتكون رحمة لأحدهم وعذابًا لآخر .

ولقد بيّن المؤلف أن المعبر يحتاج إلى اعتبار القرآن والأحاديث والأشعار والأمثال واشتقاق اللغة ومعانيها، وأن يكون ذا صلاح في حاله وإخلاص في أعماله . ويضيف النابلسي أن العابر ينبغي أن يكون عالماً فطناً ذكياً تقياً نقياً، عالماً بكتاب الله تعالى وحديث النبي صلى الله عليه وسلم ولغة العرب وأمثالها . وينبه إلى أن المعبر لا ينبغي له أن يتعجل في الرد ولا يأنف أن يقول لما أشكل عليه "لا أعرف"، ويذكر أن محمد بن سيرين، إمام الناس في هذا الفن، كان ما يمسك عنه أكثر مما يفسر . ويستدرك النابلسي بأن طرق المعبرين كثيرة في استخراج التأويل، ويضرب أمثلة لذلك كمعرفة أصل الرجل من الشجرة أو الطائر، وكيفية الحكم على الرجال بطبع الشجرة . كما أشار إلى أن رؤيا يوسف عليه السلام كانت مثالاً لتأويل الرؤى .

ويفصّل النابلسي بعض التأويلات الخاصة، فيوضح أن قراءة القرآن في المنام قد تعني قضاء الحاجات وصفاء الحال ، وأن من رأى أميًا يقرأ القرآن فإنه يموت . ويقول إن من رأى أنه يأكل أوراق المصحف، فإنه يأكل به أو يكثر من تلاوته . ومن رأى أنه يختم القرآن نال ثوابًا كثيرًا وحقق ما يتمنى . ويفيد بأن قراءة اليهودي للقرآن هي عظة له، وأن آيات الغضب أو الرحمة فيه تفسر بمعاملة رئيسه له . كما ذكر أن من يكتب القرآن في كساء فإنه يفسره برأيه .

تفسير منصة مفاتيح المنام (الذكاء الاصطناعي)

التأويل: أعتذر عن عدم القدرة على التعبير لعدم وجود نصّ رؤياك. لعلّك تذكرها بوضوح: من رأى؟ ماذا رأيت؟ أين؟ متى؟ شعورك أثناءها وبعدها؟ وأي قرائن تتعلق بحالك وبيئتك. إن كانت رؤيا طيبة فاحمد الله، وإن ساءتك فاستعذ بالله وتفل عن يسارك ثلاثاً ولا تحدّث بها أحداً، واقرأ آية الكرسي عند الاستيقاظ كما نُقل في آداب الرؤيا عند أهل التعبير ، وراعِ ألا تقصّها إلا على لبيب ناصح كما جاء: لا تقصص رؤياك إلا على حبيب أو لبيب. التحليل والخلفية التي ينبني عليها التأويل:

  • تحديد الرموز والعناصر: لا تتوافر رموز أو سياق لأن الرؤيا غير مذكورة. عند إرسال الرؤيا يُستحسن ذكر الأشخاص، الأسماء، الألوان، المكان، الوقت، الشعور، وتكرار الرؤيا إن وُجد؛ فهذه قرائن ترجّح المعنى عند أهل التعبير.
  • ربط بالثقافة العربية والإسلامية:
    • أقسام المنام ثلاثة: رؤيا صالحة، وأضغاث أحلام، وحديث نفس. وقد قرر أهل التعبير أن عبارة الرؤيا قياس واعتبار وتشبيه وظن، ويُرجّح وجه الخير ما أمكن، ولا يُقطع بحكم بلا بيّنة، وتُقوّى الدلالة بالقرائن وتكرار الرؤيا.
    • آداب قصّ الرؤيا والتعبير: من آداب الرائي ألا يقصّ رؤياه على حاسد أو جاهل، وألا يكذب في رؤياه؛ ومن آداب المعبّر أن يبدأ بالتفاؤل الحسن، وأن يعلم أن الرؤيا تقع على ما عُبّرت عليه، وأن يُحسن الاستماع ويتأنّى في الجواب . ووقت الغدوّ أنسب للعبارة، وقد دُعي بالبركة في البكور.
    • الإرشاد عند المكروه: إذا رأيت ما تكره فاقرأ آية الكرسي عند اليقظة وتفل عن يسارك واستعذ بالله، وجاءت صيغة دعاء محفوظة في كتب التعبير تُقال لدفع ضرر الرؤيا.
    • منهج أهل التعبير: قد يكون التأويل باشتقاق الأسماء أو بالمعنى أو بالمثل العربي، وعلى المعبّر أن يردّ الرمز إلى القرآن والسنة ولسان العرب، وألا يستعين بالكهانة أو حساب المنجّمين. ونُقل أن النبي لا يتمثل به الشيطان، وأن ما يقوله الميت حق ما سَلِم من الفتنة . كما نبّه عبد الغني النابلسي إلى أن دلالات الرموز تتغيّر باختلاف أحوال الناس وأقدارهم وصنائعهم، وأن المعبر يجمع وجوه التأويل من القرآن والحديث واللغة والأمثال.
  • تفسير نفسي وحياتي ممكن: كثير من الأضغاث يجيء من تشوّش الطبع والانفعالات والحالة الجسدية؛ فالدموي يرى الحمرة، والمحرور يرى النار… وهذا مما لا تأويل له لأنه من حديث النفس وتبدّل الأخلاط، وهو مذكور عند أهل التعبير. إرشادات عملية لإرسال الرؤيا:
  • صف زمنها ومكانها وأبرز الأشخاص أو الأسماء أو الأصوات أو الألوان.
  • اذكر حالتك الواقعية: أعزب/متزوج، طالب/موظف، همّ يشغلك، استخارة، تكرار الرؤيا.
  • اختم بشعورك في المنام وبعده.

إن أرسلت رؤياك بهذه التفاصيل، عبّرتها لك إن شاء الله على أصول أهل التعبير، مع تقديم وجه الخير، وتحفّظٍ عن الجزم، وبيان الدليل من القرآن والسنة وأقوال المعبّرين المعتبرين كابن سيرين والنابلسي حسب ما تقتضيه الرموز والقرائن.

المراجع

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 3-4. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 5. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016). ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 8. ISBN: 9789953724072.

محمد بن سيرين، تفسير الاحلام الكبير (دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، 2016)، ص. 5. ISBN: 9789953724072.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 1406-1407.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 9.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 613.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 6-7.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 613.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 981-982.

عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تفسير الأحلام (وكالة الصحافة العربية، 2017)، ص. 981-982.


عن المصادر

الكتاب المنسوب لابن سيرين هو مدونة تفسيرية جُمعت عبر أجيال، ونسبتها لابن سيرين محل خلاف بين المحققين.